مكافحة الإرهاب ـ أهمية التعاون الأمني إقليميا ودوليا
هيبة غربي
شبكة المدار الاعلامية الاوروبية …._يعد التعاون الأمني والاستخباري ركيزة أساسية من دعائم الاتحاد الأوروبي الذي دفعته العمليات الإرهابية المتصاعدة بالتوازي مع ظهور داعش إلى مزيدًا من التطوير لآلياته لمجابهة هذا التحدي، إذ يبقى مستقبل التكتل مرهونًا بالقدرة على مواصلة التبادل المعلوماتي في ظل الخلافات السياسية والتهديدات الأمنية للقارة المجاورة لمنطقة الشرق الأوسط المشتعلة بما يحمله ذلك من موجات هجرة وصراعات موارد. اذ من المرجح ان يتراجع تنظيم داعش والقاعدة والجماعات المتطرفة في العراق وسوريا، ويشهد تصاعداً في افغانستان ودول شمال افريقيا، من خلال الفوضى في ليبيا، ويمتد الى غرب افريقيا، ودول الساحل الافريقي. فيتصاعد التوتر في الشرق المتوسط المرتبط بالتطرف والإرهاب والأمن في ليبيا وأفريقيا، والذي سيكون له انعكاسات سلبية على أمن أوروبا والأمن الاقليمي والدولي ككل.
واقع الارهاب في أوروبا وإفريقيا ـ مكافحة الإرهاب
إفريقيا: تراجع نسبيًّا النشاط الإرهابي بإفريقيا خلال شهر مايو 2021 مقارنة بشهر أبريل 2021. حيث سجل هذا شهر مايو (57) عملية إرهابية. نفذت حركة الشباب الصومالية (11) عملية إرهابية من بينها (2) عملي في كينيا وأغلب تلك العمليات انتحارية وباستخدام العبوات الناسفة.تراجع نشاط جماعة “بوكو حرام” و”داعش غرب إفريقيا”؛ مقارنةً بشهر أبريل 2021، وذلك الصراع بين التنظيمين. لم تشهد منطقة الساحل الإفريقي وخاصة دولتي مالي وبوركينا فاسو تغيرًا كبيرًا في النشاط الإرهابي. شهدت المنطقة (17) عملية إرهابية منها (12) عملية في بوركينا فاسو. بينما شهدت الكونغو رتفاعا ملحوظا في مؤشر العمليات الإرهابية حيث تعد الكونغوالأكثر تضررًا من العمليات الإرهابية خلال شهر مايو 2021، ويرجع ذلك إلى العمليات الإرهابية المكثفة التي تنفذها ولاية وسط إفريقيا وقوات التحالف الديمقراطي المدعوم من قبل تنظيم داعش.
أوروبا: نشرت الوكالة الأمنية الأوروبية “يوروبول” تقريرا في 20 يونيو 2021 أكدت من خلاله تم تسجيل (57) هجوما في أراضي الاتحاد عام 2020 وتم احباط بعضها. وخلفت الاعتداءات أكثر من (20) ضحية.، بالإضافة إلى تقرير بريطانيا عن تسجيل (62) حادثا إرهابيا في أراضي المملكة وإبلاغ سلطات سويسرا مرتين عن تخطيط إسلاميين لشن هجمات. وحسب التقرير فإن هذه الأرقام تدل على أن عدد الهجمات في العام الماضي يمكن مقارنته بمؤشرات العام 2019، الذي تم خلاله تسجيل 119 هجوما، بينها 64 هجوما في بريطانيا.وأشارت “يوروبول” إلى أنه باستثناء الاغتيال المستهدف للمدرس صمويل باتي في فرنسا في أكتوبر الماضي، كان اختيار الضحايا في جميع الحوادث عشوائيا، حيث تم استهداف أشخاص معينين بصفتهم ممثلي شعب مصنف “عدوا” لأسباب إيديولوجية. هدَّد تنظيم “داعش” في 14 فبراير 2021 بتنفيذ هجمات إرهابية بالسيوف والصواعق النارية داخل القارة الأوروبية، وأعلن تنظيم “داعش” وصول مَن أسماهم “جماعة من الفرسان النضاليين من أفضل قادة له في العالم” لتطبيق الشريعة!
دور التحالف الدولي في مكافحة الإرهاب
أكد التحالف الدولي ضد داعش في 29 يونيو 2021 تعزيز التعاون عبر كل خطوط جهود التحالف من أجل التأكد من أن (داعش) في العراق وسوريا وفروعه وشبكاته حول العالم غير قادرة على إعادة تشكيل أي جيب إقليمي. كما أعلن التزامه بـ” العمل مع الدول المتضررة لمعالجة التهديدات التي يشكلها “تنظيم داعش” في أفريقيا لضمان الهزيمة العالمية الدائمة للتنظيم. وشدد على متابعة آليات العدالة والمساءلة الفعالة القائمة بالتنسيق الوثيق مع بلدان المنشأ للمقاتلين الأجانب، على أن يشمل ذلك أيضاً محاسبة المقاتلين الذين استخدموا العنف الجنسي كأداة للإرهاب. وأقر التحالف بأن “وضع معتقلي (داعش) وأفراد عائلاتهم في شمال شرق سوريا يثير قلقاً بالغاً”، داعيا إلى “إيجاد حل شامل وطويل الأمد لهذه القضية الخطيرة”.
دور الأمم المتحدة في مكافحة الإرهاب
حذّر تقرير أعده خبراء في الأمم المتحدة في 17 مارس 2021من أن حظر الأسلحة المفروض على ليبيا منذ 2011 “غير مجد إطلاقا”. وكان قد أصدر مجلس الأمن، خلال مؤتمر برلين، 2020 قرارات جديدة من أجل وقف توريد الأسلحة إلى ليبيا.
أكد الأمين العام للأمم المتحدة في 22 فبراير 2021 أن”الحركات المؤمنة بفكرة تفوق العرق الأبيض و(النازية الجديدة) تتحول إلى تهديد عالمي، مستغلة جائحة فيروس (كورونا) لتعزيز شعبيتها”، وأن “خطر هذه الجماعات المدفوعة بالكراهية يزيد يوماً بعد يوم”. ووفقا لمعلومات استخباراتية حذرت الأمم المتحدة في 6 فبراير 2021 من تخطيط الجماعات المتطرفة لـ”سلسلة من الهجمات” بعد رفع القيود المفروضة خلال جائحة كورونا، التي منحت تنظيمي “داعش” و”القاعدة” فرصة لتقويض الحكومات في مناطق الصراع.
صرح، “فلاديمير فورونكوف” المدير التنفيذي لمركز الامم المتحدة لمكافحة ارهابفي 13 يناير 2021 “أنه خلال العقدين الماضيين استمرت مخاطر الإرهاب وتهديداته في التطور والانتشار” مشيراً إلي “أنّ تنظيم القاعدة، الذي كان مسؤولاً عن هجمات 11 سبتمبر التي أودت بحياة ما يقرب من 3 آلاف شخص من 90 دولة، لا يزال يثبت صلابته رغم فقدانه العديد من قادته”. مُشدداً: ” أنّ هذه التنظيمات سعوا لاستغلال أزمة وباء كوفيد -19 لتأجيج خطاب الكراهية وعمليات الاستقطاب”، موضحاً: “أنّ التنظيمات المتطرفة تمكنت من تطوير امكانياته في الفضاء الإلكتروني والتواصل مع جماعات الجريمة المنظمة”.
دور الإنتربول واليوروبول في مكافحة الإرهاب
اليوروبول: اعلنت وكالة الشرطة الأوروبية “يوروبول” في 23 يونيو 2021 “أن جماعات متطرفة وجهادية سعت لاستغلال جائحة كورونا لنشر دعايتها وإشاعة أجواء انعدام الثقة بالحكومات والمؤسسات”. كما أشار بيان إلى أنّ “الإرهابيين يستغلون استقطاب المجتمعات لتلويث المناخ الاجتماعي بأيديولوجيات عنفية. صرح “كلاوديو غالسيرانو” مدير وحدة مكافحة الإرهاب في “يوروبول” في 23 يونيو 2021 “إنّ كل الهجمات الجهادية التي شهدتها الأراضي الأوروبية سنة 2020 ارتكبت بواسطة ذئاب منفردة قد يكون بعضهم اتبعوا نهج التطرف من خلال الإنترنت”. نشر “اليوروبول” في 22 يونيو 2020 تقريره السنوي حول وضع الإرهاب في الاتحاد الأوروبي، والذي أشار إلى (57) واقعة تتراوح بين اعتداءات إرهابية ومحاولات اعتداء تم الإعلان عنها سنة 2020 في النمسا وبلجيكا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا وإسبانيا.
الإنتربول: نسّق الإنتربول في أوغندا وتنزانيا وكينيا عملية تمحورت حول تعزيز قدرة أفراد الشرطة في الخطوط الأمامية عند المعابر الحدودية الجوية والبرية والبحرية على كشف الإرهابيين والمجرمين المحتملين فيما بين المسافرين في 20 أبريل 2021. يقول “غريغوري هيندز” مدير إدارة الإنتربول مكافحة الإرهاب: “تُظهر عملية Simba III أهمية استخدام البلدان، في مواقع استراتيجية مثل المعابر الحدودية، للمجموعة الواسعة من قواعد بيانات الإنتربول الجنائية”. أضاف قائلا: “إن الإنتربول مصمم، عن طريق أدواته وخدماته الشرطية، على مساعدة البلدان في مناطق مثل شرق أفريقيا في التصدي لما تواجهه من تهديدات أمنية خاصة بها وفي إقامة بيئة أكثر أمانا”. حذر (إنتربول) في 23 ديسمبر 2020 من استغلال الجماعات الإرهابية لجائحة “كورونا” لزيادة قوتها ونفوذها. ويقول “يورغن ستوك” الأمين العام لـ”إنتربول” في بيان: “لقد سعى الإرهابيون -مثل جميع المجرمين- إلى الاستفادة من (جائحة) كوفيد – 19 لكسب المال، وتقوية قاعدتهم وتعزيز الانقسام”.
تكثيف التعاون في مجال تبادل المعلومات
كشف المجلس الأوروبي في 15 يونيو 2021 عن استراتيجته لحماية الحدود الأوروبية ومكافحة الجريمة المنظّمة وجرائم الإنترنت، وذلك عن طريق تدعيم صندوق الأمن الداخلي.كذلك تحسين تبادل المعلومات، وتكثيف التعاون مع مختلف الدول التي تربطها حدود بدول الاتحاد الأوروبي، بما في ذلك العمليات المشتركة بشأن ردع أشكال الإرهاب والجريمة المنظمة، وتعزيز القدرات على منع الجريمة ومكافحتها.
ويرى الباحث في الإرهاب والأمن “ألكسندر ريتزمان” 11 نوفمبر 2020: “أنّ “تبادل المعلومات هو المفتاح الحقيقي بين الاتحاد الأوروبي ضد الإرهاب”. موضحاً: “أنّ العناصر الإرهابية تنسق بشكل أفضل عبر الحدود، والتحضير للهجمات يتم في الخارج، وبالتالي، يتعين على الدول مشاركة معلوماتهم الاستخباراتية، والمعضلة لدى دول الاتحاد أن لا ثقة إلى حد ما ببعضها البعض، والمعروف أنّ الأجهزة تجمع المعلومات ولا يتم تمريرها لأجهزة أخرى، وبالأخص في دول مجاورة”
تقييم إلى التعاون الدولي
– استغلت الجماعات المتطرفة الإسلاموية جائجة كورونا بطرق مختلفة حيث سعى البعض منهم إلى شن هجمات جديدة واستقطاب أنصار جدد. لايزال التطرف اليميني والنازيون الجدد يشكلون تهديدا عالميا عابرا للحدود لاسيما بعد استغلالها لجائحة كورونا لتعزيز صفوفها من خلال الاستقطاب الاجتماعي والتلاعب السياسي والثقافي.
– يعد التعاون الدولي في مجال مكافحة الإرهاب عاملا هاما في تراجع العمليات الإرهابية خلال عام 2020. تمكن التنسيق بين الدول في مكافحة الإرهاب إلى خسارة تنظيم القاعدة وداعش عدداً كبيراً من قادته الرئيسيين، وتقليص نفوذه في العديد من المتطق التي تمتع فيها بنفوذ كبير، ومن المتوقع إذا استمر التنسيق بين الدول في مجال مكافحة الإرهاب أن تخسر التنظيمات المتطرقة قدراتها على الاستيلاء على مناطق أخرى.
– نخلص إلى أنّ الدول الغربية تًمارس سياسة مزدوجة نوعاً ما في حربها على الإرهاب اذ تطرح مسألة محاربة الدول الغربية للإرهاب في مناطق مختلفة من العالم، أسئلة جدية حول النوايا الحقيقية والأجندات السياسية لهذه الدول فيما يتعلق بالتعاطي مع هذه الظاهرة..
-يذهب الكثير من المراقبين إلى أنّ الدول الغربية، وفي طليعتها الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وفرنسا، وعلى الرغم من انخراطها في التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب فإنها لا تجد حرجاً في توظيف نشاطات التنظيمات المسلحة للضغط على قوى دولية وإقليمية منافسة، ولزعزعة استقرار دول ترفض الانخراط في تحالفات ضد خصومها وذلك في سياق سعيها لتنفيذ مشاريعها الاستراتيجية.
المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والإستخبارات