أكذوبة اليسار الإسرائيلي

محمد محروس

شبكة المدارالإعلامية الأوروبية…_اليسار الإسرائيلي لا يختلف كثيرا عن اليمين الإسرائيلي في موقفه من القضية الفلسطينية والصهيونية. فاليسار الإسرائيلي يؤمن بشرعية وجود دولة إسرائيل كدولة يهودية ديمقراطية، ويرفض حق العودة للاجئين الفلسطينيين، ويرى أن حل الدولتين هو الحل الممكن للصراع. كما أن اليسار الإسرائيلي يشارك في حروب وعدوان إسرائيل على الفلسطينيين والعرب، ولا يعارض سياسات الاستيطان والتهويد والتمييز.

فاليسار الاسرائيلي شارك في حكومات قامت بقمع الفلسطينيين من قبل، ولا يزال يشارك في بعض الأحيان. فمنذ عام 1948، شاركت أحزاب يسارية مثل حزب العمل وحزب ميرتس في تشكيل حكومات ائتلافية مع أحزاب يمينية أو وسطية، ودعمت سياساتها العدوانية ضد الفلسطينيين، سواء في الأراضي المحتلة قبل67 او بعدها في المستوطنات التي بنيت على أراضي التي احتلت عام 67.

مثلاً، حزب العمل كان في الحكم في حرب 1967 التي احتلت فيها إسرائيل الضفة الغربية وقطاع غزة والجولان وسيناء، وكذلك في حرب 1973 التي دافعت فيها إسرائيل عن احتلالها لهذه الأراضي. كما شارك حزب العمل في حرب لبنان عام 1982 التي قصفت فيها إسرائيل بيروت وقتلت آلاف المدنيين وشارك حزب العمل في انتفاضة الحجارة عام 1987 التي قمعت فيها إسرائيل انتفاضة شعبية فلسطينية ضد الاحتلال. وشارك حزب العمل في حرب الخليج عام 1991 التي هددت فيها إسرائيل بضرب العراق بالأسلحة النووية.

وشارك حزب ميرتس، الذي يُعتبر أكثر تقدمية من حزب العمل، في حكومات قامت بقمع الفلسطينيين أيضاً. فكان حزب ميرتس في حكومة رابين التي وقَّعت اتفاقات أوسلو عام 1993، والتي لم تُنهِ احتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينية، بل سمحت لإسرائيل بالاستمرار في بناء المستوطنات والجدار الفاصل. وكذلك كان حزب ميرتس في حكومة باراك التي شنَّت حربًا على لبنان عام 1996، والتي فشلت في تحقيق سلام مع سوريا والفلسطينيين. وهذه بعض من الأمثلة على مشاركة اليسار الإسرائيلي في حكومات قامت بقمع الفلسطينيين من قبل.

بعض المحللين يرون أن اليسار الإسرائيلي تضاءل دوره وتأثيره في الساحة السياسية بسبب انحداره من قوة سياسية مهيمنة إلى أحزاب مهددة بالزوال ويرجعون ذلك إلى عدة عوامل، منها فشل اتفاقات أوسلو التي كان يدعمها، وانتشار ثقافة الخوف والأمن بين المجتمع الإسرائيلي، وانتقادات من قبل جزء من قاعدته بسبب تخليه عن المبادئ الاجتماعية والديمقراطية، وانضمامه إلى حكومات يمينية. كما أن بعض ناخبي اليسار قد انتقلوا إلى دعم أحزاب أخرى، مثل حزب أبيض أزرق المعارض، أو حتى التحالف المشترك للأحزاب العربية.

ولكن هل يمكن اعتبار اليسار الاسرائيلي جزءا من حل القضية الفلسطينية خصوصا إذا عرفنا ان اليسار الاسرائيلي لم يتحرر من قيود الصهيونية، ولا يزال يحمل بعض المسؤولية عن استمرار الاحتلال والظلم والعنف ضد الشعب الفلسطيني. فاليسار الإسرائيلي، حتى في أكثر تياراته تقدمية وانفتاحية، يقبل بوجود دولة إسرائيل كدولة قومية يهودية، ولدت من رحم الصهيونية ويرفض حق العودة للاجئين الفلسطينيين. كما أن اليسار الإسرائيلي، في معظمه، يستخدم لغة التسامح والحوار والشراكة مع الفلسطينيين، دون أن يطالب بإنهاء الاستعمار والتمييز والقمع. وبذلك، يشارك في تبرير وتغطية سياسات الدولة الإسرائيلية التي تهدف إلى تثبيت وتوسيع نظام الفصل العنصري (الأبارتهايد) على حساب حقوق الشعب الفلسطيني.

أن الصهيونية هي نتيجة للتناقضات الداخلية للنظام الرأسمالي، وأنها تعكس مصالح الطبقة البرجوازية اليهودية، التي تسعى إلى توسيع رأسمالها وسوقها، على حساب الطبقة العاملة والشعوب المستضعفة. الصهيونية هي جزء من استراتيجية الإمبريالية الغربية، التي تستخدم اليهود كأداة للاستيلاء على فلسطين، وتحويلها إلى قاعدة عسكرية واقتصادية لتأمين مصالحها في المنطقة. كما أن الصهيونية تستفيد من التضارب بين المصالح بين طبقات المجتمع اليهودي، فتجذب إليها طبقات متوسطة وفقيرة من اليهود تعاني من التمييز والفقر في أوروبا، وتوهمها بأن حل مشكلاتها هو في الهجرة إلى فلسطين، وإقامة دولة يهودية. بذلك، تضعف من قدرة هذه الطبقات على التضامن مع طبقات مشابهة من شعوب أخرى، وتخضعها لخدمة مشروع استعماري.

إذا فلا يمكن بأي حال من الاحوال اعتبار اليسار الاسرائيلي المعترف بقيام الدولة الصهيونية والرافض لحق عودة الفلسطينيين هو جزءا من حل القضية الفلسطينية.

الحوار لمتمدن

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Previous post ألا يا قلبُ قد عِفتُ المُقاما 
Next post الوسائل المُعطلة لدعم غزه المُحاصرة