((ميتافيرس)) المليارات تنفق على عالم بلا معنى
شبكة المدار الإعلامية الأوروبية …_نشرت وكالة «بلومبرج» تقريرًا أعدَّه الكاتب جايسون شراير، صحافي يغطي صناعة ألعاب الفيديو، يسلِّط الضوء فيه على عالم ميتافيرس الافتراضي، والذي يصفه بأنه لا معنى له.
الضجيج بشأن ميتافيرس عبث
في البداية يدعو الكاتب القارئ لتخيل أن بإمكانه العيش في عالم افتراضي، وأن بإمكانه الذهاب إلى هناك في أي وقت وإنشاء شخصية رقمية والتسكع مع الأصدقاء، وأن بوسعه كذلك تطوير مهارات جديدة، أو أن باستطاعته الزواج ومحاربة الوحوش القوية في ألعاب الكمبيوتر، أو أن بمقدوره المشاركة في مجتمع وبناء علاقات مع الأشخاص الذين قد لا يعرفهم أبدًا بأسمائهم الأولى الحقيقية، لافتًا إلى أن أفضل ما في هذا الأمر أنه لا توجد قيود؛ إذ بالإمكان العيش في أرض الأحلام، أو الخيال العلمي، أو أي شيء بينهما.
ويتابع الكاتب قائلًا: إذا أخذتُ هذا العرض إلى عدد قليل من الشركات الاستثمارية اليوم، وقلتُ لهم إنه عالم ميتافيرس الجديد من سلسلة الكتل، فربما استطعتُ جمع 100 مليون دولار. لكني سأضطر فقط إلى تجنب إخبارهم أن هذا العالم الافتراضي يسمى «لُعْبَةُ الأبْرَاجِ» (لعبة متعددة المستخدمين أو MUD)، وهي موجودة منذ عام 1978.
معنى غامض
وأشار الكاتب إلى أن فكرة ميتافيرس جذبت انتباه المديرين التنفيذيين الأثرياء والنقاد الساذجين على مدار العامين الماضيين؛ إذ وصلت إلى ذروتها عندما غيرت شركة «فيسبوك» اسمها إلى «ميتا بلاتفورمس»، وقالت إنها بصدد أن تكون شركة ميتافيرس بالكامل. وليس من الواضح ما الذي تعنيه شركات مثل «ميتا» في الواقع عندما يقولون «ميتافيرس». وربما يكون هذا جزءًا من الجاذبية.
وكما أشار الكاتب إد زيترون هذا الأسبوع، فإن الإبقاء على الغموض فيما يتعلق بتحديد هذا المخطط العام للمستقبل يجعل فشله أمرًا مستحيلًا، ولكن هناك بعض الرؤى المحتملة التي وضعها التنفيذيون في العديد من المقابلات والخطب الأخيرة، ولا يبدو أي منها منطقيًّا.
ولفت الكاتب إلى أن أحد التعريفات الشائعة لميتافيرس يشبه عالم واقع افتراضي يُدعى الواحة، أو «أويسس (Oasis)» في قصة «ريدي بلاير وان»: عالم يمكننا فيه جميعًا ربط سماعات الرأس وتبوء نوع ما من الجنة الرقمية حيث يمكننا ركوب سيارة ديلوريان (سيارة خيالية من فيلم العودة إلى المستقبل) وزيارة غاندالف (شخصية خيالية في الروايات).
وبخلاف التعقيدات اللوجستية مثل: (من سيدير هذا الشيء؟ وكيف سيجري التعامل مع الترخيص؟ وكيف سيجري الحد من المضايقات؟) والقيود التقنية (هل ستكون بدلات الواقع الافتراضي الكاملة رخيصة ومريحة؟)، فإن السؤال الوحيد الذي ما زال مطروحًا هو: هل يريد الناس فعلاً شيئًا من هذا القبيل؟
استطلاع آراء الناس
ويلفت الكاتب إلى أنه سأل الناس على شبكة التواصل الاجتماعي «تويتر». ومن بين 17.650 شخصًا أجابوا على الاستبيان الذي طرحه الكاتب، قال 64.5% «كلا»، لن يستخدموا عالم ميتافيرس بانتظام على نمط «ريدي بلاير وان»، في حين قال أقل من 20% إنهم سيفعلون ذلك. ولم يكن الاستطلاع الأكثر تطابقًا مع المواصفات العلمية، لكنه يتطابق مع ما رأيته وسمعته من القصص المتناقلة. ويحب معظم الممارسين لألعاب الفيديو، وخاصة البالغين، أن تكون ألعابهم هواية، ساعة أو ساعتين في الليلة، وربما ثلاثة أو أربعة إذا شعروا برغبة في الاستمرار حال خلُدَ الأطفال إلى النوم مبكرًا.
وهذا ينطبق أكثر مع الواقع الافتراضي. وحتى أكبر المدافعين عن سماعات رأس الواقع الافتراضي يقرِّون بسهولة أنه من الأفضل الاستمتاع بها بجرعات صغيرة وأن الواقع الافتراضي هو مكمل للألعاب الحديثة أكثر من كونه بديلًا لها. ومن الآمن أن نفترض أن التكنولوجيا ستتحسن بمرور الوقت، ولكن حتى عندما تكون سماعات الرأس خفيفة الوزن ومريحة بدرجة كافية لاستخدامها لفترات أطول، لا يبدو أن الرغبة موجودة، ذلك أن قليلين هم مَنْ يرغبون في قضاء كل يوم أسرى لعالم بديل. وهناك منطق في أن نيل ستيفنسون، المؤلف الذي صاغ كلمة «ميتافيرس» في روايته الخيالية عام 1992 «تحطم الثلج»، كتبه على أنه عالم الواقع المرير (ديستوبيا).
وأضاف الكاتب أن هذا يقودنا إلى حالة استخدام شائعة أخرى لميتافيرس: سوف نمارس جميعًا جوانب من حياتنا العادية، مثل الاجتماعات المكتبية، والتواصل الاجتماعي، والتسوق، وتناول الطعام، وممارسة الرياضة، وما إلى ذلك في عالم الواقع الافتراضي. ويقول مارك زوكربيرج، الرئيس التنفيذي لشركة «ميتا»، إنه يعتقد أن لقاءات العمل المستقبلية ستحدث في عالم ميتافيرس، حيث ستتمكن من النظر إلى يسارك ويمينك ورؤية النسخ الرقمية للزملاء.
أمر أشبه بالكابوس
ويعتقد الكاتب أن عالمًا افتراضيًّا من هذا القبيل يبدو بالطبع وكأنه كابوس. فمن منَّا قضى العامين الماضيين في العمل من المنزل وفكر قائلًا: «نعم، أود قضاء مزيد من الوقت في الاجتماعات الرقمية»؟
وأشار الكاتب إلى أن نصف المحادثات القصيرة التي أجراها في الأشهر الأخيرة كانت حول مدى فظاعة قضاء اليوم كله في مكالمات عبر تطبيق «زووم». ويعج الإنترنت بالميمات والنكات حول عبث الاجتماعات الافتراضية، «كان من الممكن أن يكون هذا الاجتماع رسالة بريد إلكتروني» وهي عبارة شائعة لسبب ما. مَنْ المتحمس لاحتمال أنهم قد يطلبون مزيدًا من انتباهنا، بخلاف الرؤساء مثل زوكربيرج؟
خلال مقابلة مع شبكة «سي إن بي سي» هذا الأسبوع، سُئل شتراوس زيلنيك، الرئيس التنفيذي لشركة «تيك تو انتراكتيف سوفتوير إنْك»، عن ميتافيرس بالطبع. وأجاب بأنه ليس على يقين مما يقصده الناس بما يقولون عنه ميتافيرس، لكن شركته تدير بالفعل ثلاثة منهم بألعاب عبر الإنترنت، مثل لعبة «جراند ثفت أوتو أونلاين». إن رؤية عالم افتراضي يمكن للناس فيه التسكع مع الأصدقاء في جميع أنحاء العالم هي رؤية قوية ومفيدة، وهذا هو سبب وجودها منذ عام 1978.
وفي نهاية حديثه عن عالم ميتافيرس يقول الكاتب إن «فيسبوك» استحوذت على اهتمام ربع سكان العالم تقريبًا من خلال تقديم حل ذكي لمشكلة صعبة «البقاء على اتصال». ولكنها تحاول الآن إيجاد حل لمشكلة غير موجودة. فعندما يبشِّر التنفيذيون في مجال التكنولوجيا مثل زوكربيرج بالميتافيرس، فإنهم يَعدون برؤىً واعدة إما موجودة بالفعل، أو غير محددة المعالم، أو لا يريدها أحد بالفعل.
ساسا بوست