فلندا والسويد وإشكاليات الناتو مع روسيا
شبكة المدار الإعلامية الأوروبية …_أعلن وزير الدفاع السويدي بيتر هولتكفيست، خلال المؤتمر الوطني “الشعب والدفاع” عبر الإنترنت يوم أمس، أن أي تنازلات مع موسكو بشأن القضايا الأمنية غير مقبولة.
وعلق وزير الدفاع السويدي على مطالبة روسيا برفض توسع “الناتو” المتزايد، بالقول: “إن روسيا تسعى باستمرار لتعزيز مواقفها – في انتهاك للقانون الدولي”. وأضاف: “إن المطالب ضد سيادة الدول الفردية غير مقبولة على الإطلاق”.
وفي الوقت ذاته، لا ينص موقف ستوكهولم الرسمي على الانضمام إلى صفوف حلف “الناتو”، وفي حديثه مع “بلومبرغ” في 10 يناير/ كانون الثاني، قال هولتكفيست إن “عدم الانضمام إلى الناتو يظل الخيار الأفضل لضمان أمن المملكة”. بالإضافة إلى ذلك، شدد على أهمية تعزيز التعاون العسكري للبلاد مع الولايات المتحدة.
وبدورها، قالت رئيسة وزراء البلاد، ماجدالينا أندرسون، إن “البلاد ليست بحاجة للانضمام إلى الناتو”. كما شددت في الوقت نفسه على أن المملكة تعتزم تعميق التعاون مع الحلف، بما في ذلك من خلال التدريبات المشتركة وتبادل المعلومات.
من الجدير بالذكر أن تصريحات هولتكفيست وأندرسون جاءت على خلفية المحادثات التي بدأت بين موسكو والغرب حول القضايا الأمنية.
حيث جرت يوم أمس الاثنينن 10 يناير، مشاورات بين ممثلي الاتحاد الروسي والولايات المتحدة في جنيف. وفي 12 يناير، سيعقد اجتماع لمجلس روسيا والناتو. وفي 13 يناير، من المقرر عقد اجتماع متعدد الأطراف في موقع منظمة الأمن والتعاون في أوروبا.
أحد المتطلبات الرئيسية لموسكو هو الضمانات المنصوص عليها قانونًا بأن التحالف لن يتوسع شرقًا. وبحسب رئيس الوفد الروسي، نائب وزير الخارجية سيرغي ريابكوف، فإن “الناتو (يجب أن) يعود، كما يقولون، إلى مواقعه الأصلية من حيث التدريب، والأنشطة الاستخباراتية، وإنشاء البنية التحتية، وما إلى ذلك، إلى عام 1997″، عندما لم تكن بلدان أوروبا الشرقية مدرجة بعد في الحلف”.
في أعقاب مشاورات جنيف، قال ريابكوف إن الولايات المتحدة أخذت مقترحات روسيا بشأن الضمانات الأمنية على محمل الجد. وبحسب ريابكوف، تبين أن المحادثة مع الممثلين الأمريكيين كانت صعبة وطويلة، لكنها في الوقت نفسه “مهنية للغاية وعميقة ومحددة”. كما أشار إلى أنه مع ذلك، لم يتم إحراز أي تقدم في المفاوضات حول قضية عدم توسع “الناتو”.
وبالإضافة إلى السويد، فإن فنلندا هي دولة شمالية أخرى، ليست عضوًا في الحلف، تعارض أيضًا تقديم ضمانات لعدم توسع “الناتو” إلى روسيا.
في خطاب بمناسبة العام الجديد لمواطني البلاد ، قالت رئيسة الوزراء الفنلندية سانا مارين، إن “هلسنكي تحتفظ بفرصة التقدم بطلب للحصول على عضوية الحلف”. وفقاً لها، “يجب على فنلندا الدفاع عن حرية اختيار السياسة الأمنية”.
وقالت المتحدثة الرسمية باسم الوزارة الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، أنه “من الواضح تمامًا أن انضمام فنلندا والسويد إلى الناتو، وهو هيكل عسكري في الأساس، وبالتأكيد لا يضع جدول الأعمال الدفاعي في المقدمة، ولكنه منخرط في أنشطة عدوانية فقط… سيكون له عواقب عسكرية وسياسية خطيرة.. وأن ذلك سيتطلب خطوات مناسبة من الجانب الروسي”.
وفقًا لزاخاروفا، فإن “الناتو” ينتهج سياسة تهدف إلى “جر هلسنكي وستوكهولم إلى فلك مصالحها وسياساتها الانتهازية”. كما أشارت إلى أن فنلندا والسويد لم تشتركا فقط بشكل أكثر نشاطًا في مناورات واسعة النطاق، ولكن أيضًا قدمت أراضيهما “لمثل هذه المناورات”.
ومثل السويد، تتبع فنلندا مسارًا لتعميق التعاون العسكري التقني مع الولايات المتحدة. لذلك، في ديسمبر/ كانون الأول 2021، قررت الحكومة الفنلندية شراء 64 طائرة مقاتلة من الجيل الخامس من طراز “إف-35” من شركة “لوكهيد مارتن” الأمريكية. وسيتم تسليم المقاتلات بين عامي 2025 و 2030. وسيكلّف فنلندا ذلك حوالي 10 مليار يورو.
فنلندا تعتبر حيادية. ومع ذلك، ففي عام 1995، وفق ما جاء في تقرير إلى البرلمان، استبعدت الحكومة الفنلندية مفهوم “الحياد”، على الرغم من أنها وافقت قبل ثلاث سنوات على الصياغة المتعلقة بعدم الانحياز العسكري والدفاع عن النفس. وفي عام 1997، اعترفت السلطات الفنلندية بالفعل بإمكانية تلقي مساعدة عسكرية من الخارج.
وقال ليف فورونكوف، الأستاذ في قسم عمليات الاندماج في جامعة موسكو الحكومية، في حديث مع قناة “آر تي” أن “المخاوف الواسعة الانتشار من “التهديد الروسي” المزعوم، والذي انتشر على نطاق واسع في السنوات الأخيرة، كان له تأثير كبير على النقاش حول الانضمام المحتمل للسويد إلى حلف الناتو”.
وحسب فورونكوف، أصبحت فنلندا والسويد اليوم “شريكين خاصين لحلف شمال الأطلسي”، منغمسين بعمق في الأنشطة العسكرية والسياسية للكتلة.
في الوقت نفسه، أشار الخبير إلى أنه حتى خلال الحرب الباردة، لم يتخذ كلا البلدين خطوات يمكن أن تعتبرها موسكو استفزازًا. كما أوضح، أن كلا من ستوكهولم وهلسنكي أخذتا في الحسبان التجربة السلبية للحروب السابقة مع روسيا، وأدركتا العواقب الوخيمة على الأمن في حال اتباع مسار المواجهة.
وأضاف فورونكوف :جاء الاسكندنافيون بفكرة تسمى التوازن الشمالي وكان يتألف من تطوير التعاون داخل المنطقة ومع أقطاب القوة التي تمثلها الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتي. ومع ذلك، لم يعد يتم اتباع هذه السياسة المتوازنة. في الوقت نفسه، فإن الانضمام إلى الناتو يتعارض مع مصالح السويد وفنلندا. وأعتقد أن الدفاع عن هذه الفرصة قد تحول إلى وسيلة للضغط على روسيا”.
من جانبه علق على الموضوع فلاديمير شتول، دكتور في العلوم السياسية، وأستاذ في الأكاديمية الدبلوماسية بوزارة الخارجية الروسية، في حديثة مع “آر تي”:
سبوتنيك عربي