أوروبا تدرك “كيفية حماية حدودها”
دكتور هشام عوكل. استاذ إدارة الازمات والعلاقات الدولية. بلجيكا
اختارت باريس لرئاستها شعار “التعافي والقوة والانتماء” وكرمز لها الحرفين الأولين من اسم الاتحاد الأوروبي بالأزرق والأحمر متقاطعين مع سهم أبيض، وهو يعكس “الطموح للمضي قدما”، وفق ما أوضح وزير الدولة للشؤون الأوروبية كليمون بون.
بتلك الكلمات وضع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون برنامج سياسيا واقتصاديا عند تسلم فرنسا لرئاسة الاتحاد الاوروبي مطلع. القادم العام 2022 لمدة ستة أشهر . واصف ماكرون في بداية الحديث هذه الرئاسة المرتقبة بأنها “لحظة تاريخية” مؤكدا أنه حان الوقت لدفع أولويات أعمال المنطقة وطموحاتها وجداولها “بانسجام وطابع متناغم”.
من خلال إنشاء آليات جديدة لحماية الحدود الأوروبية ومراقبتها في إطار ملف الهجرة مؤكدا أنه “يجب علينا حماية الحدود لضمان الحدود الأوروبية ومواجهة التحديات الكثيرة وأهمها الهجرة وما يترتب عليها من مأساة”.
ومن أولويات ماكرون في الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي كذلك إعادة القوة للعلاقات بين أوروبا والقارة الافريقية قائلا إنه “منذ بدء ولايتي رئيسا لفرنسا جعلت العلاقة مع إفريقيا أولوية وأعتقد أن الرابط بين القارتين على طول ضفتي البحر المتوسط هو المشروع السياسي الجيوسياسي العظيم للعقود القادمة”.
كما دعا إلى أطلق مبادرات عدة في هذا المجال بالإضافة إلى إصلاحات تهدف إلى ازدهار المنطقتين وسلامهما داعيا دول الاتحاد الاوروبي إلى تعزيز عملها في منطقة الساحل الإفريقي “بشكل أكبر ونطاق أوسع”.
وتطرق ماكرون في لقاء صحفي بقصر الإليزيه إلى قضايا أخرى ذات اهتمام مشترك في المنطقة مثل دعم الشباب ودخل الفرد بالإضافة إلى إصلاحات اقتصادية في ظل استمرار تفشي فيروس (كورونا المستجد – كوقيد 19).
وتحدث أيضا عن الأهمية التي يوليها لهذه الرئاسة النصف سنوية التي ستتزامن مع حملات الانتخابات الرئاسية الفرنسية في 10 و24 نيسان/أبريل ثم الانتخابات التشريعية المقررة في حزيران/يونيو. وتتمثل أهدافه في “تعزيز السيادة الأوروبية” ولا سيما من خلال الاستقلالية العسكرية وإصلاح اتفاقيات شنغن والدفع قدما بحزمة المناخ” عبر فرض ضرائب على الكربون .واتحاد أوروبي أكثر مرونة، و”أكثر سرعة وحزما” في اتّخاذ القرارات، وذلك في افتتاح المؤتمر حول مستقبل أوروبا الذي يشكل إطارا لمشاورات واسعة النطاق مع المواطنين عبر منصة رقمية التي من شأنها السماح للمواطنين الأوروبيين بإبداء آرائهم حول مستقبل أوروبا والتي ستستكمل في فرنسا بنسخة وطنية،
غير أن نقطة الاستفهام الرئيسية التي لا تزال قائمة تكمن في مدى مشاركة المواطنين في النقاش، بعد مشاورات سابقة في 2018 آلت إلى فشل، ومبادرة مماثلة عام 2002 أفضت إلى مشروع دستور أوروبي أحبطه الفرنسيون والهولنديون برفضه في استفتاءين.
من المقرر أن تمتد لعام. ومن المفترض أن يفضي “المؤتمر حول مستقبل أوروبا” الذي نظم بمبادرة من الرئيس الفرنسي، إلى قرارات في ربيع 2022، حين تتسلم فرنسا الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي. ويعتبر هذا الجدول الزمني مناسبا لماكرون الذي يعتزم أن يجعل من الرئاسة الفرنسية للتكتل ورقة في حملته لانتخابات أيار/مايو 2022. وفي قاعة البرلمان الأوروبي في ستراسبورغ التي تحوّلت إلى ما يشبه الاستوديو التلفزيوني، قال ماكرون “في مواجهة نزعة التسلّط، الرد الصائب الوحيد هو سلطة الديموقراطية” التي “لا تكتسب إلا بالفاعلية والسرعة”.
محاولا التشديد أمام قادة المؤسسات الأوروبية على “الرمز الحي” الذي تجسّده هذه المدينة على صعيد تاريخ البناء الأوروبي داعيا إلى “عودة المشاريع الكبرى” في افتتاح المؤتمر الذي اعتبر أنه يشكل حدثا “غير مسبوق” من أجل “تصور مستقبلنا” للسنوات العشر المقبلة.
ومنذ انتخابه العام 2017، أعلن ماكرون نفسه مؤيدا لأوروبا ضد “القوميين” والشعوبيين”، وأثنى على الإنجازات التي حققها الاتحاد الأوروبي على غرار خطة التعافي الاقتصادي التي أقرت العام 2020 بقيمة 750 مليار يورو.
وأضاف “هذا اقتراح قدمه لنا شباب أوروبيون”، داعياً إلى “إ
حيث اقترح الرئيس ماكرون خدمة مدنية أوروبية مدتها ستة أشهر للشباب دون 25 عاماً بعدما تم توسيع برنامج إيراسموس “للمتدربين” و”مضاعفة عدد المستفيدين طلاق” هذه المبادرة خلال “الأشهر الستة التي سترأس فيها فرنسا” مجلس الاتحاد الأوروبي.
مؤكدا على “تعميم برنامج التبادل إيراسموس لجميع الأوروبيين… لأنه يعطي انفتاحاً ذهنياً وهو أمر مهم في حياة الراشدين”. ويعطي المشروع دعم مجالات التعليم والتدريب والشباب والرياضة على المستوى الأوروبي.
والهدف الكبير والأسمى ان تكون “أوروبا أكثر إنسانية… من خلال كل هذه المبادرات التي تؤدى في مدارسنا وجامعاتنا ومن خلال الثقافة، للدفاع عن قيمنا”. من أجل النهوض بالمنطقة في وقت تتزايد فيه التحديات العالمية. مؤكدا على إصلاح قدرات أوروبا الدفاعية بالتقدم في الطموح الدفاعي الأوروبي من خلال تحديد المصالح المشتركة لمواجهة التهديدات وضمان استقرار الجوار.
إصلاح فضاء منطقة (شنغن)
تدرس المفوضية الأوروبية استراتيجية جديدة وصلبة حول إصلاح “شنغن” مؤكدة بأن “الهدف الرئيسي من هذه الإصلاحات، هو ضمان سلامة المقيمين والزائرين. فضلا عن مكافحة الإرهاب وتعديل اتفاقية ماستريخت لوضع إطار جديد للميزانية.
يأتي الكشف عن إصلاح “شنغن” بعد إعلان المفوضية الأوروبية، في وقت سابق عن ميثاق جديد للهجرة واللجوء، والذي قالت إنه يقيم التوازن بين المسؤولية والتضامن بين الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي.
وحينها قالت المفوضية إن الميثاق الجديد يرتكز على تعميق الشراكات مع دول المنشأ والعبور والعمل على تحسين حياة الناس فيها ومحاربة شبكات التهريب لمنع تدفق المهاجرين.
أهمية الحفاظ على نظام “شنغن” باعتباره من أهم انجازات التكتّل الأوروبي مع ضرورة إصلاحه لاسيما بعد التحديات التي واجهتها أوروبا خلال السنوات القليلة الماضية.
رئيسة المفوضية الأوروبية أورسوا فون دير لاين تحدثت مؤخرا عن استراتيجية جديدة لمستقبل “شنغن”، في ظل مواجهة الموجة الجديدة من الهجمات الإرهابية التي تضرب الاتحاد الأوروبي.
وفي هذا المضمار، دعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى “إعادة صياغة” اتفاقية “شنغن” لفرض ضوابط أمنية جديدة على أوروبا ومع ذلك، يؤكد الخبراء أن العديد من الجهود قد بذلت على مدى السنوات العشر الماضية. ويقول إيف باسكاو، مدير البرنامج الأوروبي لجمعية ” ريس ريبوبليكا” : “لقد تم إجراء تعديلات على قانون حدود شنغن ، كما أنشئت الوكالة الأوروبية لحرس الحدود وبالتالي يوجد إذن إطار قانوني تم تعزيزه بشكل كبير خلال السنوات الأخيرة” موضحا ” بالإضافة إلى هذا الإطار القانوني ، تضاعفت أعداد الموارد التشغيلية بشكل كبير، مرة أخرى، يتعلق الأمر بمهام بفرونتكس، وبإنشاء فرق التدخل السريع
يذكر أن فرونتكس أو الوكالة الأوروبية لحرس الحدود والسواحل هي وكالة تابعة للاتحاد الأوروبي ومقرها وارسو ببولندا. لدى الوكالة حاليا أكثر من 800 موظف وميزانية سنوية تبلغ حوالي 450 مليون يورو.
وعدم هذه الوكالة على مستوى الحدود الخارجية يسهم في ضمان حرية الحركة داخل منطقة “شنغن”، والتي تشمل معظم الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي”. الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى ضرورة تنفيذ ودعا بناء استجابة أوروبية منسقة تعمل بشكل أفضل، من أجل حماية حدودنا المشتركة بشكل أفضل، ومواجهة هذه الظواهر بشكل جيد ن أجل إبقاء حدودنا مفتوحة بيننا
عقد جديد اقتصادي ومالي مع إفريقيا”.
وبالرغم من ان علاقاته الشخصية داخل هذه القارة ليست وثيقة مثل علاقات سلفه من رؤساء فرنسا السابقين، إلا أن ساركوزي واولاند وحكومتهم ذكروا مرارا انهم يريدون علاقات أكثر وضوح لتصبح فرصة من أجل “تجديد” علاقات فرنسا مع افريقيا لكهنا فشلت. بسبب تدخلات إقليمه وانقلابات عسكرية
بعض المعلقين بالأعلام الفرنسي قالوا ان البلاد في الحاجة الى توضيح علاقاتها مع هذه القارة اولا، بينما ذكر عدد من خبراء السياسة الخارجية انه حان وقت البدء فى إصلاح تأخر طويلا لهذه العلاقة.
وأنها على استعداد لمناقشة القضايا محل الاهتمام المشترك من خلال مناقشات متكافئة ومفتوحة مع افريقيا بأكملها.
وان فرنسا هجرت بشكل واضح أساليبها القديمة، ولديها الان علاقات مع الجميع في افريقيا.”
ان عملية تجديد العلاقات الفرنسية بالإضافة الى اتحاد الأوربي مع الافريقية ليست مهمة سهلة، فى ضوء جميع العوامل المعقدة المتأصلة في العلاقات بين الجانبين.
فمنهج فرنسا التدخلي في الماضي والاوقات المعاصرة مازال يثير احتجاج الافارقة، وبشكل خاص بين الاجيال الاصغر
الباحث رولاند مارشال، في القضايا الافريقية ف بالمركز الدولي للدراسات والبحوث التابع لمعهد الدراسات السياسية بباريس “لقد تغيرت افريقيا، ومن الضروري إلزام الدبلوماسية الفرنسية بالتكيف (معها).”
ومن وجهة نظر الباحث، هناك اتجاه نحو تشكيل روابط وعلاقات ملموسة بين فرنسا والدول الافريقية، نتيجة المنافسة من جانب فاعلين آخرين فى القارة.
وفى حين تقر فرنسا أن افريقيا “شريكة فى العولمة” لها، وان فرنسا لها مصالح اقتصادية وطيدة فى افريقيا، يجب على مكررون إدراك ان هناك المزيد من العمل لرأب الصدع بين الجانبين، وفقا لما قاله.
لذا جاء الإعلان عن عقد قمة بين الاتحادين الإفريقي والأوروبي في 17 و18 فبراير/ شباط 2022في بروكسل من أجل “إصلاح جذري” للعلاقة “المتعَبَة قليلاً” بين القارتين على حدّ تعبيره. في إعادة تأسيس عقد جديد اقتصادي ومالي مع إفريقيا. على أوروبا اعتماد استراتيجية مشتركة في الهيئات الدولية مع إفريقيا، وإن الاتحاد الأوروبي يجب أن يقوم بدور أكبر في أمن منطقة الساحل الأفريقي بترتيب العلاقة الأمنية بين فرنسا ومنطقة الساحل في غرب أفريقيا، حيث تنتشر قوات فرنسية تقاتل إسلاميين متشددين، شأنا أوروبيا. فضلًا عن تطبيق أجندة في التعليم والصحة والمناخ