أهداف الاقتحامات الإسرائيلية المتسارعة للمسجد الأقصى
نبيل السهلي
شبكة المدار الإعلامية الأوروبية …_تعتبر الاعتداءات الإسرائيلية المتسارعة على المسجد الأقصى منذ بداية شهر رمضان المبارك، والتي كان من أخطر فصولها اقتحام مئات المستوطنين لساحاته، بحراسة مشددة لشرطة الاحتلال، استجابةً لدعوات الجماعات الصهيونية لتكثيف الاقتحامات الجماعية، بغرض تحقيق أهداف سياسية محددة مرحلية في إطار استراتيجية بعيدة لتهويد القدس ومعالمها ورموزها الدينية، وفي المقدمة منها تهويد الأقصى.
تقسيم زماني ومكاني
يسعى الاحتلال الإسرائيلي بشكل لافت إلى تصعيد عدوانه على القدس عامة، والمسجد الأقصى بشكل خاص؛ وصولاً إلى تقسيمه الزماني والمكاني بين المقدسيين والمستوطنين اليهود، لفرض الأمر الواقع التهويدي في نهاية المطاف. وازدادت وتيرة الاقتحامات التي قامت بها شخصيات ورموز سياسية ودينية صهيونية لباحات المسجد الأقصى خلال شهر رمضان وحتى اللحظة، وبحراسة كثيفة من الشرطة الصهيونية، جنباً إلى جنب مع دعوات مكثفة لتنفيذ مخطط تقسيم المسجد المتفق عليه بين الأطياف السياسية الصهيونية والمنظمات الاستيطانية العنصرية.
تهدف دولة الاحتلال من وراء هذا التصعيد إلى تحقيق هدف مرحلي، وهو تكثيف الاقتحامات الصهيونية للمسجد الأقصى، وإقامة صلوات تلمودية مع هذه الاقتحامات؛ كمقدمة يبنى عليها في المستقبل لترسيخ تقسيم باطل للأقصى، كما فرض على المسجد الإبراهيمي في الخليل في السابق قسراً.
واللافت أن إسرائيل لم تتوقف عند هذا الهدف المرحلي، إذ إن أغلب التصريحات والممارسات الصادرة عن قادة إسرائيليين، وكذلك جماعات يهودية استيطانية تؤكد أن الاحتلال يطمع في نهاية الأمر ببناء هيكل أسطوري زائف على حساب الأقصى.
ويمكن الجزم بأن الدعوات لتقسيم المسجد الأقصى ليست حديثة العهد، لكنها بدأت منذ احتلال الجزء الشرقي من مدينة القدس في حزيران/يونيو من عام 1967، وأن الذين صرحوا منذ ذاك العام ودعوا إلى تقسيم الأقصى، أو إلى بناء هيكل باطل على حساب الأقصى، كانوا عبارة عن قيادات سياسية عسكرية أو قيادات دينية أو حقوقية في المجتمع الإسرائيلي.
الوحدة الوطنية في مواجهة التهويد
تجددت الدعوات والمبارزات السياسية والاستيطانية الإسرائيلية لاقتحام الأقصى في ظل التجاذبات داخل الساحة الإسرائيلية بعد فشل الآلة العسكرية الذريع أخيراً في لي ذراع المقاومة الفلسطينية، وانكشاف صورة إسرائيل العنصرية المتوحشة أمام شعوب ودول العالم. وتبعاً لذلك ستستمر اقتحامات باحات الأقصى من قبل قادة سياسيين وأعداد كبيرة من قطعان المستوطنين المتطرفين بدعم من المنظمات الاستيطانية والشرطة الصهيونية. والثابت أن إسرائيل قد بدأت في تسريع مخططاتها، لجهة تهويد القدس، والوصول إلى مرحلة تمكنها من بناء الهيكل المزعوم على حساب الأقصى المبارك، فضلاً عن محاولة بسط السيطرة الإسرائيلية المطلقة على المسجد، وفرض مخطط تقسيمه زمانياً ومكانياً، في وقت تتم فيه عملية تهويد متدرج في أحياء مدينة القدس، ومنها حي الشيخ جراح.
ويمكن الجزم بأن اقتحامات المسجد الأقصى من قبل المستوطنين وقادة إسرائيليين وبحماية الشرطة الإسرائيلية لم تتوقف منذ عام 67، ومن أهم تلك الاقتحامات اقتحام مجموعة من حركة بيتار مؤلفة من 12 شاباً المسجد الأقصى في 11 يوليو/تموز 1971، وقد حاولت الصلاة فيه، وفي 22 من الشهر نفسه أقامت مجموعة أخرى من الحركة الصلاة في الحرم القدسي. وكان الاقتحام الأخطر لباحات الأقصى يوم 28 سبتمبر/أيلول 2000 لرئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق أرييل شارون، بحماية عشرات من الجنود والمستوطنين، لتندلع إثر ذلك انتفاضة الأقصى التي استشهد وجرح فيها آلاف الفلسطينيين. ويبدو أن عام 2009 كان عاماً قياسياً للاقتحامات الإسرائيلية لباحات الأقصى المبارك، ففي 24 سبتمبر/أيلول من العام نفسه، اقتحمت عناصر من الوحدة المسماة “خبراء المتفجرات” في شرطة الاحتلال المسجد الأقصى وقامت بجولة داخل باحاته، وفي السابع والعشرين من الشهر نفسه اندلعت مواجهات مع الشرطة الإسرائيلية وجماعات استيطانية يهودية داخل الحرم القدسي الشريف وعند بواباته، أسفرت عن إصابة 16 فلسطينياً واعتقال آخرين.
لم تتوقف الاقتحامات لباحات الأقصى خلال السنوات الأخيرة، لكن الاقتحامات الخطيرة لقطعان المستوطنين كانت خلال شهر رمضان المبارك، والتي كانت مقدمة لهبة الشعب الفلسطيني على امتداد فلسطين رفضاً لسياسات الاحتلال وتدنيسه للأقصى، ولتفرض معادلة جديدة على الاحتلال، خاصة بعد تجاوب المقاومة في غزة بالقول والفعل والزمن لنصرة صرخة الأقصى وأهالي حي الشيخ جراح ويافا واللد وحيفا وأم الفحم في الداخل الفلسطيني المحتل عام 1948 .
ما هو المطلوب؟
تتطلب الاقتحامات الإسرائيلية المتكررة والمستمرة لباحات الأقصى ضغطاً عربياً وإسلامياً لإصدار قرار دولي من مجلس الأمن، ملزم لإسرائيل لمنع التقسيم الزماني والمكاني في المسجد الأقصى المبارك، وإدانة كافة الإجراءات الإسرائيلية التي من شأنها تغيير طابع مدينة القدس والمسجد الأقصى على وجه الخصوص. إضافة إلى ذلك يمكن إعطاء بُعد عربي وإسلامي لقضية القدس وما يتعرض له الأقصى المبارك ومدينة القدس وأحياؤها من خلال العمل على تجريم إسرائيل وسوق قادتها إلى المحاكم الدولية، خاصة أن آثار مجازرها ماثلة للعيان بالصوت والصورة.
عربي بوست