كلما هطل المطر
الكاتب اللييي جمعة عبد العليم
شبكة المدار الإعلامية الأوروبية…_كلما هطل المطر ، تأخذني شآبيبه إلى ذكرياتي البعيدة ، إلى رعشة البرد ، ومذاقات الأحْساء، وأكواب الشاي الدافئة ، و ألسنة النار التي تجاهد الحطب المبلل ..
أعود إلى رغيف أمي سليل القمح و ونسل الرحى ، المدور على معاني الحنان ، و العابق بشذا المودة ..
إلى بهجة أبي يعاين السماء الحبلى بأعين الأمل و يهيئ محاريثه على تخوم الحقول ..
إلى ثغاء الماعز ومناورات السنونو والأعشاش المخبأة في أجواف الوجل ..
كلما هطل المطر دارت الحياة لتعيد سيرتها الأولى وعاد امروء القيس والمتنبي ، وت.س.إليوت ليلقي حجر النثر من شرفة المناكفة ..
عاد سعدي يوسف ليهمس القصيدة، ومفتاح العماري ليدخلها حلبة الوطن وسالم العوكلي ليستفزنا ويضع أصابعنا على ذائقة مغايرة ..
عادت فيروز لتعلن الحب في مواسم البرد وأم كلثوم لتستلم ناشئة الليل وعادل عبدالمجيد ليشعل مواقد الحنين ..
كلما هطل المطر ، هطلت مشاعر الحنين ، فتحت المدارس أبوابها ، وغنت الحناجر الصغيرة للوطن، و طفق الطبشور يرسم المسارات البيضاء على سواد الألواح..
يا للمطر .. يا لبهجته التي يبثها في يباس العواطف.. يا لنشوته التي يسكبها في فراغ الفناجين ، يا لثورته التي يحي بها القلوب الميتة ..
كيف كنا نتقافز كالغزلان فوق فخاخ البرك ، ونعدو تحت وابله المقدس خالطين وطأته بالضحكات المجلجلة ..
يا الله يا لمواسم المطر ، يا لتوقنا لغواية السرد ..
ألبيرتو مورافيا و ماركيز ، و نجيب محفوظ والكوني وأحمد إبراهيم الفقيه و عبدالله هارون وأحمد يوسف عقيلة والصديق بودوارة ..
يا للأمسيات الماطرة ، المخضبة بالقصص و القصائد والنوايا الطيبة ..
أفتقدك يا مطر .. كلما هطل المطر …
شبكة المدار الإعلامية الأوروبية…_