تأثير حرب بوتين على كوريا الشمالية وزعيمها
شبكة المدار الإعلامية الأوروبية …_على مدى عقود، هددت كوريا الشمالية بتحويل “مدن العدو إلى بحر من النار” حتى عندما كانت تعمل بإصرار على بناء برنامج أسلحة نووية يمكن أن يدعم كلاماتها العدوانية، بحسب تقرير لوكالة أسوشيتد برس.
وبينما تجري كوريا الشمالية سلسلة أخرى من التجارب بالأسلحة القوية – وتهدد بضربات نووية وقائية على واشنطن وسيول – فقد يكون الأمر مستوحى الآن من الخطاب الناري لزعيم دولة مسلحة نوويا، تملك عضوية دائمة في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة: الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
ومع إثارة بوتين الاحتمال المرعب المتمثل في استخدام الأسلحة النووية التكتيكية للالتفاف حول النكسات بساحات القتال في أوكرانيا، ثمة مخاوف من أن تلك للتهديدات النووية قد تشجع الزعيم الكوري الشمالي، كيم جونغ أون، بينما يضع اللمسات الأخيرة على برنامجه النووي غير المكتمل .
وقال الخبير في شؤون كوريا الشمالية بكلية فليتشر للقانون والدبلوماسية بجامعة تافتس، سونغ يون لي، إن “بوتين وكيم يغذيان بعضهما البعض، ويكرران (ادعاء) الحق في ضرب جار مسالم بالأسلحة النووية من خلال تكرار (التهديدات)..”.
وأضاف: “تبدو تهديدات بوتين أكثر مصداقية من تهديدات كيم، حيث يتم إراقة الدماء في أوكرانيا كل يوم. لكن يجب عدم تجاهل تهديدات كيم باعتبارها تهديدات فارغة”.
وبعد إطلاق أكثر من 40 صاروخا هذا العام – أكثر من أي وقت مضى – هناك مؤشرات جديدة على أن كوريا الشمالية أصبحت أكثر عدوانية في جعل قنابلها النووية محور قوة جيشها.
كان القصد من إطلاق وابل الصواريخ الأخير الذي استمر أسبوعين، وفقا لوسائل الإعلام الكورية الشمالية، محاكاة استخدام أسلحتها النووية التكتيكية في ساحة المعركة لـ “ضرب والقضاء” على أهداف كورية كورية جنوبية، وأميركية، محتملة.
ويُعتقد أن هذه المرة الأولى التي تجري فيها كوريا الشمالية تدريبات بمشاركة وحدات الجيش المكلفة بتشغيل أسلحة نووية تكتيكية، بحسب أسوشيتد برس.
هناك أيضا مؤشرات على أن كوريا الشمالية تتخذ خطوات لنشر أسلحة نووية تكتيكية في الخطوط الأمامية، على طول حدودها مع كوريا الجنوبية.
كما تبنت بيونغ يانغ قانونا جديدا يجيز شن هجمات نووية استباقية وفقا لعدة سيناريوهات، بما في ذلك مواقف غير حربية، عندما ترى أن هناك تهديدا لقيادتها.
والجمعة، أطلقت كوريا الشمالية الجمعة صاروخا غير محدّد باتجاه البحر، حسبما نقلت وكالة “يونهاب” عن الجيش الكوري الجنوبي.
وتأتي هذه التجربة البالستية الجديدة غداة إعلان بيونغ يانغ أنّها أطلقت، الأربعاء، صاروخي كروز استراتيجيين بعيدي المدى في تجربة أشرف عليها شخصيا الزعيم، كيم جونغ أون.
ووصفت بيونغ يانغ اختباراتها الصاروخية الأخيرة بأنّها تمرينات نووية تكتيكية تحاكي السيطرة على مطارات ومنشآت عسكرية في كوريا الجنوبية.
ونقلت يونهاب عن رئاسة الأركان الكورية الجنوبية قولها إنّها رصدت إطلاق الصاروخ من منطقة سونان في بيونغ يانغ، خلال الساعات الأولى من فجر الجمعة.
ولم تذكر رئاسة الأركان تفاصيل أخرى عن الصاروخ، مشيرة من جهة ثانية إلى أنّ “جيشنا يحافظ على حالة استعداد كاملة بالتعاون الوثيق مع الولايات المتحدة”.
ووفقا لما قاله أستاذ دراسات كوريا الشمالية في جامعة إيهوا للإناث في سيول، بارك وون جون، “من الواضح أن كوريا الشمالية تحاكي نهج بوتين في حربه على أوكرانيا بينما تستغلها كنافذة لتسريع تطوير الأسلحة”.
في إشارة إلى ترسانته النووية، أعلن بوتين استعداده لاستخدام “جميع الوسائل المتاحة” لحماية الأراضي الروسية.
“ثقة متزايدة”
مع سلسلة الهزائم في أوكرانيا التي تركت بوتين محاصرا بشكل متزايد، يشعر المراقبون بالقلق من أن بوتين قد يميل إلى تفجير سلاح نووي تكتيكي لتجنب هزيمة قد تقوض قبضته على السلطة.
وتهدف الأسلحة النووية في ساحة المعركة إلى سحق قوات العدو المتقدمة في قسم واحد على خط المواجهة، ولها مردود منخفض مقارنة بالرؤوس الحربية النووية المزودة بأسلحة استراتيجية.
لكن حتى هذه الأنواع من الأسلحة النووية ستعرض أعدادًا هائلة من المدنيين في أوكرانيا المكتظة بالسكان، وربما روسيا، وأماكن أخرى من العالم، لمخاطر الإشعاع.
وسيكون لها أيضا تأثير سياسي مدمر، حيث ستكون المرة الأولى التي يتم فيها استخدام الأسلحة النووية منذ الحرب العالمية الثانية، مما يؤدي إلى تصعيد سريع يمكن أن ينتهي بنزاع نووي شامل.
وقالت الولايات المتحدة وحلفاؤها إنهم يأخذون تهديدات بوتين على محمل الجد، لكنهم لن يستسلموا لما وصفوه بابتزاز بوتين لإجبار الغرب على التخلي عن دعمه لأوكرانيا.
وقالت أوكرانيا إنها لن توقف هجومها المضاد رغم تهديدات روسيا بضربة نووية.
وقال المسؤولون الأميركيون إنهم لا يعتقدون أن كيم سيشن هجمات تقليدية أو نووية بسبب ما يراه الزعيم الكوري الشمالي يحدث في أوكرانيا. بدلا من ذلك، يرون أن كيم يشعر بالقلق من أن كوريا الشمالية قد تُترك وراءها في معركة النفوذ الدولية، لأن بوتين يحظى بكل الاهتمام.
وينظر الكثيرون إلى إطلاق كوريا الشمالية للصواريخ على أنه نذير لاختبار نهائي لسلاح نووي.
مثل هذه التجارب قد يكون الهدف منها كسب أي محادثات بشروط كوريا الشمالية مع واشنطن بغرض دفعها في النهاية الاعتراف بالشمال كقوة نووية شرعية، إلى جانب وضع واشنطن وسيول في موقف دفاعي.
وهذا بدوره، سيجبر المجتمع الدولي على تخفيف العقوبات الساحقة على كوريا الشمالية، وفي النهاية، التفاوض على سحب ما يقرب من 30 ألف جندي أميركي من كوريا الجنوبية.
الهدف النهائي لبيونغ يانغ، وفقا للأستاذ الجامعي، سونغ يون لي، هو إكمال ما بدأه، كيم إيل سونغ، وهو جد الزعيم الحالي، في عام 1950 بغزوه المفاجئ لكوريا الجنوبية، ومن ثم إنشاء شبه جزيرة كورية تحكمها عائلة كيم.
من جانبه، قال بارك إن تحركات بوتين في أوكرانيا يمكن أن تساعد كيم أيضًا من خلال الاستمرار في صرف انتباه الولايات المتحدة عن التركيز على بيونغ يانغ وتعميق الانقسام في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، حيث تقف روسيا والصين جنبا إلى جنب مع كوريا الشمالية ومنع فرض عقوبات إضافية عليها مؤخرا.
وأضاف: “كوريا الشمالية تولي نفس القدر من الاهتمام للوضع (أوكرانيا) مثل أي شخص آخر”.
وقال بارك إنه إذا استخدم بوتين الأسلحة النووية وأفلت من دون المعاناة من تداعيات كبيرة، فسوف ترى كوريا الشمالية أن ذلك يعزز عقيدتها النووية.
ولا تزال شبه الجزيرة الكورية في حالة حرب؛ لأن نزاع 1950-1953 انتهى بهدنة وليس بمعاهدة سلام، ولدى الكوريتين تاريخ من المناوشات الدموية.
في عام 2010، أطلقت كوريا الشمالية نيران المدفعية خلال تدريبات عسكرية لكوريا الجنوبية أسفرت عن مقتل مدنيين واثنين من أفراد الجيش الكوري الجنوبي على جزيرة في خط المواجهة.
كما ألقت لجنة دولية باللوم على كوريا الشمالية في إغراق سفينة حربية كورية جنوبية في نفس العام، مما أسفر عن مقتل 46شخصا”.
وقال بارك إن أي اشتباكات مستقبلية مماثلة يمكن أن تعقبها تهديدات كوريا الشمالية باستخدام الأسلحة النووية.
وأشار إلى أن الاشتباكات العسكرية التقليدية بين الهند وباكستان زادت بعد أن اكتسبت إسلام أباد قوة ردع خاصة بها لمواجهة منافستها المسلحة نوويا، ويرجع ذلك أساسا إلى أن التوازن الملحوظ في القوة شجع الدولتين على القيام بعمل عسكري أكثر عدوانية .
وقال بارك إن التجارب الصاروخية الكورية الشمالية الأخيرة جاءت على الرغم من وجود حاملة طائرات أميركية في المياه القريبة وخلال مناورات بحرية ثلاثية بين الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية واليابان.
وأضاف أن “هذا يظهر الثقة المتزايدة لديهم في أسلحتهم”.
الحرة