مكافحة الإرهاب في أفريقيا.. تحديات تنتظر تحالف الانقلابيين!

ايزاك كاليدزي

أعده للعربية: محمد فرحان

شبكة  المدار الإعلامية  الأوروبية …_وقعت مالي وبوركينا فاسو والنيجر في سبتمبر/ أيلول الماضي اتفاقا للدفاع المشترك بهدف محاربة الجماعات الجهادية المسلحة. ويقول خبراء إن التحالف الجديد يواجه تحديات كثيرة. فما هي أبرز التحديات؟

عقب وقوع انقلابات عسكرية أطاحت بحكومات مدنية وتولي الجيش السلطة في مالي وبوركينا فاسو والنيجر، قررت هذه الدول الانسحاب من مجموعة دول الساحل الخمس لمحاربة المتطرفين والجماعات الجهادية في منطقة الساحل والمعروفة اختصارا بـ “جي 5”.

ومنذ عام 2014، شهدت المنطقة تزايدا في التطرف، فيما أدى العنف ضد المدنيين إلى التسبب في أزمة إنسانية إذ أضحى أكثر من 24 مليون شخص بحاجة إلى المساعدة. وقد تم تأسيس “مجموعة الساحل الخمس” عام 2014 في موريتانيا وضمت في بادئ الأمر: بوركينا فاسو وتشاد ومالي وموريتانيا والنيجر.

ورغم بقاء تشاد وموريتانيا في المجموعة، إلا أن خروج مالي وبوركينا فاسو والنيجر سوف يؤدى إلى انهيار التحالف بشكل ضمني.

وقالت الدول الثلاث في بيان مشترك “فشلت المجموعة في تحقيق أهدافها. والأسوأ من ذلك، أن الروتين المؤسسي الموروث من حقبة سابقة يعرقل الطموحات المشروعة لبلداننا لجعل منطقة مجموعة الساحل الخمس آمنة وتشهد نموا. هذا يقنعنا بأن عملية الاستقلال والكرامة في بلدنا لا تتوافق مع كوننا أعضاء في مجموعة الخمس بشكلها الحالي”.

مصير فاشل

بدوره، يرى الخبير في الشؤون الأمنية بمنطقة الساحل، أديب ساني، أن التحالف الأمني الجديد بين الدول الثلاث لا يمتلك أي مقومات للنجاح. وقال في مقابلة مع DW “سيكون من الصعب على التحالف الجديد (تحالف دول الساحل) تحقيق أي نتائج، نظرا لحقيقة مفادها أن الدول الثلاث تئن بالفعل تحت وطأة ضغوط الجماعات الإرهابية”.

وأشار ساني إلى أن التحالف الجديد يفتقر إلى أي معايير لتقديم الكثير من الإسهامات في محاربة الجماعات المتطرفة، مضيفا أن “حكومة مالي تخوض قتالا على ثلاث جبهات. وفي النيجر، شهدنا عددا من الهجمات تخرج عن نطاق السيطرة منذ انسحاب القوات الفرنسية”.

وفيما يتعلق بدولة بوركينا فاسو، التي تعد ثاني أكثر البلدان تأثرا بالإرهاب وفقا لمؤشر الإرهاب العالمي، فقد شدد ساني على أن حكومة واغادوغو “تحارب من أجل الحفاظ على المناطق الصغيرة نسبيا الخاضعة لسيطرتها”. وقال إن الدول الثلاث منخرطة بعمليات قتال تجرى داخل أراضيها، مضيفا أنه لا يعتقد بأن “التحالف الجديد سوف ينجم عنه أي شيء يصب في صالح الدول الثلاث في هذا الإطار. وتعاني مالي والنيجر وبوركينا فاسو جميعها من الإرهاق”.

مشاعر العداء للغرب

الجدير بالذكر أن الدول الثلاث قد قطعت علاقاتها مع فرنسا، القوة الاستعمارية السابقة التي ساهمت بدور بارز في مجموعة الساحل الخمس. وقال بيان الدول الثلاث إن “مجموعة الخمس تخدم المصالح الأجنبية على حساب شعوب الدول الأعضاء، ناهيك عن أن سياسة الإملاءات تحت مسمى الشراكة التي بموجبها يتم التعامل مع حكومات هذه الدول كأطفال وتنكر سيادة شعوبنا”.

وقال موتارو موموني مختار، المدير التنفيذي لمركز غرب أفريقيا لمكافحة التطرف، إن إعلان الدول الثلاث تشكيل تحالف لم يكن بالأمر المفاجئ. وأضاف في مقابلة مع DW أنه “تسود الدول الثلاث جميعا مشاعر قوية تعادي فرنسا  فيما تزايدت وتيرة هذه المشاعر مع مرور الوقت”.

وكانت النيجر قد أنهت سريان الاتفاقيات الأمنية مع دول غربية وتوجيه بوصلة الحكومة صوب روسيا. وقالت وزارة الشؤون الخارجية في النيجر إن الحكومة قررت “سحب الامتيازات والحصانات” الممنوحة بموجب اتفاق الشراكة العسكرية مع الاتحاد الأوروبي.

وتجدر الإشارة إلى أنه جرى التوصل إلى هذه الشراكة بين الاتحاد الأوروبي والنيجر في فبراير/ شباط الماضي أي قبل أشهر من الانقلاب الأخير فيما قالت حكومة البلاد التي تولت السلطة بعد الانقلاب إنها غير ملتزمة قانونيا بهذه الشراكة.

وفي هذا السياق، قال مختار: إن الاستياء من فرنسا والغرب بشكل عام لن يساهم في تعزيز قوة الدول الثلاث في مواجهة حركات التمرد، مضيفا أنه “من المنطقي أن تقدم الدول الثلاث على تشكيل تحالف جديد لحماية أنظمة الحكم، لكن علينا الانتظار لحسم مدى فعالية هذا التحالف في محاربة الحركات المتطرفة”.

الافتقار إلى البنية التحتية

وبموجب الميثاق الجديد، تعهدت الدول الثلاث بمحاربة الإرهاب والجريمة المنظمة، لكن الباحث الأمني مختار يرى أن الدول الثلاث تفتقر إلى البنية التحتية اللازمة لإنجاز هذه المهمة. وقال “تعاني الدول الثلاث من نقص في التمويل الكافي، ليس لدى هذه الدول سوى النوايا الحسنة سواء من جانب السكان أو الجهات الفاعلة الأخرى لمحاربة التطرف، لكن لا أستطيع حسم المدى الذي يمكن أن تحققه الدول الثلاث في محاربة التطرف العنيف”.

وبالنسبة لعضوية الدول الثلاث في المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا “إيكواس”، فإنها مازالت معلقة وسط تدهور العلاقات الثنائية مع التكتل خلال الأشهر الماضية.

ودعا الخبير في الشأن الأفريقي أديب ساني، حكومات الدول الثلاث إلى إعطاء الأولوية لعودة العلاقات مع إيكواس للحصول على دعم عالمي سيكون ركيزة استراتيجية عودة الأمن إلى البلاد. وفي ذلك، قال ساني “إن حالة انعدام الأمن في منطقة الساحل سوف تتفاقم، فيما لا يمتلك أي تحالف مهما كانت طبيعته أي مقومات لوقف تردي الوضع الأمني”.

محاربة الإرهابيين

وكانت الأمم المتحدة قد شددت على الحاجة الملحة لتعزيز الدعم والتعاون لمكافحة الإرهاب في منطقة الساحل فيما حمل الصحافي برام بوستهوموس الحكومات التي تولت السلطة بعد موجة الانقلابات الأخيرة، مسؤولية تردي الوضع الأمني في منطقة الساحل.

وقال في مقابلة مع DW “أعطت [الانقلابات] الجماعات المعادية للحكومات وأيضا الجماعات المسلحة غير النظامية، الفرصة لزيادة نفوذها وقوتها في المناطق الخاضعة لسيطرتها”.

ويتفق مع هذا الراي أديب ساني، قائلا: إن الاستراتيجيات الأمنية المفككة في المنطقة سوف تفشل في مكافحة الإرهابيين. وأضاف “لا يمكن إنكار حقيقة مفادها أننا في طريقنا للإخفاق في مواجهة التهديدات، ما يعني أن الإرهابيين ربما باتوا يحققون النصر”.

DW

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Previous post  فرنسا تنهي عقدها مع مع مدرسة مسلمة بسبب غزة
Next post في الزحام