قصص المدار التاريخية (( ابن حزم الأندلسي ((

قصص المدار تختارها نجاة أحمد الأسعد

شبكة المدار الإعلامية الأوروبية …_وفي ابن حزم -رحمه الله- عن عمر يناهز اثنتين وسبعين عاماً، حيث وافته المنية وهو مُبعَد إلى بادية “لبلة” في الأندلس، عشية يوم الأحد لليلتين بقيتا من شعبان، سنة (456هـ.

وقد قال في رثائه لنفسه

كأنكَ بالزوار لي قد  تبـادروا          وقيــل لهــم أودَى عليُّ بن أحمــدِ

فيا رُب محزون هناك  وضاحكٍ         وكم أدمــعٍ تذرى وخـــّد  مخـددِ

عفا الله عني يوم أرحـل ظاعناً       عن الأهل محمولاً إلى ضيق ملحدِ

 الرجل الذي دار حوله الجدل، وتنوّعت عنه الدراسات، حتى استغرقت شتى المجالات: الأدبية واللغوية والفكرية والفلسفية والمنطقية والاجتماعية والتاريخية والفقهية والأصولية والحديثية والقرآنية… فكان محلّ تسليط الأضواء، واتجهت إليه أنظار طلبة العلم والباحثين، واحتاج الناس إلى تعريفٍ شامل به، يشمل نواحيه الشخصية والعلمية والاجتماعية… فلأجل ذلك جاءت هذه السيرة:

1.   التعريف بابن حزم:

هُوَ (أَبُو مُحَمَّد) عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ بنِ سَعِيْدِ بنِ حَزْمِ بْنِ غَالِبِ بْنِ صَالِحِ بْنِ خَلَفِ بْنِ مَعْدَانَ بْنِ سُفْيَانَ بْنِ يَزِيدَ، الفَارِسِيُّ الأَصْل، ثُمَّ الأَنْدَلُسِيُّ القُرْطُبِيُّ مولداً ونشأةً، الظَّاهِرِيُّ منهجاً، الْيَزِيدِيُّ ولاءً؛ فَكَانَ جَدُّهُ يَزِيدُ موْلًى لِلصَّحابِيّ يَزِيدَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ -أَخِي مُعَاوِيَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُم-، وَكَانَ جَدُّهُ خَلَفُ بْنُ مَعْدَانَ هُوَ أَوَّلَ مَنْ دَخَلَ الْأَنْدَلُسَ فِي صَحَابَةِ مَلِكِ الْأَنْدَلُسِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدَّاخِلِ.

وُلِد أَبُو مُحَمَّدٍ بقُرطبةَ سَنَةَ 384هـ/ 994م، وعاشَ فِي الأَنْدَلُسِ. ونَشَأَ فِي تَنَعُّمٍ وَرَفَاهِيَةٍ، وَرُزِقَ ذَكَاءً مُفْرِطاً، وَذِهْناً سَيَّالاً، وَكُتُباً نَفِيسَةً كَثِيرَةً، وَكَانَ وَالِدُهُ مِنْ كُبَرَاءِ أَهْلِ قُرْطُبَةَ؛ عَمِلَ الْوِزَارَةَ فِي الدَّوْلَةِ الْعَامِرِيَّةِ الّتي حَكَمَت الأنْدَلُس بِاسْم الخَلِيفَة الأُمَويّ “هشام المؤيد”، وَكَذَلِكَ وَزَرَ أَبُو مُحَمَّدٍ فِي شَبِيبَتِهِ، وَكَانَ قَدْ مَهَرَ أَوَّلاً فِي الْأَدَبِ وَالْأَخْبَارِ وَالشِّعْرِ، وَفِي الْمَنْطِقِ وَأَجْزَاءِ الْفَلْسَفَةِ، فَأَثَّرَتْ فِيهِ.

وقد هيَّأ له الله نساءً فُضْلَياتٍ في القصر قُمْنَ على تربيته وتعليمه -كما روى هو عن نفسه، ونلحظ ذلك من كونه حفظ القرآن على أيديهنّ، إضافةً إلى ذلك كان والده من العلماء الكبار المشهود لهم بالخير وسعة العلم وحسن الخُلُق

هذا، وقد ألْحَقَ زوال الدولة العامرية واستيلاء البربر على قرطبة عام 400هـ وتعاقُب الفتن فيها؛ أذىً كبيراً بأسرة ابن حزم. ومما زاد الأمر سوءاً وفاة أخيه الأكبر بالطاعون عام 401هـ، ثم وفاة أبيه عام 402هـ، ثمّ زوجتُهُ “نِعَم” التي فُجع بموتها ابن حزم وكتبَ فيها مراثيه. كل ذلك ولم يبلغ العشرين من عمره حينها؛ وهذه الظروف جعلت ابن حزم يتحمل مسؤولية أسرته، وقد اضطر -شأن كثير من الأسر القرطبية- للنزوح إلى “المريّة” عام 404هـ. وكتب يصف حاله: «ما انتفعتُ بعيشٍ، ولا فارقني الإطراق والانغلاق مذ ذقت طعم فراق الأحبة… ولقد نغّص تذكّري ما مضى كلَّ عيشٍ أستأنِفه. وإنّي لقتيل الهموم في عداد الأحياء، ودفين الأسى بين أهل الدنيا»

شبكة المدار الإعلامية الأوروبية …_

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Previous post حكايا المدار الفنية ((منى واصف علامة فارقة بالدراما السورية))
Next post فلسطين ليست وحيدة …….