grayscale photography of couple walking on ground

 دراسات تؤكد أن الغارقين في الحب “مرضى نفسيون”

شبكة  المدار الإعلامية  الأوروبية …_”هو الحب كذبتنا الصادقة.. هو الحب يأتي ويذهب كالبرق والصاعقة”، هذا ما قاله الشاعر الفلسطيني محمود درويش في أحد الأيام، ولكن لو كان يعيش بيننا الآن، فهل كان سيقول: “هو الحب مرضنا العقلي الصادق؟”.

هل الحب هو مرض عقلي؟

على مدار عقود من الزمن، ظلَّ العلماء في مجالات تتراوح من الأنثروبولوجيا إلى علم الأعصاب يطرحون هذا السؤال المحير فعلاً: “ما هو الحب”، حتى اتضح أن العلم وراء الحب هو أبسط وأكثر تعقيداً مما نعتقد.

دراسة حديثة نشرتها مجلة Frontiers in Psychology الطبية في عام 2016، أكدت أن فحوصات دماغ الأشخاص الواقعين في الحب يسبب تغيرات في الدماغ تشبه بشكل لافت للنظر المشاكل الصحية الخطيرة مثل إدمان المخدرات واضطراب الوسواس القهري.

وهذا لا يعني أن الحب سيئ بالنسبة لنا، لأنّ هناك مجموعة متزايدة من الأبحاث التي توضح كيف أن الحب والعلاقات الدائمة هي عامل محدد مهم للصحة على المدى الطويل، كما أن انهيار الزواج أو العلاقة يمكن أن يؤثر سلباً على صحتنا جميعاً.

وبالتالي فإنّ معرفة أن الحب يمكن أن يجعلك -مجنوناً- على الأقل على المدى القصير، يعطينا أدلة حول كيفية تحسين العلاقات وإحياء الحب الرومانسي الذي جمع الزوجين معاً لأول مرة.

ما التفسير العلمي لكون جميع المحبين مرضى عقليين؟

هيلين فيشر، عالمة الأنثروبولوجيا في جامعة روتجرز في نيوجيرسي الأمريكية والتي تقود الكثير من الأبحاث حول تأثير الحب على الدماغ قالت: “إن نظام الدماغ المرتبط بالحب الرومانسي قوي، كل ما يحدث في الدماغ خلال الحب الرومانسي له أساس كيميائي”.

فيشر درست الحب من خلال النظر إلى أدمغة الناس باستخدام آلات التصوير بالرنين المغناطيسي، كما أجرت أيضاً دراسة حديثة في 15 شخصاً كانوا واقعين في الحب بشدة.

وخلال تلك الدراسة تمّت دراسة دماغهم من خلال ماسح ضوئي، وعرضت عليهم في البداية صوراً لأشخاص عاديين يعرفونهم، وليس لديهم أي مشاعر تجاههم، وفيما بعد عرضت عليهم صور أشخاص يحبونهم.

ووجدت فيشر من خلال هذه الدراسة أنّ صورة الحبيب عندما عُرضت كانت تحفز نظام الدوبامين في الدماغ، وهو ذات النظام المرتبط  “بالإدمان”. 

ومن ثمّ عُرضت عليهم صور لأشخاص كانوا يحبونهم سابقاً ولديهم مشاكل كبيرة لدرجة الكره، وقد أظهر المسح الضوئي نشاطاً في مناطق المخ المرتبطة بالمجازفة والسيطرة على الغضب ومشاكل الوسواس القهري.

والجدير بالذكر أن عمليات المسح أظهرت نشاطاً في جزء واحد من الدماغ مرتبطًا بالألم الجسدي.

ووفقاً لفريق من العلماء بقيادة هيلين فيشر، فإنه يمكن تقسيم الحب الرومانسي إلى 3 فئات:

الشهوة
الانجذاب
التعلق
إذ تتميز كل فئة بمجموعتها الخاصة من الهرمونات النابعة من الدماغ.

وعلى الرغم من وجود تداخلات وتفاصيل دقيقة لكل نوع، فإن كل نوع يتميز بمجموعته الخاصة من الهرمونات.

هرمون التستوستيرون والاستروجين يدفعان الشهوة.
الدوبامين والنورادرينالين والسيروتونين يخلقون الجاذبية.
والأوكسيتوسين والفازوبريسين يتوسطان الارتباط.

قواسم مشتركة ما بين الحب والمرض العقلي

ووفقاً لصحيفة The Wall Street Journal الأمريكية، فإن العديد من الدراسات التي أجريت في إيطاليا والتي بحثت في مستويات الدم من مادة السيروتونين الكيميائية في الدماغ أشارت إلى أن الحب والمرض العقلي لديهما الكثير من القواسم المشتركة.

العلماء في تلك الدراسات قارنوا مستويات السيروتونين لدى الأشخاص الذين وقعوا في الحب مؤخراً؛ وبين المرضى الذين يعانون من اضطراب الوسواس القهري.

ووجد الباحثون أن المشاركين الذين وقعوا في الحب أظهروا انخفاضاً في مستويات السيروتونين بشكل مماثل لأولئك الذين يعانون من مشاكل الوسواس القهري.

فوائد معرفة هذا الأمر
لا يزال استخدام فحوصات الدماغ لدراسة التغيرات العاطفية علماً جديداً، وقد يكون مفيداً مستقبلاً في تحديد مشاكل العلاقات وأسباب فشلها أيضاً.

كما قد تساعد التغييرات الدراماتيكية الواضحة في فحوصات الدماغ في تفسير السلوك الغريب الذي غالباً ما يرتبط بالحب.

ويمكن أن يساعد أيضاً في تفسير سبب كون المشاكل الزوجية مصدر قلق صحي خطير، لا سيما أن الأشخاص الذين يعيشون في علاقات مضطربة هم أكثر عرضة للمعاناة من القلق والاكتئاب وارتفاع ضغط الدم.

بالنسبة لمعظم الناس، تتلاشى شدة الحب الرومانسي مع مرور الوقت ويتم استبدالها بمشاعر الارتباط القوية، لكن فهم أنماط دماغ الأشخاص الجدد في الحب يمكن أن يعلمنا كيفية إحياء الرومانسية وتعزيز صحة العلاقات طويلة الأمد.

الحب كان مرضاً نفسياً منذ القدم
وعلى مر التاريخ فقد كان يُنظر إلى الشخص المحبوب على أنه مريض نفسي قصير العمر، حتى إنّ الفيلسوف أفلاطون قال في يوم من الأيام: “إن الحب مرض عقلي عضال”، ولكن هذه النظرية لم تكن مرغوبة منذ ظهور الطب النفسي العلمي الحديث.

أما في بلاد ما بين النهرين، فقد كان الحب يصنف على أنه من أخطر الأمراض وأنه مرض من دون علاج، وهو ما ذكر في نص طبي موجود في مكتبة آشور بانيبال الملكية في نينوى.

وفي مطلع عام 1915، سأل العالم النمساوي الشهير ومؤسس علم النفس الحديث “سيغموند فرويد” في خطابه البلاغي: “أليس ما نعنيه بالوقوع في الحب هو نوع من المرض والجنون، ونوع من الوهم والتخيل، وحالة من فقدان البصر عن حقيقة الشخص المحبوب حقاً؟”.

منظمة الصحة العالمية تصنف الحب كمرض عقلي
في عام 2011 صنفت منظمة الصحة العالمية الحب على أنه مرض نفسي، ووضعته في مصاف أمراض كالإدمان على الكحول والمخدرات والقمار، وكذلك مرض السرقة، أي السرقة لإرضاء رغبة نفسية دون الحاجة الفعلية للمادة المسروقة.

وقد أدرجت المنظمة العالمية المرض الجديد تحت رمز F 63.9، ليصنف الحب على أنه مرض نفسي “يؤدي إلى تغير في العادات والاهتمامات”.

وعلى الرغم من أنّ الحب بات مرضاً نفسياً بشكل رسمي، فإن علاجه بالأدوية لا يزال أمراً غير وارد، بحسب منظمة الصحة العالمية.

وأخيراً، وبرغم الريح والجو الماطر والإعصار، الحب سيبقى يا ولدي أحلى الأقدار.

عربي بوست

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Previous post كتلة “البريكس” تدعو الإمارات العربية المتحدة إلى الانضمام، ما يشكّل دليلاً آخر على تعدد الأقطاب في عالم اليوم
Next post حوار مع رجاء معوان الرئيس المشارك لحزب Ecolo مع قناة LN24