طرح الحل العسكري من جديد في ليبيا
شبكة المدار الإعلامية الأوروبية …_ بعد إعلان رئيس الحكومة الليبية المكلف من مجلس النواب، فتحي باشاغا، أن حكومته ستمارس مهامها من مدينة سرت (وسط)، بعد أن أجبرته اشتباكات على التراجع عن إقامتها في طرابلس (غرب)، بدأت تساؤلات حول مستقبل ليبيا السياسي، خاصة بعد نية حفتر ضم المقاتلين تحت المؤسسات الرسمية في ظل الصراع العسكري المتصاعد بين رئيس الحكومة المكلف من قبل البرلمان فتحي باشاغا ورئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية عبد الحميد الدبيبة.
كان باشاغا قد أعلن أنه اختار سرت، الواقعة على ساحل البحر المتوسط وتقع في منتصف المسافة بين شرق ليبيا وغربها، لتكون رابطاً بين الطرفين.
ضم المقاتلين تحت المؤسسات الرسمية
الوضع الذي تأزم في الفترة الأخيرة أعاد اللواء المتقاعد خليفة حفتر للسيطرة على المشهد العسكري من جديد، بعد قناعة ترسخت لديه بأن الحل لن يكون سياسياً كما روّج طرفا النزاع، لكن سيتم حسمه عسكرياً.
يقول مصدر سياسي لـ”عربي بوست” إن التوجه الحالي في المنطقة الشرقية أن يقوم حفتر بحوارات مع قادة الكتائب العسكرية، وإنه على وشك الخروج بدعوة تحت اسم “ضم المقاتلين تحت المؤسسات الرسمية”، لحسم الأزمة السياسية الحالية.
ويبدو أن دعوة خليفة حفتر ستواجه ترحيباً دولياً، حتى وإن لم يكن معلناً، حسب المصدر ذاته، بعد عدم إبداء أي من المسارات المفتوحة حالياً للحوار جدواها، بسبب عرقلتها من طرف أحد أطراف النزاع.
وهنا نستعرض أبرز المسارات المتاحة حالياً أمام الدبيبة وباشاغا لحل الأمر سياسياً، لكن هل يتفقان وينجحان في التوصل لاتفاق؟
محادثات حول ليبيا بإسبانيا لسحب المرتزقة ودمج الميليشيات
في توليدو باسبانيا ، انعقد حوار دولي يقضي بإعادة تفعيل دور اللجنة العسكرية المشتركة “5+ 5″، الموقعة على وقف إطلاق النار الهش الساري منذ عام 2019، وجرى فقط تفعيله الآن، بهدف مزدوج هو تسريع انسحاب المرتزقة الأجانب من ليبيا، ودمج الميليشيات والجماعات المسلحة في المؤسسات الوطنية الليبية.
شارك في المؤتمر، المستشارة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة بشأن ليبيا ستيفاني ويليامز، وسفير الاتحاد الأوروبي لليبيا خوسيه ساباديل، والمبعوث الأمريكي إلى ليبيا السفير ريتشارد نورلاند، ونيكولا أورلاندو مبعوث وزير الخارجية الإيطالي لليبيا، إلى جانب المبعوث الفرنسي الخاص للأزمة الليبية باول سوليه، ونائبة وزير الخارجية البريطانية للمشرق وشمال إفريقيا، روزي كيف، والسفير الألماني لدى طرابلس مايكل اونماخت.
كما حضر المؤتمر ممثلون عن مصر وتركيا هما أحمد عبد المجيد مدير الشؤون الليبية بوزارة الخارجية المصرية، وبربروس دكل، نائب المدير العام لشمال إفريقيا في وزارة الخارجية التركية.
ويأتي هذا بعد الاتفاق على أنّ لجنة المسار الدستوري الليبي، المكونة من 12 عضواً من مجلس النواب الليبي في طبرق، ونفس العدد من المجلس الأعلى لطرابلس، تمكّنت من التوصل في مصر إلى اتفاق مبدئي على العديد من مواد مسودة الدستور، من دون حل مسألة الحكومتين المتنافستين على السلطة.
ويرى مصدر سياسي مقرب من باشاغا لـ”عربي بوست” إن الاجتماع الدائر في إسبانيا حالياً لن ينتج عنه نتائج إيجابية، في ظل تمترس الميليشيات في أماكنها، وفي ظل المشهد السياسي المنقسم.
مبادرة مغربية
في 11 من مايو/أيار الجاري، عُقد اجتماع في المدينة السويسرية جنيف، نظمته منظمة الـ HD التابعة للأمم المتحدة، تنص المبادرة على لقاء القوى العسكرية الموجودة على الأرض في المنطقتين الشرقية والغربية، حضر عن المنطقة الغربية عبد الغني الكيكلي، وآمر القوة المشتركة من مصراتة، وأيوب بوراس، وبعض القادة العسكريين من الكتائب، فيما حضر عن المنطقة الشرقية ممثلون عن خالد حفتر وصدام حفتر، في حين أعلنت حكومة باشاغا أنها لم تحضر الاجتماع.
وهناك رفض قادة المنطقة الغربية إتمام اللقاء، بعد امتناع أبناء حفتر عن الحضور وإرسال ممثلين عنهم.
وعندما تأزّم مشهد المفاوضات قرّر المغرب عرض مبادرة أخرى، قدمها إلى الأطراف الثلاثة “حفتر وباشاغا والدبيبة”، مفادها حضور ممثلين عن القوى العسكرية الفاعلة على الأرض، والهدف منها هو اتفاق القوى الفاعلة على مسار سياسي واضح، يدعم السلطة التشريعية في تشريعاتها خاصة.
مصدر حكومي في طرابلس قال لـ”عربي بوست”، إن أكبر ثلاث قوى في المنطقة الغربية لم ترفض المشاركة، ولكن لديها شروط، أهمها على الإطلاق هو حضور أبناء حفتر شخصياً إلى اللقاء، والإبقاء على حكومة الدبيبة في الحكم حتى إجراء انتخابات، وعدم تسلم فتحي باشاغا الحكومة.
مسار عقيلة صالح في تركيا
وحسب مصادر سياسية مقربة من عقيلة صالح، صرحت لـ”عربي بوست”، فإن الرجل يسعى وبالتوازي مع مساري المغرب وإسبانيا لفتح خط مع تركيا، عن طريق ترتيب زيارة للعاصمة التركية أنقرة خلال الفترة المقبلة، وتقديم ضمانات للضغط على عبد الحميد الدبيبة، لتسليم الحكومة إلى الرئيس المكلف من قِبل البرلمان فتحي باشاغا، في إشارة إلى أن الرئاسة التركية لم تكن رافضة لمشروع فتحي باشاغا، وإنما كانت لديها ملاحظات على الحكومة، أبرزها عدم تسليم وزارَتَي الدفاع والمالية إلى حفتر.
الخلاصة أنه ووفق محللين للمشهد الحالي فإن المسار السياسي يبدو أنه لن يديره سياسيون دون تدخل الميليشيات والقوات التي تسيطر عسكريا على الأرض لضمان جدواه وحسمه للمشهد الليبي بشكل عام.
عربي بوست