الحُلُمَ
هناء المريض
كنتُ قد رشوتُ الحُلُمَ بنومٍ مبكر
أنْ يأتِني بطيفكَ
لكنه كان كاذباً كعادةِ الجميع
كنتُ قد عاهدتُ نفسي أن لا أكتبَ لكَ …
وكعادتي أقول ما لا أفعل
لازلتُ كما أنا…
إلا أنّي قَصصتُ ضفيرتي
لم تَعُدْ تغري الريح فتعبثَ بها
وآتِيكَ مسرعةً أشكوها لك
لازلتُ كما أنا..
أخافُ العَتْمَـة
غيرَ أن التفاتاتي باتتْ بلا جدوى
لا أجدكَ واقفاً أعلى السُلَّم
تَرقُبني وتهزأُ من خوفي بابتسامة.
لم أتعلم الدرس بعد
لازالتُ أُدِينُ الريحَ بعضاً من إعصاري..
لا آخذ بيد النصيحة ..
أترُكُها تقع حيثما مَنَحُونِيها
وأرسمُ للحقيقة واقعاً أريدهُ … وغالباً هي لا تريده.
كل خُططي تبوءُ إلى حقيقةِ نجاحها الذي كنتَ دائماً عروته الوثقى …
كانت تنجحُ بكَ
و غَدتْ بدونكَ فاشلةً بجدارة ..
لم أتعلم الدرس بعد…
لازلتُ لوحدي أدفعُ ضريبة الصدق الباهظة
وكرةَ الحزنِ في حلقي لا يقوَ على دحرجتها البكاء
وحدها أكمامي التي أثقلها البلل
لا تفتأ تكرر عباراتِك ( البكاء لن يُغيِّرَ شيئاً )
أسْتَبدِلُ بالكتُبِ مَنْ أعْشَقُ … وآثَـرَ الرحيل
وحدَها الكتبُ قادرةً على سَدِّ فوهة الفراق الفارغة..
الفراقُ كان اختيارَهُ
وتواطأَ معهُ كبريائي بالقبول..
الكبرياء …
هذه البذرة اللعينة التي زرعْتَـها بداخلي
نَمَتْ ….
و غَدَتْ غابةَ سَرْوٍ سامقة
كلما اقتربتْ نُسُمُ المهانة؛ تَعَالى حفيفُ الأنفة
لازلتُ على ما تَركْتَنِـي عليه …
أؤمن أنَّ الشكَّ إهانة
أُحَاذِرُ أن يَشُكَّ بيَ أحد
بينما أجِدُني أُهِيـنُ الجميع.
لم يتغير شيء …
كل شيءٍ باقٍ على رَهْنِـكَ …
وحدها المسافةُ بيننا تضمحلُ باقترابي منكَ خطوة
بخاصرةٍ لم يَعَدْ فيها أمكنةٌ شاغرة
حتى غدوتُ طفلة الأربعين بــ ثماني عشرة خنجراً ..
و قوافٍ لم تقرأها
أدَّعِي بها القوة
في الوقت الذي يصفقُ فيهِ الجميع على وجعي بحُجَّة القصيد.
نعم … لازلتُ سيئة
لا أقبَلُ الحل الوسط الذي يُرضي الجميع
لا أشتري كتباً مستعمَلَة … ولا أُعِيرُ لأحدٍ كتبي
أخرِّبُ حميةَ ثلاثة أشهر ، لأجل مزاجٍ باكٍ
أرُدُّ المجاملةَ بابتسامةٍ باهتة
أعطي رغيفيَ كله..
أمنحُ لغيري فرصتي..
أهبُ معطفي، بل وحقل حِنطة… لكنني لا أشَارِك.
لازلتُ أمارسُ بيولوجيتي داخلَ البيت فقط
أنا في الخارج
كما كنتَ تريدني أن أكون .. إمرأةٌ بحظ أُنثَيَـين
أرفضُ، نكايةً في خضوع الــ “نَّعَم”
أتنازَلُ بسهولة عمَّن يحاولُ أن يدفَع بي للتنازُل
أجيئُ بكُلِّي، و إن رحلتُ فلا سبيل لعودة
حادّة … وَجْهُ الصدقِ الحقيقي
مُصِرَّة …حَدَّ ملل الملل
عنيدة … حتى يتهاوى المِراس
عَدوَّةُ الكثيرات، ولَستُ أجد منهُنَّ خصماً بعد.
متطرفة … رغبتي في التمسك يضاهيها التخلِّي
لا أحاربُ لأجل بقاء أحدهم معي …
البقاءُ نتيجةٌ، تماماً كما الحب
لذلك لم يتغير شيء
غير أنني عرفتُ بغيابكَ الطويل مقياساً جديداً للمسافات
وأنكَ بداخلي الطريقةٌ المُثلى لقياس حجم السماء
وأن الانتهاء … كذبة الموت
والنسيان … كذبة الحياة .
شبكة المدار الإعلامية الأوروبية…_