حصانة المشرعين الأوروبيين بعد فضيحة الفساد
شبكة المدارالإعلامية الأوروبية…_في الوقت الذي تهز فيه فضيحة فساد البرلمان الأوروبي يقول مشرعون وجماعات ناشطة إن عوامل مثل عدم الإفصاح عن الأصول وقلة الإبلاغ عن الاتصالات التي تتم مع دول خارجية وندرة العقوبات خلقت بيئة يمكن أن تمر فيها مخالفة القواعد دون عقوبة أو دون حتى اكتشافها.
وقال ميشيل فان هولتن مدير مكتب منظمة الشفافية الدولية في بروكسل “الكثيرون في البرلمان يعتبرون أنفسهم محصنين ويعتقدون أن القواعد العادية لا تنطبق عليهم”.
ويشتبه ممثلو الادعاء في أن النائبة اليونانية بالبرلمان الأوروبي إيفا كايلي وثلاثة آخرين قبلوا رشاوى من قطر في محاولة للتأثير على عملية صنع السياسة في الاتحاد الأوروبي.
والقضية، التي أطلق عليها الإعلام على نطاق واسع قطر جيت هي واحدة من أكبر الفضائح التي يواجهها التكتل المكون من 27 دولة. وفي مداهمات مرتبطة بالفضيحة، صادر محققون 1.5 مليون يورو (1.6 مليون دولار) نقدا، بعضها كان في حقيبة كبيرة عُثر عليها في فندق في بروكسل.
ونفت قطر وكايلي ارتكاب أي مخالفات. ومن بين المشتبه بهم الثلاثة الآخرين، رفض محامو أحدهم التعليق ولم يرد محامو آخر على طلب التعليق وقالت جماعة ناشطة يعمل فيها الثالث إن التحقيق سيظهر أنه تصرف بشكل سليم.
مطالبات بإجراء إصلاحات
لكن مجموعات ناشطة وأحزاب كثفت مطالباتها منذ الكشف عن القضية بإجراء مجموعة من الإصلاحات لوضع قواعد أكثر وضوحا لتنظيم سلوك الذين يعملون في مؤسسات تابعة للاتحاد الأوروبي ولاستعادة الثقة.
وتقول المجموعة البرلمانية (رينيو يوروب) التي تنتمي لتيار الوسط الليبرالي إن سجل الشفافية، الذي يراد منه الكشف عن أي تواصل مع جماعات الضغط، غير كاف ويجب أن يشمل ممثلي الحكومات الأجنبية والأعضاء السابقين في البرلمان الأوروبي. وأحد المتهمين كان نائبا حتى عام 2019.
وبموجب مدونة السلوك بالبرلمان، يتعين على أعضاء البرلمان الأوروبي الإفصاح عن مصادر الدخل الأخرى وعدم قبول الهدايا أو المزايا التي تزيد قيمتها عن 150 يورو، لكن هذا لا ينطبق على السفريات أو الإقامات أو النفقات التي تتحملها أطراف ثالثة.
أما سجلات الهدايا، التي تُلزم أعضاء البرلمان الأوروبي بالإفصاح عن الهدايا التي يتلقونها بصفتهم الرسمية، فتتضمن بنودا مثل هاتف من البحرين وحُلي من أذربيجان وعطر من قطر ولا شيء بخلاف هذا.
وأفصح ثمانية فقط من أعضاء البرلمان الأوروبي عن 46 هدية حصلوا عليها منذ عام 2019، وفي الدورة البرلمانية السابقة التي استمرت خمس سنوات أفصح 15 عضوا فقط عن 57 هدية.
وفيما يتعلق بالرحلات، يجب على المشرعين الإفصاح عما إذا كانت دول أخرى ستتحمل تكلفة الرحلات، لكن هناك استثناءات مثل الرحلات التي تتحمل تكلفتها “الأحزاب والمؤسسات السياسية”. وتعهدت رئيسة البرلمان روبرتا ميتسولا الأسبوع الماضي بقيادة “عملية إصلاح قوية”.
وفي اليوم نفسه، صوت مشرعون في الاتحاد الأوروبي بأغلبية ساحقة للضغط من أجل إلزام أعضاء البرلمان الأوروبي بالإفصاح عن ممتلكاتهم ولحظر التمويل الخارجي لأعضاء البرلمان الأوروبي أو موظفيه، بما في ذلك حظر التبرعات من الدول غير الأعضاء في الاتحاد الأوروبي. كما طالبوا المفوضية الأوروبية بتقديم مقترح لإنشاء هيئة أخلاقيات مستقلة في أقرب وقت ممكن.
وقال ستيفان سيجورني الذي يرأس مجموعة (رينيو يوروب) إن الهيئة يجب أن تكون لها صلاحية في جميع مؤسسات الاتحاد الأوروبي وأن تكون قادرة على التحقيق وإحالة النتائج إلى السلطات القضائية.
الحاجة إلى إشراف خارجي
وقال “نحن بحاجة إلى أدوات للتعرف بشكل أفضل على المشكلات التي قد تواجهنا فيما يتعلق بتضارب المصالح أو قضايا الفساد المترتبة على ذلك”.
وأضاف “لقد أُغفل ذلك إلى حد ما في السنوات الماضية لأننا كنا نواجه أزمة في الصحة والاقتصاد. ويتعين علينا بدء فترة مستقبلية تتسم على الأقل بالشفافية والوضوح بشأن ما نتوقعه من أعضاء البرلمان الأوروبي أو رؤساء الشؤون الإدارية في المفوضية أو المفوضين الأوروبيين لتجنب هذا النوع من الحوادث”.
وقال فان هولتن من منظمة الشفافية الدولية إن المقترحات “كان لها وقع الموسيقى على آذاننا” لكنه أضاف أنها ما زالت لم تنفذ بعد وأن كثيرين من أعضاء البرلمان الأوروبي قاوموا الإصلاحات سابقا. وقال إن إحدى المسائل الرئيسية هي الحاجة إلى إشراف خارجي.
وقال دانيال فرويند، وهو عضو ألماني بالبرلمان الأوروبي ينتمي إلى حزب الخضر وأشرف على العمل البرلماني في ذلك الشأن، إنه لم يتم إحراز تقدم يذكر منذ أن صوت البرلمان لصالح إنشاء هيئة للأخلاقيات في عام 2021. وتعتزم المفوضية الأوروبية تقديم مقترح لإنشاء مثل هذه الهيئة لكن لم يتضح متى سيتم ذلك.
وفي الوقت الحالي، تنظر لجنة مؤلفة من خمسة أعضاء بالبرلمان الأوروبي في أي مخالفات لمدونة السلوك. وقال فرويند إن التقارير المتعلقة بسلوك الأعضاء خلال العشر سنوات الماضية تظهر نحو 25 مخالفة لكن لم تفرض غرامة إلا في واقعة وحيدة وكان ذلك منذ وقت قريب جدا. وكثير من التحقيقات تتناول عدم الإعلان عن رحلات خارج الاتحاد الأوروبي. وقال فرويند “أعضاء البرلمان الأوروبي ليسوا جيدين في ملاحقة نظرائهم”.
وقد لا يسمح قانون الاتحاد الأوروبي بإنشاء هيئة قوية على غرار الهيئة العليا للشفافية في الحياة العامة في فرنسا التي يمكنها التنسيق مع السلطات الضريبية أو الجنائية، لكن فرويند قال إن تشكيل هيئة سيحدث فارقا أيا كانت صلاحياتها.
وقال “لن يمنع ذلك أحدهم من تلقي حقيبة نقود لكنه قد يحول دون تكون ثقافة عامة من الإفلات من العقاب حين لا تتم المعاقبة على الانتهاكات الصغيرة للقواعد. وجود ثقافة عامة من احترام القواعد سيكون مفيدا”.
رويترز