مكافحة الإرهاب في ألمانيا ـ ماحجم تهديد “السلفية الجهادية” ؟
شبكة المدارالإعلامية الأوروبية…_مازالت ألمانيا تعتبر تهديد إرهاب “السلفية الجهادية”، تهديداً قائما على أمن ألمانيا القومي، رغم ماتقوم به ألمانيا من تشريعات وتدابير في تجفيف مصادر التمويل الخارجي، والحد من الدعاية المتطرفة على المنابر وعبر الأنترنيت. تبقى حرب أوكرانيا، مصدر تهديد لأمن ألمانيا وأوروبا وبدون شك الأمن الدولي، كون الجماعات المتطرفة، تنظيم داعش أعلن عبر الأنترنيت ضروري استثمار حرب أوكرانيا للحصول على السلاح والتدريب لتنفيذ عمليات إرهابية في أوروبا.
تحذيرات الاستخبارات الألمانية
حذر خبراء يوم 15 يوليو 2023من أن المتطرفين من أصحاب الدوافع الإسلاموية لا يزالون “يشكلون خطرا مجردا عاليا فيما بوقوع هجمات في ألمانيا”. بحسب ما خلصت إليه نتائج أحدث تقرير لمجموعة العمل المشتركة بين وزارات تابعة لحكومة ولاية شمال الراين- ويستفاليا حول الوقاية من “السلفية الجهادية”. وجاء في التقرير المؤقت الذي نشره برلمان الولاية في دوسلدورف، يوم 15 يوليو 2023، والذي شاركت في إعداده خمس وزارات تابعة للولاية ومجلس استشاري علمي: “لا يوجد سبب لوقف التحذير”. [1]
التقرير جاء بعد القاء القبض على تسعة أشخاص في ألمانيا وهولندا بزعم جمع أموال لتنظيم داعش والتخطيط لهجمات وقالت الحكومة الألمانية إن تسعة أشخاص من آسيا الوسطى اعتقلوا في ألمانيا وهولندا يوم السابع من يوليو 2023بسبب خطط لشن هجمات في ألمانيا وجمع أموال لتنظيم داعش. قال مدعون اتحاديون إن سبعة رجال اعتقلوا في ألمانيا اتهموا بتأسيس “جماعة إرهابية محلية” ودعم تنظيم داعش وقالت وزيرة الداخلية الألمانية نانسي فيزر للصحفيين في برلين إن “تهديد الجماعات الإسلاموية المتطرفة لا يزال حادًا للغاية ، كما ترون من اعتقالات اليوم”.[2]
أوكرانيا بوابة للجماعات المتطرفة
وطبقا للتحقيق ، فإن المشتبه بهم السبعة كان لهم علاقات طويلة الأمد مع الجماعات الإسلاموية الراديكالية المتطرفة. بعد بدء الحرب في أوكرانيا ، هاجروا في وقت واحد إلى ألمانيا وأنشأوا خلية إرهابية في أواخر يونيو 2022. كان هدفهم الأساسي تنفيذ هجمات إرهابية بارزة في ألمانيا ، مستوحاة من تلك التي دبرها تنظيم داعش. كان للتنظيم اتصالات مع أعضاء من الفرع الإقليمي لتنظيم داعش وقام بمراقبة أهداف محتملة في ألمانيا. [3]
التخطيط لتنفيذ عمليات إرهابية
اعتقلت اجهزة الأمن الألمانية يوم 25 أبريل 2023 ، سوريًا للاشتباه في أنه كان يخطط لتنفيذ هجوم بالمتفجرات بدافع التطرف الإسلاموي وقالت الشرطة الفيدرالية إن الضباط ألقوا القبض على الرجل البالغ من العمر 28 عامًا في مدينة هامبورغ الشمالية بناءً على أمر صادر عن المحكمة بشأن جرائم تمويل الإرهاب المشتبه بها. ويقول المحققون إن الرجل مشتبه في محاولته الحصول على مواد عبر الإنترنت من شأنها أن تسمح له بتصنيع حزام ناسف “من أجل تنفيذ هجوم على أهداف مدنية”.
وقالت وزيرة الداخلية نانسي فيسر إن القضية تظهر أن خطر التطرف الإسلاموي لا يزال مرتفعا وتعهدت بأن تواصل الأجهزة الأمنية الألمانية أخذ جميع المعلومات حول هذه التهديدات على محمل الجد.[4]
ويقول توماس هالدينفانغ، رئيس المكتب الاتحادي لحماية الدستور: “أتحدث عن الجماعات العنيفة ولكن دون تجاهل الإسلامويين أيضاً. ومع ذلك، في العام الماضي 2022، تم تحقيق العديد من النجاحات مرة أخرى على الصعيدين الدولي والوطني ضد الإرهاب الإسلاموي. ولحسن الحظ ، لم تشهد ألمانيا في عام 2022 هجمات ارهابية “.يبدو إن الوضع تهيمن عليه بشكل خاص مجموعات صغيرة تتصرف بمفردها.[5]
وقالت وزيرة الداخلية الألمانية فيزر إن السلطات الأمنية تأخذ كل مؤشر على وجود تهديدات “إرهابية إسلاموية” على محمل الجد وتتصرف وفقا لذلك. ولهذا الغرض، يجري استخدام “موارد شاملة للغاية” للسلطات الأمنية. وتابعت أن الاعتقالات في القضية الأخيرة أظهرت مرة أخرى أن أنظمة الإنذار المبكر تعمل بشكل جيد وأن هناك إجراءات متسقة. [6]
تقييم وقراءة مستقبلية
ـ تظل أوروبا عرضة للتهديد الإرهابي ونشر الدعاية “الجهادية “قد تصبح أوكرانيا أرضًا خصبة للجماعات المتطرفة الإسلاموية الى جانب النازيون الجدد واليمين المتطرف وغيرها وتكون أوكرانيا بمثابة بوابة للدعاية “الجهادية” في أوروبا.
ـ منذ اندلاع حرب أوكرانيا ، قامت العديد من الجماعات المتطرفة بنشر الدعاية لتشجيع المقاتلين على الانتقال إلى الأراضي الأوكرانية والانضمام إلى “الفيالق” التي شكلتها أوكرانيا لاكتساب الخبرة العسكرية والتدريب والوصول إلى الأسلحة.
ـ أشارت تقارير في يناير 2023 إلى وجود مسلحي أجناد القوقاز في أوكرانيا أجناد القوقاز هي منظمة إرهابية تتألف من مسلحين من شمال القوقاز معروفين بعملياتهم ضد القوات السورية والروسية في سوريا. تداولت منصات التواصل الاجتماعي ، وخاصة تلغرام ، صور لقاءات بين زعيم أجناد القوقاز عبد الحكيم الشيشاني ، وأعضاء الكتيبة الشيشانية الشيخ منصور ، التي تعمل في أوكرانيا لدعم كييف.
ـ تثير امدادات الأسلحة التي قدمتها الدول الغربية لدعم أوكرانيا مخاوف بشأن احتمال حصول الجماعات المتطرفة علىالأسلحة والتدريب.
ـ سلطت تقارير إعلامية الضوء على إمكانية بيع أسلحة غربية في السوق السوداء ، مما أثار قلق الإنتربول .
ـ ضروري ان يكون هناك تقييم ومراقبة الوضع في أوكرانيا فيما يتعلق المقاتلين الأجانب الذين يقاتلون ويدعمون كييف ومن الأهمية تحديد ما إذا كانت الجماعات المتطوعة مثل الكتائب الشيشانية الشيخ منصور وجوخار دوداييف من المؤسسة الإسلامية “قفقاس” لديها أي روابط مع الجماعات المتطرفة أو “الجهادية”.
ـ رغم إن ألمانيا لم تشهد عمليات إرهابية واسعة وانخفاض مؤشر الإرهاب في ألمانيا خلال عام 2022 الى اقل من خمس عمليات محدودة، تمثلت بالطعن بالسكين، لكن هذا لايعني تراجع التطرف الإسلاموي في ألمانيا ويعود ذلك على استمرار “الدعاية المتطرفة” اي الترويج الى ايدلوجية داعش والتطرف عبر الأنترنيت.
ـ من المرجح ان يكون هناك تصاعد في عدد الجماعات “الجهادية” والإسلام السياسي في ألمانيا رغم تراجع العمليات ويعود ذلك الى المراقبة الشديدة التي تفرضها ألمانيا على التطرف الإسلاموي بكل اطيافها بالتوازي مع اليمين المتطرف.
ـ إن تصاعد اليمين المتطرف في ألمانيا خاصة تصاعد شعبية حزب البديل من أجل ألمانيا لتصل مايقارب إلى 20% وفق اخر الاستطلاعات داخل ألمانيا، وهذا يعني تصاعد “الإسلاموفوبيا”، مما يعطي فرصة جديدة للجماعات الإسلاموية المتطرفة في ألمانيا الى استثمار خطاب اليمين المتطرف.
ـ بات متوقعا ان تستمر ألمانيا بفرض سياستها وتدابيرها المشددة ضد التطرف الإسلاموي بالتوازي مع اليمين المتطرف.
ـ بات ضروريا الحد من الهجرة غير الشرعية إلى أوروبا خاصة من شمال إفريقيا.
ـ ولغرض مواجهة “إرتداد الإرهاب والتطرف إلى أوروبا”، يجب على الدول الأوروبية التعاون الدولي من أجل تتبع شحنات الأسلحة الواردة إلى أوكرانيا وكذلك تتبع الجماعات الإسلاموية المتطرفة في أوكرانيا، وبدون شك ايضا يتطلب من روسيا أيضا اتخاذ تدابير لمنع التحاق الجماعات المتطرفة للحرب الى جانب قواتها.
ـ ماتحتاجه ألمانيا هو الأستمرار بتعزيز التعاون الأمني بين الولايات والوكالات الاستخباراتية وعدم التقاطع، وتوسيع التعاون الأمني بخصوص محاربة تنظيم داعش خاصة في أفغانستان وآسيا الوسطى وإفريقيا مع الأستمرار بجهود محاربة التطرف ايضا في سوريا والعراق.
ـ لقد نجحت الاستخبارات الألمانية بتفكيك خلايا والكشف عن مخططات إرهابية قبل وقوعها، إن تنفيذ مثل هذا النوع من العمليات الإستباقية والوقائية يٌحسب للاستخبارات الألمانية بجمع المعلومات والرصد والمنع.
هوامش
[1] تقرير: الإرهاب الإسلاموي لا يزال يشكل خطرا على ألمانيا
[2]Nine arrested in Germany and Netherlands over Islamist terrorist fears | Euronews
[3]Jihadist Propaganda and Rising Threats in Germany: A Risk Assessment
[4]Germany arrest Syrian suspected of planning Islamist attack
[5] الإسلامويون المتطرفون في ألمانيا.. هل تم احتواء خطرهم؟
[6] وزيرة داخلية ألمانيا تدعو لتجفيف مصادر تمويل الجماعات الإرهابية
المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الارهاب والاستخبارات