أزمة الهوية والاندماج والتكامل في أوروبا
شبكة المدارالإعلامية الأوروبية…_ما زال الشباب في دول أوروبا والغرب يعيش “أزمة الهوية”، وهذا مايدفع العديد من الشباب نحو التطرف والتطرف العنيف، المشكلة تكمن بـ “ضياع” الشباب مابين هوية الأم الأصلية أي البلد الأصلي ومابين البلد الأوروبي الذي يعيشه فيه. وهذا لا يعني خسارة الشاب الذي يعيش في دول أوروبا قيمه الثقافية أبداً بقدر ما يعني انه يعيش بسلام وتعايش مع بقية مكونات المجتمع، أي أن يتقبل الاخرين ويحترم ثقافاتهم ويحترم الدستور والمواطنة للبلد الذي يعيش فيه. إن مشكلة “أزمة الهوية” لا تكمن في الجيل الأول من المهاجرين بل الجيل الثاني والثالث والرابع. وهنا تتحمل الأسرة أيضاً جزء كبير من مسؤوليتها بتعزيز هوية الأبناء، إلى جانب المدارس والمناهج وحتى البلديات المحلية من خلال التواصل المجتمعي.
يعد التهميش والفقر والبطالة هو أحد الأسباب القوية لأزمة الهوية التي تؤثرعلى العديد من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي من الدنمارك إلى إيطاليا والنمسا وفرنسا وهولندا. وتستغل الجماعات المتطرفة والإسلاموية أزمة “الهوية” في تجنيد واستقطاب الشباب الذي يتجه إلى التطرف العنيف.
ما مفهوم الهوية الأوربية؟
يقول “باسكال دلفيت” أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الحرة بروكسل على مستوى الاتحاد الأوربي، هناك عدد من الأشخاص الذين يروجون، لفكرة الهوية والمواطنة الأوربية سواء عبر الاتحاد أو داخل الدول الأعضاء، ومع ذلك، هذا لا يعني أن المواطنة الأوروبية ينبغي أن تسود، ولكنها قد تكون موازية للحصول على حق المواطنة. وهناك أيضا محاولات لبناء المواطنة الاجتماعية. لذلك، فبالإمكان المضي قدماً في طريق من التعايش بين هويات مختلفة، وهذه حقيقة بل واقع ملموس، وأيضاً المواطنة الأوروبية، المواطنة الوطنية، المواطنة الإقليمية. وبالنسبة للمواطنين، تعتبر المواطنة البلدية، والإنتماء إلى البلدية أو لقرية الإقامة أمر هام جداً بالنسبة للمواطنين.
وفيما يلي أبرز العوامل التى تؤدي إلى أزمة الهوية في دول أوروبا:
تهميش بعض الأحياء في أوروبا
يُعتبر حي “مولنبيك” خاصاً بالمهاجرين ويعد منذ عام 2015 معقلاً للجهاد الأوروبي، ولم تنجح المنطقة في التخلص من هذه السمعة السيئة بعد، وسط توسّع الجرائم المرتبطة بالمخدرات في “مولنبيك”، تتصاعد المخاوف في 20 يوليو 2022أن تستمر الأسباب الأصلية الكامنة وراء التطرف الإسلاموي، أي التهميش الاجتماعي الذي دفع بعض الشبان في “مولنبيك” إلى التطرف. ويشهد هذا الحي مداهمات متقطعة من جانب الشرطة بسبب ارتباطه بالاعتداءات المتطرفة. فهناك العديد من العوامل المحلية والعالمية هي التي حوّلت هذا الحي إلى أرض خصبة للجماعات الإرهابية، بما في ذلك تنظيم “داعش”. على المستوى المحلي، لطالما سجّل هذا الحي نسبة مرتفعة من البطالة والفقر مقابل تراجع فرص التعليم.
الجماعات الإسلاموية المتطرفة ـ استغلال “أزمة الهوية”
ترصد الجماعات المتطرفة حالات أزمة “الهوية” من داخل أوروبا وبالتحديد من داخل المجتمعات المغلقة و “المحميات” بالتقرب من الشباب واستقطابهم الى أفكارهم المتطرفة، من خلال زرع فكرة الكراهية والعداء إلى المجتمعات الأوروبية، ثم النزوح نحو التطرف والتطرف العنيف والإرهاب. أظهرت العمليات الإرهابية للجماعات الإسلاموية المتطرفة، الكثير من هذه الحالات، بعد أن تستغل مشكلة الأزمات النفسية والأجتماعية وعامل الأدمان على المخدرات، وكشفت موجات الإرهاب في أوروبا خلال عام 2015 وما بعدها الكثير من هذه الحالات والتي تستوجب المراجعة والدراسة من قبل الأسرة والبلديات ومنظمات المجتمع البلدي والحكومات.
الخطاب المتطرف العنصري
يستخدم المتطرفون اليمينيون التمييز والأفكار العنصرية لحماية الهوية التي يعتبرها مهددة من قبل الأجانب واللاجئين. وفي هذا الإطار يتبنى أفكاراً متطرفة تحض على كراهية الأجانب في 22 أغسطس 2022. تزامن صعود الأحزاب اليمينية المتطرفة في أوروبا، مع تصاعد العداء للمسلمين، وهو ما بات يعرف بـ”الإسلاموفوبيا”، وهي ظاهرة فكرية تستند إلى تنميط للمسلمين المهاجرين، وتروج لفكرة أنهم غير مندمجين في مجتمعاتهم، وأنهم يشكلون بؤراً للإرهاب، ويثير صعود تلك الأحزاب اليمينية المتطرفة،على مدار الأعوام القليلة الماضية، مخاوف الجاليات المسلمة في أوروبا، في ظل ما يصدر عنها من دعوات ضد المهاجرين بشكل عام، وضد المهاجرين المسلمين على وجه الخصوص في 18 أبريل 2021.
أفاد استطلاع آراء أجراه معهد (CSA )الفرنسي في 5 أغسطس 2022 أن أكثر من (9 ) من كل (10) فرنسيين أنه من الضروري طرد الدعاة الأجانب الذين يلقون خطابات تحض على النطرف. ومن بين الذين تقل أعمارهم عن (35) عاماً، عارض (22% )هذا القرار فيما جاءت نسبة المعارضة (28% ) بين الشباب عمرهم (18) إلى (24) سنة. وأيد (98%) ممن تزيد أعمارهم عن (65) عاماً طرد تلك الأئمة. من حيث التوجه السياسي، فإن أنصار اليمين واليمين المتطرف والوسط هم الأكثر تفضيلاً لطرد الدعاة الأجانب (97%) ممن هم قريبون من حزب الرئيس إيمانويل ماكرون و(100%) في أوساط حزب الجمهوريين و(99%) للتجمع الوطني اليميني المتطرف و(96٪) من أنصار حزب إريك زيمور “استعادة فرنسا”. لكن المفاجئ كانت النسب المرتفعة للغاية في أوساط اليسار والمؤيدة للطرد، حيث وافق (96%) من المقربين من حزب الخضر و(92% )بين مؤيدي الحزب الاشتراكي و(715) بين ناخبي حركة “فرنسا العصية”.
يستمر التطرف والتجنيد في السجون بينما يستمر التطرف اليميني العنيف في جذب المجندين الأصغر سنًا ، بما في ذلك عبر منصات الألعاب. أدى الجمع بين العزلة الاجتماعية والمزيد من الوقت الذي يقضيه الإنترنت على سبيل المثال خلال جائحة COVID-19 إلى تفاقم المخاطر التي تشكلها الدعاية المتطرفة العنيفة والمحتوى الإرهابي على الإنترنت، لا سيما بين الشباب في 17 نوفمبر 2021.
سياسات معادية للمهاجرين
بدأ “فيكتور أوربان” رئيس الوزراء المجري مع موجة اللاجئين لعام 2015 حملته المعادية للمهاجرين. وبالنظر بشكل أعمق لإدارته لملف الهجرة منذ ترؤسه الحكومة في العام 2010، شهدت القوانين المتعلقة بالهجرة تغييرات عدة أدت إلى حرمان طالبي اللجوء من الوصول إلى حقوقهم. في مارس عام 2017، أصدرت الحكومة تشريعات جديدة أكثر قسوة، تقضي بترحيل أي شخص توقفه السلطات داخل الأراضي الهنغارية. عمدت الحكومة الهنغارية إلى تقليص الخيارات القانونية المتاحة أمام طالبي اللجوء الوافدين إلى هنغاريا. في مايو 2020، وتذرعا بالأزمة الصحية المرتبطة بفيروس كورونا، قدمت حكومة هنغاريا أحكاما تشريعية تنص على أن الأشخاص الذين يسعون للحصول على الحماية الدولية، عليهم التعبير أولاً عن نيتهم في طلب اللجوء في السفارة الهنغارية في الدول المجاورة غير الأعضاء في الاتحاد الأوروبي قبل أن يتمكنوا من الدخول إلى البلاد والوصول إلى إجراءات اللجوء في هنغاريا في 8 أبريل 2022.
صعوبات التعليم
يواجه الأطفال اللاجئون في 19 أبريل 2021 في اليونان تحديات تعيق تسجيلهم في المدارس العامة، كذلك الأمر بالنسبة إلى طالبي اللجوء الذين لا يتسنى لهم فرصة التعلم في المخيمات أو مراكز الاستقبال المؤقتة. وتُظهر الإحصاءات الرسمية المتاحة انخفاضاً ملحوظاً في تسجيل الأطفال اللاجئين في المدارس العامة على مدار عامي 2019-2020، من (12,867 ) في يونيو 2019 إلى (8,637) في مارس 2021. الظروف المعيشية غير المستقرة تؤدي إلى عرقلة العملية التعليمية. المشاكل في تنفيذ الخطة التي وضعتها الحكومة في 2016، مثل فشل إنشاء فصول دراسية وتزويدها بالموظفين، وعدم توفر أو كفاية خدمات النقل. ويوضح التقرير “الأثر السلبي لإجراءات اللجوء ونظام الاستقبال في البلاد، في الوصول إلى التعليم”، مشيرا إلى أن الظروف المعيشية غير المستقرة تؤدي إلى عرقلة العملية التعليمية.
البطالة والأزمات الاقتصادية
كشفت إحصائية للوكالة الاتحادية للتشغيل في 14 يوليو 2021 أن نسبة المهاجرين السوريين المعتمدين على معونات البطالة في ألمانيا تزيد عن الثلثين، متجاوزة بكثير نسبة باقي اللاجئين من دول أخرى. انخفضت نسبة المستفيدين من الدعم الحكومي بين السوريين في سن العمل مقارنة بنفس في عام 2020، حيث كانت تبلغ نسبتهم في ذلك الحين نحو (70%). يقول “أشار بوتفارا” عضو المجلس الاستشاري للاندماج والهجرة إلى أنه “يمكن القول بوجه عام إن معدل البطالة بين اللاجئين مرتفع للغاية دائماً في السنوات الأولى من الإقامة”. وذكر “بوتفار” أن ضآلة نسبة العاملين بين اللاجئين السوريين مقارنة بجنسيات أخرى قد يكون لها علاقة بهذا، وكذلك بنسبة النساء المرتفعة في هذه المجموعة، مشيراً إلى أن العديد من النساء السوريات لحقن بعائلاتهن في إطار لمّ الشمل، وبالتالي لم يمضين فترة طويلة في ألمانيا بعد، مضيفا أنهن كثيرا ما يكن غير متاحات لسوق العمل بسبب رعايتهن لأطفال صغار، وكذلك لأسباب ثقافية.
**
2- محاربة التطرف في أوروبا ـ سياسات الاندماج، المعوقات والتدابير
تواجه أوروبا مزيد من الصعوبات في سياسات الاندماج والتكامل الأجتماعي، تحديدا دمج اللاجئين والمهاجرين في سوق العمل والمجتمع. ورغم الجهود التي تبذلهل دول أوروبا فما زالت دول أوروبا تحديات عديدة وانتقادات كثيرة بشأن عمليات اندماج اللاجئين والمهاجرين، وذلك بسبب أثر المفاهيم المغلوطة والانطباعات السلبية بأن اللاجئين والمهاجرين يشكلون تهديدًا للقيم الأوروبية، ما يعيق من اندماجهم المجتمعي. هذه المفاهيم الخاطئة تدفع بعض اللاجئين للنزوح نحو التطرف والتطرف العنيف والإرهاب. تسعى فيه المفوضية الأوروبية والدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي دعم سياسات دمج المهاجرين في أنظمة التعليم والرعاية الصحية والتدريب لتأهيلهم في سوق العمل، وخلق فرص عمل جديدة لهم.
الاندماج والمواطنة
الاندماج: عملية طويلة المدى وشاملة لكافة أطياف المجتمع، هدفها المشاركة المتساوية والشاملة للأشخاص ذوي الأصول المهاجرة في الحياة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية.
المواطنة: تعني معاملة جميع الأفراد كأعضاء متساوين في المجتمع. بعبارة أخرى، يمكن للمواطن التمتع بنفس الحقوق التي يتمتع بها المواطنون الآخرون، من خلال المساواة في الوصول إلى خدمات الرعاية الصحية والاجتماعية، أو فرصة التصويت والترشح في الانتخابات السياسية على سبيل المثال. وتختلف الأحزاب الأوروبية فيما إن كانت المواطنة شيئاً يمكن اكتسابه أم لا، ولكنهم يتفقون على أنها شرط أساسي للديمقراطية.
وفيما يلى الجهود الأوروبية لدمج اللاجئين والانتقادات الموجه لها:
تدابير للاستجابة بشكل أفضل للاحتياجات والمشاكل – محاربة التطرف
اعتمدت لجنة وزراء مجلس أوروبا المعنية بحماية حقوق النساء والفتيات المهاجرات واللاجئات وطالبات اللجوء توصيات في 20 مايو 2022 تتعلق بتوفير تدابير للاستجابة بشكل أفضل للاحتياجات والمشاكل التي يعانين من جرائها. وكذلك تحديد مجموعة من التدابير للدول الأعضاء لحماية حقوق النساء المهاجرات بشكل أفضل والمساهمة في منحهنّ فرص التعليم والتوظيف”. ويعد نص التوصية، جزءًا من خطة عمل مجلس أوروبا بشأن حماية الأشخاص المستضعفين في سياق الهجرة واللجوء في أوروبا (2021-2025).
تطبيقات وبرامج الاندماج في فرنسا
أطلقت فرنسا تطبيق يدعى ” refugies.info” في 16 يناير 2022 يساعد اللاجئين على تسيير أمورهم اليومية في البلاد، خاصة في ظل نظام إداري يعتبره معظمهم أنه معقد ويحتاج للكثير من الشرح. للتطبيق (7) لغات يعمل التطبيق من خلال أقسام مبوبة، لكل منها وظيفة مختلفة. فهناك مثلا قسم معني بإدارة الأوراق، أي مساعدة اللاجئين على إتمام معاملاتهم الإدارية والقانونية، كطلبات الإقامة ولم الشمل والضرائب. قسم آخر يعنى بتعليم اللغة الفرنسية، وآخر خاص بالبحث عن فرص للتدريب المهني أو العمل أو السكن، ويتيح التطبيق أيضا للاجئين التسجيل في خانة “فهم الثقافة الفرنسية”.
قدمت جمعية فرنسية للاجئين برنامجين تدريبيين في 27 يناير 2022 ، ليصبحوا مؤهلين للعمل في مجال المطاعم في البلاد من أجل مساعدة المهاجرين على الاندماج وتعزيز فرصهم بإيجاد عمل، استفاد بالفعل من هذه التدريبات حوالي (300) شخص من (17) جنسية مختلفة، بما في ذلك العديد من الأفغان والإريتريين والسودانيين. وفي باريس، يتمكن ما بين (60 و70%) من دخول العالم المهني في غضون شهرين من إكمال تدريبهم.
مشروع “لينكولنشاير للأطباء اللاجئين” في المملكة المتحدة
يهدف مشروع “لينكولنشاير للأطباء اللاجئين” في المملكة المتحدة إلى توفير الدعم وتوظيف الأطباء اللاجئين ويسهّل المشروع وصول الأطباء اللاجئين إلى العمل في العيادات الحكومية والمستشفيات، علماً أنّ هذه العملية تستغرق في المتوسط نحو عامَين ونصف عام. تبلغ الكلفة الإجمالية لتدريب طبيب لاجئ للعمل في خدمة الصحة الوطنية نحو (34.800) ألف دولار، أي نحو (12%) فقط من كلفة تدريب طبيب بريطاني جديد.
انتقادات بشأن عمليات الاندماج في أوروبا -محاربة التطرف
تواجه الجكومات الأوروبية للعديد من الانتقادات بشأن دمج وتأهيل اللاجئين. ففي بريطانيا يحصل اللاجئ على مساعدة سكنية ومالية بمجرد أن يتقدم الشخص بطلب للجوء إذا لم يكن لديه الوسائل اللازمة لإعالة نفسه، إلى حين البت في طلبه في 25 نوفمبر 2021.
لا يسمح لطالبي اللجوء في المملكة المتحدة بالعمل – بما في ذلك العمل التطوعي، إلا إذا كان قد مر عام على تقديمهم لطلب اللجوء، في هذه الحالة يستطيعون القيام بالعمل في عدد محدود من المهن، إذا كانت تلك المهن تعاني من نقص في العمل. هذه القاعدة المثيرة للجدل تهدف إلى منع الأشخاص من استغلال التقدم بطلب اللجوء في العمل في المملكة المتحدة. لكن منتقديها يقولون إنها تحول دول اندماج اللاجئين في المجتمع، كما تعد إهدارا للمهارات التي يجلبونها معهم.
توصل استطلاع رأي لصالح المركز الألماني لمناهضة التمييز في 17 يناير 2022 إلى أن (1)ً من بين كل (3) من ذوي الأصول الأجنبية قد تعرض للتمييز أثناء البحث عن سكن في ألمانيا. ندرة البيوت في برلين وغيرها من كبرى المدن الألمانية تؤدي إلى بروز حالات العنصرية والتمييز ضد المهاجرين عند التقدم لاستئجار منزل. ويقول “بِرنهارد فرانكه”رئيس المركز، إن مجرد ذكر الباحث عن سكن في ألمانيا اسمه، الذي قد يبدو أجنبياً، يجعل القائمين على السكن يستبعدونه من رؤية السكن، بغرض التعرف عليه قبل استئجاره. ورأي أن إعلانات السكن “التمييزية” الصريحة لا تزال، وللأسف، أمراً معتاداً في الحياة اليومية”.
أجرت الدنمارك تشديد سياسات اللجوء بشكل كبير منذ عام 2014 ومرة أخرى في عام 2019 وتخلت عن اهتمامها بالاندماج وصبت جل تركيزها على منح اللاجئين الحماية المؤقتة وإعادتهم من حيث أتوا. وشنت الحكومات الدنماركية المتعاقبة حملات مناهضة للهجرة، بما في ذلك مصادرة الأصول مثل المجوهرات من طالبي اللجوء. وفقاً للأرقام الأولية، فقد بتّت دائرة الهجرة الدنماركية في (300) حالة.
- حصل حوالي (50%) على تصاريح جديدة أو جرى تمديد إقاماتهم.
- تم إلغاء أو عدم تجديد تصاريح إقامة لـ (154) لاجئاً، بالإضافة إلى (100) تصريح تم سحبه من أصحابها في عام 2020.
- تم رفض طلبات لجوء (39) شخصاً ممن ينحدرون من دمشق بشكل نهائي من قبل هيئة شؤون اللاجئين.
ردود على الانتقادات – محاربة التطرف
أكد “ليون فيلدت” المتحدث باسم وكالة اللاجئين الهولندية نقل مئات اللاجئين من مركز إيواء طالبي اللجوء الرئيسي “تير أبيل” في 27 أغسطس 2022 إلى مراكز أخرى في البلاد. واعترف رئيس الوزراء الهولندي “مارك روته” بوجود “مشاهد مخزية في المركز”، واعدا بحل قريب للمشكلة.
اقترح “جيرالد دارمانين” وزير الداخلية الفرنسي مشروع قانون لتضييق الخناق على الهجرة غير الشرعية وتمكين طرد المواطنين الأجانب المدانين بارتكاب أعمال إجرامية ومحاربة التطرف وتحسين ظروف اندماج الأجانب في وضع قانوني. واعتماد تدابير تهدف إلى ضمان السماح للأجانب بالبقاء في فرنسا إذا قبلوا “القيم” الوطنية في 5 أغسطس 2022.
وعد ” بوريس جونسون” رئيس الوزراء البريطاني باحتواء الهجرة واندماج المهاجرين واللاجئين، التي شكلت أحد المواضيع الرئيسية في حملة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. واعتبرت وزيرة الداخلية البريطانية “بريتي باتيل” أن القانون الجديد للهجرة “لحظة تاريخية للبلاد” ستسمح “بالمضي قدما في مكافحة الهجرة غير الشرعية والجماعات الإجرامية عبر فرض عقوبات أكثر صرامة على من يسهلون الدخول غير القانوني والخطير إلى المملكة المتحدة”. وينص القانون الجديد على فرض عقوبات أكثر صرامة بحق المهاجرين الذين يصلون بشكل غير قانوني، فضلاً عن إرسال طالبي اللجوء إلى بلدان من العالم الثالث في 29 أبريل 2022.
3- محاربة التطرف ـ جدلية “الإسلام جزء من أوروبا”
شهدت الدول الأوروبية جدلاً متنامياً حول الإسلام، في ألمانيا على سبيل المثال ، استخدم وزير الداخلية الألماني الأسبق- رئيس البرلمان الاتحادي حالياً – فولفغانغ شويبله) عام 2006 عبارة “الإسلام جزء من ألمانیا وأوروبا، وأكدها الرئيس الألماني الأسبق “كریستیان فولف عام 2010، أن الإسلام ينتمي لألمانيا ، وكررت نفس العبارة غير مرة المستشارة الألمانية وبعض السياسيين، فيما عارض هذه العبارة آخرون. واحتدَّ النقاش حول الموضوع بعد صعود اليمين الشعبوي، حتى أصبحت تلك العبارة شعاراً يعبر عن الموقف من الإسلام.
زايدت بعض الحكومات الأوروبية وأحزابها السياسية، على ما تطرحه أحزاب اليمين المتطرف، عبر تبني خطاب يتماهى مع خطاب تلك الأحزاب، بهدف كسب مزيد من الأصوات الانتخابية، وهو ما يدفع الحكومات إلى اتخاذ خطوات ضد الجاليات المسلمة لتعزيز موقعها في الشارع الانتخابي.
نشير في هذا الصدد إلى الحالة الفرنسية، حيث أثار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون جدلاً كبيراً أوائل أكتوبر 2021، حين أشار في خطاب له إلى أن مسلمي فرنسا، يمكن أن يشكلوا “مجتمعاً مضاداً”، وأن الإسلام يواجه “أزمة” في جميع أنحاء العالم، قبل الكشف عن خطته لمعالجة ما اعتبره “مجتمعا موازيا” في فرنسا.يمكن القول إن صورة الإسلام، كما عكسها استطلاع الرأي في غاية السلبية، وبناء هذه الصورة نابع بشكل رئيسي من الأحكام التلقائية التي تطلقها وسائل الإعلام الغربية، ومن ورائها النخب السياسية والفكرية والثقافية الغربية.
الجالية المسلمة في أوروبا
تقول هيلينا دالي، المفوضة الأوروبية المكلفة ملف المساواة، في 20 يونيو 2020 إن الجالية المسلمة في أوروبا تواجه تمييزاً متزايداً في عديد من مجالات الحياة، بسبب دينهم، وبالاقتران مع أسباب أخرى مثل الأصل العرقي والجنس، وهذا يعرض حقوقهم الأساسية للخطر، ويمنع الإعمال الكامل لتحقيق المساواة. وفي تقرير لـمعهد Bertelsmann Stiftung الألماني في أكد المعهد زيادة عدم الثقة بالمسلمين وارتفاع الإسلاموفوبيا في أوروبا عموماً، وأشار إلى أنه في فرنسا مثلاً يعتقد (60%) من السكّان أن الإسلام لا يتوافق مع نمطَي التفكير والعيش الغربيين.
المعهد نفسه أشار في دراسة قبلها في إطار مشروع “رصد الدين”، تعود إلى عام إلى أنه على الرغم من تحقّق الاندماج اللغوي للمهاجرين المسلمين في فرنسا، وعلى الرغم من أن (89%) من المسلمين في فرنسا يُكملون تعليمهم بعد سن السابعة عشرة، فإن البلاد تعاني تمييزاً ضد المسلمين في سوق العمل، إذ ارتفعت نسبة البطالة بين المسلمين بما يتجاوز (6) نقاط عن النسبة العامة للمواطنين، فالنسبة العامة للبطالة في البلاد بلغت (8%) مقابل (14%) بين المسلمين. وتلفت الدراسة إلى أنه في “حالة تساوي المستوى التعليمي بين المسلم والمواطن الأوروبي، فإن فرص المسلم في الحصول على وظيفة تبقى أقل”
في استطلاع رأي أجرته وكالة الاتحاد الأوروبي للحقوق على أكثر من (10) آلاف مسلم في (15) دولة أوروبية، كشف أن قرابة (92%) من المسلمين عانوا من التمييز العنصري بأشكاله المختلفة، (53%) منهم بسبب أسمائهم و (39%) بسبب زيهم الإسلامي، فيما تعرضت (94%) من النساء لمضايقات عنصرية بسبب الحجاب.
مفهوم “الإسلام الأوروبي”
بدأ مفهوم “الإسلام الأوروبي” قبل 20 سنة تقريباً ، يروج بين أوساط الأكاديميين والباحثين والمحللين الغربيين، وإلى حد ما، الناشطين المسلمين في أوروبا. لا تبدو الكلمة مستساغة لدى كثيرين، سواء أكانوا مسلمين أو كانوا من الأوروبيين غير المسلمين. فالمسلمون يرفضونه لإيمانهم أن الإسلام واحد، ولا يصلح تفصيله وفق مقاسات تقتضيها الظروف والبيئات. والأوروبيون أيضاً يرفضون ببساطة أي ربط بين كلمتي “إسلام” و”أوروبا”. لكنّ هذا المفهوم غدا واقع، ويطرح للنقاش في الجامعات المؤتمرات ووسائل الإعلام والمقالات كحلٍّ لمشكلة اندماج المهاجرين، وظهور الإسلاموفوبيا، وصعود اليمين المتطرف، والهجمات الإرهابية.
وبشكل عام يقوم الداعون “لإسلام أوروبي” بطرح رؤى فكرية لتحديث الخطاب الإسلامي في أوروبا؛ ليكون جزءاً من الفكر الأوروبي، وذلك بتأصيل حقوق الإنسان، وطرح حلول فكرية لإشكاليات قضايا المرأة، وعلاقة الدين بالسياسة، وإعادة النظر في منهجية التعامل مع النص الديني.
نظرت العديد من الحكومات الأوروبية أحياناً إلى “الإسلام الأوروبي” على أنه مشروع موحد محتمل، وهو مشروع قد يعالج فشل النهجين الأوروبيين المهيمنين في التعامل مع المهاجرين (سواء كانت استراتيجية الاستيعاب في فرنسا أو التعددية الثقافية في شمال أوروبا). علاوة على ذلك ، غالباً ما يُنظر إلى تقدم هذا المشروع على أنه يؤدي إلى إضفاء الطابع المؤسسي الذي طال انتظاره للإسلام، والذي يمكن أن يعوض عن عدم وجود سلطة مركزية في الإسلام ويمكن التفاوض معها بشأن الأمور ذات الاهتمام المشترك.
وفي سياق تنظير للإسلام الجديد، وإعداد نموذج يهدف إلى تمييز المعتدلين عن المتطرفين، زاد أليكس شميد الأمر تعقيدًا بخروجه بوسوم إضافية. فقد صنّف المسلمين باعتبارهم “جهاديين” أو “إسلاميين” أو “محافظين” أو “تعدُّديين” ضمن نموذج دائري. فكلما كان المسلم أقرب في موقعه إلى الدائرة الخارجية، كان يتسم بقدر أكبر من الاعتدال. وفي المقابل، كلما كان موقع المسلم أقرب إلى الدائرة الداخلية، كان على درجة أكبر من التطرف والعنف. ووفقًا لما يراه شميد، فالمسلمون التعدديون هم الذين يمكن تصنيفهم باعتبارهم “المسلمين الجدد، مسلمين معتدلين، ومسلمين ثقافيين، ومسلمين اجتماعيين، ومسلمين ليبراليين، ومسلمين إصلاحيين، ومسلمين تقدميين، ومسلمين غربيين، ومسلمين ديموقراطيين ومسلمين يساريين”.
ووفق اعتقاد المستشرق الهولندي يان ياب دي راوتر إن أوروبا سوف تستقبل الإسلام السمِح المعتدل ، بقوله: “مستقبل الإسلام في أوروبا وليس في العالم العربي والإسلامي”، ويبرر ادعاؤه بأن “العالم أصبح غير قادر على استيعاب الإسلام التقليدي، وإنما نسخة ملطفة، متحضرة وديمقراطية منه، هي تلك التي ظهرت وترعرعت في الغرب وتشبعت بمبادئ الديمقراطية والحرية والتعدد”.
دافع المستشرق الهولندي عن نظريته بالقول: “إذا أخذنا هولندا كمثال، هناك تيارات إسلامية كثيرة تراوح بين الشدة أو التطرف والتسامح، تعيش جميعها في هولندا وتمارس حياتها، وأفكارها ودينها بشكل حر تماماً، ومن دون خلاف أو اصطدام بينها. لأن الجو العام، أو الغطاء العام الذي تنشط تحته، مظلة ديمقراطية واسعة، تشمل الكل، وتسمح للكل بالتعايش داخلها بشكل سلمي، هذا الإسلام الموسع، المتعدد، هو النموذج المستقبلي للإسلام، وهو إسلام ديمقراطي، ويعيش داخل دولة علمانية، الدين فيها مفصولاً عن السياسة لهذا قلت إن مستقبل الإسلام في الغرب. لأن كل أشكال الإسلام ممكنة، وهذا ليس موجودا في الدول الإسلامية.
ويناقش كونستانتين مانياكين مؤلف كتاب “التعددية الثقافية في أوروبا الغربية: من التنفيذ إلى الفشل”، أن نهجاً بديلاً لجعل الإسلام جزءاً لا يتجزأ من الهوية الأوروبية ممكناً على المدى الطويل كما أثبت تاريخ العقيدة المسيحية واليهودية ذلك. عندما كانت أوروبا المسيحية غير متسامحة مع الأقلية اليهودية ، في نهاية المطاف، أدت الإصلاحات الاجتماعية إلى الإستيعاب الثقافي واللغوي للطائفة اليهودية. وإذا اتبع الإسلام الأوروبي عملية مشابهة جداً ، فإن تعاليم الرسول محمد الدينية ستصبح جزءاً روحياً من الاتحاد الأوروبي. يمكن للمساجد الأوروبية أن تصبح معمارية رائعة للفن والتاريخ الأوروبيين ، مثل الكاتدرائيات المسيحية.
ويرى مدير معهد الشرق الألماني بهامبورغ، أودو شتاينباخ أن الإسلام الأوروبي” بإمكانه فعلاً أن يعني تراجعاً عن مضامين أساسية في المعتقد، وفي الوقت نفسه يمنح غير المسلمين حقاً في التدخل لتحديد تعريفهم الخاص لما ينبغي أن يكون الإسلام، بينما أكد “الميثاق الإسلامي” الذي صادق عليه المجلس الأعلى للمسلمين بألمانيا سنة 2002. إلى أنه “لا يوجد أي تناقض بين التعاليم الإسلامية والجوهر الذي تنبني عليه حقوق الإنسان” .
موقف مشيخة الأزهر
دعت مؤسسة الأزهر ، أكبر مؤسسة إسلامية سنية في العالم ، يوم 26 يونيو 2022 إلى سن قانون جديد لحماية المساجد ومواجهة الإسلاموفوبياويجرمها صراحة بما يضمن حماية المسلمين وعائلاتهم وأماكن عبادتهم. وقال المرصد ، إن الدعوة صدرت عقب المتابعة المستمرة لخطاب الكراهية ضد الإسلام والمسلمين الذي انتشر في العديد من الدول الأوروبية. وذكر المرصد أن منظمة برانديليج النرويجية أصدرت تقريراً عن جرائم تمييزية في الربع الأول من عام 2022 تم تسجيل 83 حالة عداء للإسلام وفي حديثه عن الإسلاموفوبيا ، قال شيخ الأزهر أحمد الطيب في يونيو 2019 إن الإعلام الغربي روج للصورة الخاطئة للإسلام من خلال مصطلح “الإسلاموفوبيا” ، على الرغم من جهود رجال الدين والعلماء المسلمين لتوضيح هذا المفهوم الخاطئ وتصحيحه. وأضاف الشيخ أحمد الطيب أن الإسلاموفوبيا متجذرة في ثقافة السياسيين والإعلاميين بسبب أموال الأشخاص المعادين للإسلام.
**
التقييم
أثرت الأزمات الاقتصادية بشكل كبير على التطورات السياسية في أوروبا. وأثبتت أنها مفيدة للجماعات المتطرفة التي شهدت عمومًا زيادة نفوذها في عملية استقطاب وتجنيد الشباب واللاجئين في أوروبا. لكن الأزمة الاقتصادية ليست العامل الوحيد الذي يجب أخذه في الاعتبار عند تحليل ظاهرة التطرف، مثل العوامل الأخرى كالتهميش والعنصرية والفقر.
تستغل التنظيمات المتطرف “أزمة الهوية” بالتحريض على الكراهية والنزوح نحو التطرف داخل أوروبا، ويكون الأمر أخطر، عند تنقل الشاب ما بين بلد الأم الأصلي، دول خارج التكتل الأوروبي مثل أفريقيا والشرق الأوسط ومابين البلد الأوروبي وذلك من خلال ارتباط الأفراد والمجموعات بالتنظيمات المتطرفة في بلد الأم وتكون أكثر تعقيداً عندما تكون هناك تنظيمات متطرفة ـ في البلد الأم ـ حينها يخضع الى التدريب والخبرات والنزوح نحو الإرهاب، لتنفيذ عمليت إرهابية في أوروبا. وهنا تبرز أهمية التعاون استخبارياً ما بين البلد الأوروبي الذي يعيش به الشاب والبلد الأم، من أجل رصد ومتابعات النزوح نحو التطرف والإرهاب وهنا ايضا يبرز دور الأسرة والمدرسة.
يعد التهميش والعنصرية بين الأجانب والفقر في أوروبا و تفشي البطالة بين فئات اللاجئين واعتمادهم على المعونات الاجتماعية أحد العوامل في خلق أزمة هوية ووراء نمو التيارات المتطرفة داخل التكتل واتساع شريحة أنصارهم.
تعد سياسات بعض دول أوروبا من العوامل الرئيسية التي تخلق أزمة هوية بين الشباب في أوروبا والتي تؤدى لاعتناق الفكر المتطرف و الانعزال داخل المجتمع، فعلى سبيل المثال سياسات التعامل المتشددة مع المهاجرين والأجانب واعتبارهم دائماً مواطنين من الدرجة الثانية ونقص الخدمات والبنى التحتية في بعض الأحياء الأوروبية.
لذلك ينبغي محاربة التطرف في أوروبا بكافة أشكالة ومعالجة السباب الحقيقية للتطرف، بتحسين الظروف الاقتصادية و الاجتماعية وإصلاح سياسات الهجرة واللجوء في أوروبا وتهيئة برامج اجتماعية لإدماج ومساعدة المتطرفين.
**
يدعم الاتحاد الأوروبي عمليات اندماج اللاجئين في المجتمعات الأوروبية على سبيل المثال، من خلال صندوق اللجوء والهجرة والاندماج (AMIF). ويوفر برنامج “Erasmus” التمويل لمشاريع وأنشطة أخرى لإدماج المهاجرين في جميع قطاعات التعليم والتدريب. ويشارك الاتحاد الأوروبي أيضًا في تمويل شبكة “SIRIUS ” الخاصة بتعليم المهاجرين التي تدعم تعليم الأطفال والشباب من أصول مهاجرة من خلال أنشطة استراتيجية على المستويين الوطني والدولي.
على الرغم من أن الاتحاد الأوروبي يدعم تطوير استراتيجيات تكامل فعالة لعمليات الاندماج ، إلا أن الوضع على الأرض متفاوت للغاية بين الدول الأعضاء وتتفاقم هذه المشاكل أحيانًا في بعض الدول الأوروبية مايجعل وضع بعض المهاجرين معقد للغاية.تُظهر الأدلة أن المهاجرين يتأثرون بشكل غير متناسب بالنتائج غير المواتية من حيث التعليم والتوظيف والوصول إلى الخدمات الأساسية مثل الرعاية الصحية والسكن اللائق. غالبًا ما يواجه الطلاب من أصول مهاجرة صعوبات في التكيف مع بيئة التعلم الجديدة.
تساعد إعادة الإدماج في التغلب على بعض الصعوبات التي يواجهها المهاجرون عند العودة إلى مجتمعاتهم وجعل عودتهم أكثر استدامة ، وكذلك منع الهجرة غير النظامية والحد من التطرف والانضمام من الجماعات المتطرفة.
ينبغي اعتماد استراتيجيات تهدف إلى تحسين إعادة الإدماج و جودة الدعم المقدم، عبر منحهم وضعًا قانونيًا وعدم التمييز في الحصول على الرعاية الصحية الأساسية والتعليم والمسكن. بالإضافة إلى مراجعة القوانين والسياسات المتعلقة بالهجرةيجب أن تكون هناك “حصة كوتا” إلى الأوروبيين من أصول أجنبية تمنح لهم في العمل والدراسة. فضلا عن الأستفادة من الخبرات لدى الأوروبيين من أصول أجنبية أوالمهاجرين. كذلك قبول معادلة الشهادات وتوفير تدريب مهني لاستعادة خبراتهم . وتكثيف التعاون العلمي والأكاديمي مابين دول أوروبا وبقية العالم خاصة.
**
ـ هناك تنامي لنفوذ حركات الإسلام السياسي والهجرة من الشرق الأوسط وهي من أبرز المعضلات التي تواجه أوروبا والاتحاد الأوروبي اليوم منذ عام 2015 .
ـ يواجه المسلمون في أوروبا تحديات كثيرة، خاصة في الوقت الحاضر الذي اشتبكت فيه عناصر دينية وسياسية بشكل غير مسبوق، فأصبح الإسلام ورقة سياسية توظفها أطراف- جماعات الإسلام السياسي” تزعم تمثيله، وأخرى تدعي أنها تنوب عن المجتمعات المسلمة في أوروبا .
ـ لا ترتبط التحديات التي تعترض المسلمين الأوروبيين بجماعات الإسلام السياسي فحسب، فثمة من الأئمة في أوروبا من يتبنون خطابا متطرفا تجاه القيم الغربية، لا سيما العلمانية، ولديهم تأثير على شرائح مسلمة واسعة، ما ساهم في إحداث قطيعة نفسية واجتماعية مع المحيط الأوروبي.
ـ صعود اليمين المتطرف في القارة الأوروبية، مع ازدياد شعبية زعماءه هذا اليمين وأحزابه، يمثل بالدرجة الأولى انعكاساً لفشل الحكومات الأوروبية، في إيجاد حلول للمشكلات المزمنة التي تعاني منها هذه الدول، وعلى رأسها المشكلات الاقتصادية .
ـ إن مهاجمة الإسلام، أمر خطير، فهي تغذّي فكرة “صراع الحضارات” التي تنادي بها جماعات مثل تنظيمي القاعدة وداعش اللذين يستغلان مثل هذه الانقسامات، الجدر رصد ومراقية حركات الإسلام السياسي والجماعات المتطرفة.
ـ تكثفت محاولات تحديد نوع الإسلام المتوافق مع القيم الأوروبية ما بين الإسلام الأوروبي والإسلام الجديد، وسط مخاوف بشأن تزايد عدد السكان المسلمين في القارة.
لا يزال السؤال عما إذا كان “الإسلام الأوروبي” سيبقى خطة مرسومة، أو سيتم تفكيكه تماماً، أو سيتم تحويله إلى برنامج متماسك وقابل للتنفيذ. ومع ذلك، هناك شيء واحد مؤكد، وهو أن الإسلام والمسلمين ليسا خارجيين ودخائل على أوروبا.
المعالجات
– ينبغي أن يكون فرز وفهم حول الفرق بين الإسلام كدين وما بين الأفراد وسلوكياتهم، والأيدلوجيات المتطرفة للجماعات الإسلاموية. وأن لا يزج الدين الإسلامي بقضايا التطرف والإرهاب، بعد كل عملية ارهابية.
– إنجاح عملية الاندماج هي مسؤولية مشتركة تتحمل الدول المضيفة جزءاً كبيراً منها، فيجب عليها احترام التعددية والطقوس الدينية ووضع أطر تتيح مشاركة الجميع في شتى سبل الحياة دون تمييز، للوصل في النهاية إلى مجتمع ديمقراطي تعددي ومزدهر.
– يتطلب من بعض المدارس الأوروبية اعتماد الدين الاسلامي كمنهج، وتدريس المسلمين أصول الإسلام ، واعتماده كمساق إختياري للأوروبيين الراغبين في دراسة الدين الإسلامي وهذا لا يعني اعتناق الإسلام.
– الاستعانة بمشايخ الأزهر ودار اإفتاء، لتعزيز المناهج التي تدرس الديانة الإسلامية في المدارس الأوروبية، وكذلك الاستفادة من خبراته بتدريب الأئمة والأساتذة والطلبة في أوروبا.
المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب و الإستخبارات