هل تدخل ليبيا دوامة الصراع المسلح من جديد؟
أحمد التومي
شبكة المدار الإعلامية الأوروبية …_ بعد حوالي عام ونصف من إعلان وقف إطلاق النار في ليبيا برعاية أممية؛ تطفو إلى السطح من جديد الخلافات السياسية في البلاد، وذلك بعدما قام مجلس النواب المنُعقد في طبرق شرقي ليبيا، بتشكيل حكومة جديدة بقيادة فتحي باشاغا وزير الداخلية السابق في حكومة فايز السراج شهر فبراير/شباط الماضي؛ ما جعل البلد تدخل في دوامة حكومتين مرةً أخرى، بعد أن خرجت منها سابقاً عبر حكومة الوحدة الوطنية!
من هي الحكومة الشرعية في ليبيا؟
في الواقع لا توجد حكومة شرعية فعلاً في ليبيا؛ حيث إن ملتقى الحوار السياسي الليبي الذي عُقدت جلساته في تونس عام 2020 قد نصّ على أن الحكومة المنبثقة عنه والمُصدّق عليها من مجلسي النواب والدولة، ستكون مؤقتة، وستمنح مدة تُقدّر بعام ونصف لإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في البلاد، وهذا ما لم يحدث حتى الآن.
الخلاف الذي حصل بين مجلس النواب وحكومة عبد الحميد الدبيبة في سبتمبر/أيلول الماضي حول إقرار الميزانية الخاصة بالحكومة من قبل النواب، ورفض الحكومة التعديل عليها، جعل النواب يقومون بسحب الثقة عن حكومة الدبيبة، مُستغلّينَ عدم تضمين مخرجات ملتقى الحوار السياسي في الإعلان الدستوري الليبي، وليزداد الأمرُ سوءاً؛ عيّن مجلس النواب حكومة جديدة، لترجع البلد الى المربع الأول بحكومتين: واحدة في الشرق، والأخرى في الغرب.
هل يمكن أن يتسبب الصراع بين الحكومتين على الشرعية في عودة النزاعات المُسلّحة في البلد؟
يرجح العديد من المتابعين للشأن الليبي إمكانية عودة النزاعات المُسلحة للواجهة مرة أخرى، رغم نفي الحكومتين المتنازعتين حالياً حدوث ذلك حاضراً أو مستقبلاً، لكن لا يخفى على أحد أنّ الصراع الحاصل على السلطة انعكس سلبياً على الوضع الأمني للبلد.
وقبل فترة قصيرة، أعلن أعضاء اللجنة العسكرية “5+5” الممثلين عن الجنرال حفتر عن رغبتهم في إعادة إغلاق الطريق الساحلي الرابط بين شرق وغرب البلاد، إضافة إلى إغلاق الحقول النفطية والمتمركزة غالبها في شرق البلاد؛ ما ينذر بشكلٍ أو بآخر باحتمالية ولو بسيطة لرجوع الاقتتال حول النفط بين أطراف النزاع من جديد.
تخبط دولي حول الحكومة الشرعية في ليبيا والشارع يطالب بالانتخابات!
منذ بدء الحرب الروسية الأوكرانية ، أصبح الاهتمام الدولي جلّه منصباً عليها، حيث لم يعد يركز بشكل كبير على القضايا والحروب الأهلية الحاصلة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وأصبحت المُستشارة الأممية لدى ليبيا، ستيفاني ويليامز، أقل جدية في حث الأطراف على التوافق، عكس ما كان حاصلاً قبل عام، وباتت تكتفي فقط بالبيانات والادانات ومطالبة الأطراف المتنازعة بالهدوء فقط دون الدخول في مبادرة حقيقية تُلزم بها جميع الأطراف بعقد الانتخابات.
وبين النزاع السياسي الحاصل والصراع المسلح المحتمل وقوعه، يظلُّ المطلب الرئيس للمواطن في ليبيا هو إقامة انتخابات برلمانية ورئاسية، تسقط كافة الأجسام التي جثمت على قلوبهم لسنوات، واختلست المال العام، وأشعلت فتيل الفتنة بين الليبيين.
عربي بوست