رسالة إلى رئيسة المفوضية الأوروبية

الرسالة من الكاتب الفلسطيني إبراهيم عطا

شبكة المدار الإعلامية الأوروبية …_من إبراهيم عطا، اللاجيء الفلسطيني في مخيمات لبنان، الى رئيسة المفوضية الاوروبية اورسولا فون ديرلاين، التي تتفاخر بعلاقاتها مع “مستعمرة اسرائيل” وتتحدث عن القيم المشتركة بين اوروبا وهذا الكيان المجرم الذي وصفته بواحة الديموقراطية في الشرق الاوسط…
يا سيدة فون ديرلاين، كلامك المستفز جدا لمشاعري ومشاعر ملايين اللاجئين الفلسطينين ينم عن امعان في الظلم القائم تجاه ضحايا هذه الجريمة التاريخية التي ارتكبتها “دولكم الموقرة” واسميتموها “دولة اسرائيل”، لاني لو حدثتك فقط عن وضعي انا كواحد من ضحايا هذه الجريمة، كلاجيء يحمل وثيقة سفر خاصة باللاجئين الفلسطينين لا تعترف بها بلادك المانيا، واخبرتك أن من يقيم على ارضي وفي بيتي في فلسطين هو المهاجر الاوروبي الذي تفتخرين بالعلاقات معه، ويحمل جواز سفر الكيان الصهيوني بالاضافة الى جواز سفر بلده الاصلي، فما بالك لو تعمقنا بكل التفاصيل وتطرقنا الى كافة جوانب المأساة التي تصفينها بالانجاز (اكثر من ستة ملايين لاجيء وعشرات المخيمات المكتظة، الاف المعتقلين ومن بينهم نساء واطفال ومرضى ومضربون عن الطعام، اراضي تصادر بشكل يومي لبناء المستوطنات، وقتل وتدمير يومي للمنازل والممتلكات، واقتحامات للاماكن المقدسة ودور العبادة… ؟).
فيا سيدة فون ديرلاين، إما ان يكون كلامك نابعا عن جهل بالحقيقة وعدم اضطلاع على الواقع، وهذا مستبعد جدا لانك سيدة ضليعة في السياسة وتقلدت مناصب رفيعة وحساسة في بلدك، و إما لانك فعلا عنصرية ومنحازة لكيان الاجرام الصهيوني بوجه حقوق الشعب الفلسطيني، وهذا ما ارجحه أنا وتؤكده تصريحاتك في خطاب التهنئة الذي وجهتيه لهؤلاء القتلة، بمناسبة مرور ٧٥ عاما على إقامة مستعمرتهم فوق اراضي فلسطين التاريخية…
فيا سيدتي الموقرة، كيف لك أن تبتسمي وتتحدثي بفخر واعتزاز متغنية بانجازات هذه “الدولة” التي محت قرى وبلدات عن بكرة ابيها وقتلت وهجرت مئات الالاف من سكانها، وارتكبت مئات المجازر في مدنها وقراها لتقيم على انقاضها هذه الدولة السرطانية… وتقولين مبتهجة انك رأيت بأم عينك كيف حولوا الصحراء الى اراضي خضراء غناء، ولكن هل أصابك العمى ام انك تتعامين عن رؤية عشرات مخيمات اللاجئين الذين شردتهم هذه المستعمرة والمنتشرة على امتداد اراضي الضفة الغربية المحتلة وفي “جيتو غزة” المحاصر، بالاضافة الى دول الشتات في الاردن ولبنان وسوريا وغيرها…
يا سيدة فون ديرلاين، اذا كنت تتغابين وتتعامين عن النظر بواقعية الى الجغرافيا وما خلفته على الارض هذه النكبة التي تسمينها استقلال لدولة الاحتلال، فلا بد انك مطلعة على التاريخ وتعرفين اكثر من غيرك أن من اجرم بحق هؤلاء اليهود واضطهدهم وبنى لهم معسكرات الاعتقال وغرف الغاز (الهولوكوست)، انما هم اباؤك واجدادك الالمان، وليس الشعب الفلسطيني حتى يدفع ثمن جريمتكم بشكل يومي من دمه ودم ابنائه…فالاجدر بك وباوروبا التي تمثلينها وبلدك المانيا على وجه الخصوص ان يمنحهم قطعة صغيرة من اراضيه الشاسعة والفارغة فعلا من السكان، لاقامة مستعمرتهم عليها، لتعوضيهم قليلا عما فعله بهم اسلافك النازيين…
وأخيرا يا سيدة فون ديرلاين، كان الأجدر بك أن تحاولي التخفيف من ألم الضحية بدلا من الامعان في طعنها وخنقها، ولكن ما زالت الفرصة امامك مع اقتراب ذكرى النكبة (١٥ مايو)، وبامكانك مراجعة نفسك وتعديل خطابك حول “انجازات الاحتلال”، أولا من خلال الاعتذار للشعب الفلسطيني حول ما صدر عنك، وثانيا من خلال مطالبة سلطات دولة الاحتلال “الصديقة” بتنفيذ قرارت الامم المتحدة والمنظمات الدولية حول الانسحاب من الاراضي المحتلة وحق عودة اللاجئين، ولو بالحد الادنى من التنفيذ، ولك كل التقدير والاحترام…

شبكة المدار الإعلامية الأوروبية …_

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Previous post حقوق المرأة وبوابة الانسانية …
Next post منزلق الهاوية