people inside the voting precint

الجالية الفرنسية في المغرب والانتخابات

بوعلام غبشي

شبكة  المدار الإعلامية  الأوروبية …_ تتيح قوانين الانتخابات الرئاسية الفرنسية لرعايا البلد بالخارج المشاركة في هذا الاستحقاق الهام. وتوجه 1,43 مليون ناخب بمناطق مختلفة حول العالم للإدلاء بأصواتهم في هذه الانتخابات، إلا أن نسبة الامتناع بينهم بلغت مستوى قياسيا، حيث سجلت 64 بالمئة. وأظهرت هذه المحطة السياسية تقدم اليمين المتطرف خاصة في بلدان أفريقية إضافة إلى إسرائيل وروسيا.

تعد فرنسا من الديمقراطيات التي تشرك مواطنيها المستقرين بالخارج  في الانتخابات. وكان هؤلاء يوم الأحد الماضي على موعد مع محطة سياسية مهمة بالنسبة لبلادهم، تتيح لهم فرصة اختيار رئيس جديد. ولهذا الغرض، توجهوا في مناطق مختلفة حول العالم إلى مراكز الاقتراع التي وضعتها رهن إشارتهم التمثيليات الدبلوماسية الفرنسية. إلا أن نسبة الامتناع عن التصويت بلغت مستوى قياسيا تجاوز 64 بالمئة. 

وكشفت نتائج هذه الدورة الأولى تسجيل اليمين المتطرف لنتائج متقدمة مقارنة مع الاستحقاقات الماضية. واحتل هذا المعسكر السياسي المرتبة الثالثة وراء كل من إيمانويل ماكرون 45,09 بالمئة وجان لوك ميلنشون 21,92 بالمئة، حيث حصد بحزبيه “الاسترداد” لإيريك زمور، و”التجمع الوطني” لمارين لوبان أكثر من 13 بالمئة من الأصوات أمام أحزاب تقليدية معروفة كالحزب الاشتراكي والحزب الجمهوري اليميني. 

والمثير في هذه النتائج أيضا، أن زمور، أحد جناحي اليمين المتطرف الذي فشل في المرور للدورة الثانية، جاء في المرتبة الثالثة لوحده، بدون مارين لوبان، بحوالي 9 بالمئة بعد ماكرون وميلنشون، ما يعني أن المصوتين له، فضلوا هذا الجناح على حساب ما تمثله مرشحة “التجمع الوطني” من تصورات، والتي يعتبر البعض أنها خففت من حدة لهجتها تجاه الهجرة والإسلام. وحقق زمور نتائج غير منتظرة في بعض الدول كإسرائيل وروسيا وتايلاند.

ميلنشون في المقدمة بالمغرب والجزائر وماكرون ينتزعها في تونس

وإن كانت هذه النتائج بعيدة عما يحققه على مستوى الداخل الفرنسي، إلا أن اليمين المتطرف يعزز وجوده في الكثير من الدول، بينها المغرب حيث حصل على أكثر من 11 بالمئة من الأصوات، 6,6 منها كانت لإيريك زمور وحده، الذي ركز بشراسة في حملته الانتخابية على المهاجرين والإسلام، والبقية عادت لمرشحة “التجمع الوطني” مارين لوبان.

والغريب في هذه النتائج، أن الناخبين المستقرين في مدينتين سياحيتين، معروفتين بالتعايش والتمازج بين كل الجنسيات، وتحديدا مدينتي مراكش وأغادير، صوتوا بكثافة لليمين المتطرف. 21 بالمئة في المدينة الحمراء، و24 في عاصمة سوس. لكن الفوز فيهما عاد لماكرون. وهما مدينتان جميلتان يستقر بهما عدد كبير من المتقاعدين الفرنسيين. فيما حصل مرشح “فرنسا الأبية” على 54 بالمئة من الأصوات في مدينته الأم طنجة التي ولد بها قبل 70 عاما.

وآلت النتيجة النهائية للنزال الانتخابي في المغرب إلى مرشح “فرنسا الأبية” جان لوك ميلنشون بـ40,24 بالمئة مقابل 37,87 بالمئة لماكرون. وفي الجزائر 55,4 بالمئة صوتوا أيضا لصالح ميلنشون وحصل ماكرون على 34,15 بالمئة من الأصوات. أما في تونس، أتى ماكرون في المقدمة بنسبة 40,0 بالمئة متبوعا بمرشح “فرنسا الأبية” بنسبة 37 بالمئة.  

وعموما، صوت الناخبون الفرنسيون في شمال أفريقيا أكثر لميلنشون بنسبة 40,2٪ مقابل 37,8٪ لماكرون. فيما احتل الرئيس المنتهية ولايته المقدمة في مناطق أخرى من العالم كالولايات المتحدة، كندا، اليابان، بريطانيا ودول أوروبية أخرى.

أفريقيا تصوت لميلنشون 

وفي بقية الدول الأفريقية، نجد في ساحل العاج، وإن كانت النتائج النهائية أعطت تقدما كبيرا لماكرون بأكثر من 39 بالمئة، يليه ميلنشون بما يزيد عن 28 بالمئة، إلا أن اليمين المتطرف كان حاضرا بقوة عبر ممثله الأكثر تشددا إيريك زمور، الذي حصل على 11 بالمئة من الأصوات ضف إلى ذلك 6,7 بالمئة لمارين لوبان، بمعنى أن اليمين المتطرف حصد أكثر من 17 بالمئة من الأصوات.

الشيء نفسه في داكار بالسنغال، تقدم كبير لليمين المتطرف مقارنة مع الانتخابات الأخيرة. وإن كان ميلنشون أتى في المقدمة بحصوله على أكثر من 38 بالمئة من الأصوات متبوعا بماكرون بنسبة 33,6 بالمئة، فاليمين المتطرف ضاعف نتيجته مقارنة مع 2017، إذ حصد في هذه الانتخابات أكثر من 13 بالمئة.

لماذا التصويت لليمين المتطرف؟

منْح البعض من أفراد الجالية الفرنسية أصواتهم لليمين المتطرف، لربما يكون “بمنطق ناخبي هذا الصف السياسي الذين يعيشون داخل البلاد. وهم عادة من الطبقات الاجتماعية ذات المعرفة الضئيلة والفقيرة”، حسب تصريح الخبير بالشأن الفرنسي عمر المرابط لفرانس24، وهو تصويت “هامشي” بالنسبة له.

ولم يجر أي استطلاع رأي حول نوايا تصويت الفرنسيين بالخارج في الدورة الثانية، إلا أن المراقبين يجمعون على أن هذه الأصوات ستصب لصالح ماكرون لا محالة. وفي الانتخابات الرئاسية 2017، منحت الجالية الفرنسية الرئيس المنتهية ولايته 89,3 بالمئة من الأصوات مقابل 10،7 بالمئة لمارين لوبان.

ويثير المرابط مسألة دور الإعلام في تحديد اختيارات هذه الفئة من الناخبين. “لاحظنا أن ميلنشون حصل على نسب كبرى في المدن التي بها اختلاط، بينما اليمين المتطرف حصل على نسب مرتفعة في الأرياف، وهذا نتيجة نوع من التهييج يمارسه الإعلام، وهؤلاء يسمعون للإعلام وينصتون إليه”. حسب تعبيره.

أما رئيس المرصد المغربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية ميلود بلقاضي يقرأ هذا التصويت، في تصريح لفرنس24، بأنه “انفعالي، وليس تعبيرا عن مواقف أو قناعات فكرية او سياسية ثابتة. وإلا سنصبح أمام مفارقة غريبة: فرنسيون منتمون لليمين الفرنسي المتطرف يعيشون ببلدان عربية أفريقية وإسلامية”.

وفي نفس المضمار، يضيف بلقاضي: “من الناحية السوسيولوجية، فالسلوك الانتخابي لا يعد سلوكا ثابتا، إضافة إلى أننا لا نتوفر على معطيات دقيقة حول هذه النوعية من الناخبين”، قبل أن يستدرك “لكن، في كل الأحوال، يجب أخذ نسب تصويت الفرنسيين الموجودين بالخارج على مرشحي اليمين المتطرف في الانتخابات الرئاسية الفرنسية، على أنها مؤشرات تدل على اتساع دائرة فكر اليمين المتطرف، ليس داخل فرنسا فقط بل حتى داخل بلدان المهاجرين المتواجدين بهذا البلد، الأمر الذي يفرض القيام بأبحاث ودراسات سوسيولوجية”. بهذا الشأن

فرانس 24

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

person walking while holding rainbow colored flag Previous post حقوق المثليين: تجارة المنظمات الحقوقية الدولية
paronama photography of high rise buildings Next post نوادي القمار والسياحة قريباً في الإمارات