((سيدى رمضان )) الجزء 2
هنا وطنى
زاوية اسبوعية تطل عليكم منها الاعلامية غادة أسعد الطبيب
((سيدى رمضان )) الجزء 2
مرحب شهر الصوم مرحب لياليك عادت في أمااان ..
رمضان جانا وفرحنا به بعد غيابه اهلا رمضاان ..
اهو جه يا ولاد هيصوا يا ولاااد ..
ثيمات التصقت باذهاننا ، امست تشكل جزءا من ذاكرتنا الجمعية الرمضانية حينما نسمعها تنبعث من الراديو أو التلفزيون .
تسبغ على الأيام التى تسبق قدوم شهر رمضان نكهة مميزة ، تشبعها فرحا وتحيطها بروحانيات شفافة تنتشر كغلالة رقيقة تغطى الشوارع وتخيم على البيوت .
يتسرب الصوت إلى اذنيك فتبتسم وتدرك أن اياما معدودة تفصلك عن ابهى الليالي ، ساعات قبل أن يغزو الهدوء الشوارع عند آذان المغرب ، هدوء محبب لا خوف فيه تعقبه ضجة محببة لزوار المحلات ومرتادى المقاهي والباحثين عن ملابس العيد مبكرا
..
اصوات صلاة التراويح المنبعثة من المساجد ابتهالات مرسلة للسماء ، الصوت الجماعي للمصلين يرددون خلف الإمام التسابيح والصلوات .
نوافذ البيوت المضاءة وصوت الشيخ الدوكالى المميز الذي ينساب عبر التلفزيون فيزيد الشهر بهاءا على بهاء فهو الصوت الذي اجتمع الليبيون على حبه والأيقونة الفريدة لشهر رمضان
في طياته دفء منقطع النظير وفي لحنه امان وفي ترتيله اجنحة تحملك صوب سماوات من النقاء .
يتسرب المصلون صوب المساجد فرادى وجماعات وتبدأ النسوة طقوس التنظيف المعتادة بعد الافطار ، النوافذ مفتوحة والاضواء ساطعة والوشق يملأ الهواء بعبق لذيذ يضاهى عبق الاطعمة المطهوة بحب .
إن اصغيت السمع جيدا فسيتناهى إليك اصوات تتلو القرآن من غرف البيوت في مشهد يتكرر ويتكرر في متوالية لا منتهية طوال رمضان .
مشاهد مألوفة وصور تمنح الشهر تألقه وفرادته خاصة عندما تبدأ طقوس الشاى أو القهوة رفقة اصناف الحلويات في جلسة ثرثرة نسوية تبدا بفنجان القهوة وتنتهى بمسلسل أو ربما مسلسلين .
أما اذا استرقت النظر إلى المطبخ فسيداعب انفك رائحة المحلبية تعدها صبية بهية بحب ، بيضاء ناصعة بالنشأ والحليب وبضع حبات من الزبيب او الرمان أو اللوز وإن اقتربت فستفاجئك الرائحة القشدية للعطر المعتق فيها ، المقطر بايادى ليبية ماهرة تتقن تحويل الوريقات الخضراء الزاهية لعطر والورود البيضاء إلى ماء الزهر .
سيسرق سمعك احاديث النسوة ودردشة الرجال التى تمتد لما بعد منتصف الليل وكأن الحياة تبدأ بعد اذان المغرب ، سفر الأكل التى تروح وتجئ محملة باشهى الأطعمة والسحور الذي يزهو باصناف الافطار المتبقية.
الشوارع ممتلئة والارصفة تطرح البضائع زاهية الالوان والخيم على جانبي الطريق تحمل الغريب والغالى النفيس والرخيص البسيط .
ستدرك أن يدا سحرية امتدت للأرض وان كل شئ غدا فجأة اجمل حتى أن احدهم سيخبرك أن للأكل نكهة خاصة وسيقسم لك أن الشربة في رمضان لها طعم خاص ،حتى أن وقع الآذان على الاسماع له سحر مختلف .
ستحب التجول ظهرا في الشوارع خاصة شوارع زاوية الدهمانى ،ستحب تأمل عمائرها وبيوتها الصغيرة الملتصقة بحب وسترغب حتما بشراء ربطة بوريك من احد الصبية الجالسين على الرصيف أو تحت الكوبرى ، ستعلق في ذهنك كلماته وهو ينادى على بضاعته المكدسة امامة في حافظة بيضاء شفافة أو جردل بلاستيكى ملون … بوريك … بوريك طازة..
وريقات من عجين مصنوع من الدقيق والملح والماء ، رقيقة شفافة تشكل وجبة يهواها الليبيون تحشى بالبيض والجبن أو البطاطا المطبوخة والمعدنوس وتغمر في الزيت الغزير لتتحول لفطائر مقرمشة ذهبية .
أما العسلة والزلابية بألوانها الحمراء الفاقعة والصفراء الزاهية المائلة للبنى المحمر فهى رفيق الافطار تقدم مع القهوة والتمر عند اذان المغرب ،تتلمظ لها الشفاه وتحبها القلوب .
وإن كنت من عشاق القهوة السوداء فيجب ان تغير رأيك وتتذوق القهوة البيضاء المصنوعة من دقيق اللوز والحمص وبعض التوابل ،المطهوة بماء العطر والسكر ، ثخينة القوام ، تملأ الحواس وتغنى حليمات التذوق ، قهوة هاربة من زمن كانت الجدات فيه يعددنها بحك اللوز على الغربال حبة حبة في تأن وصبر وحب ، يحمسن اللوز بأنواعه المختلفة ويضفن إليه دقيق الحمص والتوابل في طقوس تستغرق اياما متقطعة الساعات ، ايام كانت الساعات طويلة الدقائق وكل ما يؤكل يصنع من ألفه إلى يائه في البيت .
لن تعرف شيئا يدعى الملل ولن تشعر بحزن يثقل على قلبك فكأن هذا الشهر يملك سحرا يلقيه على البشر فيدفنون همومهم بعيدا ويعيشون ايامه الثلاثين ارواحا هائمة في الملكوت .
يتبع …
مصطلحات .
الوشق . نوع من البخور ذو رائحة مميزة
ربطة بوريك . بفتح الراء أى مجموعة من اوراق العجين قد تصل لعشر ورقات .
المعدنوس . البقدونس
الشربة . الشوربة او الحساء
غادة الطبيب