مدينة بومبي الإيطالية “معرض مومياوات حي”

يمن حلاق

شبكة  المدار الإعلامية  الأوروبية …_ كانت مدينة بومبي، الواقعة على سفح جبل فيزوف في روما القديمة، مدينة متطورة تضج بالحياة، تميزت بمبانيها المثيرة للإعجاب وطبيعتها الساحرة، وبلغ عدد سكانها قرابة 20 ألف نسمة قبل أن يموتوا دفعة واحدة ويدفنوا تحت الرماد بسبب ثورة بركان غاضب عام 79… تعالوا نروِ لكم قصة المدينة الإيطالية التي بقيت جثث سكانها محفوظة تحت الرماد قرابة 17 قرناً.

مدينة بومبي.. تجذب الحجاج والسياح

على الرغم من مرور أكثر من ألفي عام على تلك الواقعة الكارثية، إلا أن آثارها لا تزال محفوظة إلى يومنا هذا في مدينة بومبي الأثرية الواقعة جنوب شرق نابولي الإيطالية.

وتعتبر بومبي مركز جذب للسياح، ليس فقط لاحتوائها على جثث محنطة محفوظة من أيام ثورة البركان الذي دمر المدينة، إنما لاحتوائها أيضاً على كنيسة سانتا ماريا ديل روزاريو، التي تعتبر مركزاً للحج.

تاريخ مدينة بومبي

كانت مدينة بومبي مدينة تجارية ذات موقع استراتيجي، الأمر الذي جعلها عرضة للحروب المتتالية، فقد سيطر عليها اليونانيون ثم الأتروسكان ثم السامنيون، لتصبح في نهاية الأمر مدينة خاضعة لروما.

تشير الأدلة الأثرية إلى أن المدينة تعرضت لتأثير المثقفين اليونانيين الذين استقروا في المنطقة في القرن الثامن قبل الميلاد.

لكن في القرن السابع حاول الأتروسكان  تحدي النفوذ اليوناني، ليصبحوا أصحاب التأثير الأكبر في المنطقة إلى أن دمرت قوتهم البحرية من قبل الملك هيرون الأول ملك سيراكيوز في معركة بحرية عام 474 قبل الميلاد.

بعد ذلك عاد النفوذ اليوناني للهيمنة في بومبي، إلى أن احتلها السامنيون في نهاية القرن الخامس الميلادي.

وفي نهاية الحروب السامنية، أصبحت بومبي والمدن المجاورة لها جزءاً من الاتحاد الروماني، لتصبح بومبي مدينة “حليفة” لروما ثم خضعت لها بشكل كامل بعد عدة حروب، لتحل اللغة اللاتينية في المنطقة بدلاً من اللغة الأوسكانية. ومنذ ذلك الحين بدأ تأثر بومبي بالنمط الروماني يظهر بوضوح في العمارة ومؤسسات الدولة والثقافة.

ووفقاً لما ورد في موقع britannica ، فقد تم ذكر بومبي لأول مرة في التاريخ في عام 310 قبل الميلاد، عندما هبط الأسطول الروماني في ميناء سارنوس في بومبي ومن هناك قام بهجوم فاشل على مدينة نوسيريا المجاورة.

وذكرت كتب التاريخ العديد من الأحداث التي مرت بها المدينة؛ مثل الحروب وأعمال الشغب والزلزال المدمر الذي ضرب المدينة عام 62، لكن لم يكن لأي من هذه الأحداث أثر كارثي؛ مثل الأثر الذي تسبب به بركان ثائر عام 79.

مدينة نائمة تحت الرماد

في ظهيرة الرابع والعشرين من أغسطس/آب عام 79، أمطرت السماء في بومبي حمماً بركانياً قذفها بركان غاضب في جبل فيزوف

تم توثيق ما حدث في بومبي من قبل شاهد عيان، وكتب المؤرخ الروماني بليني الأكبر عن الواقعة بعد أن ذهب بنفسه إلى بومبي لمعاينة مخلفات البركان.

وفي العصر الحديث، كشفت الدراسات والحفريات في الموقع الأثري في بومبي عن مزيد من التفاصيل حول الحادثة. فقد خمن العلماء أن الحطام البركاني والرماد غطت المدينة حتى عمق أكثر من 9 أقدام (3 أمتار) وتسببت في سقوط أسطح العديد من المنازل، الأمر الذي أدى إلى مقتل معظم سكان المدينة.

وفي اليوم التالي، انتشرت سحب من الغازات الساخنة التي تسببت في خنق السكان الذين لم تقتلهم الحمم البركانية، وبعد ذلك تساقطت المزيد من الحمم من البركان أضافت ما لا يقل عن 9 أقدام أخرى من الحطام والرماد المتراكم الذي غطى المدينة بأكملها.

وقد ساهم هذا الحطام البركاني الذي تراكم على عمق 6 إلى 7 أمتار في الحفاظ على جثث السكان الذين لقوا حتفهم أثناء الاحتماء في منازلهم أو أثناء محاولتهم الهروب نحو الساحل أو الطرق المؤدية إلى المدن المجاورة، وهكذا ظلت بومبي مدينة مدفونة تحت الرماد 17 قرناً كاملاً؛ الأمر الذي أدى إلى حمايتها من التخريب والنهب ومن آثار المناخ.

مدينة بومبي اليوم

يعتبر اكتشاف مدينة بومبي من أبرز الاكتشافات الأثرية في القرن الثامن عشر، فقد تم الكشف عن بقايا المنازل المهدمة المدفونة تحت الرماد والتي يعود تاريخ بعضها إلى القرن الرابع قبل الميلاد، وعن جثث الناس المتحجرة. وقد حفظ الرماد المدينة بشكل مدهش لدرجة أن العلماء وجدوا أواني فاكهة وأرغفة خبز متحجرة في الأفران يعود تاريخها إلى العام 79 عندما وقعت الكارثة.

واليوم تعتبر بومبي موقعاً أثرياً مهماً في إيطاليا، فقد صنفتها اليونسكو على قائمة موقع تراث عالمي عام 1997، ولا يزال السياح يزورونها لمشاهدة بقايا المنازل والجثث المتحجرة المنتشرة في المواقع الأثرية، على الرغم من أن بركان جبل فيزوف لا يعتبر هادئاً تماماً في يومنا هذا، فقد كان آخر نشاط له عام 1944، مع ذلك لم يكن نشاطاً خطيراً كذلك الذي حدث قبل ألفي عام، ولا تزال المناطق المحيطة بالمدينة مأهولة بالسكان إلى اليوم.

عربي بوست

shallow focus of coffee beans on white ceramic cup Previous post منصب وزاري الأول من نوعه بالعالم في افريقيا
Next post الشباب البلجيكي ومشكلة عدم العمل