سماسرة التهريب والمتورطين
ابراهيم عطا .كاتب فلسطيني
شبكة المدارالإعلامية الأوروبية…_هل تخيلت نفسك يوما تركب البحر في رحلة مليئة بالمخاطر الى المجهول وانت لا تحمل معك سوى حلمك البسيط بحياة كريمة، والقليل من النقود التي استدنتها من جار او قريب، او ربما طلبت من امك أن تبيع قطعة الذهب الوحيدة التي تملكها لتغطي تكاليف رحلتك في البحث عن حياة افضل، لان بلادك التي كنت تهتف لها بالروح وبالدم لم تعد قادرة على منحك الحد الأدنى من الامان والاطمئنان او حتى لقمة العيش للبقاء على قيد الحياة كاي انسان…
هل فكرت يوما بهذا الشاب الذي ترك عائلته واهله وانطلق في رحلة البحث عن حياة طبيعية كباقي البشر ليس أكثر، ولكن قبل ان تتقاذفه أمواج البحر العاتية وتحطم قاربه المثقل والمتهالك، تقاذفته أيادي مافيات تهريب البشر وامتصت دمه حتى الرمق الاخير كي توصله الى شواطيء الانطلاق في ليبيا وتونس وغيرها، وقضى خلالها اياما طويلة وليالي عصيبة ذاق فيها المذلة والمهانة في كل ساعة وكل دقيقة…
هل تخيلت الوضع المعيشي والامني لهذا الشاب في بلاده وفكرت بالاسباب التي دفعته ليجازف بحياته ويترك وطنه واحبته ويسلم نفسه الى عصابات التهريب بحثا عن المأوى والامان في الشواطي البعيدة والغريبة في اوروبا الغنية التي تحولت لحلم كبير لملايين الشباب من دول الجنوب ودول الحروب ممن يبحثون عن تحقيق امانيهم وتطلعاتهم…
انا وانت ربما نكون قد تخيلنا الواقع المهين وفكرنا بظروف هؤلاء المهاجرين المجازفين باغلى ما يملكون، أما اوروبا التي استعبدتهم ونهبت خيرات بلادهم لعشرات السنين فلا تريد ان تعرف او تعترف باصل المشكلة، وتلقي باللوم تارة على المهاجرين وسماسرة التهريب والمتورطين، وطورا على الدول التي تنطلق من شواطئها قوارب موت هؤلاء المساكين، ولكنها لا تفكر ابدا في بلد المنشأ من حيث اتوا، وتتغاضى عن البحث والتدقيق في أسباب افتقار دولهم وانعدام الامن والاستقرار فيها…فهي لا تريد أن تفهم ان استعمارها بالمقام الاول، ومن ثم ياتي دعمها وانجرارها خلف الولايات المتحدة الإرهابية في حروبها الكثيرة في العراق وافغانستان واليمن وسوريا وغيرها، بالاضافة الى دعمها اللامحدود للاحتلال الصهيوني في فلسطين، ومشاركتها لليانكي الامريكي في فرض العقوبات الاقتصادية والتجارية القاتلة على الكثير من دول “العالم الثالث”، كما يحلو لها تسميتهم، هي اسباب رئيسة ايضا في افتقار وبؤس شعوب هذه الدول ودفع ابنائها للبحث عن حياة نزيهة في اوروبا…
اوروبا الغنية التي تصرف الان الملايين والمليارات على الحرب في اوكرانيا، لا تريد أن تتحمل عواقب أفعالها التاريخية وتتهرب من مسؤولياتها الانسانية وتعمل جاهدة للتخلص من هذا الكابوس المؤرق لها والذي يمثله المهاجرون…فاحيانا حاولون التخلص منهم حتى قبل وصولهم الى شواطئ دولهم، اي عن طريق اغراق القوارب في عرض البحر، كما فعلت اليونان قبل حوالي شهرين، أو تصديرهم الى رواندا وبناء سجون عائمة لهم في البحر كما فعلت بريطانيا “العظمى”…
اوروبا الغنية والتي تضغط على الدول الفقيرة لحل هذه المعضلة وتحملها المسؤولية، تستخدم سياسة العصا والجزرة وبشكل علني مع دول مثل تونس وليبيا، مطالبة اياها بابقاء المهاجرين على اراضيها وحتى توطينهم مقابل مساعدات مالية، او من خلال الضغوطات السياسية والاقتصادية، هي نفسها التي لا تريد ان تعترف ايضا بان اصل قضية الشرق الاوسط والحروب والتوترات في المنطقة هو وجود السرطان الصهيوني الذي زرعته هي نفسها على ارضنا من خلال دفع ملايين المهاجرين اليهود الذين للهجرة والاستيطان في ارض فلسطين…
الحل؟ اولا توقف اوروبا عن المشاركة في حروب الولايات المتحدة الإرهابية وفرض العقوبات الاقتصادية والتجارية التي تدعي انها تعاقب بها الانظمة لا الشعوب، واعادة الثروات المنهوبة الى بلدانها الاصلية كي تستقر وتنمو الشعوب وتتمكن من العيش بسلام وكرامة، وكذلك ان تعمل على مساعدة المهاجرين اليهود كي يتركوا ارض فلسطين ويرجعوا الى دولهم الاصلية في اوروبا، وذلك لرفع الظلم الذي وقع على الشعب الفلسطيني لعشرات السنين وتسبب في ملايين اللاجئين والنازحين…للحديث بقية
تحية لبطل عملية مستعمرة معالي ادوميم مهند مزارعة والرحمة لشهيد طولكرم اليوم محمود ابوسعن، وجمعة طيبة لكل الاحبة…ابو انس
شبكة المدارالإعلامية الأوروبية…_