وجُوه “من ديوان صديقة الشيطان”
هناء المريض
التشرد … هو حقيقة الضياع
هو التِّـيه بحثاً عن وِجهة ..
كأن تقف عند نهايةِ طريقٍ و كل الوجهاتِ أفق
مدركاً أنه ليسَ هناك من يُطعِمكَ جواباً غيرَ صداً أعياهُ الصفع.
لربما كنتَ مثلنا
أشاحَتِ الحقيقةُ بوجهها عنكَ ذات عقوق
فامتطاكَ الزيفُ و جَابَ بكَ سُبَل الضلال
أو صَعَّرَتْ خَدَّها عنكَ النصيحةُ ذات ( عنادك ) .
تماثَلْتَ يوماً لشفاءٍ كاذب ..؟
هُدنة مرض .. وَهَبَكَ إياها لأنهُ الأقوى
لعلكَ بها تُمسكُ تلابيبَ الهواء لتستجديه شهقة نقـاء .
استسلمتَ كَــماءٍ حُبـلي .. للمجرى .. للريح ..؟
أو لربما اعتـراكَ الخوف فانهمرتَ … و استسلمت مجدداً للمجرى … للريح ..
أو استَتَرْتَ خلفَ الظلامِ في غياهبِ بئر ..؟
لاذَ بكَ الفرار ..؟ أم تراكَ لُذْتَ به..؟
يوماً ..؟
أم ديمومةُ الركضِ أجبرتْكَ كمنطادٍ ليَعْلُو عليهِ أن يَرمِيَ أكياسَ رَمْلِهِ
فَرَمَيْتَ لذلك الفضائل ..
و ركضتَ خاويَ الوفاضِ بروحِكَ العارية ..
فداهمتكَ الرذائل ..
لا مناصَ حينها من القبول
من الرضوخ …
من الخنوع ..
فأنتَ خاوٍ وفاضكَ .. عارياً .
عَلَّمْتَ يوماً صيَّادكَ أن الهروبَ لعبةٌ يفوزُ بها الأجدر ..؟
أم تُراكَ كنتَ الصياد ؟
في كل الأحوال خَيَّبَتْ ظنَّكَ الطـريدة
إمَّا بفوزها الأجدر
أو بموتِها دون أن تشاهدَ بطشك.
كنتَ يوماً / دوماً عبـد الخوف ..؟
باغتَتْكَ المواجهةُ فاستنجـدتَ بالضباب ..؟
لا أحدَ يجرؤُ حينها على تخوينكَ .. ترهيبكَ
في مأمنٍ أنتَ
فهنا متسعٌ من الحُـجج ..
فضفاضٌ هو الضباب … يرحبُ بالكثيرين .. لكن
لا مكان للجلوس … قِفْ على أهبةِ الهرب .
أوجعكَ الفرح …؟
كأنك بهذا الوجع تُبلِغُ الحياة ( أنِّي لا أئتمنُ لحظاتيَ معكِ .. لا أستودعُكِ هذا الحَلَى المُفرَط …يقظٌ أنا حتى في أفْـرِحِ الظروف ) ..
فيبتلعُ الوقت فرحكَ دونما انتظارك ..
بـارعٌ هو في ذلك …
فالوقتُ صبي الحياة المطيع
يُبقي لكَ وجعهُ ممزوجٌ بانتظارِ فرحٍ جديد .
مـاذا عن الفراغ ؟
فراغ الأمكنة …
الأجوبة …
و فراغــكَ ؟
ذاك الذي ما تَلبَثُ الذكريات أن تهرعَ لِمَلْئِهِ
ويستهويها استسلام ابتساماتكَ لأطياف الأمس
كأنما هو ثأرُ الأمس من يومك
( عليه أن يصبح فارغاً أيضاً )
لترتع الأطياف في أزمنتك …و تغدو بذلك حبيسهُ.
أرأيتَ ؟
لا يقتصرُ على المتسولين
و لا يستوجبُ الفقر
قد تكونُ ( فيه ) و أنتَ في قمـة ثرائك
يكفي أن تُرتِّلَ المسوغات
لعل سـامعها يصدقكَ
و يؤمنُ أنك حاولتَ عبثـاً أن تنتصر لآدميتك
يكفي أن يسكنكَ اثنان
وأن تكون في مهب الوضاعة …
لتعيشَ الشتات .. لتعيشَ مشرداً .
شبكة المدار الإعلامية الأوروبية …_