شرق المتوسط ـ ماذا تغير في الموقف التركي الأوروبي ؟
شبكة المدار الإعلامية الأوروبية …_تصاعدت في الأشهر الأخيرة التوترات الجيوسياسية والعسكرية بين تركيا وبقية الأطراف فى شرق المتوسط خاصة اليونان وفرنسا . والمواجهات بين قطع بحرية تركية وفرنسية، كذلك التصعيد التركي تجاه اليونان ينذر بمواجهة عسكرية تعرض أمن شرق المتوسط للخطر. كذلك فإن تجاهل الاتحاد الأوروبي للسياسات التركية فى البحر المتوسط من شأنه أن يزيد من توسيع النفوذ التركي على مصالح أوروبا فى البحر المتوسط، وقد يتصاعد التوتر بين تركيا واليونان وفرنسا إلى تحديات كبيرة قد تفوق قدرات الاتحاد الأوروبي فى السيطرة عليها.
الأهمية الجيوستراتيجية لمنطقة شرق المتوسط تثير مطامع تركيا
اشتدت النزاعات في شرق المتوسط أحياناً للحصول على شروط مفضلة لتتطور وتشمل نزاعاً بين دول الشركات المتنافسة (الدول الصناعية الكبرى) و.امتدّت أوجه النزاعات هذه طوال القرن العشرين لتبرز مؤخراً في الصناعة الغازية الفتية في شرق البحر الأبيض المتوسط؛ إذ شجع اكتشاف الغاز في المياه المصرية شمال مينائي الإسكندرية وبورسعيد، الدول والمناطق المطلّة على شرق المتوسط (فلسطين، وإسرائيل، وقبرص، ولبنان، وسوريا، وتركيا) التي تشكو من شح مصادر الثروة البترولية في أراضيها، على محاولة الاستفادة من الاكتشافات المصرية لبدء المسوحات الزلزالية في مناطقها الاقتصادية الخالصة في البحر المتوسط، للتعرف على جيولوجية مناطقها البحرية، وإمكانية اكتشاف حقول بترولية فيها، حسب ما ذكره تقرير لصحيفة “الشرق الأوسط” في 12 يناير 2020.
كتب الباحث سايمون هندرسون تقريرا نشره موقع “الحرة” في 28 مايو 2020 أن في منطقة شرق البحر الأبيض المتوسط ككل، لم تؤد عمليات الاستكشاف الأولية للغاز التي تتزعمها فرنسا قبالة سواحل بيروت في وقت سابق من سنة 2020 سوى إلى إنتاج آثار للموارد الهيدروكربونية، في حين قد يتمّ إرجاء أي تنقيب مستقبلي في منطقة أقرب إلى الخط الملاحي المتنازع عليه بين لبنان وإسرائيل إلى أجل غير مسمى. ومن الناحية النظرية، تتمتع هذه المنطقة باحتمالات جيدة نسبيا للاكتشافات نظرا لقربها من حقلي “تمار” و “ليفياثان”. ومع ذلك، تقع أفضل الاحتمالات قبالة سواحل مصر، التي يقل إجمالي احتياطاتها من النفط والغاز عن احتياطات إسرائيل (إلا أن احتياطات كلا الدولتين لا تزال ضئيلة مقارنة باحتياطات دول الخليج العربي).
الخلافات بين الاتحاد الأوروبي و تركيا حول مسألة التنقيب عن الغاز و النفط في شرق المتوسط
يستمر الخلاف بين تركيا وكل من اليونان والاتحاد الأوروبي على خلفية حقوق بحرية في شرق المتوسط وسط مساع للسيطرة على موارد في أعقاب اكتشاف احتياطيات غاز كبيرة. وذكر متحدث باسم الاتحاد الأوروبي إن الإجراء التركي “لا يساعد ويبعث بالرسالة الخاطئة” داعيا لاتخاذ القرارات المتعلقة بالحقوق البحرية “من خلال الحوار والمفاوضات”. ويقول المحللون إن الرئيس التركي استخدم نفوذه لدى الحكومة الليبية، بوصف بلاده الداعم العسكري الرئيسي لها، لإبرام اتفاقية ترسيم الحدود. وفقالـ” فرانس 24″ في 22 يوليو 2020.
تصاعد التوتر القائم بين تركيا واليونان البلدين العضوين في حلف شمال الأطلسي بعدما أصدرت البحرية التركية نشرة تحذيرية حول إجراء عمليات مسح زلزالي في المياه الواقعة بين قبرص وكريت. وفقا لـ”سكاى نيوز عربية” فى29 يوليو 2020. ويحرص الاتحاد الأوروبي على منع تصاعد التوتر بين أي دولة عضو فيه وتركيا.ودعم الحلفاء الأوروبيون موقف اليونان. وحث وزير الخارجية الألماني “هايكو ماس” أنقرة خلال زيارة لأثينا على التوقف عن “الاستفزازات في شرق المتوسط”. كما عبر الرئيس الفرنسي “إيمانويل ماكرون” عن دعمه الكامل لقبرص واليونان. حسب ما نشره موقع ”بي بي سي ” فى 29 يوليو 2020.
ما مدى تغير الموقف التركي بعد زيارة وفد الاتحاد الأوروبي ؟
تحولت محاولة إصلاح العلاقات المتوترة بين الاتحاد الأوروبي وتركيا إلى خلاف دبلوماسي أطلق عليه اسم “سوفاغيت” أو فضيحة الأريكة. وأشارت “إيراتكس غارسيا بيريز” زعيمة التحالف التقدمي للاشتراكيين والديمقراطيين في البرلمان الأوروبي، إنه أمر “مخجل” أن تخرج تركيا من اتفاقية اسطنبول، ثم تترك رئيسة المفوضية واقفة بدون مقعد. ودانت ما حدث من أردوغان وشارل ميشيل وفقا لـ”BBC” في 8 أبريل 2021.
يقول سيرغي لاغودينسكي عضو البرلمان الأوروبي البيئي الألماني إنّ ما تمتمت به فون دير لايين “يعكس مصطلحا جديدا للقول ليست هذه الطريقة التي يجب أن تُدار بها العلاقة بين الاتحاد الأوروبي وتركيا”. ولم يسلم شارل ميشيل من الانتقاد، إذ تساءلت عضو البرلمان الأوروبي الليبرالية الهولندية صوفي إن-فيلد عن سبب التزام رئيس المجلس “بالصمت” بينما كانت زميلته بلا مقعد وفقا لـ”مونت كارلو” في 7 أبريل 2021.
و قد كانت النتائج التي انتهت إليها الاجتماعات إيجابية، حسب توصيف الطرفين. ويعود الفضل في ذلك إلى الروحية التي تحليا بها، وعبر عنها الوفد الأوروبي من خلال القدوم إلى أنقرة للمشاركة في اجتماعات فيزيائية في زمن كورونا. وسبق ذلك موقف تركي تمثل في وقف نشاطات التنقيب عن النفط والغاز، حسب ما نشره موقع “العربي الجديد” في 7 ابريل 2021.
مستقبل العلاقات الأوروبية-التركية في ظل أزمة شرق المتوسط
إن قضية شرق المتوسط بأبعادها السياسية والاقتصادية والأمنية تبقى عالقة ، و تعتمد على مدى “احترام و التزام” أردوغان بأي اتفاقيات ثنائية سواءا مع دول أوروبية أو مع الاتحاد الأوروبي، حول مسألة التنقيب عن الغاز و النفط و مسألة الحدود البحرية. لذلك تجدر الإشارة إلى أن أردوغان يعتمد على إستراتيجية التوسع البحري لأسباب و دوافع اقتصادية للحصول على أكبر احتياطي من الطاقة، و طالما لم يتم اجراء مفاوضات حقيقية و توقيع اتفاقيات حقيقية حول مسألة شرق المتوسط خاصة ما بين اليونان و تركيا، فإن ذلك يعني أن قضية شرق المتوسط تبقى متأرجحة في خانة “اللاحرب و اللاسلم”.
المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب و الإستخبارات