لإيران قنبلة أخرى مخصّبة وغير محرّمة دوليّا

أحمد عمر

شبكة  المدار الإعلامية  الأوروبية …_ إذا كانت مصر هي هبة النيل في القول الشائع، فإن إيران هي هبة نهر البكاء.. النيل ينبع من هضبة الحبشة التي تهطل فيها الأمطار على مدار السنة، أما نهر البكاء الإيراني فينبع من غيمة الحزن الطويل في النفس الإيرانية.

سأعود إلى قتلى دهوك التسعة الذين كانوا يصطافون، واتهام تركيا بهم، لأنها توعدت مقاتلي حزب العمال الكردستاني في شمال العراق. ذكرت الأخبار أنّ الطرفين التركي والعراقي اتفقا على التحقيق فيه، والظنّ أنها عملية إيرانية ألبست تهمة ارتكابها لتركيا. وكانت إيران قد دغدغت الكاظمي بعملية نجا منها بأعجوبة، بعد خسارة الحشد الشعبي الموالي لإيران مقاعده في البرلمان.

ووجدت محللين محترفين يقرؤون سطور السياسة غير المكتوبة متفقين معي في أنّ عملية مصيف برخ إيرانية، وهو في النهاية تحليل قد يصيب وقد يخطئ، فلم تحلل شظايا القذيفة بعد، وليس دليلا حاسماً دامغاً. ورأيت أن أبدأ بإيران ونفوذها وقنبلتها التي صنعت قبل ألف سنة، ولها أذرع وحوافر منعلة بالنعال المعدنية في الحواضر الإسلامية؛ سوريا والعراق واليمن ولبنان ومصر، وهي تتسرب حالياً إلى عروق السودان التي كانت عصيّة على التشيع الفارسي الإيراني، والأردن والسعودية كذلك. فالسعودية بدأت بأوامر أمريكية تبيح للشيعة الاحتفالات من غير تعكير وتنغيص، وتتجنب الإمارات غضب إيران، فإيران وريثة إمبراطورية فارس، فتفتح لها أسواقها. واحتفل الحلبيون أمس بعيد الغدير (غدير خم)، ويعلم من ضم مجلسنا أنه انتشر اللطم حول مقام زينب في الشام التي لم تعرف التطبير قط.

إيران أقوى بكثير من تركيا نفوذاً، وأكثر بشراً، وأعزُّ نفراً في الدول الإسلامية السنيّة المجاورة، والفرق بينهما كبير في الديمقراطية والحداثة وحقوق الإنسان، بل إنّ إيران ذات نفوذ في تركيا نفسها، وتستطيع أن تدوخ حزب العدالة والتنمية إذا حمي الوطيس. وكانت قد انتزعت بلدية إسطنبول من الحزب الحاكم، بينما لا تستطيع تركيا أن تنتزع شعرة من رأس إيران المعمم بعمامة سوداء. ولإيران أربعون مسجداً، عفواً حسينية في إسطنبول، ترفع فيها صور الخميني والخامنئي بالغدو والآصال، ولها حزب حليف زليف اسمه السعادة، مثل حزب الله في لبنان، وأنصار الله في اليمن..

لهم أناشيدهم الفارسية، وصلوات أئمتهم وأصواتهم الانتخابية التي تبلغ مليون صوت تقريباً ستذهب كلها إلى حزب الشعب الجمهوري الذي يقوده كليتشدار أوغلو، فهو جمهور لا يغير ولاءه، ولا يغيره من أجل الرفاهية وتحسين الدخل والخدمات، ولا تعنيه العملة التركية صعوداً أو هبوطاً، ويتمثل في تحالف الستة: زعيم حزب الشعب الجمهوري كمال كليتشدار أوغلو، وزعيمة حزب الجيد ميرال أكشنير، وزعيم حزب السعادة تمل قره موللا أوغلو، وزعيم حزب المستقبل أحمد داود أوغلو، ورئيس “الديمقراطية والتقدم” علي بابا جان، ورئيس الحزب الديمقراطي غولتيكن أويصال.

لن يجازف أردوغان بحرب وضحايا في الشمال السوري من أجل قريتي منبج وتل رفعت، وهو مقبل على مخاضة انتخابات، والحرب كريهة، والكريهة من أسمائها عند العرب، سيؤجلها إلى حين ميسرة، لكن نعود إلى قنبلة الدموع، بالندب المسيّل للأحقاد والأكباد.

إيران بنت إمبراطورية سريّة منذ الفتنة على نهر الدموع الحميم، وهو نهر أطول من نهري النيل والمسيسبي معاً، والبكاء على الحسين.. والحسين يعادل المسيح في الديانة المسيحيّة.. وقد كفَّ المسيحيون عن البكاء على المسيح، إلا في قرى أمريكا اللاتينية.. والحسين ليس إماماً وحسب، إنه الإله المعبود.

كل “شهيد” في إيران خسارة في الظاهر لكنه أثمن الغنائم الدنيوية؛ سليمان ومغنية وغيرهما سيزيدون ثروة إيران من الدموع المالحة، التي ستتحول إلى رغبات في الثأر والانتقام من السنّة، وصبِّ الدماء في النهر الذي بنيت عليه وريثة إمبراطورية فارس. فعندما يبكي الفرس على الحسين، فإنما يبكون على ملك فارس العظيم.

https://googleads.g.doubleclick.net/pagead/ads?client=ca-pub-6831848996847337&output=html&h=280&adk=828157172&adf=4091234330&pi=t.aa~a.2429659510~i.5~rp.1&w=793&fwrn=4&fwrnh=100&lmt=1658821848&num_ads=1&rafmt=1&armr=3&sem=mc&pwprc=6576306282&psa=1&ad_type=text_image&format=793×280&url=https%3A%2F%2Farabi21.com%2Fstory%2F1452001%2F%25D9%2584%25D8%25A5%25D9%258A%25D8%25B1%25D8%25A7%25D9%2586-%25D9%2582%25D9%2586%25D8%25A8%25D9%2584%25D8%25A9-%25D8%25A3%25D8%25AE%25D8%25B1%25D9%2589-%25D9%2585%25D8%25AE%25D8%25B5%25D8%25A8%25D8%25A9-%25D9%2588%25D8%25BA%25D9%258A%25D8%25B1-%25D9%2585%25D8%25AD%25D8%25B1%25D9%2585%25D8%25A9-%25D8%25AF%25D9%2588%25D9%2584%25D9%258A%25D8%25A7%23author_302&fwr=0&pra=3&rh=198&rw=792&rpe=1&resp_fmts=3&wgl=1&fa=27&uach=WyJXaW5kb3dzIiwiMC4xLjAiLCJ4ODYiLCIiLCIxMDMuMC41MDYwLjEzNCIsW10sbnVsbCxudWxsLCIzMiIsW1siLk5vdC9BKUJyYW5kIiwiOTkuMC4wLjAiXSxbIkdvb2dsZSBDaHJvbWUiLCIxMDMuMC41MDYwLjEzNCJdLFsiQ2hyb21pdW0iLCIxMDMuMC41MDYwLjEzNCJdXSxmYWxzZV0.&dt=1658821848935&bpp=8&bdt=2182&idt=-M&shv=r20220721&mjsv=m202207200101&ptt=9&saldr=aa&abxe=1&cookie=ID%3Dd7bebc2b4228771d-22acdc153dcf00dd%3AT%3D1643631315%3ART%3D1643631315%3AS%3DALNI_MbU1-UzSAsDix2uFcUzH16II0wWew&gpic=UID%3D0000074b46a80711%3AT%3D1653207678%3ART%3D1658821820%3AS%3DALNI_Mass5I3fRXZbxZo3Ih5bCuPL1LWbQ&prev_fmts=0x0%2C728x90&nras=2&correlator=7124913729434&frm=20&pv=1&ga_vid=1197919218.1643631321&ga_sid=1658821848&ga_hid=966408277&ga_fc=1&u_tz=-420&u_his=4&u_h=768&u_w=1360&u_ah=728&u_aw=1360&u_cd=24&u_sd=1&dmc=2&adx=424&ady=1774&biw=1343&bih=657&scr_x=0&scr_y=0&eid=44759875%2C44759926%2C44759842%2C44763506%2C31068563%2C44768688%2C42531606%2C31061690%2C31067826&oid=2&pvsid=1613209944237458&tmod=2060247476&uas=3&nvt=1&ref=https%3A%2F%2Farabi21.com%2F&eae=0&fc=1408&brdim=0%2C0%2C0%2C0%2C1360%2C0%2C1360%2C728%2C1360%2C657&vis=1&rsz=%7C%7Cs%7C&abl=NS&fu=128&bc=31&ifi=3&uci=a!3&btvi=1&fsb=1&xpc=cFk7QvwsiU&p=https%3A//arabi21.com&dtd=28

يزعم الإيرانيون أنّ مذهبهم، أو دينهم، يحرم إنتاج القنبلة النووية، لكن إيران تبنيها بإصرار، وهي نقطة خلاف الغرب معها، مع أن الغرب يفضلها كثيراً على جميع السنة، والمهدي في كتب الشيعة البويهية الأربعة يعادل الدجال عند السنّة!

وكان البويهيون يتحالفون مع الغرب الصليبي ضد السنّة الأتراك عبر التاريخ، وهم على قلب رجل واحد، وهذا نادر عند السنّة، فالسنّة يجتهدون يصيبون ويخطئون، ولا عصمة لشيوخهم، بل إنّ شيوخهم يحبسون ويقتلون في السجون. وسمعت القرضاوي في قناة الجزيرة يغبط أئمة الشيعة على الكفاية المالية. والمال عند الإيرانيين من الخُمس، والخُمس ريع الغنائم، فكأنها حرب مستمرة، فإيران تحارب شعبها وتغنم أموالهم.

إن شيوخ السنّة محتاجون إلى الحكومة دوماً ولا يستطيعون التفرغ للعلم، ويمكن مقايضة فتاواهم بالمال أحياناً لحاجتهم للسلطان اضطرارا. والأمر الثاني أنَّ إيران تزعم الولاء لأهل البيت، وأهل البيت غير آل البيت لغة وعُرفا، فأهل البيت في القرآن الكريم هم زوجات النبي عليه الصلاة والسلام، أما آل النبي فهم أتباعه، لكن عند أحفاد البويهيين هم آل الحسين وأحفاد فاطمة.

والإيرانيون يضنّون على شيعتهم من العرب بلقب آية الله، وحجة الله، وهي مراتب تشبه رتب الجيش، فلم يحزها مقتدى الصدر ولا حسن نصر الله، وأمثالهم الذين درسوا في إيران وعادوا صفر اليدين، فهي رتب ممنوعة عليهم لعرقهم، وهم أولى بالولاية من الإيرانيين لعرقهم ودمائهم.

وفي أفلام الكاوبوي المترجمة يدخل البطل ويقتل وهو يهتف يا حسين، سيبكي المشاهد في كل خطبة وفي كل فيلم، فهي أفلام تعصر الدموع من فؤاد المشاهد عصراً، وليست مثل الأفلام الهندية التي تداوي لوعة المشاهد المنكوب بالنهاية السعيدة وتبهجه بالأغاني والرقصات، والبكاء يولد الشفقة، ويحثُّ على الثأر.. ترد في فيلم المليونير المتشرد جملة على لسان طفل متسول: بالبكاء تكسب ثلاثة أضعاف ما تكسبه بالغناء.

وقد عقد اجتماع بين أردوغان ورئيسي وخامنئي، الذي يترفع -تواضعاً منه- عن الجلوس مع الرئيس الضيف في صف واحد أو نسق متناظر، فهو في رتبة أعلى من كل ضيوفه الخصوم والأتباع، بينما تروي مصادر السيرة النبوية أن الأعراب الزائرين لم يكونوا يميزون النبي عليه الصلاة والسلام، فيسأل الأعرابي الصحابة: أيكم ابن عبد المطلب؟

وعندما زار مرسي إيران، أسفر عن عّزة غابرة، فزوّرت التلفزيونات الإيرانية الرسمية خطاب ضيفها الرسمي لأنه ذكر الصحابة وانتهك مقدسات الشيعة التي تتقرب إلى ربها بشتم الصحابة، وانتصر لسوريا.

التقيّة من أركان المذهب الإيراني في الحكم، وقد حذر المرشد “المعصوم ” ضيفه أردوغان من العملية، حرصاً على الأراضي السورية في حوزة إيران، وقرأ أردوغان رسالة قصف مصيف زاخو وفهمها.

ستؤجل العملية التركية الرامية إلى توسيع المنطقة الحدودية الآمنة وتخفيف الموجة العنصرية ضد السوريين السنة، التي تغذيها أحزاب المعارضة التركية، والتي توعد بها الرئيس التركي إلى حين، فقد رُفعت البطاقة الحمراء من قبل دولتين عظميين هما أمريكا وروسيا اللتان تظللان قسد بالحماية والرعاية، ومعهما إيران. وإيران هي أشدُ المدافعين عن الحزب اليساري الإمبريالي حالياً مع الخلاف الكبير ظاهرياً في العقائد، لكن المصالح واحدة، فكلاهما يحالفان النظام السوري، العقيدة التي تجمعهما ومعهما أمريكا وروسيا هي عداوة الخصم اللدود: السنّة.

سربت مواقع إخباريّة تسريبات تقول إن المعركة أجلت، وكان القصف المدفعي قد قضى على تسعة مصطافين، اتُهمت فيه تركيا، وسرعان ما تبنت وكلات الإعلام العالمية والعربية التهمة، واستشرت عداوة للترك في العراق وحرق المتظاهرون العلم التركي، وأجلت إجراءات استلام السفير التركي منصبه الجديد، وهاجم ساسة العراق الرسميون والمعارضون والمحلفون تركيا.

في إسرائيل حائط مبكى لا يبكي عنده أحد، بينما كل أرض عند أتباع إيران كربلاء، وكل حائط: مبكى.

إيران المعاصرة هي هبة نهر الدموع الذي يتحول بعملية تنضيب وتخصيب إلى: دماء ينزفها الموالون والأعداء.

عربي 21

Previous post ترامب يشيد يالمزارعين في هولندا
Next post تصنيف بروكسل من المدن المزدحمة