الصحافة التي نحتاجها في الأزمات

شبكة المدار الإعلامية الأوروبية …_مع بداية تفشي جائحة “كوفيد 19″، فكّر كاتب هذا المقال جوناثان وايدر وهو مؤسس منصة وتطبيق squirrel الإخباري   الذي يركّز على الحلول، بأنّ الوقت غير مناسب للمواضيع الإيجابية والبناءة التي عادةً ما يعمل فريقه عليها، لأنّ الأمور التي كانت تتكشّف كانت مهمّة وخطرة للغاية، مثل أعداد الإصابات المتزايدة بشكل كبير، حظر التجول المفاجئ الذي فرضته دول كثيرة، الصور الملتقطة في وحدات العناية المركزة في المستشفيات، والنعوش المكدّسة. 

ولفت وايدر إلى أنّه استغرق الكثير من الوقت، وغيره الكثير من الصحفيين، حتى أدرك أنّ الجائحة مستمرّة لمدّة طويلة، وأنه لا يمكن الإنتظار ومراقبة ما يحدث فحسب، بل يجب المحاولة والمساعدة في إيجاد طرق وحلول  للخروج منها.

وتوازيًا مع تفاقم الأزمة، وعدم تصرّف العديد من السياسيين بمسؤولية أو اتخاذهم قرارات فوضويّة، باتَ من الواضح عدم وجود حلول كما ينبغي، وكذلك الأمر بالنسبة للتقارير المعمّقة والمعدّة بشكل جيّد.  

التقارير المستندة إلى الحلول قد تُنقذ الأرواح  

وأشار الكاتب إلى أنّه اطلع على تقارير نُشرت في وسائل الإعلام الألمانية حول جهود تعقب المصابين في دول آسيوية، ومن ضمنها إحدى التجارب في كوريا الجنوبية في بداية عام 2020 وأخرى في اليابان في نهاية العام الماضي. ولفت إلى أنّ جهود تعقب المخالطين في ألمانيا  قد واجهت صعوبات خلال فترة تفشي الجائحة.

وخلال العام الأول من الجائحة، كانت النتائج كارثيّة، إذ كان تحديد الإصابات وجهات الاتصال المعرضة للإصابة أمرًا مهمًا جدًا للحد من انتشار فيروس “كورونا”، وتبيّن أنّه كلّما كان تحديد الجهات يتمّ بشكل أفضل، كلما كان من الممكن تجنب المزيد من الإصابات وإنقاذ المزيد من الناس. واستنادًا إلى ما تقدّم، يرى الكاتب أنّ التقارير التي تركز على الحلول تساعد بشكل أكبر في تحسين معرفة الجمهور بمخاطر الإصابة وأماكنها، وممارسة الضغط على السياسيين كي يتصرّفوا بشكل أفضل.  

وقال الكاتب: “أردتُ كمواطن أن أشهدَ انتقالًا إلى أسلوب أكثر نشاطًا في السياسة. لكنني تساءلت كيف يُمكن أن يحصل ذلك وهل يمكن أن تلعب وسائل الإعلام دورًا في تسريع ذلك الإنتقال أو تشجيعه؟ وبحال تمكّنت المؤسسات الإعلاميّة من ذلك، فماذا ستكون القوة الدافعة، إن لم تكن الصحافة المستندة إلى الحلول”.   

وتابع الكاتب أنّ طبيعة الأزمة الصحيّة العالميّة التي أنتجتها جائحة “كوفيد 19” سهلت هذا النوع من الصحافة، أي صحافة الحلول، موضحًا أنّه لم يكن صعبًا فهم القضايا المرتبطة بالجائحة، حيثُ يوجد مشكلة محددة بشكل واضح وهي فيروس “كورونا”، مع حلّ مثاليّ واحد هو اللقاحات. وأشار الكاتب إلى أنّ عددًا كبيرًا من الناس والجمهور بدأوا بالإطلاع على علم الفيروسات والأمراض المعدية، وقدّم خبراء ندوات من خلال البودكاست، كما عُقدت نقاشات مكثفة حول ضرورة وأهميّة الحلول القصيرة والمتوسطة المدى، مثل الإلتزام بوضع الكمامات والتباعد الإجتماعي. فعلى سبيل المثال، كثّفت صحيفة الجارديان   من تغطيتها البناءة، مع زيادة القصص المستندة إلى الحلول، من قصتين أو ثلاث قصص في الأسبوع إلى قصتين أو ثلاث قصص يوميًا.    

وأضاف: “أطلقنا منصةSquirrel  الإخباريّة في حزيران/يونيو 2020، وذلك بعد أسابيع من الموجة الأولى لمعدلات الإصابة المرتفعة بفيروس كورونا والإغلاق واكتظاظ غرف الطوارئ بالمصابين في جميع أنحاء العالم”، مشيرًا إلى أنّ مجموعة التقارير المستندة إلى الحلول ساهمت بمساعدة القرّاء بإدارة الأزمة التي يمرّون بها. حيث أوضح أنّ الحاجة إلى هذا النوع من الصحافة كانت موجودة قبل فترة طويلة من تفشي الجائحة، وبرزَ ذلك من خلال مراجعات وتعليقات المتابعين على تطبيق Squirrel، حيث كتبَ أحد القرّاء “أخيرًا”، فيما شرحَ آخرون كيف أنّ نهج المنصّة البناء والمستند إلى الحلول ساعدهم في تجاوز الأزمة.

وأشار الكاتب إلى بعض الصحفييين الذين يعملون مع التلفزيون الألماني، زاروا فريق المنصة الإخبارية قبل أشهر وأعربوا عن سعادتهم بتغطية تجربة إيجابيّة هدفها التغيير، ولفتوا إلى أنّهم سئموا من تغطية المواضيع المليئة بالصراعات والدراما لجذب أعداد كبيرة من المشاهدين. وتحدّث الكاتب عن دراسة   أُجريت مؤخرًا حول صحافة الحلول، توضح أنّ هذا النوع من الصحافة يتفوّق على التقارير القائمة على المشكلات.  

   ردود فعل القرّاء

وكانت ردّة فعل الكاتب والكوميدي الذي يقيم في لوس أنجلوس، إذ كراسنيك  من أبرز ردود الفعل المؤثرة، فقد جمع ما بين حسّه الكوميدي والصحة النفسيّة، وشارك فيما بعد في بودكاست مع المنصّة. ولفت إلى أنّ ما جذبه إلى أخبار المنصّة هو أنّها تساهم في تحسين الصحة النفسيّة، من دون الحديث عنها بشكل مباشر، وأضاف أنّه حتى قبل قراءة القصة، فعناوين الأخبار في المنصة مختارة بشكل يجذب القراء، إذ تصف بشكل واضح تأثيرًا للصحافة المرتكزة على الحلول.

كذلك فقد تواصل أحد القراء مع فريق عمل المنصة في كانون الثاني/يناير، وأعرب عن رأيه، مشيرًا إلى أنّه يجب أن يعرف الجميع  بعملها، لأنّ ما فعلته حتى الآن يساهم بإحداث تغيير إيجابي في المجتمع على المدى الطويل.

توازيًا، علّق آخرون على طريقة عمل المنصة، معتبرين أنّه مختلف ويواجه تدفق الأخبار السيئة التي تثير مشاعر العجز والاستسلام والخوف، فيما وصف بعض المتابعين المنصة بأنّها تقدّم عملًا بشكل مغاير للتقارير السلبية السائدة بشكل عام، وقال آخرون إنهم باتوا “يستمتعون بقراءة الأخبار بعد انقطاعهم عنها وتجنّبها لسنوات”.

شبكة الصحفيين الدوليين

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Previous post عن الفكر المعاصر حوار مع المفكر فهمي جدعان
Next post كيف تحقق مشروع إعلامي ريادي