الأمن القومي في ظل العولمة .. تجسس إليكتروني و تغيير المفاهيم

جاسم محمد

شبكة المدار الإعلامية الأوروبية …_يشهد العالم تطورا في مجال التكنلوجيا وتقنية المعلومات، وهذا شمل بدون شك، مجال الأمن وتبادل المعلومات، لتغير التكنلوجيا مفاهيم كثيرة في الامن والإستخبارات، ومنها القواعد الأساسية في العمل الإستخباري: الخبر، مصادر المعلومات، التجنيد، وسائل الاتصال، ادارة العملاء، ونوع تهديدات الأمن القومي ومصادرها.

تعريف الأمن القومي (National Security)   هو : قدرة الدولة على حماية أراضيها  ومواردها  ومصالحها من التهديدات الخارجية  ـ العسكرية والتهديدات ألداخلية . وبفعل العولمة، حدثت تحولات في مفهوم الأمن، وأبرزها  القوة، التي لم تعد ترتبط بالعامل العسكري بل تعدته إلى السياسة و التكنولوجيا والتعليم، والنمو الاقتصادي واعتماد المعلومات، هذا التعريف ربما كان من اكثر التعريفات تداولا والذي تناولته العديد من الدراسات الصادرة باللغة العربية والانكليزية.

ويعرف تريجر وكرننبرج الأمن القومي بأنه “ذلك الجزء من سياسة الحكومة الذي يستهدف خلق الظروف المواتية لحماية القيم الحيوية”. ويعرفه هنري كيسنجر بأنه يعني “أية تصرفات يسعى المجتمع  ـ عن طريقها إلى حفظ حقه في البقاء. أما روبرت ماكنمارا فيرى أن “الأمن هو التنمية، وبدون تنمية لا يمكن أن يوجد أمن، والدول التي لا تنمو في الواقع، لا يمكن ببساطة أن تظل آمنة.

تهديدات سيبرانية

لم تعد تهديدات الامن القومي في زمن العولمة على مايجري على الارض، بقدر هجمات ونشاطات على الشبكة العنكبوتية، وهذا دفع وكالة الاستخبارات المركزية، والبنتاغون وكذلك في المفوضية الاوروبية، باستحداث وحدات رقمة لردع الهجمات الالكترونية، لحماية الامن القومي.

التجسس الالكتروني هو تنفيذ عمليات هجوم الكتروني على حسابات الكترونية الى اشخاص او مؤسسات او حكومات لسرقة المعلومات، او تعطيل نظم معلوماتها، وهو منحى جديد بدء يتصاعد في السنوات الاخيرة، ليدفع الحكومات واجهزة الاستخبارات على انشاء وحدات رقمية لحماية الامن الافتراضي. وعلى سبيل المثال اجهزة الاستخبارات الاوروبية، وجدت نفسها متأخرة في موضوع الامن الافتراضي، كون المحركات (الخوادم)، التي تعمل عليها شبكات الانترنيت في الغالب هي امريكية وغير اوروبية. لذا فهي تسعى لإنشاء شبكة افتراضية من أجل تبادل المعلومات بهدف تقوية العمل الاستخباراتي فيما بينها، ولتعزيز مكافحة الإرهاب.

وتمثل سيناريوهات  الهجوم السايبري ، بمثابة، الرعب للسلطات الأمنية باحتمالات شن هجمات على البنية التحتية المهمة، مثل محطات توليد الطاقة، وانظمة النقل والملاحة والقطارات والمطارات وغيرها من البنى المعلوماتية.

اجهزة الإستخبارات وكسر التشفير

أقام تطبيق واتساب دعوى قضائية ضد مجموعة (NSO) الإسرائيلية خلال شهر نوفمبر 2019، متهما إياها بمساعدة وكالات تجسس حكومية على اختراق هواتف ما يقرب من 1400 مستخدم في أربع قارات في عملية قرصنة إلكترونية تستهدف دبلوماسيين ومعارضين سياسيين وصحفيين ومسؤولين حكوميين كبارا. وأنكرت مجموعة (NSO) تلك المزاع.  وقالت في بيان “نرفض بأشد العبارات الاتهامات التي ذكرت اليوم ونكافحها بقوة”. وأضافت “الغرض الوحيد لمجموعة (NSO) هو تقديم التكنولوجيا لأجهزة المخابرات الحكومية ووكالات إنفاذ القانون لمساعدتها على محاربة الإرهاب والجرائم الخطيرة.

أبرز برامج التجسس الرقمي

تسريبات العميل سنودن عام 2013، كشفت، بأن وكالة NASA لديها برنامج MUSCULAR يتم تشغيله بالاشتراك مع نظيرتها وكالة GCHQ البريطانية. بالدخول بشكل طبيعي على حزم الالياف الزجاجية وبشكل مستمر، هذا البرنامج يمكنها جمع 181 مليون سجل خلال شهر واحد.

وبات معروفا، بإن المخابرات المركزية الأمريكية، لديها القدرة على اختراق أي شيء تقريبًا، حقيقة أعلنها الرئيس التنفيذي لمركز الفضاء الافتراضي الاستراتيجي والعلوم الأمنية الكندي، رييتشارد زالوسكي، لموقع “إت ورد كندا”، تعليقًا على كشف موقع “ويكيليكس” عن استخدام المخابرات الأمريكية برامج تجسس خبيثة تخترق أغلب الأجهزة الذكية المتصلة بالإنترنت.

يوجد الآن في الاتحاد الأوروبي ما يسمى مركز (EU INTCEN)  للاستخبارات ، وظيفته تزويد مفوضية الشؤون الخارجية بالمعلومات، وكذلك خدمة نظام الإنذار المبكر بالتهديدات العسكرية والإرهابية. ومن المقرر أن تقود الجمهورية التشيكية مشروعا قادرا على شن حرب إلكترونية، بهدف إنشاء قوة حربية إلكترونية أوروبية مشتركة.

الطائرات المسيرة

بدأت الطائرات المسيرة “الانتحارية” درون ، المجهزة برؤوس حربية مدمجة في الطائرة مؤخرا بالانتشار في مختلف دول العالم. ويعود تطوير مثل هذا النوع من الأسلحة إلى التطور السريع للعمليات العسكرية في الصراعات المعاصرة، الذي يزيد من دور الأنظمة القادرة على تقليل دورة مهام الكشف والتدمير، إذ تؤدي تلك الطائرات دور الاستطلاع والمراقبة والتدمير.

التحليل

شهد عالم الجوسسة، الكثير من التغيرات، في تقنيات جمع المعلومات وتدريب العملاء، وسائل التواصل الاجتماعي الان وتطبيقات الهواتف الذكية وبرامج التواصل عبر الانترنيت، ومحركات الانترنيت ابرزها جوجل والفيسبوك وغيرها، يوفر الكثير من الجهود والمغامرة الى اجهزة الإستخبارات، بدون الحصول على تاشيرة او إصدار جوازات سفر تحت اسماء مستعارة.

نحن اليوم في زمن العالم الأفتراضي، لكن رغم ماتقوم به وكالات الامن القومي ومنها ناسا وما تملكه من تقنيات المراقبة، للتجسس وجمع المعلومات، فان العنصر البشري، يبقى هو الاساس في العمل الاستخباري، ويبقى هو من يدير العمل الأستخباري.

جمع المعلومات تقنيا، والاستطلاع او استهداف عناصر مطلوبة مثلا بطائرة بدون طيار او “درون” لايمكن ان يتم تنفيذها الا بوجود تغذية عكسية على الارض.

فلم تعد تهديدات الامن القومي في زمن العولمة على مايجري على الارض، بقدر هجمات ونشاطات على الشبكة العنكبوتية، وهذا دفع وكالة الاستخبارات المركزية، والبنتاغون وكذلك في المفوضية الاوروبية، باستحداث وحدات رقمة لردع الهجمات الالكترونية، لحماية الامن القومي.

وهذا يعني هناك حاجة الى إعادة تعريف الأمن القومي ومفاهيمه، وحاجة الحكومات ايضا اعادة هيكلة اجهزتها الامنية، على ان تتضمن وجود وحدات جديدة خاصة الوحدات الاليكترونية ، بايلوجية او كيميائية، او اعلامية وسايكلوجية لمواجهة الحروب غير التقليدية، رغم ان بعض الدول ومنها منطقة الشرق الاوسط تملك هذه الوحدات لكن ضمن امكانيات محدودة.

 المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والإستخبارات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Previous post رحيل
Next post رائد لبيب الرحيل الهادئ