دكتورة “نشوة الرويني” عندما يصبح الإعلام صوتاً ساطعاً
غادة الطبيب /مكتب المدار في طرابلس الغرب/
شبكة المدار الإعلامية الأوروبية …_صوت واثق، إطلالة مميزة، إعلامية وسيدة أعمال ناجحة، أم وزوجة. نشوة الرويني، عرفها الجمهور العربي وأحبها ،تابعها بشغف طيلة سنوات ولازال..
نحاورها اليوم ونسألها عن الإعلام وعن إدارة الأعمال، عن الأمومة ومسؤولياتها وعن الشغف وتفاصيل الحياة..
توليفة المذيعات هى من اهم اسباب نجاح كلام نواعم…
1/كلام نواعم لربما كان واحداً من أشهر البرامج الحوارية، ماهي الذكرى الأشد سطوعاً والتي داعبت مخيلتك حوله الآن؟ وفي رأيك ما هو سر نجاحه هل هي توليفة المذيعات أم السبق والجِدة؟
عندما يأتي “كلام نواعم” على خاطري أول ما أتذكرهأننا كنا مثل سلّة الفاكهة، لكل واحدة منا شكلها وطعمها اللذان يميزانها عن الأخريات…4 إعلاميات عربيات مختلفات في الوطن والعمر والفكراجتمعنا وبدأنا العمل وأنعم الله علينا بكيمياء خاصة جعلت المشاهد يتقبلنا، وبمضي الوقت أصبحنا أشبه بأسرة صغيرة، نختلف ونتفق ونسعد بوجودنا معاً، وهو ما خلق حالة التفاعل الجميل التي وصلت للمشاهدين وساهمت في نجاح البرنامج بشكل كبير…
لذلك نعم توليفة المذيعات هي من أهم أسرار نجاح البرنامج بالإضافة إلى كونه أول برنامج للمرأة في الشرق الأوسط، وكل البرامج المشابهة له الآن هي تقليد له، فضلاً عن مساهمته منذ بدايته بشكل مؤثر في طرح المشكلات بآراء متعددة ومتنوعة، وفتح المجال للمشاهد والجمهور للإسهام في الحلول وطرح الاقتراحات، وأخيراً كان من أهم عناصر النجاح قوة وشعبية ضيوف الحلقات.
“كلام نواعم” لاقى نجاحاً باهراً وتابعه الكثير من النساء والمراهقات –وحتى الرجال-وسيظل دائماًله نكهته الخاصة ومكانته التي أعتز بهافي قلبي مهما مرت السنين.
2/ يتحدث المؤثرون عبر مواقع التواصل في كل شيء، الدين والسياسة الخ، هل تؤيدين هذا الاتجاه أم تنحِينَ تجاه الرأي القائل بحياد المؤثر وابتعاده عن الثالوث المقدس؟
نحن اليوم في ظل الإعلام الجديد “إعلام الإنترنت” والكل يمكنه أن يتحدث للناس أياً كان علمه أو ثقافته أو خبرته أو أهدافه،والبعض يتداول بعض الأمور في حياتنا اليومية بشكل خاطئ أومبتذل لكسب الشعبية، أو ليثبت للآخرين أنه متحرّر ومتنوّر ويعرف بواطن الأمور، أو تحقيق غرض ما نفسه، أو تنفيذ أجندة خارجية ضد المجتمع العربي… بالمحصلة اختلط الحابل بالنابل…
وهنا يأتي دور الإعلام الحقيقيلإبراز الحقائق، وتمييز الخبيث من الطيب، والحفاظ على نسق متصاعد لتزايد الوعي لدى الشباب المهمش، والبيئات الريفية الفقيرة الجاهلة ونصف المتعلمة والتي تمثل السواد الأعظم من الشعوب العربية…
في زمن السوشيال ميديا حيث بات الكل متحدّثاً باسم الله، والكل يتحدث بالسياسة ويدافع عما يؤمن به بإصرار على إقناع الطرف الآخر بوجهة نظره، وما نواجهه في بعض الأوقات من ابتذال أخلاقي ومحاولات لفرض سلوكيات شاذة على أبنائنا وبناتنا، أنا لست مع الابتعاد عن الثالوث المقدس، أنا مع تصحيح الأمور على المستوى الإعلامي من أهل العلم والخبرة والثقة، وأن نقدم للمشاهد الصورة الصحيحة بصدق وحكمة، وأن يكشف الإعلام الشخص أو الكيان المسيء للعامة، ويجبره على النظر في مرآة تعكس وجهه القبيحفي محاولة لتغيير واقع غير مستحبنواجهه الآن عبر بعض وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي.
االإنتماءات والولاءات تلعب دورا في إعادة أدلجة الإعلام السياسي…
3/الانتماءات والولاءات هل تعيد أدلجة الإعلام السياسي وأولوياته وهل يوجد في عالمنا العربي برامج سياسية بالمعنى الأكاديمي للكلمة؟
أهم هدف للإعلام هو العمل على دمج قوى المجتمع المختلفة في إطار الوحدة الوطنية ضد أي أخطار أو تهديدات لأمن وقيم مجتمعاتنا العربية.
لذلك نعم، الانتماءات والولاءات تلعب دوراً في إعادة أدلجة الإعلام السياسي وأولوياته لخدمة الوطن والحفاظ على أمنه واستقراره وتطوره الاقتصادي ضد كل من يحاولون بانتماءاتهم تزوير وتحريف الواقع السياسي بمايُغالطالوعيوالإرادةالشعبيين ويحقق مصالحهم وأهدافهم الخاصة…
ولهذا السبب يوجد في عالمنا العربي برامج سياسية واعية للتمييز بين السياسة القائمة على أساس المصلحة العامة والحوار وقبول الاختلاف، وبين تلك التي تؤمن بالعنف منهجاً والقتل وسيلة واحتكار الحقيقةوتشويه الآخرينوزعزعة الأمن والاستقرار أسلوباً.
حياتي وتفاصيل يومي الشخصية هى ملك لأسرتي.
4/ النجاح يعود لمن يدفع الثمن، كامرأة هل تتفقين مع الرأي القائل بأن النساء يدفعن ثمن النجاح مضاعفاً؟
بالتأكيد لكل نجاح ثمن، وقد اتفق أن النساء يدفعن ثمن النجاح مضاعفاً في بعض الحالات، ولكني أرى بشكل عام أن تحقيق المعادلة الصعبة في حياة المرأة، وهي الوصول لمرحلة التوازن بين تأدية واجباتها العائلية في البيت ومهامها في الوظيفة والعمل هو أمر نسبي يعتمد بالدرجة الأولى على مدى التصالح الداخلي والسلام النفسي الذي تعيشه مع نفسها، ولن يتحقق ذلك إلا بتقدير الذات وشعور المرأة بأن لها دوراً فاعلاً في الحياة عموماً عبر تواجدها بجميع الميادين في المنزل والدراسة والعمل، ودعم وتقدير أسرتها وزوجها وأبنائها لها، هذه المبادئ استخلصتها من واقع تجربتي الواقعية التي تمكنت خلالها من الوصول لأعلى سقف من الطموحات في مجال الدراسة والحصول على شهادة الدكتوراة، والنجاح في عملي الإعلامي والإنساني والتطوعي والشخصي كسيدة أعمال، ومن أداء مهامي في الوقت نفسه كأم وزوجة وربة بيت على أكمل وجه.
الأمر يجب أن يكون واضحاً منذ البداية، وهو تخصيص وقت للدراسة والعمل، وآخر للمنزل والأسرة والأبناء، مع طموح وإصرار على النجاح نحو الاثنين لا يتوقف يوماً، وإلا ستدفع المرأة لا محالة ثمن الانشغال بجانبٍ على حساب الآخر.
5/ ما بين التردد والخوف، أي من هذين الإحساسين انتابكِ عندما قررت بداية مشروعك الخاص؟ وما مكمن الصعوبة في البدايات؟
بعض عوائق النجاح كالتردد والخوف، عادة ما يكون مصدرها الإنسان نفسه، وأنا ولله الحمد دائماًواثقة في الله، وفي قدراتي، وقدرتي على النجاحبالاجتهاد والعزيمة والإصرار، لذلك لم أشعر بالتردد أو الخوف في بداية مشروعي الخاص… ولكن بعد سنوات من إدارتي لقنواتMBC في مصر وشمال أفريقيا، وإنتاج أهم البرامجمن “من سيربح المليون” والتفاح الأخضر، كلام نواعم و37 برنامج متميز آخر… ما كان يشغل بالي حقيقة هو أنه كيف أحقق لشركتي هذا المستوى من النجاح، وكيف أؤسس فريق عمل مبدع، يمتلك القدرات والخبرات لتحقيق مستوى الإنتاج الإعلامي المعروف عن نشوة الرويني، ولله الحمد وفقت في هذا الأمر إلى أقصى حد، وأسست شركتي الخاصة للاستشارات والإنتاج الإعلامي (بيراميديا) وافتتحت عدة فروع لها في جميع أنحاء منطقة الشرق الأوسط وفي لندن ونيويورك، وقامت الشركة بإنتاج مجموعة متميزة من أهم وأضخم البرامج التلفزيونية والأنشطة الإعلامية الناجحة على مستوى الوطن العربي، وحَصدتُ من خلالها مجموعة من أهم الجوائز من أرقى المؤسسات العالمية في مجال الإعلام وسيدات الأعمال.
6/ اليوم في عالم السوشل ميديا بات مفهوم الخصوصية فضفاضاً، السؤال له جانبان، الأول …كيف استطعت الوقوف على الحد الفاصل مابين الخصوصية والانفتاح على الجمهور؟
الثاني…هل تعتقدين بضرورة أن تظل صورة المشهور براقة دون شوائب؟
أنا أشارك مع جمهوري محتوى يرتبط بنشوة الرويني الإعلامية فقط… أماالانفتاح على الجمهور عبر وسائل التواصل لم يعني لي أبداً أن أخسر خصوصيتي وأكشف عن تفاصيل حياتي الشخصية أو أجيب عن أسئلة شخصية لا أريد الإجابة عنها… فحياتي وتفاصيل يومي الشخصية هي ملك لي ولأسرتي وللمقربين فقط… وهذا مبدأ لم ولن أحيد عنه أبداً…
وبالنسبة لي مواقع التواصل الاجتماعي أفادتني كثيراً في مجال عملي وتسعدني على المستوى الشخصي، لأنها مكنتني من التواصل مع جمهوري القديم، وعرّفتني على شريحة من المجتمع لم تتابعني على شاشة التلفزيون، هم جيل الإنترنت الذي يستهويه كل ما يُنشر على هذه المواقع… وأحاول من خلاله التواصل مع الجمهور لتقديم محتوى هادف محترم يقدم الفائدة ويطرح قضايا تهم الناس والمجتمع… بالإضافة إلى نشر نشاطاتي ومشاركاتي الإعلامية المختلفة التي أسعد بمشاركتها مع جمهوري وبتمنياتهم الطيبة لي دائماً بالتوفيق…
ولذلك إجابة على الجزء الثاني من السؤال أنا أري أنه يجب أن تظل صورة المشهور براقة من خلال تواصله مع معجبيه، وما يقدمه لهم من فائدة مرجعها فِكره وفنه وإبداعه فقط دون التطرق إلى تفاصيل الحياة الشخصية وتركها مجالاً عاماً للنقاش وإبداء الآراء على الإنترنت، أو الدخول في نقاشاتأو صراعات علنية على الملأ.
جمال الأمومة يكمن في السعادة التى لا مثيل لها.
7/ نشوة الإعلامية وسيدة الأعمال بما هي مدينة لنشوة الأم؟
أدين للأمومة مثلي مثل أي امرأة بالكثير من السمات النبيلة التي وضعها الله بقلب كل أم، أدين للأمومة بما غمر قلبي من لحظة ولادة طفلي الأولمن سعادة لا توصف، واحساس بالحب، والحنان، والرحمة على كل من حولي، والقوة على تحمل أي صعاب بمنتهي الحب والتفاني لأوفر لأبنائي كافة سبل الراحة والسعادة.
وهل جارت إحداهما على واجبات الأخرى؟
منذ إنجاب طفلي الأول وأنا أسير وفق فلسفتي الخاصة، وهي أن التوازن بين العمل والحياة يعني التركيز على نوعية وجودة الوقت الذي يقضيه الشخص بين أفراد عائلته وفي العمل وليس مدة ذلك الوقت.
وأياً كانتأيام أو رحلات العمل فأنا أحرص بشدة على العودة في اليوم نفسه إلى منزلي وقضاء وقتاً جيداً مع أبنائي، فأنا ولله الحمد لم أقصر يوماً في عملي أو تجاه أسرتي، وساعدني في ذلك أفراد عائلتي،فهم أكثر من يشّجعني ويقف بجانبي وعلى رأسهم أمي وزوجي، وجميعهم فخورون بي، ولولاهم لما حققت أي نجاح.
8/ جمال الأمومة فيما يكمن؟ وأين تكمن خطورتها؟ وهل انتابك احساس يوماً بأنك توازنين عصا على حبل مرتفع؟
جمال الأمومة يكمن في السعادة التي لا مثيل لها بالنظر في وجه أبنائي وبالمشاعر الصادقة التي تستمد منها كل امرأة قوتها وصبرها حتى تستطيع إكمال حياتها… أما خطورة الأمومة فهي تكمن في عدم قدرة المرأة على منح أطفالها الوقت والاهتمام الكافي لتنشئتهم بصورة سليمة تحفظهم وتحافظ عليهم مستقبلاً، عندها تشعر الأم بخطورة الأمومة وبتقصيرها في حق نفسها وحق أبنائها…
وهذا ولله الحمد لم يحدث لي، فأبنائي وحياتهم ومستقبلهم لم يأت يوماً في حياتي في المرتبة الثانية، ورغم ما قدمته من أعمال ونجاحات، وما حصلت عليه من شهادات وجوائز وألقاب في مختلف المجالات الإعلامية والعملية والخيرية فأنا أول ما أُعرّفْ نفسي به عبر وسائل التواصل الاجتماعي أنني أم وزوجة وبعدها يأتي أي شيء أخر.
أما الإحساس بعدم التوازن فهو يتنابنيفي بعض الأوقات عندما أشعر بأن المساحة الخاصة بنشوة بدأت تتقلص بشكلٍ كبير، بل وتختفي نهائياً أحياناً مقابل اتساع المساحات الأخرى المخصصة للعمل والزوج والأبناء، ولكن سرعان ما أتذكر أن العمل والاجتهاد والعطاء المتواصل هم سنة الحياة، وأنني جزء من كل هذه المساحات التي أوجد فيها، فأعود ثانية إلى قوتي وإرادتي والسعي نحو طموحاتي لعملي وأسرتي وأبنائي.
9/ هل يداعبك الحنين للميكروفون، للتواصل السمعيالحميم؟وماذا منحتكِ بداياتك الإذاعية؟
من جرب متعة الإذاعة سيظل حنينه إليها هاجساً يطارده طوال حياته، وأنا بطبعي أحب العمل الإذاعي، هذا البساط المسموع الذي صنع بأدواته البسيطة أجيالاً من المستمعين الذين يتلهفون لبرامج منوعة ومتخصصة ذات طابع خاص…
والعمل في الإذاعة أصعب من العمل في التلفزيون لأن على مقدم البرامج أن يكسب ثقة متابعيه عبر الأثير بعلمه وثقافته وموهبته وسلامة لغته في التقديم والحوار دون الاتكال على الشكل أو التقنيات التلفزيونية المبهرة…
لذلك منحتني بدايتي الإذاعية قوة وثقة بالنفس جعلت من ظهوري على شاشة التلفزيون أمر سهل، شعرت أن لدي الأساس المتين، مضافاً إليه مزايا إضافية من استخدام الحواس والشكل الخارجي والتقنيات التلفزيونيةلأعبر للمشاهدين، لذلك أنا أدين للإذاعة بجزء كبير لما حققته من نجاح على شاشة التلفزيون.
10/ المذيع المثقف هل أصبح أسطورة اليوم في مواجهة الصورة النمطية السائدة؟
اختيار المذيع سابقاً كان يخضع إلى اختبارات شاقة وقاسية في كل المعارف ومنها اللغة العربية ومخارج الألفاظ وإجازة النحو والصرف بالإضافة إلى المعلومات العامة بالإضافة إلى المظهرالعام،وكان يتم الاختبار مرة واثنين وثلاثة لاختيارالأفضل للظهورعلى الشاشة… ولكن الآن تراجعت هذه القواعد وتراجعت نوعية هذه الاختبارات وأصبح بعض المذيعين والمذيعات يطلونعلى الشاشة دون أن يسبق ذلك مراعاة معايير اختيار المذيع المتعارف عليها، ودون اختبارات حقيقية تؤكد كفاءته وقدرته على أن يكون مذيعاً ناجحاً…
لذلك بالفعل أضحى اليوم المذيع المثقف عملة نادرة وخاصة في ظل تحول الإعلام إلى مجتمع مفتوح ومتاحاًويأتي سهلاً للجميع اعتماداً على الشكل أو الشهرة أو الانتشار والشعبية الكبيرة عبر وسائل التواصل الاجتماعي… وهو أمر يؤثر على الجودة العامة لمحتوى الإعلام العربي، ويجب على المسؤولين عن إنتاج البرامج العودة إلى البحث عن أفضل النماذج لتقديم البرامج التلفزيونية بشكل نموذجي متكامل للمشاهد، يقدمه مذيع تتوافر به السمات والمعايير التي عرفناها ومتفق عليها للظهور على الشاشة لتوصيل محتوي إعلامي مفيد بطريقة جاذبة يحوز على احترام المتابعين حتى وإن اختلفوا معه تقديراً لقيمة المذيع وعلمه وثقافتهومهنيته.
وهل يمكن أن يكون المذيع موهوباً فقط دون دراسة أكاديمية؟
عندما يجتمع في شخصٍ ما العلم الغزير والثقافة الكبيرة واقترانهما بالكاريزما والذكاء الفطري أمام الكاميرا… فاعلم أنك أمام شخصية مؤثرة تصلح دون أي دراسة أكاديمية للظهور على الناس وتقديم برامج تلفزيونية جاذبة تؤثر فيهم وتمنحهم المتعة والفائدة… وعلى مدار تاريخ الإعلام العربي كان هناك دائماً تواجد لهذه النماذج الكبيرة المميزة في الإعلام والتقديم التلفزيوني من غير الدارسين للإعلام المتخصص… ونجحوا نجاحاً باهراً وصاروا من علامات تقديم البرامج التلفزيونية…
لذلك نعم كان وسيظل دائماً هناك إمكانية أن يكون المذيع موهوباً فقط دون دراسة أكاديمية… ومع العمل والخبرة والاستمرار في القراءة والاطلاع يزداد ثقلاً وبريقاً وتطوراً أمام الكاميرا… واختيار هذه النماذج لا يأتي إلا من عين خبيرة في مجال الإعلام والتي تستطيع أن ترى معايير وسمات النجاح في بعض الشخصيات والنماذج في المجتمع لتقديم برامج تلفزيونية ناجحة.
11/ في رأيك، هل لازالت الحاجة قائمة اليوم لاستيراد فورمات البرامج العالمية وتعريبها؟
الحاجة لاستيراد فورمات البرامج العالمية وتعريبها في الماضي والآن ومستقبلاً سيظل مرتبطاً بالنجاحات التي تحققها هذه النوعية من البرامج ومدى شعبيتها بين الجماهير العربية، وإقبالهم على متابعتها هو ما يدفع المسؤولين إلى شراء المزيد منها… وأنا ولله الحمد كنت أول من قمت باستيراد برنامج أجنبي وتعريبه وهو برنامج “من سيربح المليون” والذي حقق نجاحاً منقطع النظير، وتبعه برامج أخرى نجحت نجاحاً كبيراً مثل “آراب أيدول” و “ذا فويس” و “آراب جوت تالنت” وغيرهم، ونجاح وشعبية هذه البرامج الكبيرة يعنيأن المشاهد العربي بات معتاداً على مستوى عال من الجودة الإنتاجية…
لذلك إذا أردت إنتاج برامج محلية والاستغناء تماماً عن استيراد فورمات البرامج العالمية وتعريبهافعليك اللحاق بجودة ما يتم استيراده، وخير دليل على ذلك ما قدمته أيضاً ولله الحمد من نجاح كبير في برامج “شاعر المليون” و”أمير الشعراء” وبرنامج المسابقات الغنائي”الزمن الجميل” على شاشة قناة أبوظبي، وكانوا جميعهمأفكار برامج أصلية ابتكرها وعمل على تطويرها وتنفيذها بمعايير عالمية فريق شركة بيراميديا الإبداعي، وهذا يثبت أن استيراد البرامج ليس هو السبيل الوحيد للنجاح إذا استطعت منافسة جودة أفكار ومعايير تنفيذ البرامج الأجنبية.
من الجانب الآخر ماهي المعايير التي يتم مراعاتها اليوم عند تعريب فورمات البرامج العالمية؟
في حين يصعد نجم بعض البرامج بسرعة لافتة فيترك بصمة في الأوساط الاجتماعية العربية نظراً لنجاحه على كل الصعد، يصطدم البعض الآخر بجدار الفشل حاصداً انتقادات العامة والمتخصصين على حد سواء… من هنا تطرح التساؤلات حول كيفية انتقاء هذه البرامج وما هي المعايير التي يتم على أساسها اختيار الفكرة وتنفيذها من البداية الى النهاية، وأهمها مراعاة بعض النقاط المتعلقة بتلاؤم البرامج الأجنبية مع قيم مجتمعاتناوالتقاليد العربية والإسلامية، والتعديلات التي يفترض أن تتمفي المضمون أو في الشكل، كي ينسجم العملمع متطلبات الجمهور العربي وأفكاره، ومدى تأثير هذه التغييرات على فكرة البرنامج ومدى جاذبيته لدى المشاهدين.
وبالإضافة إلى ضرورة أن يناسب البرنامج محيطنا العربي بالدرجة الأولى يجب أن يكون البرنامج المختار قد حقق نجاحاً كبيراً في الدول التي عُرض فيها، كما يجب الاعتماد على الدراسات المتعلقة بالسوق وحاجات المجتمع وأذواق المشاهدين ومتطلباتهم.
12/ في خضم انشغالاتك، كم من الوقت تختلسين للقراءة، وهل تجذبك كتب المجال أم تقرئين لمتعة القراءة فقط؟
حبي للقراءة في الأساس بدء من والدي والذي كان اهتمامه بالقراءة اهتماماً غير عادياً، وكان يمتلك ثلاث شقق مملوءة بالكامل بالكتب، شقتان في القاهرة وثالثة في لندن، ولذلك كنا محاصرين بالكتب العربية والإنجليزية أينما ذهبنا، وكان الاطلاع والقراءة هو المتنفس الوحيد لنا…
ثم تخرجت من كلية الآداب قسم اللغة الانجليزية، وبجانب حصولي بعد ذلك على درجة الماجستير من جامعة لندن في السياسة الخارجية، حصلت أيضاً من جامعة لندن (حباً في اللغة العربية) على درجة الدكتوراه في (الخطابة في الإسلام) … أنا عاشقة للقراءة وللغة العربية وجمالها منذ نعومة أظافري… كما أقرأ أيضاً باللغة الإنجليزية، لذلك للقراءة وقت كبير في حياتي، وبحكم عملي ودراستي وما حصلت عليها من شهادات فأنا أقرأ في مختلف المجالات الإعلامية والسياسية والاجتماعية والأدب والشعر…
والقراءة نعم تحقق المتعة ولكن بالنسبة لي منذ زمن بعيد وأنا على قناعة تامة بأن القراءة والتعلم والاطلاع المستمر هو السلاح الأقوى في هذه الحياة،وإن لم تقرأ بشكل متواصلوتنمي أفكارك ومعلوماتك قد يأتي عليكيوماً تصطدم فيه بأنك أصبحت لا تمتلك القدرة على الاستمرار والتطور والنجاح كونكمازالت واقفاً في مكانك عند حدود ما تعلمه في عالم واسع لا يتوقف عن الحركة والتجديد والتطور.
13/الروائية السيدة أحلام مستغانمي كتبت يوماً أن أغنى النساء من تتوسد ذكرياتها…بعد سنوات طوالْ سيدتي ماهي الذكرى التي تحبين أن تنير سماء أيامك؟
الذكرى التي أحب أن تنير سماء أيامي هي أهم الذكريات والمواقف المتعلقة بأسرتي وزوجي وأبنائي، بكل لحظة كنت خلالها أم وزوجة صالحة، وابنة وأخت بارة بأهلها، بكل لحظة استطعت خلالها جبر خاطر مريض أو محتاج والوقوف بجانبه قدر استطاعتي…
أما على المستوى العملي فأشكر الله دائماً على كل ذكرى جائزة أو تكريم حصلت عليه محلياً وإقليمياً وعالمياًكوني من اللواتي استطعن أحداث تغييراً وتركن علامة فارقة في قطاعات متنوعة في مجال العمل الإعلامي والإنساني والدفاع عن حقوق المرأة والطفل، ولله الحمد صنّفت ضمن أقوى 100 شخصية عربية لعام 2021 من قبل مجلة “آربيانبزنزس”، وتم اختياري ضمن قائمة أهم نساء في العالم من قبل مجلة “فوربس” أكثر من مرة، وأفخر بأنني من فرسان الأمم المتحدة عام 2014، وأشعر بشرف عظيمعندما أتذكر تكريميبجائزة الأم تيريزا للعدالة الاجتماعية، وفي رصيدي أكثر من 30 جائزة في مجالات التقديم، والبرامج وإدارة الأعمال… وعندما أتوسد هذه الذكريات أشعر حينها بأن سنوات التعب والعمل والكفاح لم تذهب هباءً بفضل الله وكرمه وعدله في مكافأة كل من يخلص ويجتهد في عمله.
وهل تخافين مرور السنوات؟
الخوف من مرور السنوات يستقر في قلوب من يرون أن الشباب والجمال هما الأسباب الرئيسية للنجاح، وأنا لا أؤمن بهذا الأمر، بل أؤمن بأن من يعتمد على شكله الخارجي يفشل بالتأكيد، صحيح أن الجمال هو بطاقة دخول الى قلوب الناس، وهذه نعمة من رب العالمين، لكن لا يمكنني أن أعتمد عليه وحده من دون ثقافة ولباقة وحكمة وحُسن تصرف وعمل واجتهاد… فهذه كلها مكونات المذيع والإعلامي والانسان الناجح من وجهة نظري.
كما أنني لا أخاف من مرور السنوات لأنني على قناعة تامة بأن كل مرحلة عمرية لها جمالها ونضجها، والشباب هو شباب القلب، والجمال هو جمال الروح المزين بالعلم والأخلاق والعمل والذكاء…الوقت ثمين، ولا يوجد أحد يعيش للأبد، لذا يجب الاستفادة القصوى من كل لحظة في أيامنا من أجل أنفسنا ومن أجل من حولنا، وعلينا فقط أن نعمل ونجتهد ونستمتع بالوقت الحاضر ونترك المستقبل بيد رب العالمين.
14/ الروح إماراتية والهوَى مصري، كلمة في حب الموطنين.
أنا ابنة الإمارات مصرية الجذور.طفولتي كانت في مصر “أم الدنيا”، وأعيشبوطني الإمارات “منارة العالم” مع أسرتي وزوجي وأبنائي،وأهم تجربتين إعلاميتين في حياتي وأهم نجاحاتي كانتا في مصر والإمارات، وطنين كاناولازالاقبلة وبيئة حاضنة للإبداع والمبدعين من كل الجنسيات في مختلف المجالات…
أنا أشعر دائماً أنني من سعداء الحظكوني ابنة دولتين عظيمتين يجمعهما تاريخ وعلاقات طيبة وطيدة، يجمعهما وحدة الدين واللغة والعادات والتقاليد، يجمعهما الكرم والسخاء والطيبة وحسن الترحاب والضيافة، الإيثار وحب الخير، الحياء والذوق واحترام الكبير والتعامل مع المرأة بخصوصية لا تجرح حيائها أو كرامتها، يجمعهما الأمن والأمان، يجمعهما التسامح وتقبل الآخر والعيش المشترك بتناغم وسلام وطمأنينة وترحاب بالجميع. وهذا أمر أنظر إليه وأباهي به دوماً في كل مكان بالعالم بمنتهى السعادة والفخر.
شبكة المدار الإعلامية الأوروبية …_