فيلم “الدمية العالمية” وحماية ابنائنا من الاختراق الناعم

ابراهيم عطا : كاتب فلسطيني

سبحان مغير الاحوال، يا جماعة من كان يتخيل قبل خمس سنوات فقط رؤية هكذا مشهد ثقافي معكوس في عواصمنا العربية، فبيروت عاصمة الثقافة والحرية والانفتاح تمنع عرض فيلم “باربي” المثير للجدل بينما تقوم الرياض التي كانت بالامس القريب تشيطن السينما وتحرم وجودها، بفتح جميع صالات المملكة لعرض الفيلم وفتح حدودها لاستقبال الاف الشباب من العواصم المجاورة التي منعت عرضه لانه “لا يتناسب مع عاداتنا وأخلاقنا وقيم مجتمعاتنا…”
فما الذي يدفع بعض العواصم العربية لمنع هذا الفيلم “البسيط” ظاهريا بينما يحرك عواصم اخرى لعرضه ومن دون رقابة؟
هذا ليس موضوعنا الان بالرغم من ان هكذا مواقف قد تعكس مستوى الوعي لدى الاطراف، خاصة فيما يتعلق بمخاطر الغزو الثقافي وتأثير البروباغاندا على شبابنا، أما موضوعنا فهو موضوع الفيلم نفسه وجوهر رسالته واهدافه الخفية…ففيلم المخرجة غريتا غيرويغ هذا، والذي يقال انه حصد مليارات الدولارات خلال الايام الاولى لاطلاقه في دور العرض الامريكية يوم ٩ يوليو، وربما في هذه الارقام بعض المبالغة كجزء من الدعاية والترويج للفيلم الذي كلف ١٤٥ مليون دولار، هو بالطبع ليس كأي فيلم تجاري آخر يهدف فقط لتقديم التسلية والمتعة للجمهور المتلقي مقابل جني الارباح والحصول على اعلى الايرادات كما يعتقد البعض…
انا لم اشاهده وربما لن اشاهده ابدا ولكني قرأت عنه وعن المخرجة وعن افلامها السابقة، وكذلك تابعت الكثير من التعليقات لمؤيدين للفيلم، وهم قلة، واخرى لرافضين لعرضه او حتى مشاهدته “لما يروج له من افكار تتنافى مع مبادئنا وقيم مجتمعاتنا…”، واستنتجت ان فيلم “باربي” بالفعل يشكل نقطة اضافية من المد البحري الغربي السام الذي يتم ضخه ببطيء باتجاه شواطئنا ومحيطاتنا، وحجر آخر يتحرك على رقعة اتفاقية سيداو الخطيرة، كما هو الحال في أفلام اخرى سبقته، “اصحاب ولا اعز”، والتي تهدف لتغيير تفكيرنا ومعتقداتنا تجاه العائلة والمجتمع، خاصة ما يتعلق منها بوصاية الوالدين على الابناء واهم ادوار المرأة في المجتمع، وهي الزواج والامومة…
فهل فعلا تتعارض طروحات فيلم الدمية العالمية واهدافه مع القيم الثقافية والدينية لمجتمعاتنا العربية، كما تتعارض بنود اتفاقية سيداو المسمومة والتي وقعتها معظم الدول العربية مع عاداتنا وقيمنا ومباديء مجتمعاتنا؟
الجواب جلي و واضح، وهو ليس عفويا او صدفة، ولكن إذا كان من الصعب جدا او حتى من شبه المستحيل في عصر التكنولوجيا هذا وقف تدفق سمومهم “الحلوة” وحماية ابنائنا من الاختراق “الناعم” لعقولهم، فاذن لا بد لنا من العمل على تحصين بيوتنا وعقول ابنائنا من خلال التوعية والمحافظة على عاداتنا وتقاليدنا وترابط اسرنا…
وكذلك، إن امكن، ألقيام بهجوم فني مضاد للتعريف بقضايانا ومبادئنا الثابتة والمحصنة للعائلة والمجتمع في بلداننا، وأعتقد انه لا ينقصنا لا المال ولا العقول ولا الرجال حتى نخوض هكذا معركة ويكون لنا افلام عالمية بشخصيات مؤثرة من تاريخنا وثقافتنا العربية….ألا توافقني الرأي؟…
وجمعة طيبة لكل الاحبة…ابو انس

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

pexels-photo-164529.jpeg Previous post الاقتصاد البلجيكي والتقلبات العالمية
Next post مستقبل حزب الاصلاح الليبرالي البلجيكي والانتخابات