نتنياهو يستغل التصعيد العسكري مع الفلسطينيين

علاوة مزياني

شبكة المدار الإعلامية الأوروبية …_عاد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو إلى الواجهة وانبعثت مجددا حظوظه في البقاء بالسلطة مع احتدام القتال خلال الأيام الأخيرة بين الفصائل الفلسطينية المسلحة والجيش الإسرائيلي. ويسعى نتانياهو -الذي يتولى الحكم منذ عام 2009- لفرض نفسه درعا حامية للإسرائيليين في وجه من يسميهم “الإرهابيون” وانتزاع حق تشكيل حكومة وحدة من منافسه الوسطي يائير لابيد المكلف من قبل رئيس البلاد رؤوفين ريفلين في مطلع الشهر الجاري. فهل ينجح زعيم الليكود في الحفاظ على “تاجه” عبر العنف مع الفلسطينيين؟

دخل الصراع بين مقاتلي حركة حماس الفلسطينية والجيش الإسرائيلي  قطاع غزة المحاصر أسبوعه الثاني وسط دعوات ومساع دولية كثيفة  لوقف إطلاق النار، فيما يبدو رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو المستفيد الأكبر من استمرار حالة الانسداد الأمني والسياسي في المنطقة.

فقد انبعث المستقبل السياسي لنتانياهو (71 عاما) من جديد بعد أن فشل في تشكيل حكومة إئتلاف غداة فوزه في انتخابات 23 مارس/آذار البرلمانية. وكان الرئيس الإسرائيلي رؤوفين ريفلين كلف في 5 مايو/أيار رئيس حزب “هناك مستقبل” المنتمي للوسط يائير لابيد ، وهو المنافس السياسي الرئيسي لزعيم الليكود، تشكيل حكومة جديدة لكن لم ينجح في مهمته لحد الساعة.

وبالتالي، يبقى احتمال إجراء انتخابات جديدة مفتوحا، لتكون حينها الخامسة في غضون نحو عامين. وهذا يعني أن نتانياهو، الذي يتولى السلطة في إسرائيل من دون انقطاع منذ العام 2009، سيظهر كأبرز مرشح للحفاظ على كرسي رئيس الوزراء.

ولم يمر سوى يوم واحد على بداية أعمال العنف في البلدة القديمة (الإثنين الماضي) بالقدس ثم في   باحة المسجد الأقصى حتى سارع إلى اقتراح تنظيم استفتاء لانتخاب رئيس الحكومة المقبل.

نحتاج إلى استفتاء سريع للخروج من المأزق السياسي

وقال نتانياهو للصحافيين: “نحتاج إلى استفتاء سريع للخروج من المأزق السياسي. لندع الناخبين يقررون هوية رئيس وزرائهم المقبل”.

وكان محللون إسرائيليون أكدوا الثلاثاء 11 مايو/أيار أن انهيار الشراكة بين لابيد ورئيس حزب يامينا القومي المتطرف نفتالي بينيت  عقب أعمال العنف التي اندلعت في شوارع القدس بين العرب واليهود تصب في مصلحة نتانياهو إذ تتيح له وقتا إضافيا لاتخاذ خطوة سياسية تبقيه في الحكم.

دستوريا، يبقى أمام يائير لابيد أقل من ثلاثة أسابيع من تكليف مدته 28 يوما لمحاولة تشكيل ائتلاف حاكم. لكن بينيت أعلن الخميس أنه تخلى عن جهود تشكيل ائتلاف رغم وجود اتفاق للتناوب على رئاسة الوزراء بينه وبين يائير لابيد.

ونقلت وسائل إعلام إسرائيلية عنه قوله إن الصراع مع الأقلية العربية في إسرائيل، والتي تمثل 21 بالمئة من السكان، سيجعل تشكيل مثل هذه الحكومة مستحيلا. من جهته، أكد منصور عباس، الذي يرأس القائمة العربية الموحدة والداعمة لجهود تشكيل حكومة ائتلاف، للتلفزيون الإسرائيلي إن بينيت اتصل به ليقول إن ما يسمى “بحكومة التغيير” مع لابيد أصبحت الآن “غير مطروحة على الطاولة”.

ماتت حكومة التغيير وعادت حكومة نتانياهو إلى الحياة

وشدد المعلق في صحيفة معاريف بن كاسبيت الجمعة على أنه من لحظة اشتعال النار “ماتت حكومة التغيير وعادت حكومة نتانياهو إلى الحياة”، خاصة أن زعيم الليكود يطرح دائما نفسه درعا ضامنا لأمن إسرائيل أمام “إرهابيي”  حركة حماس الإسلامية المسيطرة على قطاع غزة بسكانه البالغ عددهم مليوني فلسطيني.

فلا شك أن بنيامين نتانياهو يستفيد من الوضع الإسرائيلي الداخلي (أي من تأجيج التوتر بين اليهود والأقلية العربية، ما دفع الرئيس رؤوفين ريفلين للتحذير من حرب أهلية)، ومن تشدد واستمرار القتال في غزة (فقد قال الأحد: “حملتنا على المنظمات الإرهابية مستمرة بزخم كامل”)، لفرض نفسه رجلا مناسبا لحماية إسرائيل من أي “خطر” داخلي أو خارجي.

وهو أيضا يستفيد من تقاعس المجتمع الدولي وفشله في الضغط على إسرائيل لأجل وقف قصفها على قطاع غزة  ومن دعم الولايات المتحدة غير المشروط لتل أبيب. 

ومنذ 10 مايو/أيار، قتل 198 فلسطينيا بينهم 58 طفلا على الأقل وأصيب أكثر من 1200، وفق حصيلة فلسطينية. وقتل عشرة أشخاص في إسرائيل وفق حصيلة إسرائيلية.

نتانياهو، حماس، وأقصى اليمين الإسرائيلي المتشدد

لكن الصحافي والمؤرخ الفرنسي دومينيك فيدال يشدد على أن نتانياهو وحلفاءه الجدد من أقصى اليمين المتشدد  هم من “نظموا حملات سرقة” المنازل من عائلات فلسطينية في حي الشيخ جراح  بالقدس وتدخل قوات الأمن الإسرائيلية العنيف في المسجد الأقصى. وقال في حديث لتلفزيون “تي في 5 موند” الفرنكوفوني إنه يجب التذكير بأن هذه الأفعال هي التي أدت لإطلاق حركة حماس صواريخ باتجاه إسرائيل.

وشدد دومينيك فيدال على أن نتانياهو “مستعد لإشعال النيران في القدس وفي غزة، وحتى في الخليج، لأجل إنقاذ تاجه”، مذكرا بأنه يلعب ورقته الأخيرة للبقاء في الحكم “من خلال طرح نفسه منقذا لإسرائيل”. وتابع قائلا إن تيار أقصى اليمين المتشدد المتحالف مع نتانياهو خلال حملة الانتخابات البرلمانية الأخيرة “يتصرف وكأن لديه الضوء الأخضر [من نتانياهو] لأجل القيام بأعمال استفزازية في القدس والأقصى…”، وهذا تطور جديد في النزاع الفلسطيني – الإسرائيلي.  

يُذكر أن حزب الليكود فاز في انتخابات 23 مارس/آذار بثلاثين مقعدا في البرلمان الذي يضم 120 مقعدا، وحصل نتانياهو على دعم الأحزاب المتشددة وتحالف من اليمين المتطرف من دون أن ينجح في الحصول على غالبية 61 مقعدا. ودعا نتانياهو مساء الأحد زميله السابق في الحزب جدعون ساعر، والذي ترك الليكود نهاية العام 2020 لتشكيل حزبه، للانضمام إليه في “حكومة يمينية” تحمي “الهوية اليهودية” والمستوطنات في الضفة الغربية المحتلة.

وكان ساعر قد ترك صفوف الليكود بعد اتهام نتانياهو المتهم الآن بالفساد والاحتيال وخيانة الأمانة بـ”وضع مصالحه الشخصية قبل مصالح البلاد”.

من جهته، حصل يائير لابيد على 17 مقعدا، وقد اقترح الأحد تشكيل حكومة وحدة تشمل أحزابا يمينية ووسطية ويسارية مستبعدا نتانياهو. إلا أن هذا الائتلاف لا يمثله سوى 58 مقعدا. وقال: “يجب أن نعيد الثقة بين الشعب وقادته. يجب أن نشكل حكومة توحدنا: لا حكومة يمينية ولا حكومة يسارية بل حكومة وحدة”.

ويذكر أنه بين نيسان/أبريل 2019 وآذار/مارس من العام الحالي، أجرت إسرائيل أربعة انتخابات تشريعية.

فرانس24

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Previous post اختبارات كورونا مجانية في قطاع التعليم بألمانيا
Next post الحكومة البلجيكية تمدد إجراءات دعم البطالة المؤقتة