المهاجرين سبباً رلبقاء عدد من المهن في فرنسا
شبكة المدار الإعلامية الأوروبية …_بعد أشهر من مصادقة الجمعية الوطنية (البرلمان الفرنسي) على مشروع قانون الهجرة الجديد في فرنسا 2023، خرج وزير العمل الفرنسي أوليفييه دوسبوت، ليعترف بأن للمهاجرين دوراً كبيراً في بقاء بعض المهن بفرنسا.
وقال الوزير الفرنسي، خلال حضوره في لقاء صحفي نهاية الأسبوع الماضي، على إحدى المحطات الإذاعية في فرنسا: “إن بعض المهن كادت تختفي لولا وجود العمال المهاجرين الذين يشتغلون فيها حالياً”.
وأضاف وزير العمل في حكومة ماكرون، أن بعض المهن في فرنسا لا يقوم بها إلا المهاجرون، ولولاهم لما وجدت فرنسا من يشتغل، معتبراً أن هذا هو الواقع الذي يجب إعادة النظر فيه.
تصريحات الوزير الفرنسي جاءت بالتزامن مع مناقشة مشروع الهجرة الجديد، الذي قدمه وزير الداخلية جيرالد دارمانان، وجاء لإصلاح قانون الهجرة واللجوء الحالي الذي تعمل به فرنسا.
تصحيح الوضعية القانونية في فرنسا ليس سهلاً
رغم مرور سنتين قضاهما في فرنسا، ما زال حميد -وهو شاب مغربي في الـ32 من عمره- يعيش بدون أوراق قانونية، رغم أنه يشتغل نادلاً في أحد المقاهي المتوسطة الشعبية وسط العاصمة باريس.
يقول حميد في حديث مع “عربي بوست”، إنه لا يملك عقد عمل ووضعيته غير قانونية، لأن صاحب العمل يرفض أن يدفع له الراتب عبر الحساب البنكي، ولا يدفع له الضريبة ولا حتى التغطيات الاجتماعية.
وأضاف في حديثه: “وصلت إلى فرنسا في قارب للهجرة السرية، واشتغلت أكثر من مرة، وأنا اليوم أشتغل ولديّ دخل ثابت قادر على أن أعيش به في فرنسا، ومرات أرسل لعائلتي في المغرب، لكني لا أملك أوراقاً رسمية”.
ولتسوية الوضعية يحتاج المهاجرون غير القانونيين إلى إثبات وجودهم فوق الأراضي الفرنسية لمدة لا تقل عن 3 سنوات، وفي أغلب الأحيان يتم ذلك بورقة طبيب تتوفر على تاريخ الزيارة؛ للتأكد من وجود المهاجر طيلة هذه المدة.
إضافة إلى ذلك يحتاج المهاجر إلى إثبات عمله عبر كشوفات بنكية، تؤكد استلامه الراتب بشكل شهري، بجانب تصريح ضريبي، يؤكد أنه يدفع الضرائب عن عمله، بعدها يُقدم ملفاً للبلدية وينتظر الرد.
حميد الذي تحدث لـ”عربي بوست”، قال إنه عاجزٌ الآن عن تسوية وضعيته، لأن رب العمل الذي يُسيّر له المقهى “يرفض أن يدفع لي أجري عبر البنك ويفضل أن يُسلمه لي نقداً، كما أنه لا يدفع عني الضرائب، فبالتالي ليس لدي عناصر ملف أقدمه لأسوي وضعيتي”.
حميد هو حالة لآلاف المهاجرين غير النظاميين في فرنسا، يشتغلون في مهن تُدر عليهم مدخولاً محترماً، لكنهم غير قادرين على تسوية وضعيتهم بسبب استغلال أرباب العمل تارة، وتارة أخرى بسبب صعوبة طريق التسوية.
وتُعتبر فرنسا من بين دول الاتحاد الأوروبي الأكثر تعقيداً في الحصول على أوراق الإقامة القانونية، حيث تفرض التصريح الضريبي طيلة مدة عمل المهاجر ولو بطريقة غير قانونية، إضافة إلى كشوفات حساب، تثبت توصله بالراتب على حسابه في البنك.
فرنسا تحتاج المهاجرين
أثارت تصريحات وزير العمل الفرنسي ردود فعل وسط المهاجرين غير النظاميين فوق الأراضي الفرنسية، خصوصاً الذين يعملون بصفة غير قانونية في أعمال المياومة التي تعتبر شاقة بالنسبة للفرنسيين، ويُشكل هؤلاء العمال المهاجرون نسبة 25%.
وتحتاج فرنسا إلى اليد العاملة بشكل كبير، حسب حقيق أنجزه مركز التوظيف الحكومي الفرنسي،
خصوصاً في مهن يرفض الفرنسيون الاشتغال فيها كـ”نادل في المطاعم والمقاهي، جمع وقطف الفواكه، مهن الطبخ، أعوان التنظيف، الفلاحة، تدبير الأعمال المنزلية، ومساعدي التمريض، التنشيط الثقافي وأعمال التغليف والتوضيب”.
هذا النقص في اليد العاملة دفع وزير الداخلية إلى اقتراح مشروع قانون الهجرة الجديد للاستجابة للنقص في بعض القطاعات، هذا القانون الذي يمنح من يعملون في القطاعات المذكورة على الأراضي الفرنسية لمدة ثمانية أشهر متتالية الإقامة لمدة ثلاث سنوات، على ألا تتضمن حق لم الشمل لعائلاتهم.
سعاد فريخ، رئيسة جمعية مغاربة فرنسا، قالت إنه منذ سنة 1981 لم يتغير موقف الجمعية بفرنسا فيما يخص التسوية الإدارية للعمال بدون وثائق إقامة، وبفضل انخراط الجمعية في معركة التسوية هذه، تمت تسوية 12000 حالة عبر فروع الجمعية وطنياً.
وأضافت المتحدثة في تصريح لـ”عربي بوست”: “اليوم يساهم أكثر من 400000 عامل بدون أوراق في بناء الاقتصاد الوطني بفرنسا، والمعروف أن هناك صراعاً بين الحكومة الفرنسية وأرباب العمل لتسوية أكبر عدد من الحالات سداً لخصاص اليد العاملة بفرنسا”.
وفي هذا الإطار جاءت استجابة وزارة الداخلية لكن مع تشديد القوانين وتشديد الحصار على العمال بفرض ظروف عمل صعبة وأجور ضئيلة، وتقنين التجمع العائلي للحد من التحاق العائلات والأسر بالعمال.
كيف يستفيد المهاجر من مشروع قانون الهجرة في فرنسا؟
أمام الحاجة المُلحة للمهاجرين، قدمت الحكومة الفرنسية في فبراير/شباط 2023، مشروع قانون حول الهجرة، يهدف إلى منح تصاريح الإقامة للمهاجرين الموجودين في فرنسا بطريقة غير قانونية لكن يمارسون مهناً تعاني من الضغط.
وزير العمل الفرنسي دافع عن مشروع القانون الذي قدمته الحكومة الفرنسية، وهو مشروع يقترح منح تصاريح الإقامة للمهاجرين الموجودين في فرنسا بطريقة غير قانونية لكن يمارسون مهنا تعاني ضغطاً.
وإذا كانت فرنسا الآن تفرض العمل فوق أراضيها لمدة 3 سنوات، وفيما قبل كانت 8 سنوات، وهي مدة طويلة على أرباب العمل الذين يدفعون الضرائب، فمشروع القانون اليوم يطلب من المهاجر غير النظامي إثبات عمله لمدة 8 أشهر فقط، لكن في مهنة معينة من المهن التي وُضعت في لائحة بمشروع القانون.
إضافة إلى ذلك، يسعى مشروع القانون إلى ضرورة إدماج المهاجرين عبر تمكنهم من الحد الأدنى من اللغة الفرنسية، عكس القانون المعمول به حالياً والذي يفرض على الأجنبي الالتزام بحضور تدريب لغوي.
عربي بوست