تشابه التجربة بين العراق والسودان
فلاح أمين الرهيمي
شبكة المدار الإعلامية الأوروبية …_في العراق حدثت حركة انقلابية بقيادة الزعيم عبد الكريم قاسم عام/ 1958 بالتوافق والتناسق مع الجبهة الوطنية التي تألفت من الحزب الشيوعي العراقي والحزب الوطني الديمقراطي وحزب الاستقلال وحزب البعث العربي الاشتراكي وبعد نجاح الانقلاب انحلت الجبهة الوطنية وانتهت مهامها بعد تحقيق الانقلاب وبعد فترة من الزمن حدث اختلاف بين حزب الاستقلال القومي وحزب البعث من جهة وبين الحزب الشيوعي العراقي والحزب الوطني الديمقراطي الذي انحاز لهما وساندهما الزعيم عبد الكريم قاسم بسبب رفع شعار الوحدة الفورية بالانضمام إلى الجمهورية العربية المتحدة التي عقدت في 8/ شباط/ 1958 بين مصر وسوريا وأبدتها وانحاز إليها حزب الاستقلال وحزب البعث الذي أيدهما نائب رئيس الوزراء عبد السلام عارف وأدت إلى نفور وتقاطع بينهما بسبب دعوة ورفع الزعيم عبد الكريم والحزب الشيوعي والحزب الوطني الديمقراطية شعار الاتحاد الفدرالي مع الجمهورية العربية المتحدة. وقد أدى هذا الاختلاف والتناقض إلى قطيعة وصراع وخصومة بين الطرفين مما دفع وشجع البعثيين والقوميين على التحريض بقيام انقلاب قاده عبد الوهاب الشواف في الموصل والطبقجلي في كركوك في 8/3/1959 وأدى إلى فشله وإعدام مجموعة من الضباط البعثيين والقوميين القائمين به ومن ثم حدثت محاولة اغتيال الزعيم عبد الكريم قاسم في تشرين أول/ 1959 قامت به قيادة حزب البعث وفشلها وعلى أثر ذلك ضعفت قوة البعثيين والقوميين في العراق بسبب حملات القمع والمحاربة ضدهم وقويت وتعززت جبهة الشيوعيين والديمقراطيين في العراق مما أثار ذلك الحساسية والشك عند الزعيم عبد الكريم قاسم وأسباب دعوات الشيوعيين والديمقراطيين ومن خلال المظاهرات والخطب إلى الانتهاء من فترة الحكم بالدستور المؤقت الذي تأسس بعد انقلاب 14/ تموز/ 1958 والعمل والمباشرة بإجراء انتخابات وتشكيل حكومة ديمقراطية ونظام دستوري ديمقراطي مما دفع الزعيم عبد الكريم قاسم الذي أغاضه ذلك إلى القيام بحركة ردة عنيفة ضد الحزب الشيوعي العراقي والقوى الديمقراطية وقام بحملة تصفية ضد جميع مناصري وقوى الحزب الشيوعي والديمقراطي في الجيش والسلطة المدنية وعين مكانهم أعداء الأمس من البعثيين والقوميين الذين استغلوا مناصبهم وقوتهم في الجيش وقاموا بحركة انقلابية ضد الزعيم عبد الكريم قاسم في 8/2/1963 وتصفية الحزب الشيوعي العراقي.
أما في السودان فقد حدث الانقلاب الذي قاده الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان في أواخر شهر تشرين تأييد للقوى الوطنية وتشكلت قيادة مشتركة بينهم وكذلك حكومة ديمقراطية جديدة إلا أن الحساسية والتناقض بينهما أدى إلى قيام الجيش بقيادة البرهان بعملية انقلابية جديدة ضد الحكومة والأحزاب والنقابات والجمعيات وأعلن حالة الطوارئ والمبادرة إلى تشكيل حكومة تكنوقراط جديدة انتقالية تجري انتخابات في تموز/ 2022 وتشكيل حكومة جديدة .. لابد من الإشارة إلى العوامل والتشابه والصفات والفوارق بين سلطة الجيش وسلطة النظام الديمقراطي :
1) إن المسؤولين وضباط الجيش يعتبرون أنفسهم المنقذين والمنحازين إلى جانب جماهير الشعب وهم الذين غامروا وعرضوا أنفسهم للمسائلة والعقاب من أجل إنقاذ الشعب من الظلم وقيام نظام جديد .. فليس من المعقول أن يتركوا ذلك الإنجاز والعمل والتضحية ويقدموا الحكم إلى الشعب ويعودوا إلى ثكناتهم العسكرية.
2) إن المنتسب في الجيش يعيش عقود من الزمن تحت الضبط والالتزام وقانون (نفذ ثم ناقش) البعيد والمنافي للنظام الديمقراطي في المحاورة والنقاش والتفاهم الديمقراطي والوصول إلى النتيجة .. وكان العسكري يغتاظ عند معارضته والعناد معه ومحاورته.
3) في تاريخ الشعوب لم تنجح الانقلابات العسكرية في الوصول إلى حكم ديمقراطي للشعب وإنما كانوا هم من يتولى سلطة الحكم ولا يرحلون عنه إلا من خلال انقلاب ضدهم أو القتل والاغتيال.
الحوار المتمدن