دور مؤسسات المجتمع المدني في الاستقرار الاجتماعي

بقلم: د. ضياء الجنابي

شبكةالمدارالإعلاميةالأوروبية…_من الضروري بمكان استهلال المقال بتعريف موجز لمؤسسات المجتمع المدني والتي تعني ببساطة أنها منظمات غير حكومية تعمل بصيغة العمل التطوعي غير الربحي وغير الإجباري ولها كياناتها المستقلة، كالاتحادات والنقابات المهنية وأهم ما يميزها هو امتلاكها الإرادة الحقيقية والرغبة الجامحة في العمل على تحقيق حالة الاستقرار في المجتمع ويقع على عاتقها دور محوري مهم تؤديه بين الدولة ومؤسساتها من جهة وبين المواطن والمجتمع من ناحية أخرى وذلك من أجل تحقيق الفائدة للمجتمع وللمواطن بالدرجة الأولى، وهي بذلك تساهم في تحقيق السلام والاستقرار المجتمعي والتكافل الاجتماعي.

تسعى منظمات المجتمع المدني بشكل حثيث للقيام بدور إيجابي في بناء الوطن من خلال الاستعداد الدينامي للتواصل والتباحث الجدي مع المؤسسات الرسمية للدولة وشبه الرسمية من جانب ومؤسسات المجتمع المدني الأخرى من جانب ثاني تسعى لتطوير رؤية إستراتيجية للحياة المدنية العامة التي يشترك فيها جميع أفراد المجتمع بصرف النظر عن مرجعياتهم العرقية والإثنية أو الدينية والمذهبية من أجل ترسيخ حالة الاستقرار الاجتماعي.

علاوة على ذلك فإن لمنظمات المجتمع المدني دور فاعل في نشر منطلقات الثقافة العامة والوعي بين المواطنين من خلال إقامة الدورات وتبادل الخبرات وتوزيع النشرات المتعلقة بمفاصل الحياة المختلفة، كما تعمل على توعية الجمهور في مواضيع حساسة مثل نبذ العنف بمختلف مستوياته والوقوف ضد الإرهاب بجميع أشكاله والتمييز وبكافة مرتكزاته، كما أن لهذه المنظمات القدرة على ترسيخ المبادئ الأساسية مثل التسامح، الإخاء، الشفافية، الاحترام المتبادل وتقبل الآخر من أجل العيش بسلام وتعميق المعنى الإيجابي للحياة عند المواطن.

ومما لاشك فيه أن الرؤية الناضجة في التعاطي مع الأشياء تقف في مقدمة المرتكزات الأساسية التي تعين هذه المؤسسات على إدارة الحركة التي يجب أن تضطلع بها والتي من شأنها تعزيز مقومات المجتمع المدني وتوسيع مدارات الحركة الفاعلة فيه، ولا بد أن تستند هذه الرؤية إلى مفاهيم المواطنة، التساوي أمام القانون، ترسيخ حرية التعبير، الحكم الرشيد، مكافحة العنصرية، مكافحة خطاب الكراهية والتطرف، مكافحة الفساد، احترام حقوق الإنسان، احترام حقوق المرأة وتمكينها من ممارسة دورها الحقيقي في المجتمع، تحقيق العدالة الاجتماعية وغيرها من المفاهيم. أما بالنسبة لاستراتيجيات عمل هذه المؤسسات فتشخص أمامنا ثلاث إستراتيجيات ضرورية هي:

أولاً: إستراتيجية المبادرة: وتعتمد هذه الإستراتيجية على التخطيط لمبادرات تقوم بها مؤسسات المجتمع المدني للوصول إلى تحقيق رؤيتها حول الاستقرار.

ثانياً: إستراتيجية المراقبة والرصد: وتعتمد هذه الإستراتيجية على مراقبة الساحة الوطنية بكل مناحيها السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية ورصد أي مظهر من مظاهر التناقض أو الاختلاف مع الرؤية المتبناة من قبل مؤسسات المجتمع المدني

ثالثاً:وضع الحلول الناجعة للإفرازات التي يتم رصدها ومعالجتها حسب خطورتها من أجل عدم خلخلة الاستقرار الاجتماعي المنشود.

ولابد أن تنأى هذه المؤسسات بنفسها عن الانتماءات غير الوطنية أو الولاءات الفرعية كالعرقية أو المذهبية أو الجهوية التي تتعارض مع الوحدة الوطنية أو تتهلهل النسيج الاجتماعي وتؤثر على لحمة المجتمع، كما يجب عليها أن تبتعد عن جميع التحزبات السياسية وأن تكون مستقلة الإرادة والقرار وذات توجهات وطنية صرفة تؤمن بالقيم المدنية والأخلاقية التي تركز على القيم والممارسات الديمقراطية، وأن تنسق نشاطاتها في ميدان الحفاظ على الاستقرار الاجتماعي من خلال تشكيل تجمع عام يوحد جهود المنظمات ذلت الأهداف المتوائمة أو تشكيل اتحاد يبلور الأهداف والمنطلقات ويتسق وسائل تطبيقها ليكون عملها مؤثراً، وبنفس الوقت فإن توحيد الجهود يوفر لهذه التشكيلات الشعبية الحماية من أي مخاطر محتملة، وبهذا تكون مؤسسات المجتمع المدني مؤهلة للعب دورها المطلوب في استتباب وصيانة الاستقرار الاجتماعي.

شبكةالمدارالإعلاميةالأوروبية…_

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Previous post التحقيق في حادث قتل فيلم “راست”
Next post جلسات الحكومة اللبنانية مع حزب الله وحركة أمل