قراءة أولية موجزة لإعلان الهدنة في اليمن
فؤاد الصلاحي
شبكة المدار الإعلامية الأوروبية …_ بداية يمكنني التأكيد على القول أن أي تخفيف عن اليمن واليمنيين من وطأة الأزمة الراهنة يعتبر عملا إيجابيا ..ولكن كيف يتحقق ذلك خاصة وان اليمن لم تعد تحتمل سنوات أخرى من الحروب والفوضى وان مهمة المنظمة الأممية كانت ولاتزال البحث عن سبل ووسائل تجمع أطراف الصراع من اجل الحل النهائي الشامل ..
في هذا السياق ووفق قراءة أولية لمضمون إعلان الهدنة وما تضمنته من نقاط تشير إلى تعليق العمليات العسكرية (ليس إيقافها نهائيا) وفتح مطار صنعاء بوجهات محددة ودخول السفن إلى ميناء الحديدة والإفراج عن الأسرى ،، وكلها نقاط تتطلب تدقيق في معناها ودلالاتها ..فالحرب لم تنتهي ولم يقل احد بذلك والمعلن فقط هدنة مؤقتة يستفيد منها جميع الأطراف في إعادة ترتيب الأوراق وإعادة الانتشار والتقاط الأنفاس كاستراحة محارب .وأكثر الأطراف استفادة الحوثيين ..
الجدير بالذكر أن وقف الحرب نهائيا يكون في حال إعلان طرف انتصاره الكامل أو قبول الأخر بالاستسلام أو حتى بالحل السياسي وفق ضغوط دولية وإقليمية وهذه الأخيرة غير متوفرة . ومع أن الإعلان لم يتضمن نقاط أخرى أكثر أهمية وذات أولوية مثل المختطفين والمخفيين ولا أشار إلى أسماء الأسرى أو عددهم كما أن وضع تعز لايزال معلقا فهي مقسمة إلى دوائر أمنية مغلقة على بعضها مما يلقي بأعباء كثيرة وخطيرة على تنقلات المواطنين وكان الأجدر أن ينص الإعلان على فتح طريق تعز صنعاء وتعز عدن وإنهاء الإغلاق داخل المدينة (للعلم بعض المعابر داخل المدينة تابعة لأطراف مع الشرعية).
وإذا كان ميناء الحديدة سيتم فتحه كاملا مع العلم انه كان يمارس نشاطه بدخول إعداد من السفن بانتظام شهريا ووفق الحاجات المجدولة كما هو حال مطار صنعاء الذي لم تتوقف رحلات الطائرات الأممية والعمانية وغيرها ،، فقط كان مغلقا أمام المسافرين من عامة المواطنين .
والاهم في هذا الإعلان انه يتمنى أو يرغب أن يؤسس لعمل سياسي يتوج بحل الأزمة بشكل شامل .. معنى ذلك أن الحل الشامل للأزمة غير مطروح للنقاش ، وان المندوب الاممي ليس لديه خطة ولا أجندة لذلك ، وان الشرعية أيضا لا تمتلك رؤية متكاملة لهذا الأمر ، وقد نبهنا أكثر من مرة لضرورة أن يكون لدى الشرعية أجندة متكاملة للحل الشامل تعرض دوما على الوسطاء عربيا وعالميا بما في ذلك المندوب الاممي .. ولأنها الطرف المعترف به دوليا نخاطبها بضرورة أن يكون لديها أجندة سياسية وطنية تناقش مع مختلف الأطراف الداعمة لوحدة اليمن وبناء الدولة وحماية السيادة الوطنية لان الحلول الجزئية والموسمية التي يسوق لها مجلس التعاون .(وهو بالمناسبة مجلس فاشل لم ينجح نهائيا في أي عمل ايجابي منذ نشأته بل كان جزء من الصراع داخل دول المجلس وهو أداة بيد دول المقر )..
والغريب في الأمر أن من تم اختيارهم للحضور في المشاورات غير فاعلين في صناعة القرار السياسي لا وطنيا ولا حزبيا ولا داخل المدن أو حتى في مجتمعاتهم المحلية ولا تتم مشاورتهم بشكل حقيقي ،،
أن الأجندة الحقيقة لأي توافقات كما إعلان الهدنة كان مقدما من إدارة المؤتمر مع مكتب المندوب الاممي وطلب الموافقة عليها من الحكومة الشرعية وممثلي بعض الأطراف فقط أما الحضور بكامله فغير مطلوب مهم سوى تأييد ما يتم الإعلان عنه ..وغير ذلك كان غالبيتهم منبهر بزيارة المولات والأسواق السعودية والتقاط الصور مع المندوب الاممي والمندوب الأمريكي وغيرهم وصفحات الفيس تعكس وتؤيد ما نذهب إليه .
..إذا .. الحل الوطني للازمة لايزال بعيدا ..ومستقبل اليمن كدولة ونظام وسيادة مجهول وغير محدد ولم يتم النقاش حوله ولا حتى تمت الإشارة إليه .. والحوثي كطرف وقوة عسكرية ومنظوراته الخاصة بالسياسة لاتزال بعيدة عن لب الحوار والمناقشة ..
فهل تتكرر تجربة لبنان في اليمن بوجود طرف مسلح وبرؤية مغايرة سياسيا ومذهبيا للنظام وللمجتمع ، خاصة وانه لايزال طرف مهيمن ومنتصر على الشرعية ليس بقوته وتخطيطه بل بضعف وفشل الشرعية .. وللعلم حتى اليوم للحوثي من يمثله داخل الشرعية في الحكومة والمستشارين وفي قيادات الصف الأول والثاني للأحزاب مثل الإصلاح والاشتراكي وله أعوان وأنصار كثر في الأمن والجيش ناهيك عن عشرات المنظمات والجمعيات الأهلية ونشطاء المجتمع المدني … إذا .. كيف سيكون الحل النهائي الشامل ..وما معنى تمنيات ورغبات الوسطاء بهذا الحل ..أم أن هناك خدعة للشرعية ينفذها الوسطاء وعدد من كبار موظفيها وحلفائها ..
الأكيد أن السعودية تتحاور بانتظام سرا وعلانية مع إيران وان هذه المشاورات جاءت وفق تلك الحوارات واستجابة لبعض بنودها وفق المنظور السعودي الإيراني ..ومعنى ذلك أن الحل للازمة اليمنية سعودي إيراني وبدعم أمريكي .. والأكيد أن السعودية وجهت أكثر من مرة نقدا للشرعية وفق تزايد مظاهر الفساد وتعيين الأقارب بالسفارات ووظائف كبيرة وإهدار للمال العام خاصة الودائع الخليجية في البنك المركزي وأوضحت السعودية أن كثيرا من أطراف الشرعية يزودون الحوثي بالمشتقات النفطية وغيرها ..
من هنا ..يمكن القول أن التسوية النهائية قد تتضمن استبعاد هادي نهائيا مع نائبه وعدد غير قليل من الوزراء والمستشارين والقادة العسكريين ..ولذلك السعودية جاهزة بمجموعة سياسية أخرى تم اختيارهم مع مجموعة ثانية من اختيار الإمارات ليعملوا معا في مصالحة مع الحوثي ..الأمر الهام هنا هو أن جوهر المصالحة تتضمن حماية حدود المملكة وعدم تكرار الاعتداء عليها أو على الإمارات وباقي الأمور السياسية اليمنية تترك لليمنيين المختارين منها مع الطرف الأخر المدعوم إيرانيا ..
بكلمة واحدة -اليمن الجمهوري ومكتسباته من الوحدة والديمقراطية في مهب الريح خاصة وان من كان الشعب يعول عليهم من أحزاب وفاعلين اظهروا أنفسهم كأدوات تابعة ومدجنة ودون حضور سياسي مقرر في المشهد الوطني العام وأما العامة من الشعب فقد قهرتهم الأزمة طوال سنوات عشر ماديا ومعنويا وسيقبلون باي حلول وأي مخرجات نهائية ..!
الحوار المتمدن