مهن ..و..محن مدارس الصفيح.. حدث ولا حرج مدرسة الطينة الشمالية

متابعة : كوثر الفرجاني
شبكة المدار الإعلامية الأوروبية …._تعاني مدارس القرى والنجوع من إهمال كبير وتكثر فيها المشاريع غير المكتملة، ولعل من النماذج البارزة والمؤلمة لهذا مبنى بدائي يضم مدرسة الطينة الشمالية للتعليم الاساسي، والتي تقع في بلدة الطيبة ببلدية الماية، والتي تبعد عن بلدية جنزور بحوالي ٢٥كلم بالمنطقة الغربية.
وقد بنيت هذه المدرسة قبل 10 اعوام بامكانيات
متواضعة ولم يتم استكمال مبانيها، فانتجت مكانا بدائيا للغاية لا يمتلك سوى عدة حاويات من الصفيح ومنذ العام 2011 والحكومات المتعاقبة لا تقدم اليد لمساعدتها، ولربما كانت آخر المحاولات منذ سنوات عدة ، بينما اختفى المقاولون والمتعهدون واحدا تلو الاخر.
طلبات بسيطة
الوصول إلى مدرسة “الطينة الشمالية” لم يكن بالأمر اليسير، إذ استلزم ذلك أن أتوقف أكثر من مرة للسؤال عن القرية التي تحمل الاسم نفسه، حتى أرشدنا صاحب دكان متواضع إلى طريق إسفلتي متعرج، سلكناه بحذر حتى لمحنا مجموعة من الحاويات على الجانب الأيمن للطريق، فأدركنا على الفور أنها المدرسة المنشودة.
ما أن ترجلنا من السسارة حتى قابلتنا ابتسامة بشوشة عرَّفت صاحبتها عن نفسها بأنها الاستاذة (منيرة ديكنة) مدير مدرسة الطينة الشمالية، تناهت لمسامعنا أصوات التلاميذ المحشورين في حاويات حديدية، بدا أنها فصول دراسية، فيما رحبت بنا المديرة (منيرة ديكنة) بحفاوة منقطعة النظير ودعاتنا لمكتبها.
لم يكن مكتب المديرة إلا غرفة ضيقة مسقوفة بالصفيح، بها دولاب حديدي رُصت به ملفات المعلمين والتلاميذ وأرشيف المدرسة، وحتى أدوات الإسعاف الأولي، وفوق دولاب خشبي قديم انتصب عدة وساءل تعليمية، اذا لاوجود لمعامل ولا مكان لها وسط هذا المكان المكتظ بمزيج من الاشياء غير المتجانسة او المتوافقة بسبب ضيق المكان.
التميز بالاسوء سوءا
وصفت الاستاذة (منيرة ديكنة)مستوى التعليم في مدرستها بـ”المميز” في السوء ، مقارنة بغيرها من المدارس، اشتكت من حالتها السيئة قائلة :“لا توجد دورات مياه ولا ساحة مدرسية ولا ملعب، والحاويات متهالكة والبرد قارص فدرجة الحرارة قد تصل إلى 10درحات مءوية في الشتاء وفي الصيف كما ترون ”.
ثم لخصت الوضع ببساطة “كل ما هنالك هو تلاميذ يجلسون على مقاعد”، وبرغم أنها خاطبت مكتب التعليم بمدينة الماية والمجلس البلدي للمدينة، مقدمة طلبات بسيطة لا تعدو عن توفير بضعة فصول حديثة ومعمل ودورة مياه، إلا أنه “لا حياة لمن تنادي” بحسب تعبيرها.
بالقرب من مكتب المديرة تقاسمت المعلمات غرفة صغيرة، اختلطت فيها أواني الإفطار مع نصف كيس من الإسمنت وفرشاة طلاء، هما كل ما تبقى من مشروع صيانة متواضع علمت أنه يتم بمجهود ذاتي.
اشتكت إحدى المعلمات من دخول مياه الأمطار عبر الأسقف، وتحدثت عن خطر ما يُلحقه البرد الشديد بالتلاميذ الصغار، فيما استغربت زميلتها وجود هكذا مدرسة في دولة مثل ليبيا قائلة بنبرة حادة “بعد 2011 لم يتغير شئ مازالت الأمور على حالها”.
دورة المياه سُقفت هي الأخرى بالصفيح، ورائحة الإسمنت لا زالت تفوح في المكان الشبيه بزنزانة فردية لولا فتحة يراد لها أن تكون نافذة عند توفر السيولة المالية، ولعدم وجود شبكة صرف صحي فإن باب دورة المياه الحديدي سيقفل في انتظار حفر خزان للصرف الصحي.
المدرسة جيدة
داخل أحد الفصول برزت أسلاك الكهرباء بطريقة غير آمنة، بينما كانت المعلمة منهمكة بشرح درس اللغة العربية لتلاميذ الصف الرابع الابتدائي مستعينة بأشعة الشمس المارة من خلال النافذة في غياب نور الكهرباء.
سألت إحدى التلميذات واسمها هيام عن حال المدرسة فردت الطفلة ببراءة “أنها جيدة”، عقّبت الاستاذة منيرة ديكنة مبتسمة انها افضل من لا شيء فلا خيار لدينا ولا مجال للتراجع.
يقول التلاميذ أن مبنى المدرسة يفتقر لأبسط المقومات فسقفها من الصفيح وأرضيتها خشبية، كما لاتتوفر فيها دورة مياه، وفي الشتاء يسقط المطر بصورة مباشرة داخل الصفوف وهو ما يتسبب في انقطاعهم عن الدوام وضياع الوقت، وفي الصيف لا يمكن وصف معاناتهم جراء اشتداد الحرارة.
لكنهم يتحملون كل ذلك بسبب صعوبة الوصول للمدارس الأخرى لبعدها حيث تقع اقرب مدرسة ابتدائية في منطقة الماية على مسافة 9كلم، بينما يأتي طلاب آخرون من مناطق بعيدة.
مررنا بفصل الصف السادس الابتدائي الذي رفرف فوقه علم الاستقلال، ابتسم في وجهي أحد التلاميذ ولم اجد بدا من مبادلته الابتسام، أما الجدران فكانت مهترئة بشكل كبير حتى أن الصوف العازل كان ظاهراً، وقد غطتها خربشات طفولية تؤيد ثورة السابع عشر من فبراير وتنادي بليبيا حرة مستقلة.

شبكة المدار الإعلامية الأوروبية …._

Previous post  بريطانيا تدرس نقل سفارتها للقدس
Next post أخلفت وعدي وعدت إليك