قد تكون هنا
خديجة عقيل الحمروني ((ليبيا))
شبكة المدار الإعلامية الأوروبية …_إنها هنا ..لابد أن تكون هنا …؛كان يردد بصوت متوترِِ، بينما عيناه تتفحصان المساحة الخالية تحت السرير، ..قد تكون هنا …قالها وهو يحاول زحزحة خزانة ملابسه عن مكانها والبحث خلفها….
كان صوتُ نقرٍ المطرٍ على زجاج نافدته؛ يزيده توترا …فجأة !….
انقطعت الكهرباء ،وأظلمت الغرفة ،..أرسل زفرة طويلة وهو يقول متذمرا:أووووه …كالعادة..مطر ..يتبعه انقطاع للكهرباء.ثم تمتم بلهجة ساخرة ..لكنني سأظل أحبه .!!وحاول أن يتلمس طريقه وسط الظلام الدامس ،..فارتطم بباب الخزانة ،الذي انخلع من مكانه و
..سقط أرضا محدثا ضجة كبيرة وسط سكون الليل ،..وفي الحال جاءه صوت أمه الفزع ،قبل أن تطل عليه والمصباح بيدها وهي تسأله :ما الذي يجري؟؟ماذا حدث ..؟. .هل أنت بخير ؟؟..تلعثم عمر وهو يجيب أمه قائلا : …لا شيء ..لا شيء ..سأعيد كل شيء لمكانه، .. عودي لغرفتك ، ..عودي..
استدارت لتعود، ثم التفتت إليه وهي تشير إلى ركن مضيء بصالة المنزل ؛..لقد تركت المصباح هناك مضاءََ كعادتي …. خده لغرفتك وحاول أن تنام يا بني،.. …..
وفي تلك الليلة لم ينم عمر ،..توقف عن البحث ولكنه لم يتوقف عن التفكير ؛ أين تراها تلك الصورة؟؟
…وما إن تسلل شيء من نور الصباح إلى غرفته ..حتى هب واقفا وأخد يستعد للخروج ..لم يرد على أمه وهي تناديه للإفطار، ….ولا انتبه لابنة الجيران وهي تحييه على استحياء، طمعا في أن يلتفت إليها ،ربما استطاع أن يقرأ ما في عينيها من الاهتمام والحب؛ …كادت سيارة أن تصدمه وهو يجتاز الشارع مسرعا إلى الجهة الأخرى،….وبعد جهد كبير وصل إلى هناك؛ ……كانت الشمس تتوسط كبد السماء، ونورها يملأ الساحة الخالية على امتداد بصره ،…كان يدور ببصره يمينا وشمالا ..وفي كل الاتجاهات …لم يعد لها أثر ..؟؟؟! لا بيوت …ولا أزقة ..ولا حدود حجرية تميز معالم بيتهم القديم عن بيوت الجيران ….؟؟؟!…اطلق صرخة عالية تلاشت عبر الفضاء دون أن يرتد إليه الصدى ……
وفي المساء، شوهد عمر عائدا إلى البيت حاملا شيئا كبيرا مغلفا بأحكام ،…دخل المنزل …أزال الورق عنه ،….تبته بإحكام على الحائط ،ودخل غرفته لينام …وعندما استيقظ صباحا كان ضوء الشمس -المنعكس من المرآة المعلقة في صدر الصالة – يملأ المكان …
ابتسم ،وهو يقول لنفسه، …تلك أمي …لا تنسى أبدا فتح الأبواب صباحا ….وذاك المصباح المضاء في ركن الصالة كل ليلة …
شبكة المدار الإعلامية الأوروبية …_