الثأر والهمجية

إبراهيم عطا _كاتب فلسطيني

شبكة المدار الإعلامية الأوروبية…._أنا بصراحة ضد الثأر واعتبره من اكثر العادات العربية تخلفا وهمجية، وهذا ليس رأيي وحدي بل رأي الكثيرين منكم، اليس كذلك؟، فالثأر هو بمثابة قصاص غير حضاري للضحية خارج القانون الساري، يليه انتقام مضاد ومن ثم انتقام آخر اكثر دموية و وحشية، وهكذا دولايك، ليتحول الامر الى عملية انتقام دائمة وابدية…
ومن المعروف ان هذا النوع من الانتقام يدور في حلقة مفرغة، لا تؤدي الا الى اراقة المزيد من الدماء وسقوط المزيد من الضحايا الابرياء من هذا الطرف أو ذاك دون الوصول الى اي نوع من التراضي او الحل والصفاء…
أما في صراعنا مع المحتل الصهيوني المحتل لارضنا والمنتهك لعرضنا، فأنا مع الثأر ومع الانتقام اليومي المنسق، ليس لي فقط كلاجيء في مخيمات الشتات وزجي بمعسكرات الاعتقال بعمر السابعة عشرة، انما لكل فلسطيني متضرر من وجود هذا الاحتلال على ارض فلسطين، وذلك عبر التكاتف والمساعدة لتنفيذ هذا الانتقام على كل الاصعدة والمستويات، خاصة في غياب العدالة العالمية والقانون الدولي الذي يحمي الضحية، والذي يعيد الحق لأصحابه ويقاضي المجرم على أفعاله…
فهذا الاحتلال الصهيوني الذي ما زال غاشما فوق صدورنا وقاتلا ومضطهدا لابناء شعبنا ومصادرا لاراضينا ومنتهكا لمقدساتنا لأكثر من ٧٣ سنة، والذي ما انفك حتى اليوم يحظى بدعم الاوروبي “المتحضر” والأمريكي “المتعنتر”، لا بد أن يذوق الويل والألم الشديد مع كل صرخة لطفل او بكاء لام شهيد، وأن يفهم اننا لن ننتظر العدالة لا من “الأمم الغير متحدة” ولا من “الجامعة الغير عربية”،…
اذن، لنثأر لدم الشهداء ولننتقم للاسرى وللجرحى وللاجئين من الصهاينة المحتلين، فمثلا عندما يقتلون صحفيا فلسطينيا (شيرين ابو عاقلة او غيرها) فلنقتل منهم اثنين او ثلاثة، وأن قتلوا فلاحا او مزارعا فلسطينيا فلنقتل اثنين أو ثلاثة من المستوطنين، وان قتلوا طفلا فلنقتل اثنين من الجنود او ثلاثة، ومقابل كل أسير او معتقل او لاجيء يجب ان يكون هناك انتقام مواز او اكبر حتى يتحول لعبرة لمن اعتبر …
واذا كان لليهود الحق بملاحقة كل من عمل مع القوات النازية خلال فترة الهولوكوست والانتقام منه حتى لو كان في الارجنتين، وكل من لا يروق لهم حديثه عن تلك المحرقة/ الشماعة، فلماذا لا يحق لي أن انتقم من اليهود الذين ارتكبوا ابشع جرائم الابادة في فلسطين من خلال المجازر في قرانا وسرقتهم لاراضينا، واجبار اهلنا على النزوح والعيش في المخيمات بظروف سيئة للغاية لأكثر من سبعين عاما…
نعم فليبدأ الانتقام لشهيد اليوم صلاح أبو جبارة ولشهيد الأمس وسيم خليفة ولشهيد الاسبوع الماضي محمد الشحام، وقبله وغيره…وكذلك الانتقام لاقتحامات المسجد الأقصى ولاعتداءات المستوطنين المتكررة على المزارعين، وغيرها…
اذن، فلنحول الثأر من عادة همجية قديمة الى اسلوب مقاومة حديث ومنظم لاجبار الاحتلال في فلسطين على الرضوخ والانصياع للقوانين الدولية والانسحاب من كافة الاراضي الفلسطينية…
شبكة المدار الإعلامية الأوروبية …_

Previous post لقاء كروي بين العراق وبلجيكا
Next post قفرٌ يُراودُ وِجهةً عجفى