فرنسا وتقاربٌ آخر مع الهند

عزيز فيرم- كاتب رأي سياسي وروائي جزائري

شبكةالمدارالإعلامية الأوروبية…_قد لا تكون مسألة التقارب بين الشرق والغرب بالمفهوم التقليدي، مستحيلة الكينونة إذا نظرنا إليها من مقاربة المصلحة الظرفيّة أو بعيدة الآفاق على حدٍ سواء، لكن دين السياسة هو النفعيّة المطلقة أو محاولة على الأقل تعظيم المكاسب وتقليل الأضرار ما استطاعت الأطراف إلى ذلك سبيلا. الهند وفرنسا قد تمثلان بامتياز واحدة من أهم العلاقات بين الشرق والغرب بالمفهوم الجغرافي المطلق ولكنها أيضا تلك العلاقة البينيّة بين دولتين تدينان بالولاء المطلق أو النسبي للمظلّة الغربيّة، أو هكذا يتم توصيفه في وسائل التواصل والإعلام وربما حتى في كثير من الخطابات الرسميّة داخل المنظومة الغربيّة. اليوم ربما توجها هنديّا نحو الشرق كذلك أي نحو محيطها الجيّو بوليتيكي وفناءاتها المجاورة من خلال مثلا منظمة البريكس التي تضم دولا شرقيّة بالمفهوم الإستراتيجي التحالفي وليس الإيديولوجي والجغرافي، كما أنها تحاول اللعب كثيرا على الناحيّة الغربيّة وهو ما ترجم في زيارة رئيس الوزراء الهندي إلى فرنسا من أيام ، حيث صرح الرئيس الفرنسي بأنه يأمل في هذا المضمار في تمديد الشراكات مع الهند إلى 25 سنة قادمة، خاصة وأن الأخيرة يعتبرها الغرب حليفا هاما في منطقة آسيا برمتها لتخومها مع الصين وقربها من التنينات والنمور الآسيوية ومنافذها البحرية والبرية الهامة ثم لوزنها الديمغرافي حيث تشير معطيات إلى أنها ستكون قريبا جدا القوة السكانيّة الأولى في العالم خلفا للصين الجارة، وهي أيضا القوة العسكرية الرابعة في العالم، والخامسة بين أكبر الاقتصادات في العالم سيطرة ونموا… فرنسا تبتغي من التقارب ومن وراء الزيارة بيع السلاح إلى الهند في ظل وجود تنافس دولي كبير في تجارة هذه المادة، وهي تريد أن تكون الهند سوقا واسعة للسلاح الفرنسي، وهي كذلك دعاية كبيرة لهذا السلاح لتبوأ مكانة مرموقة في سوق السلاح العالمي.. الهند كذلك هي واجهة لمقاطعات فرنسيّة بالقارة الآسيوية وهي تهم باريس بكل تأكيد وتأمل في وجود حلفاء قبالتها وليس أعداء وهو منطق جيّو- إستراتيجي مهم للغاية خاصة في ظل النزاعات والتوترات التي قد تنشأ في أي لحظة ما..لكن وبالرجوع إلى الشراكات الإقتصاديّة فالهند العضو المؤسس والبارز في البريكس ترى نفسها أكثر غربيّة الهوى –إلى حد ما-، ربما خصوماتها الكبيرة مع جارتها الصين والحروب التاريخيّة التي جرت بينهما والاعتداءات والاشتباكات التي صارت روتينا في الحدود بين البلدين، بيد أن فرنسا ترى في نيودلهي عاصمة لبيع السلاح الفرنسي وتسويق البضاعة الباريسية ولا يهمها شأن الهند من قريب أو من بعيد، لأن الغرب دينهم البراجماتيّة ولو حلت اللعنة على كل العالم، والهند عقيدتها نفسي ومن بعدي الطوفان.

شبكة المدارالإعلامية الأوروبية…_

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Previous post موميكا زلزال سياسي مبطن
Next post توحيد المعايير لتغيير الاسم بالهوية البلجيكية