معاناة أصحاب الشعر الأحمر في التاريخ
شبكة المدار الإعلامية الأوروبية …_يعتبر الشعر الأحمر في أيامنا هذه واحداً من علامات الجاذبية والتميز، حتى إن كثيراً من نجمات هوليوود يصبغن شعرهن بالأحمر من فترة إلى أخرى لاعتقادهن أن هذا اللون يجذب الانتباه إليهن بشكل أكبر. عبر التاريخ جذب الشعر الأحمر الانتباه لكن بصورة سلبية، إذ جرى ربطه بصور نمطية مشينة مثل ممارسة الدعارة، أو تم وسم أصحابه بأنهم من السحرة والمشعوذين.
الشعر الأحمر.. جينات متنحية هي السبب في اللون المميز
لا يعتبر الشعر الأحمر شديد الانتشار حول العالم، إذ تتراوح نسبة أصحابه ما بين 1-2% فقط، وينتج عادة بسبب جين متنح يحمل اسم MC1R، بمعنى أن الطفل يولد أحمر الشعر فقط إذا كان والداه من أصحاب الشعر الأحمر، ويحملان هذا الجين. أما الصبغة المسؤولة عن إعطاء الشعر هذا اللون المميز فتسمى الفيوميلانين.
وعلى الرغم من أن الشعر الأحمر أكثر شيوعاً بين سكان شمال غرب أوروبا في يومنا هذا، لكن يعتقد أنه نشأ بالأصل في سهول آسيا الوسطى كنتيجة لتكيف البشر مع قلة ضوء الشمس؛ مما أدى إلى تطور بشرتهم لتصبح شاحبة مع شعر فاتح اللون (بما في ذلك الشعر الأحمر). إذ سمحت لهم هذه الطفرة بامتصاص المزيد من الأشعة فوق البنفسجية الإضافية اللازمة لتكوين فيتامين د بشكل أكثر كفاءة.
وحالياً توجد أعلى نسبة من أصحاب الشعر الأحمر في اسكتلندا (13%) تليها أيرلندا (10%).
وبسبب ندرة أصحاب الشعر الأحمر حول العالم، فقد حيكت عنهم الكثير من الأساطير والخرافات على مر القرون.
متهمون بالعنف والمزاج السيئ
لعل أبسط الخرافات التي حيكت عن أصحاب الشعر الأحمر، هي اتسامهم بالعنف والاندفاع والمزاج السيئ.
ويمكن إرجاع الصلة بين الشعر الأحمر والعنف إلى المجتمعات اليونانية والرومانية القديمة، حيث تم تصوير مجموعات مثل السكيثيين والتراقيين، على أنهم برابرة عدوانيون، مع العلم أن نسبة كبيرة منهم من أصحاب الشعر الأحمر.
امتدت أراضي السكيثيين والتراقيين من البحر الأسود إلى بحر إيجه وقد تم القبض على العديد منهم واستعبادهم من قبل الإغريق ثم الرومان.
ويرجح موقع History Collection أن العداء تجاه أصحاب الشعر الأحمر كان بسبب ندرته في مناطق البحر الأبيض المتوسط.
سرقوا شعلة نار من الجحيم
أصبحت الحياة أكثر تعقيداً بالنسبة لأصحاب الشعر الأحمر في العصور الوسطى؛ فقد زادت حدة الأساطير المنسوجة حولهم وتم ربطهم بجميع الأعمال اللاأخلاقية، مثل ممارسة الدعارة أو السحر والشعوذة.
وفي زمن محاكم التفتيش الإسبانية، كان الشعر الأحمر يعتبر دلالة تساعد الجلادين على تحديد هوية اليهود، لذلك كان يحكم على كل شخص أحمر الشعر بالموت على الفور، وكان يعتقد أيضاً أن أصحاب الشعر الأحمر قد قاموا بسرقة شعلة نار من الجحيم، وهذا هو سبب لون شعرهم المميز.
ولهذا السبب تم تصوير شخصيات اتهمت بالخيانة بشعر أحمر في الأعمال الفنية في ذلك العصر، وتعتبر كل من مريم المجدلية ويهوذا الإسخريوطي مثالين على تلك الشخصيات التي اعتبرت خائنة وفقاً للتقاليد المسيحية، وفقاً لما ورد في موقع ancient-origins.
وخلال القرنين السادس عشر والسابع عشر، كان أصحاب الشعر الأحمر يستهدفون ويقتلون أيضاً، لكن هذه المرة بتهم ممارسة السحر والشعوذة. وعليه فقد تم حرق العديد من النساء بتهمة ممارسة السحر لمجرد أنهن يمتلكن شعراً أحمر.
جالبو الحظ السيئ
بحلول القرن التاسع عشر، اكتسب تقليد يسمى “القدم الأولى” شعبية واسعة في اسكتلندا وشمال إنجلترا.
ووفقاً لهذا التقليد، فإن أول شخص يدخل المنزل بعد منتصف الليل يمكن أن يجلب الحظ السعيد لأصحابه، مع ذلك تم استثناء أصحاب الشعر الأحمر من القاعدة، إذ كان يعتقد على نطاق واسع أنهم يجلبون الحظ السيئ.
ومن الشائعات التي انتشرت حول التحيز ضد أصحاب الشعر الأحمر أن هتلر كان قد منع الزواج بين أصحاب الشعر الأحمر، وذلك خوفاً من إنتاج “نسل منحرف”، وفقاً لما ورد في cbsnews.. عموماً قد تكون تلك مجرد شائعة لا صحة لها.
ميزات ومشاكل صحية
على الرغم من التمييز الذي تعرض له أصحاب الشعر الأحمر عبر التاريخ، إلا أنهم يتمتعون في الواقع بالعديد من المزايا الصحية، منها القدرة الكبيرة على تحمل الألم، وبالفعل فقد عرفت النساء ذوات الشعر الأحمر تاريخياً بأن احتمالية نجاتهن من مخاطر الحمل والولادة أعلى من بقية النساء. وقد أظهرت الدراسات الحديثة أن نظام الإحساس بالألم مختلف لدى أصحاب الشعر الأحمر، فعلى الرغم من أنهم يبدون حساسية أعلى تجاه الحرارة والبرودة إلا أنهم يعانون بشكل أقل من الآلام بشكل عام.
كذلك يتميز أصحاب الشعر الأحمر عن غيرهم من ذوي الشعر الأسود بقدرتهم على إنتاج فيتامين د خاصة عندما يتعرضون للإضاءة الخافتة؛ وهو أمر مهم جداً لصحة العظام. ويعتقد كذلك أنه يحمي من الاكتئاب ويساعد في الوقاية من نزلات البرد.
بالإضافة إلى ذلك فإن أعراض الشيخوخة تظهر بشكل أبطأ على أصحاب الشعر الأحمر.
لكن هذا لا يعني أنهم لا يعانون من مشاكل صحية إضافية، فقد أظهرت الدراسات أنهم أكثر عرضة للإصابة بمرض باركنسون، كذلك تتعرض بعض السيدات ذوات الشعر الأحمر لخطر الإصابة بسرطان بطانة الرحم، حيث تبين أن ذوات الشعر الأحمر هن أكثر عرضة للإصابة بهذا النوع من السرطانات بنحو 30% أكثر من غيرهن من ذوات ألوان الشعر الأخرى.
ويعرف أيضاً أن أصحاب الشعر الأحمر أقل تأثراً بالتخدير الموضعي، إذ يعتقد بأن طفرة جين MC1R تعمل على خفض فاعلية المواد المخدرة. لذلك يحتاجون إلى كمية إضافية من المخدر قبل العمليات الجراحية أو عند زيارة طبيب الأسنان.
عربي بوست