ثرثرة مرآة

زينب عياري _تونس ( الكاف )
إلى أين تسيرين بي
أيتها الجنية الساحرة
نظراتك المسترسلة
منبسطة وكأنها موجة على كف عفريت ..
وليس لظلمتك بدء
ولا لبهاك مستقر
وليس لأعماقي نهاية
وليس لأثوابي هدوء
تتطلعين على مخازن خوفي
تتعالى روحي المتعلقة
بأنوارك المتباهية
تتصاعد نحو معتقل الأعالي
تتمسك بأذيالك المتطايرة
وأحلامك الراكضة …
كطفل عنيد يلاحق أمه
محدقا فيك أيتها الهادئة
مجذوبا بقواك الكامنة
في طلاسيم أطرافك المتحركة …
يطول الوقوف أمامك
أيتها المنحنية على حدبة الأزمان …
حين تثور زوابعك من مكانها
أترصد صوتك القادم من أيام الدفء..
تدخرجه ذاكرة مستيقظة
فيتشكل وجهك الحاقد من جديد ..
تبدين شاحبة تصارعين النهاية المنتظرة ….
لا تتحملني قبالها لتزداد في عرضها
وتغرق في كوابيس الثرثرة
تطغي عليها السمرة
ويشتد البياض المسحور فيها
على سطحها تتثائب تجاعيد الزمن
فتمارس طقوس الطمأنة حولها ..
تكسوها تعويذة فضية
تحمل إعترافاتها المرتبكة
وبخورها الرمادي يحنو في حضرتها
سابحا كالريش في الفضاء
يلعب مع رحلة القطار
المنفلت كرصاص الغدر
وفي كل محطة تطل من شباك الحقيقة
تقرع طبول الفزع
تحمل تفاصيل زاحفة صدقتها الصدفة
عند السكك الملتوية تشاهد رقصة السنين
تضجر من صفارته المزعجة
تهدد بالرحيل
فتعكس جاذبية شعاعها المتكرر
فينحدر همسي عبر جزر تسلقي
تناورني حرب ظنوني
تقذفني بسياط من لهيب
فتحيط بي نيران صيفية
لا درع يقيني ولا مرافئ ترسيني
فتتحرك الريح وتميل عراجيني ..
يصرخ بحر جنوني بالزبد يغطيني ..
يغني حفيف السعف
أشباحا على وجه أسرارك المخيفة
وتتشتت ملامحك الغامضة
أيتها المرآة صارحني
هل مازال في العمر من فرح يواسيني
وتخضر سبلي وحقول نخيلي ..
.. تتأوه تمرر ضبابها فيكسوني ..
غير أنها لم تكن أفضل حالا
ولا أكثر نضارة ولا جمالا
فتسيل قطرات الندى
تبللها تغطي الفراغ المنتقل فينا …
هل ارضي المرآة
أم المرآة ترضيني
هل انت عدوتي وصراحتي الواضحة
أو أنك صديقتي الخائنة
أيتها المرآة لا تخذعيني
إن كنت هوة عميقة أخبريني
أو كنت أمواجا لا تجدفيني
في سراديبك لا تدثريني
سيري معي ولا تعذبيني
بين ألهة الأهوال لا ترميني
أيتها المرتعشة لا تخوفيني
تنقضي عليّ وتلتهميني
إبتسمي ولا تغضبيني
أيتها المسكونة المتلألئة فينا
تلعبين كل الأدوار أيتها البطلة الغريبة
نخضع لأمرك .. تسافرين
ومعك تأخذينا
أيتها الحائرة لماذا لا تتركيني
تتصفحين كتاب حياتي
وبين الصفحات تغوصين
تهربين مهرولة وتكذبين
مللت مفردات المواساة
وكرهت لقاء المقاومة
أمام أبواب وسوستك
أيتها المرآة ساعديني
ومن بين قضبان أوهامك اخرجيني
ومن خلف سكوت غيومك
أيتها الخرساء كلميني ……

شبكة المدار الإعلامية الأوروبية …_

Previous post حل لعمال الموانئ البلجيكية
Next post بين دَفّتَي الريح