الرئيس الإيراني ضالع في “لجنة الموت”
شبكة المدار الإعلامية الأوروبية …_نشرت منظمة “هيومن رايتس ووتش” تقريرا مفصلا أورد ما وصفته بـ “أدلة” تؤكد ضلوع الرئيس الإيراني، إبراهيم رئيسي، بعمليات إعدام جماعية في الثمانينيات، وأنه كان من بين المسؤولين في ما أصبح يعرف باسم “لجنة الموت”.
وأشارت المنظمة إلى أنه في عام 1988، أعدمت السلطات الإيرانية، بأوامر من المرشد الأعلى آية الله الخميني، آلاف السجناء السياسيين في جميع أنحاء البلاد بإجراءات موجزة وخارج نطاق القضاء، وأن رئيسي كان عضوا في اللجنة عندما كان يشغل منصب نائب النائب العام لطهران.
وذكرت أنه لا يُعرف عدد الإعدامات بشكل قاطع، لكن بحسب تقديرات المسؤولين الإيرانيين السابقين والقوائم التي جمعتها منظمات حقوق الإنسان والمعارضة، أعدمت السلطات الإيرانية ما بين 2,800 و5 آلاف سجين في 32 مدينة على الأقل في البلاد.
وقالت المنظمة إن هناك “مزاعم خطيرة بأن إبراهيم رئيسي، الذي أصبح رئيسا لإيران في يونيو 2021، كان له دور في هذه الجرائم”، التي ترى المنظمة أنها “قد ترقى إلى مستوى جرائم حرب”.
أتت الإعدامات بعد أن أوقفت إيران حربها مع العراق في تموز عام 1988. وفي الـ 25 من الشهر ذاته، شنت منظمة “مجاهدي خلق” توغلا في البلاد عرف باسم “فروغ جاويدان ” (أي النور الأبدي) في محاولة لإسقاط النظام، لكن كثيرين اعتقدوا أنه أعطى ذريعة للسلطات للقضاء على العديد من المعارضين السياسيين السجناء حينها، بمن فيهم العديد من أعضاء مجاهدي خلق الذين أسروا وحُكم عليهم قبل سنوات، وفقا للمنظمة.
وأكدت المنظمة أن السلطات الإيرانية نفذت عمليات الإعدام على مرحلتين: بدأت بأعضاء مجاهدي خلق ثم بأعضاء الأحزاب غير الدينية والأحزاب اليسارية.
“أدلة” على ألسنتهم
وذكرت المنظمة أن مذكرات نائب الخميني، آية الله حسين علي منتظري، التي نُشرت عام 2000، تقدم الرواية الأكثر مصداقية للإعدامات الجماعية من منظور الحكومة.
وكان منتظري في 1988 واحدا من أرفع المسؤولين الحكوميين في إيران، والخليفة المعيّن لآية الله الخميني كمرشد أعلى، والمسؤول الأعلى رتبة المعروف بأنه عارض الإعدامات وسعى إلى منعها.
وكشفت مذكرات منتظري عن نسخة من “الفتوى” السرية التي أصدرها الخميني في أواخر يوليو من عام 1988، بتعيين لجنة للنظر في قضايا سجناء مجاهدي خلق وإعدام جميع السجناء الذين ظلوا “ثابتين” على دعمهم للجماعة، وكذلك رسائل احتجاج كتبها إلى الخميني واللجنة المكلفة بتنفيذ الفتوى.
واعتبر الخميني السجناء السياسيين “مرتدين عن الإسلام”، مشيرا أيضا إلى نشاطاتهم القتالية في البلاد و”تعاونهم” المزعوم مع الرئيس العراقي آنذاك، صدام حسين، و”إن الموجودين منهم حاليا في السجون وما زالوا متمسكين بنفاقهم يعتبرون محاربين ويحكم عليهم بالإعدام”.
وأضاف أن “الحزم الإسلامي حيال أعداء الله من الأحكام التي لا مجال للتردد فيها في النظام الإسلامي. أتمنى أن تكسبوا رضا الله بحقدكم وغضبكم الثوري ضد أعداء الإسلام. على السادة الذين يتولون المسؤولية أن لا يترددوا في ذلك أبدا وأن يسعوا ليكونوا ‘أشداء على الكفار’، فإن التردد في مسار القضاء الإسلامي الثوري إهمال لدماء الشهداء الزكية”.
ولتنفيذ هذه الفتوى، ذكرت المنظمة أنه أنشئت لجنة مكونة من ثلاثة أشخاص عرفت بين الناجين من عمليات الإعدام بـ “لجنة الموت”.
“دور” إبراهيم رئيسي
ونوهت المنظمة إلى أن منتظري لم يؤيد عمليات الإعدام، وأنه نشر في مذكراته رسالتين كان قد كتبهما إلى الخميني، بالإضافة إلى محضر لقاء عقده منتظري مع قاضي الشرع، حجة الإسلام نيري، ومصطفى بور محمدي، الذي كان ممثل وزارة المخابرات في اللجنة، ومرتضى إشراقي، المدعي العام لطهران، ونائبه حينها، إبراهيم رئيسي، للاحتجاج على عمليات الإعدام الجارية في السجون.
وذكر اسم رئيسي، الرئيس الحالي رئيس القضاء السابق، في مراسلات منتظري بأنه كان واحدا من بين المسؤولين الأربعة الذين أشرفوا على الإعدامات.
وقال منتظري: “بعد رسالتي الاحتجاجية الثانية (إلى آية الله الخميني)، لم يطرأ أي تغيير واستمرت (الإعدامات). في 15 أغسطس 1988، التقيت بالسيد نيري، الذي كان قاضي الشرع في إيفين، والسيد إشراقي الذي كان قاضي الشرع في إيفين، والسيد إشراقي الذي كان المدعي العام، والسيد بور محمدي الذي كان ممثل وزارة المخابرات. قلت لهم إنهم يجب أن يوقفوا الإعدامات في شهر محرم. رد السيد نيري: ‘أعدمنا حتى الآن 750 شخصا في طهران، وحددنا 200 آخرين. اسمح لنا بالتخلص منهم وبعد ذلك سنستمع إليك…!'”.
وتقول “هيومن رايتس ووتش” إنه في عام 2016، نشر أحمد منتظري، نجل حسن علي منتظري، ملفا صوتيا مدته 40 دقيقة من هذا الاجتماع. ويمكن سماع الرجال الأربعة يخاطبون بعضهم البعض، ويتم توجيه رئيسي للإجابة على سؤال حول دور مجلس القضاء الأعلى في تنسيق الإعدامات. ورد رئيسي أن المجلس انسحب من العملية وتحدث أيضا عن العودة للسماح بزيارات السجون.
وذكر ایرج مصداقی، عضو سابق في مجاهدي خلق نجا من الإعدام الجماعي في سجن گوهردشت في كرج، أنه رأى رئيسي بعينه في سجن گوهردشت، وأن رئيسي وإشراقي كانا يتوجهان شخصيا إلى موقع الإعدام للتأكد من إتمام العملية وفقا للبروتوكولات.
وفي رد على تقارير حول ضلوعه في عمليات “القتل” الجماعية، وفقا لتعبير المنظمة، لم ينف رئيسي في 1 مايو من عام 2018، حضوره الاجتماع مع منتظري، لكنه قال: “وقتها، لم أكن رئيس المحكمة… رئيس المحكمة هو من يصدر الأحكام بينما يمثّل المدعي العام الشعب”.
ووصف رئيسي عميات الإعدام بـ “المواجهة”، وأكد أنه يعتبرها “أحد الإنجازات التي يفتخر بها النظام” وأشاد بالخميني باعتباره “بطلا قوميا”.
وفي أول مؤتمر صحفي بعد تعيينه رئيسا، قال رئيسي ردا على الاتهامات بارتكاب جرائم قتل وتعذيب أدت إلى وضعه على قائمة العقوبات الأميركية، في عام 2019: “أنا فخور بكوني مدافعا عن حقوق الإنسان وأمن الناس وراحتهم كمدع عام أينما كنت”.
وأضاف أن “كل الأعمال التي قمت بها خلال فترة استلامي لمنصبي كانت دائما في اتجاه الدفاع عن حقوق الإنسان… اليوم في المنصب الرئاسي، أشعر بأنني مضطر للدفاع عن حقوق الإنسان”.
ونقلت هيومن رايتس ووتش روايات عن ناجين من عمليات الإعدام تحدثوا لمنظمة العفو الدولية “أمنستي”.
وقال أحد الناجين ممن كانوا في سجن گوهردشت لـ “أمنستي”: بعد وقت قصير، جاء حارس وأخذني إلى داخل القاعة. بمجرد وصولي، سحب العصابة عن عيني للحظات فرأيت العديد من الجثث متناثرة على الأرض. كان هناك حوالي 12 كرسيا و12 حبلا معلقا فوقها. كان الحراس منشغلين يُدخلون السجناء بسرعة ويضعون الحبال حول أعناقهم ثم يشدون أرجلهم المتدلية إلى أسفل حتى الموت”.
وأضاف “رأيت بعض السجناء وهم يُنشدون، وهذا جعل الحراس في حالة هستيرية للغاية. هاجم (أحد كبار مسؤولي السجن) الحراس وضربهم وصرخ: ‘اقتلوا كل هؤلاء بسرعة! أجهزوا عليهم!’.
لا أعرف ماذا حدث بعد ذلك. لم أعد قادرا على الوقوف وفقدت الوعي. استفقت وهم يرشون الماء على وجهي وأخرجني أحد الحراس”.
في أواخر أكتوبر 1988، بدأت السلطات في السماح بزيارات السجون بعد أن كانت محظورة، وأخطرت العائلات بإعدام أقاربها. وبحسب “أمنستي”، التي ذكرت أن العديد من هذه الإخطارات شفهية، كانت السلطات تستدعي الأهالي إلى السجون والمكاتب الحكومية ولم تقدم لهم شهادات وفاة. قال العديد من العائلات إنها تسلمت حقيبة قال مسؤول إنها تحتوي على متعلقات القريب المتوفى، وأمروها بعدم إقامة مراسم عزاء لأحبائها.
ونشر تقرير سابق لـ “أمنستي” رواية عن الكيفية التي أُخطِرت بها أسرة أحد مؤيدي مجاهدي خلق بإعدامه، وقال: “استدعى الحرس الثوري والدي إلى مكتبهم في بروجرد (محافظةلورستان). وهناك اقتيد إلى غرفة وجلس على كرسي. ثم دخل أحد المسؤولين ووضع حقيبة علي، وقال: ‘هذه حقيبة ابنك، لقد أعدمناه. الآن خذ أغراضه واخرج’. قال المسؤول لوالدي أيضا: ‘لا يُسمح لك بالتحدث عن هذا الأمر في أي مكان أو أن تحاول إيجاد قبره. يجب ألا تقيم مراسم عزاء أيضا’. كانت الطريقة القاسية التي أخبروا بها والدي غير إنسانية حقا. أظنه فقد وعيه في مكتبهم لبعض الوقت”.
وفي يونيو الماضي، نشرت صحيفة “ذا تايمز ” شهادات من سجناء سياسيين تعرضوا للتعذيب والرجم بالحجارة والاغتصاب والرمي من المنحدرات والإعدام الجماعي في إيران خلال الثمانينيات، عندما تولى رئيسي منصب المدعي العام لطهران.
ويروي تقرير الصحيفة قصة شاب أمر رئيسي بالقائه من فوق جبل ، وآخر أعدم رغم أنه كان يعاني من الصرع، في حين ذكرت شابة اسمها فريدة جودارزي، التي اعتقلت في سجن غربي إيران، إن المدعي العام الشاب حينها أشرف على عمليات ضرب السجناء وتعذيبهم، وشاهدها وهي تتعرض للضرب بأسلاك الكهرباء والتعذيب وهي حامل، وقبل أسبوع واحد من ولادة طفلها.
الحرة