قصص المدار التاريخية (( الغزوة الإسلامية التي غيرت ميزان القوى))

القصص التاريخية تختارها للمدار نجاة أحمد الأسعد

شبكة المدار الإعلامية الأوروبية…_بعد قيام دولة الإسلام الناشئة في “المدينة المنورة” وبعد طرد الرسول صلى الله عليه وسلم ليهود “بني النضير” لخيانتهم، انتقل زعماؤها إلى “خيبر” وأخذوا يؤلبون القبائل على الرسول وإثارتهم ضده، فتوجه وفد منهم إلى “قريش” لإغرائها بحرب المسلمين، وأن هذه فرصة لاستئصال شأفتهم؛ فاستجابت قريش وحشدت أربعة آلاف رجل، ثم انتقل اليهود من قريش إلى “غطفان” لإغرائهم بقتال المسلمين وأغروهم بالأموال؛ فخرجت غطفان بستة آلاف مقاتل لتجتمع الأحزاب على المسلمين بعشرة آلاف مقاتل والمسلمين حينها ثلاثة آلاف.

استشار النبي أصحابه وأشار “سلمان” بحفر الخندق، وحاصر المشركون المدينة وخان يهود “بني قريظة” الرسول واشتد الحصار وضاقت سبل النجاة، ففكر رسول الله في فك التحالف من خلال العرض المادي والإغراء بالمال، واستشار الأنصار في إعطاء غطفان ثلث ثمار المدينة لسنة كاملة على أن تعود وتترك حصار المسلمين، فقال سعد بن معاذ:

“يا رسول الله، قد كنا وهؤلاء مع الشرك بالله وعبادة الأوثان لا نعبد الله ولا نعرفه، وهم لا يطمعون أن يأكلوا منها ثمرة واحدة إلا قرى أو بيعًا أو فيضًا، أفحينما كرمنا الله بالإسلام، وأعزنا بك وبه نعطيهم أموالنا؟ ما لنا بهذا من حاجة، والله لا نعطيهم إلا السيف وحتى يحكم الله بيننا وبينهم”.
أرسل الله النصر على يد رجل من غطفان اسمه “نعيم بن مسعود” جاء للرسول مسلمًا فقال له رسول الله: “إِنَّمَا أَنْتَ رَجُلٌ وَاحِدٌ، فَخَذِّلْ عَنَّا مَا اسْتَطَعْتَ، فَإِنَّ الْحَرْبَ خُدْعَةٌ”. وكان رجلًا ذكيًا استطاع أن يفرق بين اليهود والمشركين فتفككت الأحزاب بقدر الله، ثم أرسل الله عليهم ريحًا شديدة وقاسية البرودة على معسكر الكافرين لم تترك لهم خيمة إلا واقتلعتها، ولم تترك قِدرًا إلا قلبته، ولم تترك نارًا إلا أطفأتها، ووصلت شدة الريح وخطورتها إلى الدرجة التي دفعتهم لأخذ قرار العودة دون قتال وفك الحصار (إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) وتم نصر الله، وأرسل رسول الله “حذيفة بن اليمان” إلى معسكر الكفار ليطمئن على سير الأحداث، وعلى فعل الرياح بهم وعلى أثر الفرقة التي أحدثها نعيم بن مسعود، فعاد حذيفة بالخبر العظيم.

أثر غزوة الخندق في تغيير القوى العالمية عبر التاريخ:

لقد كانت دولة الإسلام لا تزال وليدة ضعيفة يتربص بها العدو ولا يهابها العرب بعد، وصفُّ المسلمين دخله المنافقون واليهود وإن كانوا عاهدوا المسلمين معاهدة دفاع مشترك عن المدينة وحسن جوار، إلا أنهم كعامَّة اليهود لا أمان ولا عهد لهم.

وهكذا فالوضع قبل الأحزاب، وأثناء الأحزاب كان في غاية الخطورة وعدم الاستقرار، وبانتهاء غزوة الأحزاب استقر الوضع في المدينة المنورة، وما عادت تخاف من أي تهديد، وما فكر أعداء الله في غزوها بعد ذلك، بل كانت الجيوش الإسلامية تخرج منها إلى كل مكان في الجزيرة العربية وخارج الجزيرة. قال الرسول تعليقًا على انتهاء غزوة الأحزاب: “الآنَ نَغْزُوهُمْ وَلاَ يَغْزُونَا، نَحْنُ نَسِيرُ إِلَيْهِمْ”.

لقد كانت غزوة الأحزاب غزوة فارقة في حياة الأمة الإسلامية، وغزوة محورية في بناء الكيان الإسلامي الراسخ، وغزوة بهذه القيمة وبهذه الآثار لا بد أن تدرس بعناية، وتحلل بعمق؛ لنستخرج منها الأسس التي على أساسها تم هذا النصر المبين، وتستمد دراسة غزوة الأحزاب أهمية خاصة في زماننا الآن؛ وذلك لكثرة الأحداث التي تشبهها، فما أكثر الأحزاب التي تحزبت ضد أمة الإسلام في زماننا الآن! وما أكثر الشبه بين هذه الأحزاب الحديثة وبين الأحزاب التي تجمعت أيام رسول الله سواء من ناحية طرق التجميع، أو من ناحية المدارس الفكرية، أو من ناحية الخطة والتنظيم.

شبكة المدار الإعلامية الأوروبية…_

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

a man wearing a life vest kneeling on a sup board paddling Previous post عودة الأنشطة الرياضية الصيف القادم في لوكسمبورغ
Next post حكايا المدار الفنية ((كمال الشناوي من فتى الشاشة لسيد الشاشة))