محاربة التطرف في فرنسا ـ هل نجحت برامج نزع التطرف ؟

مراجعة حازم سعيد

شبكة المدار الإعلامية الأوروبية …_ تبنت الحكومة الفرنسية برامج وقائية عدة، وخطط استباقية  تهدف إلى محاربة التطرف العنيف. ومع هذه البرامج والإجراءات الاستباقية وجدت باريس نفسها أمام موجة جديدة من العمليات الإرهابية. مايلقي الضوء على وجود تغرات وعوائق في تطبيق تلك البرامج والخطط الوقائية.

ويشدد القانون الجديد منذ شهر نوفمبر  نوفمبر 2020  الذي يحمل اسم “تعزيز قيم الجمهورية” مراقبة تمويل وعمل الجمعيات ومنع سيطرة متطرفين على المساجد. ويتضمن مشروع القانون عدة جوانب، منها ما يتعلق بالرقابة على تمويل الجمعيات وعملها وأخرى لمعاقبة المحرضين على الكراهية عبر الإنترنت.

تقارير استخباراتية عن المتطرفين الخطرين

أوضح وزير الداخلية الفرنسي ” جيرالد دارمانان” أن التهديد الإرهابي لا يزال مرتفعا في فرنسا وذلك عقب الإعلان عن وجود أكثر من ثمانية آلاف شخص (8132) مدرجين على قائمة التقارير للوقاية من التطرف ذات الطابع الإرهابي. وحول الإفراج قريباً عن (505) سجناء من المتطرفين، يضاف إليهم (702) من من سجناء الحق العام الذين قد يصبحون متطرفين”، اعتبر أنه “تحدٍ أمني كبير”.

جاء في تقرير صادر عن مجلس الشيوخ في فرنسا، أن “التطرف الإسلاموي حقيقة” في عدد متزايد من المناطق في فرنسا في 9 يوليو 2020. ويبرز الجهاديون بين الجماعات المستهدفة في التقرير، وهم الجهة الرئيسة التي وقفت خلف سلسلة الهجمات التي أودت بحياة أكثر من (250) شخصا في فرنسا منذ العام 2015.  وأبدت السلطات قلقها أيضا إزاء الحركات الإسلاموية المتشددة التي لا سيما السلفية منها (حوالي 40 ألفا في فرنسا) أو الإخوان المسلمون (50 ألفا).

برامج حماية من التطرف في فرنسا

برنامج تأهيل الائمة : قدّم المجلس الفرنسي للديانة الإسلاميّة مقترحات من أجل العمل على مسألة منع التطرّف وتفكيك الخطاب المتطرّف، وتدريب رجال الدين من خلال دورة مشتركة. وتمت مناقشة مسألة شهادات الأئمّة التي بُحثت مراراً دون نتيجة خلال السنوات المنصرمة، وهي مسألة تسمح بالتحقّق من المستوى التعليمي لدى رجال الدين و”قدرتهم على رعاية المؤمنين، ولا سيّما الأصغر سنّاً بينهم”. وسيُتيح تدريب الأئمّة تحقيق هدف آخَر بالنسبة إلى الحكومة الفرنسيّة، يتمثّل في إنهاء التعاون مع 300 إمام من عدة دول من بينهم  تركيا. 

معهد علمي للدراسات الإسلامية : أعلن الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون في 2 أكتوبر 2020، عن تخصيص مبلغ (10) مليون يورو لـ “مؤسسة إسلام فرنسا” وعن خلق معهد علمي للدراسات الإسلامية.

برامج لتأهيل الموظفيين : حثت الحكومة الفرنسية على تعزيز الرقابة؛ من خلال أجهزتها الأمنية، وتوعية وتأهيل الموظفين المحليين، وكذلك أعضاء المجالس المحلية، كالبلديات وغيرها في 10 يوليو 2020.

ألية تصنيف المتطرفين في فرنسا

يتم تسجيل عدة أنواع من الملفات الشخصية في سجلاتِ بلاغاتِ الوقايةِ من التطرف (FSPRT) القصر والبالغون، رجالًا ونساء، يعتبرون عنيفين ويتم تصنيفهم ومراقبتهم حسب درجة خطورتهم. وتهتم المديرية العامة للأمن الداخلي (DGSI) بالأفراد الذين يتطلبون مستوى عالٍ من المراقبة. في حين أن أولئك الذين يعتبرون أقل خطورة يتم رصدهم من قبل دائرة المخابرات (SCRT) أو (DRPP). كما أن دوائر الشرطة القضائية مسئولة عن متابعة الأشخاص المسجلين لدى (FSPRT)، ولا سيما عند إجراء تحقيق قضائي.

تملك وزارة الداخلية الفرنسية  وفقا لـ”مرصد الأزهر”ملفًا يُعرف باسمِ المصنفينَ “S”  الذي يرمز لكلمة “أمن” بالفرنسية، تُجَمِّعُ فيه الوزارة كلَّ المعلومات عن أي شخص يُشتبه بأنه “يُشكل خطرًا على الأمن العام الفرنسي” كالأشخاص المتطرفين، إضافة إلى الأشخاص الذين يتم تقييمهم على أنهم يُشَكِّلونَ “تهديدًا إرهابيًّا”، والذين تَمَّ تسجيلهم في سجلاتِ بلاغاتِ الوقايةِ من التطرف (FSPRT). وهناك العديد من المستويات من المصنفين “S” وفقًا لدرجة خطورتِهِم، حيثُ تتراوحُ درجاتُ الخطورة من (1 ـ 16).

خداع المتطرفين للجهات الأمنية

استطاع “ميكائيل تشيولو” السجين الفرنسي خداع الأجهزة الأمنية داخل سجن فرنسي، عبر استغلال زيارة شريكته “حنان أبو الهنا” له في السجن ليهاجما حارسي سجن ويصيبانهما بجراح بليغة. وبحسب وزارة العدل الفرنسية فقد تظاهرت شريكته “حنان أبو الهنا”، بالمرض، مما استدعى اثنين من الحراس إلى غرفتهما لتفقد الأمر، فاستغل السجين انشغالهما بشريكته لينقض عليهما بسكين. ويعتقد قضاة مختصون بقضايا الإرهاب في باريس بأن السجين نفذ الهجوم بسكين مصنوعة من السيراميك ربما هربته شريكته إلى الداخل.

كانت الشرطة تعرف هوية “رضوان لقديم” وكان ضمن قائمة المتطرفين الخاضعين للمراقبة، غير أنه م  يُكن ينظر إليه على أنه يشكل تهديدا. وقررت الشرطة لاحقا أنه لن يقدم على المشاركة في أي هجوم. ولكن استطاع “رضوان” خداع الأجهزة الأمنية الفرنسية وشن هجوم إرهابي جنوب غرب فرنسا. و أطلق “لقديمي” النار على المارة في عدة مواقع عامة في عام 2018.

تقييم لبرامج الوقاية من التطرف في فرنسا

–  يرى “إبراهيم المهالي” إمام مسجد بيربينيان في فرنسا “أن أغلب المتطرفين في فرنسا ليسوا أبناء المساجد ولا المراكز الثقافية الإسلامية، فهم “يملكون سوابق قضائية في ملفات لا علاقة لها بالدين، إذ يحاولون القطع مع ماضيهم بالتطرف والإرهاب”. ويتابع  أن مساراتهم تبيّن “أن لكل منهم دوافع شخصية بالأساس”، لكن عموما ما يلاحظ حسب قوله هو انحدارهم من الضواحي التي يتنامى فيها الإحساس بالتهميش.

– يرجع “رومان ساف” عالم الاجتماع والباحث في المعهد الوطني للدراسات العليا للأمن والعدالة،  سبب عدم تمكن السياسات العامة المنتهجة في فرنسا من الحد من ظاهرة التطرف الإسلاموي إلى الدور الرئيسي لعائلات الشبان الذين التحقوا بتنظيم داعش في سوريا وكيف يصطدم هؤلاء الآباء والأمهات بعجز الدولة التي لا تزال تعتبر اعتناق الأصولية حرية من الحريات الأساسية.

– اعتمدت السلطات الفرنسية خطط استباقية لمواجهة التطرف العنيف داخليا وخارجيا. ولمواجهة التطرف القادم من الخارج وضعت برامج وقائية للعائدين من مناطق الصراعات في سوريا والعراق. وتشير التقديرات أن هؤلاء يصعب تأهيلهم واندماجهم لما حصلوا عليه من تدريب على القتال وتشبعوا بأفكار متطرفة.

– وعلى المستوى الداخلي اعتمدت فرنسا برامج وقائية واستباقية لمنع تطرف الجماعات والأشخاص المعرضين للالتحاق بالجهاديين، الذين لديهم ميول نحو التطرف العنيف.

– ترتكز البرامج الوقائية والخطط الاستباقية في فرنسا على تأهيل الأئمة والموظفين المحليين وإشراك المراكز الإسلامية في تأهيل المتطرفين. مواجهة الاستقطاب الذي يمارس داخل السجون الفرنسية . كذلك إعادة تأهيل واندماج لمن اعتنقوا الفكر المتطرف في الضواحي الفرنسية .

– هنالك اعترافات رسمية من الأجهزة الاستخباراتية والأمنية في فرنسا بمحدودية هذه البرامج. وأنها لاتأتي بجدوى وأنها غير مثمرة النتائج. كون أن العناصر المتطرفة تغييرمن تكتيكاتها طوال الوقت لخداع الأجهزة الأمنية.  بالإضافة إلي وجود قصور في تعقب المتطرفين من الأجهزة الأمنية . ووجود قصور في فهم خلفيات التطرف من قبل فرنسا ودول أوروبا بشكل عام .

المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والإستخبارات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Previous post المواءمة بين مكافحة الإرهاب وتنافس القوى العظمى
Next post التوترات الإقليمية والمحلية المتشابكة في البحرين