تداعيات الإنسحاب الأميركي من أفغانستان على حلف الناتو

Read Time:5 Minute, 54 Second

شبكة المدار الإعلامية الأوروبية …_اضطر حلف شمال الأطلسي  إلى إنهاء مهمته التي استمرت عقدين بعدما أعلنت الولايات المتحدة عن خطط لسحب جميع القوات من البلاد. ويؤثر الانسحاب الأمريكي على وحدة الصف داخل الحلف. و ينصب تركيز الناتو الآن على ضمان المغادرة الآمنة للأفراد من دول الحلفاء والدول الشريكة. ويغير انسحاب القوات الأمريكية وحلف من أفغانستان، من استراتيجيات الدول الأوروبية والاتحاد الأوروبي في التعامل مع الأزمات على الساحة الدولية؛ خاصة في حسابات “الربح والخسارة”.

استياء أوروبي من قرار الانسحاب الأمريكي -أمن دولي

انتقد ” بن والاس ” وزير الدفاع البريطاني في أغسطس 2021 علناً القرار الأمريكي بالانسحاب من أفغانستان. ووصف وزير الدفاع البريطاني أن ما حصل “فشل للمجتمع الدولي الذي لم يفهم أن الأمور لا تُحلّ في ليلة وضحاها؟. وكان قد أعرب ” جان إيف لودريان ” وزير الخارجية الفرنسي في 13 نوفمبر 2020 عن معارضة بلاده لخطط الولايات المتحدة سحب قواتها من أفغانستان من جانب واحد، في ظل الحرب المتواصلة ضد التطرف. وأكد على أن إن الحكومة الفرنسية خلصت إلى أن “هذا أمر لا يجب فعله”.

تأتي ألمانيا في المرتبة الثانية بعد الولايات المتحدة الأمريكية من حيث المساهمة بقواتها في أفغانستان خلال العقدين السابقين بحوالي (150) ألف فرد. دعت ” انغريت كرامب-كارينباور”وزيرة الدفاع ألالمانية حلف الناتو في اغسطس 2021   إلى استخلاص العبر من فشله في أفغانستان. واعتبرت ” أنغيلا ميركل” المستشارة الألمانية تطور الوضع في أفغانستان بأنه “مرير ومأسوي ورهيب” ملمحة إلى أن قرار الانسحاب الذي اتخذته واشنطن اتخذ لأسباب سياسية داخلية أمريكية. 

يقول ” أرمين لاشيت” رئيس حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي إن استيلاء طالبان على السلطة بعد انسحاب قوات حلف الناتو يبيّن بوضوح أن “تدخّل المجتمع الدولي لم يتكلّل بالنجاح”. وتابع إنه أكبر إخفاق لحلف شمال الأطلسي منذ تأسيسه، ونحن أمام تحوّل تاريخي.

أفاد تقريرلـ”واشنطن بوست ” في 18 أغسطس 2021 أن إن انسحاب أميركا من أفغانستان أثار موجة من الشك في دورها في العالم، ويناقش الأوروبيون حاجتهم إلى لعب دور أكبر في القضايا الأمنية. وأبرز التقرير انتقادات أوروبية نادرة لواشنطن، لأن ما أقدمت عليه في أفغانستان قد يتسبب في تدفق اللاجئين إلى أوروبا، كما من شأنه أن يعيد أفغانستان منصة للإرهاب في آسيا الوسطى. وأشار التقرير إلى وجهتي نظر

الأولي: أن  انسحاب الولايات المتحدة من أفغانستان مؤشرا يعكس ضعفها، ويحد من قدرتها على قيادة العالم.

الثانية: أن القرار يعكس إعادة ترتيب سليمة للمصالح الأميركية، ويمنحها وضعا أفضل للتعامل مع التحديات الجديدة للقرن 21، كما يوضح للحلفاء والخصوم -على حد سواء- أولوياتها التي تحدد إذا كانت ستنفق مواردها هنا أو هناك.

عجز أوروبي في مواجهة الانسحاب الأمريكي -أمن دولي

تضم البعثة الوحيدة للاتحاد الأوروبي في كابول حوالي (400) موظف أفغاني وعائلاتهم. ووعد التكتل بإجلائهم، لكن (150) منهم فقط وصلوا إلى إسبانيا حتى الآن. كانت المستشارة الألمانية صريحة بشأن عجز أوروبا في مواجهة الانسحاب الأمريكي. وتقول”أنجيلا ميركل” في 25 أغسطس 2021 في برلين “أريد أن أؤكد مرة أخرى أن الولايات المتحدة الأمريكية لديها القيادة هنا بالطبع.” “بدون الولايات المتحدة الأمريكية ، على سبيل المثال ، لا يمكننا – نحن الآخرين – مواصلة مهمة الإجلاء”.

ذكّر ” الجنرال ليوناردو تريكاريكو”رئيس أركان سلاح الجو السابق في26 أغسطس 2021 بأن الرئيس الأمريكي السابق “دونالد ترامب” وصف الحلف بأنه قد عفا عليه الزمن، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بأنه قد مات دماغياً. هذه مصطلحات فجة لكنها تعطي فكرة جيدة عن الوضع الحالي للحلف.”

قوة عسكرية أوروبية لإدارة الأزمات

ساهمت الفترة الرئاسية لـ”دونالد ترامب”رئيس الولايات المتحدة الأمريكية السابق في هز  ثقة الحلفاء الأوروبيين في واشنطن. وتنامت الشكوك حول مدى واشنطن باتفاقياتها العسكرية.  كما أثارت سياسات “ترامب” مخاوف الدول الأوروبية الأعضاء داخل حلف شمال الأطلسي  ما جعلهم يفكرون في كيفية الاعتماد على أنفسهم في القضايا الدفاعية والعسكرية.

حذر ” جوزيب بوريل” وزير خارجية الاتحاد الأوروبي في 23 أغسطس 2021 من أن مأساة تحدث في أفغانستان، ويجب أن تدفع الأوروبيين إلى تجهيز أنفسهم بقدرة تدخل عسكري لمواجهة الأزمات المقبلة التي تهدد العديد من المناطق على غرار العراق والساحل. وتابع “بوريل” مذكرا “نقترح تزويد الاتحاد الأوروبي بقوة دخول أولى قوامها (50) ألف جندي قادرة على العمل في ظروف مثل تلك التي نعيشها في أفغانستان”. وتجري مناقشة المشروع بين وزراء دفاع الاتحاد الأوروبي.

وترى صحيفة ” أنترناشيونال أنترست” في 17 نوفمبر 2020 إلى أن الاتحاد الأوروبي، خلافا لروسيا أو الولايات المتحدة، لا يعتبر جهة موحدة، وإنما هو تكتل اقتصادي قبل كل شيء، وليس “الولايات المتحدة الأوروبية”. وأضافت أن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي و”تنامي الحركات الشعبوية في إيطاليا ودول أخرى لا يساهمان في التكامل في القارة”. وأشارت الصحيفة إلى أن المسؤولين البريطانيين قد رفضوا فكرة الجيش الأوروبي على اعتبار أنه “سيقوض وسيوازي الناتو”.

خلافات تهدد مستقبل حلف شمال الأطلسي -أمن دولي

لم ينته الخلاف القديم الذي بعد. ففي عام 2014، وافقت دول الناتو على زيادة ميزانياتها الدفاعية إلى (2%) من الناتج الاقتصادي بحلول عام 2024. تعهد لم تلتزم به سوى (10) دول من حلف الناتو وهي إستونيا ولاتفيا وليتوانيا وسلوفاكيا واليونان وبريطانيا العظمى ورومانيا وبولندا وفرنسا والنرويج، بينما لا زالت ألمانيا أكبر قوة اقتصادية في الاتحاد الأوروبي، متخلفة عن تطبيقه.

يشعر حلفاء واشنطن الذين انضموا إلى مشروع أفغانستان بالخذلان الشديد. وحتى الوزراء البريطانيون، الذين يشعرون بـ”علاقتهم الخاصة” مع واشنطن، انتقدوا علنا قرار الرئيس بايدن. وأما حلفاء أمريكا الأوروبيون، بشكل عام، فإن ما حدث يبرز مدى اعتمادهم على الولايات المتحدة ومدى ضآلة وجهات نظرهم بمجرد أن يقرر البيت الأبيض السير في اتجاه معين.

يرى “” شون أوغرايدي مساعد رئيس تحرير الاندبندنت في 22 أغسطس 2020 أن “طالبان” لم تلحق هزيمة عسكرية بـ”الناتو” وحليفته الحكومة الأفغانية السابقة، فحسب، بل تسببت بضرر أكثر ديمومة للحلف. فالاستياء من القرار الأحادي الذي اتخذته الولايات المتحدة بالانسحاب عزز المخاوف من احتمال تخلي أميركا عن حلفائها الأوروبيين بالسهولة نفسها كما فعلت مع الأفغان. وتكبر هذه المخاوف منذ شكك الرئيس ترمب علناً بجدوى “الناتو” والعبء المالي غير المتناسب الذي تتحمله الولايات المتحدة. وثمة مزيد من الكلام، بغض النظر عن عقمه، عن تنظيم الدول الأوروبية دفاعاً خاصاً بها.

التقييم

نجد أنه بمقارنة حجم القوات الغربية التى انتشرت في أفغانستان إضافة غلى التكلفة الباهظة للحرب في أفغانستان، لم تحقق نتائج على قدر الآمال المعقودة ولم يتحقق ما خطط له  . كما نجد أن هناك اتفاق أوروبي خاصة بين ألمانيا وبريطانيا أن هناك إساءة لتقدير أجهزة الاستخبارات الأمريكية  الوضع في أفغانستان.

كشف الانسحاب الامريكي من أفغانستان الغطاء عن حجم الخلافات الموجودة داخل حلف شمال الأطلسي لاسيما بين الولايات المتحدة الأمريكية والدول الأوروبية. وبات من المتوقع أن تتولى الدول الأوروبية المهام والعمليات التي كانت تقوم بها الولايات المتحدة الأمريكية داخل الحلف. تعطي التصريحات والتعليقات التي يطلقها زعماء الدول الأعضاء داخل حلف شمال الأطلسي فكرة جيدة عن الوضع الحالي للحلف”.

كشف الانسحاب الأمريكي من أفغانستان مدى اعتماد الأوروبيين على القدرات الأمريكية والصعوبة التي يواجها الاتحاد في إجلاء رعاياه من أفغانستان.  ما يعكس عدم جاهزية القارة العجوز عسكريا لمواجهة الأزمات. فبدون الدعم العسكري الأمريكي لم يتمكن الأوروبيون من إجلاء أفرادهم والقوات الأفغانية المحلية من كابول.

طرح انسحاب القوات الأمريكية الكثير من المشاكل الإستراتيجية، من خلال تنامي التهديدات الإرهابية على الأمن القومي الأوروبي توجدد الخطر الأمني ​​على السكان الغربيين.وأظهر بعض الاتجاهات المثيرة للقلق. وهي تشمل استمرار سياسات “أمريكا أولاً” في عهد بايدن. 

أصبح الأوروبيون يواجهون العديد من الأسئلة التي لا مفر منها. في المقام الأول ، تدور هذه الأمور حول أفضل الطرق لإيصال مواطنيهم ومن عمل معهم إلى بر الأمان من كابول. لكن  في المستقبل ، يجب أن يأخذوا في الاعتبار الدروس المستفادة من التجربة الأفغانية لسياساتهم المتعلقة بالأمن  مع العلاقات مع الولايات.

المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والإستخبارات

Happy
Happy
0 %
Sad
Sad
0 %
Excited
Excited
0 %
Sleepy
Sleepy
0 %
Angry
Angry
0 %
Surprise
Surprise
0 %

Average Rating

5 Star
0%
4 Star
0%
3 Star
0%
2 Star
0%
1 Star
0%

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

AlphaOmega Captcha Classica  –  Enter Security Code
     
 

Previous post حالة التحقيق؟ «المحكمة الجنائية الدولية» و “الوضع في فلسطين”
Next post أغاني “بوب الزعفران” تبث الحقد في قلوب الهنود