عندما تلازمنا هموم القضية والسياسة الفلسطينة

Read Time:2 Minute, 16 Second

إبراهيم عطا _كاتب فلسطيني

شبكة المدار الإعلامية الأوروبية…_وكأنه مكتوب على الفلسطيني ان يحمل القضية اينما وصل و حل، وأن تصاحبه هموم السياسة اينما ذهب ورحل…واخيرا وصلنا إلى مدينة طرابزون الجميلة الواقعة على البحر الاسود برحلة سياحية في طريقنا الى قبرص الشمالية، الا ان وثيقة السفر الخاصة باللاجئين التي كانت على وشك ان تؤخر رحلتنا وتغير من برامجنا بسبب تأخر صدور التاشيرات، حيرت موظف المطار عند الوصول، فسأل زميلته عن نوع “هذا الجواز” وتأكد منها قبل ان يضع عليه ختم الدخول…
كم هي جميلة طبيعة الشمال التركي المليء بالمناظر الخلابة والجبال الخضراء الشاهقة، خاصة في منطقة اوزنغول والنبي خضر ومرتفعات أيدر، وكذلك دير سوميلا التاريخي، الا ان اخبار فلسطيننا الحبيبة وخاصة مواجهات نابلس واقتحامات قوات الاحتلال المتكررة وسقوط الشهداء كانت تأبى الا ان تشاركني هذا الجمال وتذكرني بين الفينة والاخرى بواقع الحال، ربما لان الطبيعة البشرية ترفض الظلم والاحتلال وكل ما هو غير طبيعي ويقيدنا بالاغلال…
فندق رائع في وسط المدينة عند ساحة الميدان المزدحمة بالمطاعم والمحلات، وسياح من مختلف الاعراق والجنسيات يسيرون في كل الطرق والاتجاهات، ولا مجال للتفكير او التحليل حول آخر الاحداث والتطورات، ولكن بعض الصور تمر في مخيلتي مثل الفلاش لثواني معدودات وهو ما يشعرني بنوع من تأنيب الضمير ولوم الذات… هذه بغداد التي حلمت بزيارتها لسنوات تعبر بمشاهدها المؤلمة جدا ورائحة الفتنة قد تنتقل الى المحافظات، بينما طرابلس التي عشت فيها سنوات جميلة لا تزال تعد ضحاياها ولا تتوقف فيها الاشتباكات…
انزل الى بهو الفندق لتناول فطوري، بوفيه مفتوح فيه ما لذ وطاب من الطعام، أبحث في هاتفي عن رسائل الاهل والاصدقاء، فأجد صورة المعتقل خليل عواودة على هاتفي وتذكرني بمعركة الامعاء الخاوية التي يخوضها ضد الاعداء ولا تسلط عليها الاضواء، وتهديدات الحركة الاسيرة بالاضراب، افتش بين الاخبار واقلب صفحات الفيسبوك فاجد صورة العواودة وهو يحتسي الشاي بعد أن انتصر على السجان وانتزع موافقة العدو الصهيوني على الإفراج عنه…
السائق نجدت الذي يرافقنا في زيارة الأماكن السياحية لا يتحدث الا لغته والقليل من الالمانية، فنقوم بالتعويض عن الحديث معه بالموسيقى والاغاني التركية والعربية، وتواسيني كلمات شاعرنا الكبير محمود درويش عندما يقول”ونحن نحب الحياة اذا ما استطعنا إليها سبيلا،…أما معظم المقيمين في الفندق فيتكلمون العربية بلكنة فلسطينية هي أقرب ما تكون الى لهجة أهلنا في الداخل المحتل عام ٤٨، فهل يحملون جوازات سفر “اسرائيلية”؟…أشعر بالرغبة بالحديث معهم وسؤالهم عن احوالهم وعن مشاعرهم تجاه الاحداث السياسية، ثم أتراجع لكي لا نقحم السياسة في أجوائهم السياحية…
نعم، نحن شعب يحب الحياة ويسترق لحظات الفرح من ساعات الالم والضغوطات اليومية، ويحول مواكب الشهداء الى أعراس يومية، فنرى اسرانا يبتسمون خلف القضبان وخلال عمليات اعتقالهم حتى لا يرى هذا العدو الشرس في وجوههم اي نقاط ضعف تعطيه نشوة القوة أو تمنحه غبطة النصر ولو للحظات…
“نحن نحب الحياة اذا ما استطعنا إليها سبيلا، ونرقص بين شهيدين…”
الرحمة لشهداء الامس سامر خالد ويزن عفانة ولكل شهداء فلسطين….

شبكة المدار الإعلامية الأوروبية …_

Happy
Happy
0 %
Sad
Sad
0 %
Excited
Excited
0 %
Sleepy
Sleepy
0 %
Angry
Angry
0 %
Surprise
Surprise
0 %
Previous post من مثقفي القرون السابقة ((هانز كريستيان اندرسن ))
Next post مكافأت للبلديات البلجيكية التي تستقبل اللاجئين