مستقبل حركة النهضة ” قراءة في أسباب الاستقالة ومآلاتها”
شبكة المدار الإعلامية الأوروبية …_في وقت تعيش فيه تونس أزمة سياسية غير مسبوقة بسبب الإجراءات التي أعلنها الرئيس التونسي قيس سعيد، أعلن أكثر من مئة قيادي من حزب حركة النهضة، فجر السبت 25 سبتمبر/ أيلول الجاري، تقديم استقالتهم الجماعية من الحزب بسبب ما وصفوه بـ “الإخفاق في معركة الإصلاح الداخلي”، وحمّل البيان قيادة الحزب المسؤولية عما وصفوها بالخيارات السياسية الخاطئة للحركة التي أدت إلى عزلتها وعدم نجاحها في الانخراط الفاعل في أي جبهة مشتركة لمقاومة الخطر الاستبدادي الداهم الذي تمثله قرارات 22 سبتمبر/أيلول 2021، وفق تعبير البيان.
يحمل البيان إمضاء عدد من أعضاء البرلمان وأعضاء المجلس الوطني التأسيسي وعدد من مسؤولي الحزب مركزياً وجهوياً، الذين كان لهم إسهام سابق في مختلف المحطات السياسية، سواء في إطار الحزب أو الدولة التونسية، وقد سبق هذه الاستقالة الجماعية استقالة عدد من قيادات النهضة من الجيل الأول في فترات سابقة، وأمام هذه الموجات المتكررة من الاستقالات تعيش حركة النهضة أزمة داخلية لا تقل أهمية عن الأزمة السياسية التي تعيشها تونس.
يناقش تقدير الموقف أسباب الأزمة التي تعيشها حركة النهضة، وعلاقتها بالأزمة التونسية العامة، وأثرها في مستقبل الحزب السياسي والمؤسسي.
أسباب الأزمة
ما تعيشه حركة النهضة يُعَدّ- بحسب متابعين- أكبر أزمة سياسية يعيشها الحزب منذ الثورة، وهذه الأزمة لها جذورها الحقيقية واحتقاناتها الداخلية، التي أدت إلى هذا الانفجار في هذا التوقيت الصعب، ومن أهم هذه الأسباب:
1. التباين السياسي بين قيادات الحركة
التباين السياسي داخل النهضة ليس وليد اللحظة، وقد بدأ يظهر للعلن قبيل انعقاد المؤتمر العام العاشر للحزب في 2016، وهناك حالة من عدم التوافق بين قيادات النهضة حول عدد من الملفات، وأهمها إصلاح البنية المؤسسية للحركة، وخصوصاً ما يتعلق بطبيعة المكتب التنفيذي وأهمية انتخاب أعضائه، إضافة إلى بقاء راشد الغنوشي في قيادة الحزب، والاتهامات الموجهة له بـ “التفرد بالقرار” وإصرار أنصاره على إعادة ترشيحه لدورات قادمة في حال تعديل النظام الأساسي للحزب.
ولعل أهم سبب في تعثر الإصلاح الداخلي للحركة ما وصفه القيادي المستقيل عبد اللطيف مكي بسيطرة دائرة ضيقة من المقربين من رئيس الحركة راشد الغنوشي على القرار، وتهميش مؤسسات الحركة، إضافة إلى الأزمة السياسية التونسية، التي فجرت ما تبقى من توافق داخل النهضة.
كما أن هناك تبايناً في الصف الداخلي للحركة حول التحالفات السياسية التي تقوم بها النهضة، وحالة عدم الاستقرار بين الحلفاء، وقد أثار التقارب مع المنظومة القديمة (الدستوريين)، مقابل مواجهة التيار القومي واليساري، نقمة هذين التيارين، وشجع هذا الإجراء ظهور (الحزب الدستوري الحر)، وهذه من الملفات التي تشهد تبايناً داخل النهضة، وأدت إلى نفور التيار الثوري العريض من النهضة، ورفض الأحزاب القومية واليسارية التحاور مع النهضة أكثر من مرة.
وقد وجدت القيادات المستقيلة نفسها ربما في اختبار صعب بين ما تدعو إليه من احترام للديمقراطية ومناداة بها، وبين استمرار قيادة الحركة الحالية على رأس الهرم بهذا المستوى غير المقبول من إدارة الحركة والأزمة.
2. تأجيل المؤتمر الحادي عشر للحركة
كان من المقرر عقد المؤتمر الحادي عشر للحركة في مايو/ أيار 2020، ثم أُجِّل إلى ديسمبر/ كانون الأول 2020، ثم أُجل بعدها بسبب تفشي وباء كورونا، وكُلفت لجنتا الإعداد المضموني والمادي للمؤتمر واللجنة الصحية باقتراح موعد جديد “يأخذ بعين الاعتبار ما تقرره الهيئات الصحية لتونس فيما ترى مصادر أخرى أن تفشي وباء كورونا ليس السبب الأوحد وراء ذلك، وأن المؤتمر تأجل بسبب خلافات سياسية داخل الحزب.
هذا التأجيل والخلاف كان من المفترض أن يستفيد من فرصة الوقت، ويردم الفجوة بين قيادات النهضة، وتسوية الخلافات السياسية قبل انعقاد المؤتمر، لكن ما حدث ربما على العكس تماماً مما أُريد له، حيث أدى هذا التأجيل إلى حالة من شلل العمل القيادي في الحركة، وتأزم الوضع أكثر.
3. الإخفاق في إدارة الدولة
يطمح الشعب التونسي إلى حالة من التغيير تضمن له سبل العيش الكريم، وتوفر له فرص التعليم والصحة والاستقرار، وبين طموحات الشعب وواقع النظام السياسي في تونس فجوة كبيرة تتعلق بعدد من الملفات؛ أهمها واقع الدستور التونسي والقانون الانتخابي والرؤية الاقتصادية، ولم تستطع الحكومات المتعاقبة على تونس من بداية الثورة إلى الآن إحداث تغيير جذري في الملف الاقتصادي، ولأن النهضة موجودة في هذه المكونات فإنها تتحمل جزءاً من مسؤولية هذا الإخفاق، وبين طموحات الشعب وتطلعات الثورة، وأمام المعارك السياسية التي تعصف بتونس، وجدت النهضة نفسها أمام حالة من الفشل الداخلي من جهة، والشيطنة وعرقلة الجهود من جهة أخرى، التي أدت إلى الأزمة الحالية داخل تونس عموماً والنهضة خصوصاً.
4. الإخفاق في إدارة المرحلة الحالية
هناك حالة من التردد في توصيف المرحلة الحالية وطرق التعامل معها لدى قيادة النهضة، وقد انتقل الموقف الأول للحركة تجاه القرارات من موقف يحمل طابعاً تصعيدياً، يدعو الشعب للوقوف مع الديمقراطية ضد الانقلاب على مؤسسات الدولة، والخروج للتعبير عن هذا الرفض، إلى خطاب يدعو أنصاره إلى العودة إلى منازلهم والحفاظ على السلم الأهلي، ثم بعد ذلك تحول الخطاب إلى ضرورة تحويل إجراءات سعيد إلى “فرصة للإصلاح، وأن تكون مرحلة تحول ديمقراطي وما بين الدعوة إلى الخروج وتأييد الاحتجاجات، ورفض الخروج وتغليب السلم الأهلي، ثم اعتبار ما حدث فرصة، وجد أنصار النهضة أنفسهم أمام حالة التيه السياسي وانسداد الأفق.
وعلى الرغم من حل المكتب التنفيذي للحركة فإن ذلك الإجراء لم يُجدِ، حيث تطالب بعضُ القيادات الغنوشي بالتنازل عن صلاحياته، وأن يمنح كامل صلاحياته لقيادة جديدة ينتخبها مجلس الشورى؛ بهدف إدارة الأزمة السياسية ومعالجة القضايا الداخلية، وذلك بناء على تصورات القيادات المستقيلة التي ترى أن قيادة النهضة الحالية غير مقبولة لدى النخب السياسية الأخرى، وغير قادرة على إدارة الحوار مع المنتظم السياسي التونسي، وكان الأولى بها أن تتراجع خطوة إلى الوراء وتتيح للقيادات المقبولة أن تدير الأزمة الحالية كما يرى محمد بن سالم أحد القيادات المستقيلة.
إضافة إلى ذلك هناك أصوات ترى أن حركة النهضة يجب أن تتحمل المسؤولية لكونها ساهمت في الجزء الأكبر من أسباب الأزمة، ومن ثم يقع عليها اللوم في النتائج المترتبة على ذلك، ولهذا كان هناك من يرى حل الحركة، وآخرون رأوا سحب الثقة من القيادة، كما رأى البعض تشكيل لجنة لحل الأزمة، ويبدو أن كل تلك المحاولات وصلت إلى طريق مسدود.
المستقبل السياسي للحركة
يحسب لحركة النهضة رضاها بالعملية الديمقراطية والتزامها بنتائجها، وتنازلاتها المتكررة لمصلحة العملية السياسية والحزبية، لكن مع هذا فإنها تُتهم بطريقة ما بالمشاركة فيما آل إليه الواقع التونسي.
1. قدرات الحزب ومخارج الأزمة التونسية
حركة النهضة تأمل أن يكون لها دور في الخروج من الأزمة، وهي مصرة على الإسهام في تجاوز الحالة الاستثنائية، والمسارعة إلى تشكيل حكومة شرعية تعالج أولويات التونسيين، وفي مقدمتها الملفات الاقتصادية والاجتماعية والمالية والصحية، ومواصلة الإصلاحات السياسية والاقتصادية، وإعداد مشروع قانون مالية تكميلي لسنة 2021، ومشروع لميزانية الدولة لسنة 2022، في إطار رؤية تنموية واضحة وعادلة، وتعبئة الموارد الضرورية لذلك، والتعجيل بحوار وطني بين مختلف الفاعلين لمناقشة النظام السياسي والقانون الانتخابي، حسب ما دعا إليه بيان حركة النهضة.
ومع هذا فإن هناك حالة من الغموض والضبابية فيما يتعلق بمآلات الأزمة الحالية، وأمام هذا المشهد لم تستطع المكونات السياسية الرافضة لإجراءات قيس سعيد أن ترتب أوراقها مجتمعة في مواجهة هذه الإجراءات، ويظهر أن القيادة الحالية للحزب غير مقبولة لدى النخب السياسية التونسية، حيث أعلنت أربعة أحزاب تونسية عن تنسيقية مشتركة للخروج من الأزمة، وهي التيار الديمقراطي وحزب التكتل من أجل العمل والحريات والحزب الجمهوري وحزب آفاق تونس، ولم تكن حركة النهضة ضمنها، وهذا يدل على وجود فجوة بين المكونات السياسية التونسية.
قد تجد القيادات المنشقة نفسها مع المكونات السياسية الأخرى في خندق واحد لمواجهة إجراءات الرئيس التونسي، سواء بشخصياتهم أو من خلال تشكيل مكونات سياسية أخرى، وقد تشكل بمجموعها عامل ضغط على الرئيس، فيما يُتوقع أن يضعف دور حزب النهضة خلال الفترات القادمة في حال استمر بالسياسة ذاتها، كما أنه قد يعود أكبر مما يُراد له، في حال كانت هناك جدية في تجاوز مسببات المرحلة السابقة.
2. الحاضنة الشعبية وموقعها بين المؤسسة والقيادات المستقيلة
المتتبع لعلاقة حركة النهضة بجمهورها يدرك أن هناك تدنياً في نسب المصوتين لها بين كل انتخابات والتي تليها، حيث كان عدد ناخبي الحركة في عام 2011 حوالي مليون وخمسمئة ألف، ثم نزلت النسبة في انتخابات 2014 التشريعية إلى تسعمئة وسبعة وأربعين ألفاً، ثم نزل العدد في انتخابات 2019 إلى نحو خمسمئة وسبعة عشر ألفاً، فيما انخفض عدد نواب الحركة في المجلس النيابي من 89 نائباً في 2011، إلى 69 نائباً في 2014، فـ52 نائباً في الانتخابات الأخيرة 2019.
هذا التدني في نسبة النهضة والفارق المهول بين كل دورة وأخرى يدل على حالة من المقارنة لدى حاضنة الحزب بين التوقعات المأمولة والواقع الذي تعيشه تونس، وهذا ربما أدى إلى فقدان الثقة في الحزب من قبل هذه الكتلة، وهذه النسبة منهم من انسحب من الميدان ومنهم من انضم إلى مكونات أخرى.
ولعل أهم سبب في ذلك تدني منسوب الثقة بالحزب، حيث يأمل المواطن أن يسهم الحزب في التغيير، ويحقق وعوده الانتخابية من خلال موقعه في السلطة، لكن الحزب يفكر في المحافظة على ما يمكن المحافظة عليه، فالنهضة تسعى لترسيخ الديمقراطية والحرية، في حين يأمل الشعب في تحقيق إصلاحات اقتصادية، ولم تستطع النهضة ردم هذه الفجوة بينها وبين جمهورها.
سبب آخر يتعلق بالاستقالات القيادية المتكررة، التي تنحت من القاعدة، وقد يؤثر خروج بعض القيادات في فقدان النهضة عدداً كبيراً من حواضنها الشعبية، وهذا التحدي الأكبر أمامها في أي استحقاق انتخابي قادم قد يعيدها للوراء أكثر مما تتوقع، خصوصاً إذا تشكلت أحزاب جديدة أكثر إقناعاً للمواطن التونسي.
المستقبل المؤسسي والفكري
حركة النهضة تعيش مأزقاً حقيقياً منذ مدة، وزاد من تعقيد هذا المأزق الاستقالة الحالية، التي ستكون لها انعكاساتها على المشهد الحزبي التونسي عموماً.
1. موقع المستقيلين في الهرم القيادي وأثر مغادرتهم في الحزب
لم تكن هذه الاستقالة الأولى، وربما لن تكون الأخيرة، حيث سبق ذلك استقالات مدوية لقيادات من الجيل الأول، ففي مايو/أيار 2020 أعلن عبد الفتاح مورو اعتزاله العمل السياسي وتفرغه للعمل العام وتمزيقه لمذكرة الحزب، وهو ما يعني استقالته من حركة النهضة ومن منصبه القيادي فيها، ثم تلاه استقالة عبد الحميد الجلاصي، ومن قبلهما استقال أمين عام الحركة زياد العذاري، لكن الاستقالة الجماعية الأخيرة بهذا التوقيت والكيفية أحدثت هزة في صف النهضة وعند المراقبين لأدائها من الداخل والخارج.
في المقابل يقلل البعض من أهمية الاستقالة لكونها أتت في أغلبها من القيادات الوسطى، ومحدودية الأسماء التي تمثل القيادات العليا، مثل محمد بن سالم وعبد اللطيف المكي وسمير ديلو، كما يعد عبد اللطيف المكي وسمير ديلو من الجيل الثاني للحركة، ولا تزال هناك قيادات متمسكة بالحركة، على رأسها عبد الكريم الهاروني رئيس مجلس شورى الحركة، ونور الدين البحيري والعجمي الوريمي.
ولعل هذا الطرح المتفائل يَغفل عن أسباب الخلاف السياسي الذي تعد الاستقالاتُ انعكاساً له، وفي حال بقاء تلك الأسباب تعصف بالنهضة، فإن ذلك سيؤثر في سمعة الحزب بين أنصاره ويفقده شعبيته التي يعول عليها، وقد تشهد الأيام القادمة استقالات جديدة.
قد يفضل الحزبُ لنفسه التراجع قليلاً مقابل الخروج من تعقيدات المشهد السياسي، والعودة فيما بعد ذلك بأكثر من لافتة، خصوصاً أن العملية الحزبية في تونس لا تزال سائلة، وبين حين وآخر تشهد لافتات جديدة غير تلك السابقة، لكن هذا الاحتمال يظل ضعيفاً؛ نظراً لتشبث بعض القيادات التاريخية باسم الحزب كجزء من إنجازات المرحلة السابقة.
2. البنية الفكرية للنهضة هل تساعد الحركة على الثبات؟
استطاعت حركة النهضة خلال المراحل السابقة أن تعيد ترتيب بنيتها الفكرية، والتفرغ للعمل السياسي، واهتمت في خطابها بالحريات والعدالة، وتحديث الدولة التونسية، ولم تتطرق لخطاب تقليدي يتحدث عن تطبيق الشريعة أو الدولة الإسلامية، وركزت على القضايا المرتبطة بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية، واحترام استقلالية المجتمع المدني والعملية الحزبية والتداول السلمي للسلطة ومدنية الدولة، ولم تنجر للصراع الديني العلماني رغم الاستفزازات المتكررة.
وقد أُريد للنهضة أن تسقط في معارك جانبية مثل ميراث المرأة وغيرها، لكنها استطاعت نوعاً ما أن تدير المعارك الفكرية بنوع من الاحترافية، وازنت فيها بين مرجعيتها القيمية والواقع المحلي.
في المقابل ربما لم تستطع النهضة بناء مشروع سياسي واضح المعالم تستطيع من خلاله موازنة الواقع السياسي المأزوم، كما أن ضعف الرؤى التطويرية لبنيتها المؤسسية أسهم هو الآخر في تعثر الحركة، والنجاح الفكري للنهضة لا يعني النجاح السياسي والمؤسسي.
خاتمة
أزمة داخل أزمة تعيشها النهضة التونسية، من أهم أسبابها التفرد بالقرار سواء على مستوى الحزب أو الدولة حسب أصوات المعارضين، وهذه الحالة المشابهة لبعضها قد تؤجل التحام الجسم الثوري الكبير بعضه ببعض، وتقرب عملية الحوار بين المكونات السياسية، كما أنها قد تسهم فيما بعد في ظهور أحزاب وطنية جديدة عابرة للأيديولوجيا، تدمج تيارات المجتمع التونسي بعضها في بعض للمحافظة على المسار الديمقراطي المترنح، ولعل هذه الاستقالة ستسهم في الخروج من الحالة الحزبية الأسيرة إلى الفضاء الوطني الأوسع، ولعل الحالة السياسية الإسلامية المستقلة في تونس ستؤسس لحالة من التوافقات الجديدة بعيداً عن هيمنة القيادات السابقة من مختلف الأطراف.
فيما يُتوقع أن يقوم حزب النهضة بمراجعات جديدة للمحافظة على ما يمكن المحافظة عليه، استشعاراً بأهمية اللحظة وإدراكاً للهزة التي أحدثتها استقالة قياداته، لكن ليس بالمستوى الذي يأمله منه أنصاره، لأسباب كثيرة تتعلق أغلبها بطبيعة القيادات التاريخية المتحكمة بمسار الحزب، ولهذا ربما لن يعود الحزب إلى حجمه السابق، نظراً للآثار المترتبة على هذه الاستقالات.
مركز الفكر الاستراتيجي لدراسات