هل ستطلب طالبان محاكمة الولايات المتحدة مستعينة بالصين وروسيا
مجدي عبد الحميد السيد
شبكة المدار الإعلامية الأوروبية …_ بعد عشرين عاما على هجمات سبتمبر 2001 ومع إحياء الأمريكان الذكرى الإرهابية ظهرت بالأمس تقارير أوروبية وأسيوية تسلك سبيلا آخر وتوضح حجم الكارثة التى تركتها الولايات المتحدة فى أفغانستان ، فالولايات المتحدة لم تقاتل طالبان فقط على مدار عشرين عاما بل قتلت فى الطريق إلى القاعدة وطالبان حوالى 45 ألف مدنى بينهم نساء وأطفال (حسب تقارير دولية) وجرحت وشردت أكثر من ثلاثة ملايين أفغانى ، وليت ذلك كان فى طريق رفعة أفغانستان سياسيا ومدنيا والقضاء على الإرهاب بل تركت الجمل بما حمل لطالبان المتشددة وبقايا القاعدة الإرهابية مما يعتبر نصرا مؤزرا كاملا لطالبان بعودتها للحكم وانتزاعه من فم الأسد الأمريكى.
إن التقارير أصبحت تتحدث عن إمكانية محاكمة الولايات المتحدة عن جرائم الحرب واستخدام القوة المفرطة المستخدمة فى الرد على حادث سبتمبر 2001 ولم يكن ذلك فى الستينيات والسبعينيات كما حدث فى فيتنام بل فى الألفية الجديدة وعصر العلم والتنوير وحقوق الإنسان . إن العالم مع اعترافه بحجم كارثة سبتمبر 2001 وتشدد طالبان غير الإنسانى أيضا منذ تفجيرها أكبر تمثالين لبوذا عام 2001 لا يعطى الحق للولايات المتحدة بقتل وجرح عشرات الألوف ، بل لا يعطى الحق فى نشر الفساد فى افغانستان واستغلال الثروات الطبيعية أبشع استغلال عبر رجال أعمال فاسدين موالين لها.
إن ما حدث فى أفغانستان حدث أضعافه فى العراق ، فالعراق لم يفصح بصورة واضحة – بضغط من الاحتلال الأمريكى- عن حجم القتلى والجرحى والمشردين والمهاجرين خلال الفترة من 2003 إلى الآن ولم يفصح عن الثروات الطبيعية المستغلة بواسطة الولايات المتحدة ولا عن عوائد النفط التى يتم صرفها بلا شفافية ، حيث ما يزال العراق تحت السيطرة العسكرية للولايات المتحدة ، وكذلك هناك شواهد كثيرة لم تكن فى سجن بوغريب فقط بل فى الكثير من السجون والمعتقلات سجلتها منظمات حقوقية وتم التعتيم عليها بعد تسريبات سجن بوغريب.
لم ينس العالم كلمات جورج بوش الابن وتونى بلير عن نجاحهما فى القضاء على طالبان وابتغاء الحرية والديموقراطية لافغانستان ، وفى النهاية بعد أن اعترفا عام 2004 أنهما قضيا على طالبان هاهى الولايات المتحدة تسلم حكم أفغانستان كاملة لطالبان وقد هرب رجال الأعمال وكبار رجال دولة الفساد وكبار قادة الجيش إلى الولايات المتحدة والدول الغربية بعد أن سبقتهم أموالهم تحسبا لذلك اليوم الذى كان مقدرا له نهاية العام ولكنه حدث فجأة نهاية أغسطس 2021.
إن التقارير تتحدث عن وجود بوادر تعاون صينى روسى مع طالبان لتنضم أفغانستان إلى مبادرة الطريق والحزام الصينية مقابل إعمار أفغانستان وأيضا مقابل استغلال الثروات المعدنية التى حمت الكثير منها قبائل موالية لطالبان منها معادن نادرة تستخدم فى صناعات دقيقة .
هناك علامات استفهام كبيرة على ما تفعله الولايات المتحدة منذ سبتمبر 2001 من سوء تقدير وربما فشل مخابراتى وصرف مبالغ ضخمة تتجاوز خمسة تريليون دولار حتى عام 2009 كما أشار آل جور فى كتبه ثم 300 مليون دولار يوميا حتى يوم الانسحاب من أفغانستان ، إن تلك المصروفات الضخمة بكل المقاييس كان يمكن استغلال جزء كبير منها فى الرفاهية للأمريكان وفى التقدم العلمى والتكنولوجى الأمريكى الذى انتقلت دفته بعد عام 2008 إلى منطقة شرق آسيا مع صعود الصين والهند وكوريا الجنوبية ومعظم دول شرق آسيا وتحكمهم فى سلاسل التوريد العالمية.
فى النهاية … مع تطورات العولمة وعدم القدرة على إخفاء المعلومات هل يمكن أن تلعب الصين بكارت محاكمة الولايات المتحدة عما اقترفت من جرائم إنسانية فى أفغانستان ؟ وبالطبع ستنتظر روسيا خروج الولايات المتحدة من العراق لتتعاون مع إيران والصين فى محاكمة الولايات المتحدة على ما ارتكبت من جرائم فى العراق .
إن الولايات المتحدة تملك الوقوف أمام أى محاكمة بقوتها السياسية والاقتصادية والعسكرية ولكن هل ستصمد أمام تطلعات الصين وروسيا وإيران فى أفغانستان والعراق حيث أن جرائم الحرب لا تسقط بالتقادم ؟
الحوار المتمدن