(( ردي النانا))

زاوية هنا وطنى
زاوية اسبوعية تطل عليكم منها الاعلامية غادة الطبيب

تستاهلي التخليلة
وتستاهلي الباشا إللي بتمشيله
و تستاهلي شنبير بشناقيله
وتستاهلي سوق الربع برحيله ..
تتوشح الللا بردائها الحريري المشغول بخيوط الفضة على نول خشبي قديم ، تتأمله وهى واقفة أمام مرآتها ذات النقوش الصدفية ،تلفه على خصرها النحيل وتحكم ربطه ، تتقن طريقة التحزيمة فهى سر تورثه الأمهات لبناتهن ، تمد يدها لتتساوى تلك الخطوط الطولية الفضية فيجب أن يكون طول الردي مناسبا وإلا فإن مايخفيه تحته لن يبدو لعين الناظر جليا وستضيع تلك التفاصيل الجميلة للسروال الذي يبدو لسبب تجهله الللا كذاك السروال الذي ترتديه أميرات حكايا الف ليلة وليلة بكل سحرهن وألقهن .
كيف لا والليبية ترتدي زيها التقليدي ببهاء أميرة وتزينه بالمصوغات الذهبية كملكة متوجة ، تحلم به منذ طفولتها الأولى عندما تسرق تستمال جدتها وتحاول بكل براءة الطفولة أن تلفه حولها متظاهرة بأنها عروس يعلو الخجل ملامحها ، تجلب كرسيا خشبيا وتضعه في منتصف الغرفة وتجلس عليه تماما كتلك العروس المنطبعة صورتها في ذاكرتها الغضة الصغيرة دون أن تدرك أن حلمها ذاك قادم ربما من قلب الحضارة الرومانية في محاكاة لطريقة ارتدائه .

اللوحة للتشكيلي الليبي عبد الرزاق الريانى وتمثل سيدة بالزى التقليدي اليومى


من الردي البودري الذي يكون مدخل الفتاة السحري إلى عالم النساء عندما ترتديه عروسا وسط فوضى من الزغاريد والأهازيج ،ذاك اللون الذي يبدو وكأنه قادم من عالم آخر ،لون يشبه حلوى غزل البنات بمذاقها الدافئ الذي يذوب في الفم وعلى اللسان ، مرورا بالبدلة الكبيرة بردائها المنسوج بخيوط الفضة بلونها المائل للذهبي أو السكري ،عندما تقترب العروس يوما من حلم عمرها في ليلة يطلق عليها يوم النجمة حينما تكون العروس نجمة بحق .
تخبأ وجهها حتى لايلمحها اهل العريس فيخبرونه عن ذاك الجمال الذي لايضاهي ، ملكة لايحظى بشرف رؤيتها إلا حاشيتها المقربة ،تقودها للبمبر سيدتان ترتديان البدلة الكبيرة هما ايضا في موكب يضاهى مواكب الأميرات ، رويدا رويدا وعلى مهل بينما تحاول العيون الفضولية الظفر منها بلمحة بينما تنشغل هى بالنجمة العالية في السماء التى ستحاول قصها بسكين بعد رحيل اهل العريس .

الزى التقليدي لعدد من المدن الليبية وهو يختلف في الوانه وطريقة ارتدائه عن الزى التقليدي لطرابلس


تتباهى النانا بلباسها ،تختال بصدرتها وتنافس ، تتراقص خصلات من شعرها على عينيها فتزيحها بيدها المليئة بالخواتم الذهبية ، تتمايل مروحتها المطرزة أمام وجهها فتمدها بنسيم عليل يخفف ثقل اللباس ،تبتسم للجالسة بقربها وتتبادل معها اطراف الحديث .
تستاهلي الخلخال والشعرية
وتستاهلي حزيّم ذهب يابية
تستاهلي تكليفك
وتستاهلي واحد قنين كيفك
ف كروستك ويقود بيك عريسك
وفي وسطها تضوي كما البلارة..

لوحة للتشكيلي الليبي عبد الرزاق الريانى وهنا نري بوضوح المصوغات الذهبية

تلك الأيام الجميلة والليالي الأجمل بتفاصيلها البسيطة والمعقدة يكون الزى التقليدي رفيقا مخلصا لايخون ، تتماوج خيمة العرس بمزيج من الوان الاردية والقمجة التى ترتديها السيدات بالوا نها الزاهية بالأحمر والأصفر والعنابي والفيروزي وهى الوان البدلة الصغيرة التى ترتديها السيدة الناضجة عندما ترسم الحياة بعض تجاعيدها على الوجوه الناعمة .
و تستاهليها الحوتة
وتستاهلى الشنبير بالياقوتة
وتدرجى ما بين امه و خوته
بتليك فجرة نقشته منعوتة
أما تلك المصوغات الذهبية فهى كنز تخبأه الللا لزمن ربما يكون أسود ، عندما يتحول الذهب إلى معين على نوائب الدهر وتقلباته ،حينها تخلع النانا حدايدها الستة وتفك تخليلتها وتخلع خراص السمكة وتتنازل عن شنبيرها وخواتم الصدرة وخناقها بمجاراته المنقوشة وتسلمها بقلب راض لتتحول إلى عملة ورقية تسد ثقب سفينة الحياة .

صورة تجمع فتاتين بالزى التقليدي الليبي مع الراحل اسماعيل العجيلي والزى باللون الوردى ترتديه العروس طيلة ايام العرس اما الزى الثانى فهو مايعرف برداء الحصيرة

مصطلحات

ردي / بتسكين الراء وفتح الدال وهو الرداء وهو جزء اساسي من اللباس التقليدي الليبي للنساء وهو يصنع عادة من الحرير وخيوط الفضة
التخليلة / طريقة لباس الرداء
تمشيله /تذهبي إليه
شنبير /جزء من المصوغات الذهبية التى ترتديها السيدة مع اللباس التقليدي وهو يوضع على الرأس (بكسر الشين وتسكين النون )
شناقيل / مصوغ ذهبي يعلق بجانبى الرأس (بتسكين الشين وفتح النون )
التحزيمة /طريقة لف الرداء حول الخصر
البدلة الكبيرة /تسمية لنوع من اللباس التقليدي تتكون من الرداء والقمجة والسروال وتصنع من الحرير وخيوط الفضة وترتديها العروس والسيدة متوسطة العمر
القمجة / تشبه البلوزة وترتديها السيدة تحت الرداء
البدلة الصغيرة /تسمية لنوع من اللباس التقليدي تتكون من الرداء الذي يكون بخطوط ملونة وقمجة ملونه كذلك وترتديها السيدة الكبيرة نسبيا في العمر أو السيدة الصغيرة او العروس في بعض المناسبات مثل حفل السبوع لمولود جديد .
البمبر /بفتح الباء وتسكين الميم سابقا كان عبارة عن مخدة ضخمة مطرزة تجلس عليها العروس في يوم النجمة والان مع تطور الزمن استبدلت بكرسي مبطن بقماش القطيفة والفضة.
حزيم /تصغير لحزام وهو جزء من المصوغات الذهبية التى ترتدى رفقة الزى التقليدي ويكون من الفضة المذهبة وله اشكال مختلفة
قنين /جميل
تليك /نوع من الشباشب أو الاحذية التقليدية
منعوتة /موصوفة (بفتح الميم وتسكين النون وضم العين )
حدايد /اساور
خراص /حلق يرتدى في الاذنين وله شكل السمكة وهو شكل كان منتشرا في تسعينيات القرن الماضي
خناق /نوع من المصوغات الذهبية التى ترتدى على الصدر مع الرداء وله نقش معروف يدعى المجارة تشبه الليرة العثمانيةالقديمة .
غادة أسعد الطبيب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Previous post الدم لا تمتصه الأرض جدل يثير التساؤلات
Next post صندوق “بريكسيت” آلية توزيعه بعد خروج بريطانيا