جالست نفسي

نرجس الفاخري

اللوحة للفنان Ali El Muntasser

جالستُ نفسي وساجلتها
سألتها
لماذا أكتب ، ولمن ؟

تأملت كثيراً قبل الإجابة
رأيتني أحب اللغة
تأثيرها على السمع قراءةً
وعلى النظر كتابةً
ووقع معانيها على القلب
وكيف تطيع المشاعر
كيف تتمدد على قياس الجرح
وكيف تختزل الألم
وكيف تعزف على أوتار الحروف طرباً
تميل مع ميلها
وتنهمر كالودق عند اندلاقها على الورق
أراها تجيد تصوير الحالة بما قل ودل
وبإسهابٍ تهيمُ في التفاصيل
تتحدثني بطريقة تجعلني أجد راحتي فيها
وحدها اللغة من تجيد ترجمتي
تنثرني
وتلقي إليكم روحاً مني
عندما تكون أنسان تكابد الكبت
فإنك ستكتب بجنون
وكلما كان الهدوء في واقعك
كتبت بصخب
كلما كان الحياء سيدك
ستكتب من وراء حجاب
ستومئ بالدلالات للمقاصد
ستسترق النظر للمعاني
تجعل الفكرة مارة بظهر الوضوح
كلما زاد الرهف فيك
ستكتب بنزف
بمخاض يلد الكلمات
تختنق وتختنق ثم تتنفس الحياة بصرخة
كلما كنت إنسان
ستحب اللغة التي تربت على تفاصيلك
ستحب اللغة رغم جهلك بعوالمها
ستحبها بتلاوتك وأحاديثك
ستحب القلقلة والهمس وصوتك الصائت بها
ستحب سماعك لأجلها
وذاتك بها
وتوطد انتمائك لها
ستحب كونك تجابه الحياة باللغة.

شبكة المدار الإعلامية الأوروبية …._

Previous post كالإشارات
Next post وحدي