تغيير وتخيير وهيمنة

إبراهيم عطا _كاتب فلسطيني

تخيير:
مزايا تاشيرة شنغن كثيرة ومتعددة فهي تمنحك الفرصة لزيارة ٢٦ دولة من دول الاتحاد الاوروبي بالاضافة الى دول اخرى مثل المكسيك، وهناك دول كثيرة تسمح لحامل هذه التاشيرة بزيارة اراضيها او تقدم له تسهيلات للحصول على تاشيرتها، والكل يرغب في الحصول على فيزا شنغن لاطول مدة ممكنة لكي يتمتع بهذه المزايا، ولكن ماذا لو تم اعفاءك كمواطن من هذه التاشيرة وصار بامكانك السفر الى اوروبا دون اي رسوم او اجراءات مسبقة، فقط مقابل بعض الشروط والطلبات التي تفرض على وطنك مثل تسهيلات عسكرية تمنح لبعض الدول الغربية، وبعض الخطوات التطبيعية تجاه دولة الاحتلال الصهيونية، بالاضافة الى القليل من التعديلات على بعض التشريعات والامور القانونية مثل تلك المتعلقة ببعض بنود اتفاقية سيداو وحقوق المثليين، وغيرها من الامور التي قد تتناقض مع القوانين المحلية او الشريعة الاسلامية؟ فهل توافق على هذا الخيار اذا عرفت ان على دولتك القبول بمثل تلك الشروط كي تتمتع انت بحرية السفر الى اوروبا والتنقل عبر دولها وحدودها دون قيود، ام تختار المصلحة العامة على مصلحتك الشخصية؟

تغيير:
صار لي ١٦ سنة وانا اشتغل بنفس الوظيفة وبنفس الروتين لدرجة صرت اشعر معها وكاني جزء من ديكور المكتب، وبالرغم من هذا ومن عدم احراز اي تقدم مهني او تحسن مادي الا اني لم اتجرأ على اتخاذ اي خطوة من اجل التغيير او الانتقال الى موقع وظيفي افضل بسبب الخوف من مفاجآت التغيير ومن مغامرات الانتقال الى المجهول…
فاذا كان التغيير ليس بالامر السهل على مستوى الافراد فما بالك لو كان على مستوى واقع العالم برمته…فقد اعتدنا ومنذ عقود على عالم احادي القطب فرضته علينا سياسة الهيمنة الامريكية والغربية، لا هو لصالحنا ولا يصب في مصلحتنا على المدى البعيد، ومع هذا فمعظم دولنا ودول “العالم الثالث” لا تتقبل فكرة تغيير هذا الأمر الواقع والانتقال الى عالم متعدد الاقطاب ومتعدد القوى، يعيد بعض التوازن لهذا النظام العالمي المختل واللا اخلاقي…فاذا كانت روسيا او الصين فعلا تريدان فرض نفسيهما على هذا العالم كقطب منافس للولايات المتحدة وللنهج الغربي السائد، ويؤدي ذلك عمليا الى وقف تلك الهيمنة على العالم التي تمشي على طريقة الشرطي وسياسة البلطجي المتبعة من قبل الولايات المتحدة الارهابية، فلم لا نتقبل الامر وندعم هذا التوجه الجديد كي تصحى امريكا من سكرتها وفرعنتها ويعود الغرب المنافق الى وعيه ورشده؟…
بالنسبة لي شخصيا، اتجه الى التغيير مع اني احتاج للقليل من الثقة الاضافية بهذا الخط الصيني الروسي الصاعد، خاصة فيما يتعلق بنظرته ووجهة نظره تجاه الظلم اليومي الذي تعيشه فلسطين المحتلة وعلاقة الدب الروسي والتنين الصيني بكيان الاحتلال الصهيوني،…ولكن ماذا عنك؟
شبكة المدار الإعلامية الأوروبية…_

Previous post سمير صبري في ذمة الله
Next post حياتي بين الحرب والغروب